Web Hits نبذة من فضائل أصحاب النبي –صلى الله عليه وسلم- (2)
    

نبذة من فضائل أصحاب النبي –صلى الله عليه وسلم- (2)

نبذة من فضائل أصحاب النبي –صلى الله عليه وسلم- (2)

7-وقال تعالى: {لَقَدْ رَضِيَ اللَّهُ عَنِ الْمُؤْمِنِينَ إِذْ يُبَايِعُونَكَ تَحْتَ الشَّجَرَةِ فَعَلِمَ مَا فِي قُلُوبِهِمْ فَأَنْزَلَ السَّكِينَةَ عَلَيْهِمْ وَأَثَابَهُمْ فَتْحًا قَرِيبًا} ([16])، «يخبر تعالى بفضله ورحمته، برضاه عن المؤمنين إذ يبايعون الرسول صلى الله عليه وسلم- تلك المبايعة التي بيّضت وجوههم، واكتسبوا بها سعادة الدنيا والآخرة، وكان سبب هذه البيعة -التي يقال لها (بيعة الرضوان) لرضا اللَّه عن المؤمنين فيها، ويقال لها (بيعة أهل الشجرة) - أن رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم- لمّا دار الكلام بينه وبين المشركين يوم الحديبية في شأن مجيئه، وأنه لم يجئ لقتال أحد، وإنما جاء زائراً هذا البيت، معظماً له، فبعث رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم- عثمان بن عفان لمكة في ذلك، فجاء خبر غير صادق، أن عثمان قتله المشركون، فجمع رسول اللَه صلى الله عليه وسلم- من معه من المؤمنين، وكانوا نحواً من ألف وخمسمائة، فبايعوه تحت شجرة على قتال المشركين، وأن لا يفرّوا حتى يموتوا، فأخبر تعالى أنه رضي عن المؤمنين في تلك الحال، التي هي من أكبر الطاعات، وأجل القربات، {فَعَلِمَ مَا فِي قُلُوبِهِمْ} من الإيمان، {فَأَنزلَ السَّكِينَةَ عَلَيْهِمْ} شكراً لهم على ما في قلوبهم، زادهم هدى، وعلم ما في قلوبهم من الجزع من تلك الشروط التي شرطها المشركون على رسوله، فأنزل عليهم السكينة تثبتهم، وتطمئن بها قلوبهم، {وَأَثَابَهُمْ فَتْحًا قَرِيبًا}وهو: فتح خيبر، لم يحضره سوى أهل الحديبية، فاختصّوا بخيبر وغنائمها، جزاءً لهم، وشكراً على ما فعلوه من طاعة اللَّه تعالى، والقيام بمرضاته»([17]).

8-    وقال سبحانه: {وَمَنْ يُشَاقِقِ الرَّسُولَ مِنْ بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُ الْهُدَى وَيَتَّبِعْ غَيْرَ سَبِيلِ الْمُؤْمِنِينَ نُوَلِّهِ مَا تَوَلَّى وَنُصْلِهِ جَهَنَّمَ وَسَاءَتْ مَصِيرًا} ([18]). فقد تقرر أن من اتبع غير سبيلهم ولاَّه الله ما تولَّى وأصلاه جهنم([19]).

9-    وعن أبي سعيد الخدري  –رضى الله عنه-  قال: قال رسول اللَّه –صلى الله عليه وسلم-: «لا تسبّوا أصحابي، فوالذي نفسي بيده لو أن أحدكم أنفق مثل أحد ذهباً ما أدرك مُدّ أحدهم ولا نصيفه»([20]).

10-  وعن أبي موسى الأشعري  –رضى الله عنه-  قال: قال رسول اللَه –صلى الله عليه وسلم-: «النُّجُومُ أَمَنَةٌ لِلسَّمَاءِ، فَإِذَا ذَهَبَتِ النُّجُومُ أَتَى السَّمَاءَ مَا تُوعَدُ، وَأَنَا أَمَنَةٌ لِأَصْحَابِي، فَإِذَا ذَهَبْتُ أَتَى أَصْحَابِي مَا يُوعَدُونَ، وَأَصْحَابِي أَمَنَةٌ لِأُمَّتِي، فَإِذَا ذَهَبَ أَصْحَابِي أَتَى أُمَّتِي مَا يُوعَدُونَ»([21]).

11-    وقال النبي –صلى الله عليه وسلم-: «لو كنت متخذاً خليلاً لاتخذت أبا بكر، ولكن أخي وصاحبي»([22]).

12-  وعن عمرو بن العاص بأنه سأل النبي –صلى الله عليه وسلم- فقال: أيُّ الناس أحبُّ إليك؟ قال: «عائشة»، قلت: من الرجال؟ قال: «أبوها»، قلت: ثم من؟ قال: «ثم عمر بن الخطاب»، فعدّ رجالاً، فسكتُّ مخافة أن يجعلني في آخرهم([23]).

13-  وعَنْ أَبِي سَعِيدٍ الخُدْرِيِّ  –رضى الله عنه- ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ –صلى الله عليه وسلم- قَالَ: «إِنَّ أَمَنَّ النَّاسِ عَلَيَّ فِي صُحْبَتِهِ وَمَالِهِ أَبُو بَكْرٍ، وَلَوْ كُنْتُ مُتَّخِذًا خَلِيلًا مِنْ أُمَّتِي لاَتَّخَذْتُ أَبَا بَكْرٍ، وَلَكِنْ أُخُوَّةُ الإِسْلاَمِ، وَمَوَدَّتُهُ، لاَ يَبْقَيَنَّ فِي المَسْجِدِ بَابٌ إِلَّا سُدَّ، إلاَّ بَابُ أَبِي بَكْرٍ»([24]).

14-     وعن عبد اللَّه بن عمر  –رضى الله عنه-  أنّ رسول اللَّه –صلى الله عليه وسلم- قال: «إِنَّ اللَّهَ تَعَالَى جَعَلَ الْحَقَّ عَلَى لِسَانِ عُمَرَ وَقَلْبِهِ»([25]).

15-  وقال النبي –صلى الله عليه وسلم- في عمر  –رضى الله عنه-  أيضاً: «وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ مَا لَقِيَكَ الشَّيْطَانُ قَطُّ سَالِكًا فَجًّا إِلَّا سَلَكَ فَجًّا غَيْرَ فَجِّكَ»([26]).

16-    وقال عليه الصلاة والسلام: «إن عبد اللَّه رجل صالح»([27])، يعني عبد اللَّه بن عمر ب.

17-  وعَنْ سعد بن أبي وقاص  –رضى الله عنه- ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ –صلى الله عليه وسلم- خَرَجَ إِلَى تَبُوكَ، وَاسْتَخْلَفَ عَلِيًّا، فَقَالَ: أَتُخَلِّفُنِي فِي الصِّبْيَانِ وَالنِّسَاءِ؟ قَالَ: «أَلاَ تَرْضَى أَنْ تَكُونَ مِنِّي بِمَنْزِلَةِ هَارُونَ، مِنْ مُوسَى إِلَّا أَنَّهُ لَا نَبِيَّ بَعْدِي»([28]).

18-  وعن عبد اللَّه بن مسعود قال: قال رسول اللَّه –صلى الله عليه وسلم-: «خير الناس قرني، ثم الذين يلونهم، ثم الذين يلونهم، ثم يأتي قوم من بعد ذلك تسبق أيمانهم شهاداتهم، وشهاداتهم أيمانهم»([29]).

فهؤلاء الصحابة وغيرهم من أصحاب رسول اللَّه –صلى الله عليه وسلم- الذين مدحهم اللَّه في كتابه، ومدحهم ودعا لهم بالمغفرة رسول اللَّه –صلى الله عليه وسلم- الناطق بالوحي، واحداً واحداً، وجماعةً جماعةً، ويمدحهم ويُثني عليهم كل من سلك مسلكه، واتبع سبيله من المؤمنين غير المنافقين من أتباع اليهود، والمجوس، والرافضة الذين أكلت قلوبهم البغضاء والشحناء، والحسد عليهم لأعمالهم الجبَّارة في سبيل اللَّه، وفي سبيل نشر هذا الدين الميمون المبارك، وكان هذا هو السبب الحقيقي لحنق الكفرة على هؤلاء المجاهدين، العاملين بالكتاب والسنة، وخاصة على أبي بكر، وعمر، وعثمان  –رضى الله عنه-  ، الذين قادوا جيوش الظفر، وجهزوا عساكر النصر، وكان سبب احتراق اليهود على المسلمين خاصة أنهم هدموا أساسهم وقطعوا جذورهم، واستأصلوهم استئصالاً، تحت راية النبي –صلى الله عليه وسلم-، حين كان أسلافهم من بني قينقاع، وبني النضير، وبني قريظة، يقطنون المدينة، ومن بعد النبي الكريم عليه الصلاة والسلام في زمن عمر الفاروق  –رضى الله عنه- ؛ حيث نفَّذ فيهم وصية رسول اللَّه –صلى الله عليه وسلم-: «أخرجوا المشركين من جزيرة العرب»([30])، وطهَّر جزيرة العرب من نجاستهم ودسائسهم، ولم يترك أحداً من اليهود في الجزيرة طبقاً لأمر رسول اللَّه –صلى الله عليه وسلم- ([31]).

وقد أجمع أهل السنة أن أفضل الناس بعد رسول اللَّه –صلى الله عليه وسلم- أبو بكر، ثم عمر، ثم عثمان، ثم علي، ثم سائر العشرة، ثم باقي أهل بدر، ثم باقي أهل أحد، ثم باقي أهل البيعة [بيعة الرضوان في الحديبية تحت الشجرة]، ثم باقي الصحابة، هكذا حكى الإجماع عليه أبو منصور البغدادي([32]).

«وَمِنْ أُصُولِ أَهْلِ السُّنَّةِ وَالْجَمَاعَةِ: سَلاَمَةُ قُلُوبِهِمْ، وَأَلْسِنَتِهِمْ لأَصْحَابِ رَسُولِ اللَّهِ –صلى الله عليه وسلم-، كَمَا وَصَفَهُمُ اللَّهُ بِهِ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: {وَالَّذِينَ جَاؤُو مِن بَعْدِهِمْ يَقُولُونَ رَبَّنَا اغْفِرْ لَنَا وَلإِخْوَانِنَا الَّذِينَ سَبَقُونَا بِالإِيمَانِ وَلا تَجْعَلْ فِي قُلُوبِنَاغِلاًّ لِّلَّذِينَ آمَنُوا رَبَّنَا إِنَّكَ رَؤُوفٌ رَّحِيمٌ} ([33])، وَطَاعَةَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم- فِي قَوْلِهِ: «لاَ تَسُبُّوا أَصْحَابِي، فَوَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ، لَوْ أَنَّ أَحَدَكُمْ أَنْفَقَ مِثْلَ أُحُدٍ ذَهَبًا مَا بَلَغَ مُدَّ أَحَدِهِمْ وَلا نَصِيفَهُ»([34]).

وَيَقْبَلُونَ مَا جَاءَ بِهِ الْكِتَابُ، وَالسَّنَّةُ، وَالإِجْمَاعُ مِنْ فَضَائِلِهِمْ، وَمَرَاتِبِهِمْ، وَيُفَضِّلُونَ مَنْ أَنْفَقَ مِنْ قَبْلِ الْفَتْحِ - وَهُوَ صُلْحُ الْحُدَيْبِيَةِ - وَقَاتَلَ عَلَى مَنْ أَنْفَقَ مِنْ بَعْدُ وَقَاتَلَ، وَيُقَدِّمُونَ الْمُهَاجِرِينَ عَلَى الأَنْصَارِ، وَيُؤْمِنُونَ بِأَنَّ اللَّهَ قَالَ لأَهْلِ بَدْرٍ - وَكَانُوا ثَلاثَ مِائَةٍ وَبِضْعَةَ عَشَر-: «اعْمَلُوا مَا شِئْتُم. فَقَدْ غَفَرْتُ لَكُمْ»([35])، وَبِأَنَّهُ لاَ يَدْخُلُ النَّارَ أَحَدٌ بَايَعَ تَحْتَ الشَّجَرَةِ؛ كَمَا أَخْبَرَ بِهِ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم-، بَلْ لَقَدْ رَضَيَ اللَّهُ عَنْهُمْ، وَرَضُوا عَنْهُ، وَكَانُوا أَلْفاً وَخَمْسَماِئَة؛ لحديث: سَالِمِ بْنِ أَبِي الْجَعْدِ، قَالَ: سَأَلْتُ جَابِرَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ، عَنْ أَصْحَابِ الشَّجَرَةِ، فَقَالَ: «لَوْ كُنَّا مِائَةَ أَلْفٍ لَكَفَانَا، كُنَّا أَلْفًا وَخَمْسَ مِائَةٍ»([36]). وَيَشْهَدُونَ بِالْجَنَّةِ لِمَنْ شَهِدَ لَهُ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم-، كَالْعَشَرَةِ، وَثَابِتِ بْنِ قِيْسِ بنِ شَمَّاسٍ، وَغَيْرِهِم مِّنَ الصَّحَابَةِ.

وَيُقِرُّونَ بِمَا تَوَاتَرَ بِهِ النَّقْلُ عَنْ أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ  –رضى الله عنه- ، وَغَيْرِهِ مِنْ أَنَّ خَيْرَ هَذِهِ الأُمَّةِ بَعْدَ نَبِيِّهَا: أَبُو بَكْرٍ، ثُمَّ عُمَرُ، وَيُثَلِّثُونَ بِعُثْمَانَ، وَيُرَبِّعُونَ بِعَلِيٍّ  –رضى الله عنه- ؛ كَمَا دَلَّتْ عَلَيْهِ الآثَارُ، وَكَمَا أَجْمَعَ الصَّحَابَةُ عَلَى تَقْدِيمِ عُثْمَانُ فِي الْبَيْعَةِ، مَعَ أَنَّ بَعْضَ أَهْلِ السُّنَّةِ كَانُوا قَدِ اخْتَلَفُوا فِي عُثْمَانَ وَعَلِيٍّ ب- بَعْدَ اتِّفَاقِهِمْ عَلَى تَقْدِيمِ أَبِي بَكْرٍ وَعُمَرَ - أَيُّهُمَا أَفْضَلُ؟ فَقَدَّمَ قَوْمٌ عُثْمَانَ: وَسَكَتُوا، أَوْ رَبَّعُوا بِعَلِيٍّ، وَقَدَّم قَوْمٌ عَلِيًّا، وَقَوْمٌ تَوَقَّفُوا.

لَكِنِ اسْتَقَرَّ أَمْرُ أَهْلِ السُّنَّةِ عَلَى تَقْدِيمِ عُثْمَانَ، ثُمَّ عَلِيٍّ، وَإِنْ كَانَتْ هَذِه الْمَسْأَلَةُ - مَسْأَلَةُ عُثْمَانَ وَعَلِيٍّ - لَيْسَتْ مِنَ الأُصُولِ الَّتِي يُضَلَّلُ الْمُخَالِفُ فِيهَا عِنْدَ جُمْهُورِ أَهْلِ السُّنَّةِ.

لَكِنِ المسألة الَّتِي يُضَلَّلُ فِيهَا: مَسْأَلَةُ الْخِلاَفَةِ، وَذَلِكَ أَنَّهُمْ يُؤْمِنُونَ أَنَّ الْخَلِيفَةَ بَعْدَ رَسُولِ اللَّهِ –صلى الله عليه وسلم-: أَبُو بَكْرٍ، ثُمَّ عُمَرُ، ثُمَّ عُثْمَانُ، ثُمَّ عَلِيٌّ، وَمَنْ طَعَنَ فِي خِلاَفَةِ أَحَدٍ مِنْ هَؤُلاءِ؛ فَهُوَ أَضَلُّ مِنْ حِمَارِ أَهْلِهِ.

وَيُحِبُّونَ أَهْلَ بَيْتِ رَسُولِ اللَّهِ –صلى الله عليه وسلم-، وَيَتَوَلَّوْنَهُمْ، وَيَحْفَظُونَ فِيهِمْ وَصِيَّةِ رَسُولِ اللَّهِ –صلى الله عليه وسلم-: حَيْثُ قَالَ يَوْمَ غَدِيرِ خُمٍّ: «أُذَكِّرُكُمُ اللَّهَ فِي أَهْلِ بَيْتِي»([37]). وَقَالَ أَيْضًا لِلْعَبَّاسِ عَمِّه - وَقَدِ اشْتَكَى إِلَيْهِ أَنَّ بَعْضَ قُرَيْشٍ يَجْفُو بَنِي هَاشِمٍ - فَقَالَ: «وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ؛ لاَ يُؤْمِنُونَ حَتَّى يُحِبُّوكُمْ؛ للهِ وَلِقَرَابَتِي»([38])، وَقَالَ: «إِنَّ اللهَ اصْطَفَى بَنِي إِسْمَاعِيلَ، وَاصْطَفَى مِنْ بَنِي إسْمَاعِيلَ كِنَانَةَ، وَاصْطَفَى مِنْ كِنَانَةَ قُرَيْشًا، وَاصْطَفَى مِنْ قُرَيْشٍ بَنِي هَاشِمٍ، وَاصْطَفَانِي مِنْ بَنِي هَاشِمٍ»([39]).

وَيَتَوَلَّوْنَ أَزْوَاجَ رَسُولِ اللَّهِ –صلى الله عليه وسلم- أُمَّهَاتِ الْمُؤْمِنِينَ، وَيُؤْمِنُونَ بَأَنَّهُنَّ أَزْوَاجُهُ فِي الآخِرَةِ: خُصُوصًا خَدِيجَةَ ب أُمَّ أَكْثَرِ أَوْلاَدِهِ، وَأَوَّلَ مَنْ آمَنَ بِهِ، وَعَاَضَدَهُ عَلَى أَمْرِه، وَكَانَ لَهَا مِنْهُ الْمَنْزِلَةُ الْعَالِيَةُ.

وَالصِّدِّيقَةَ بِنْتَ الصِّدِّيقِ ب، الَّتِي قَالَ فِيهَا النَّبِيُّ –صلى الله عليه وسلم-: «فَضْلُ عَائِشَةَ عَلَى النِّسَاءِ كَفَضْلِ الثَّرِيدِ عَلَى سَائِرِ الطَّعَامِ»([40]).

وَيَتَبَرَّؤُونَ مِنْ طَرِيقَةِ الرَّوَافِضِ الَّذِينَ يُبْغِضُونَ الصَّحَابَةَ وَيَسُبُّونَهُمْ، وَطَرِيقَةِ النَّوَاصِبِ الَّذِينَ يُؤْذُونَ أَهْلَ الْبَيْتِ بِقَوْلٍ أَوْ عَمَلٍ.

وَيُمْسِكُونَ عَمَّا شَجَرَ بَيْنَ الصَّحَابَةِ، وَيَقُولُونَ: إِنَّ هَذِهِ الآثَارَ الْمَرْوِيَّةَ فِي مَسَاوِيهِمْ مِنْهَا مَا هُوَ كَذِبٌ، وَمَنْهَا مَا قَدْ زِيدَ فِيهِ وَنُقِصَ، وَغُيِّرَ عَنْ وَجْهِهِ، وَالصَّحِيحُ مِنْهُ هُمْ فِيهِ مَعْذُورُونَ: إِمَّا مُجْتَهِدُونَ مُصِيبُونَ، وَإِمَّا مُجْتَهِدُونَ مُخْطِئُونَ.

وَهُم مَّعَ ذَلِكَ لاَ يَعْتَقِدُونَ أَنَّ كُلَّ وَاحِدٍ مِنَ الصَّحَابَةِ مَعْصُومٌ عَنْ كَبَائِرِ الإِثْمِ وَصَغَائِرِهِ؛ بَلْ يَجُوزُ عَلَيْهِمُ الذُّنُوبُ فِي الْجُمْلَةِ، وَلَهُم مِّنَ السَّوَابِقِ وَالْفَضَائِلِ مَا يُوجِبُ مَغْفِرَةَ مَا يَصْدُرُ مِنْهُمْ - إِنْ صَدَرَ -، حَتَّى إنَّهُمْ يُغْفَرُ لَهُم مِّنَ السَّيِّئَاتِ مَا لاَ يُغْفَرُ لِمَنْ بَعْدَهُمْ؛ لأَنَّ لَهُم مِّنَ الْحَسَنَاتِ الَّتِي تَمْحُو السَّيِّئَاتِ مَا لَيْسَ لِمَنْ بَعْدَهُمْ.

وَقَدْ ثَبَتَ بِقَوْلِ رَسُولِ اللَّهِ –صلى الله عليه وسلم- أَنَّهُمْ خَيْرُ الْقُرُونِ([41])، وَأَنَّ الْمُدَّ مِنْ أَحَدِهِمْ إذَا تَصَدَّقَ بِهِ كَانَ أَفْضَلَ مِنْ جَبَلِ أُحُدٍ ذَهَبًا مِمَّن بَعْدَهُمْ([42]). ثُمَّ إِذَا كَانَ قَدْ صَدَرَ مِنْ أَحَدِهِمْ ذَنْبٌ؛ فَيَكُونُ قَدْ تَابَ مِنْهُ، أَوْ أَتَى بَحَسَنَاتٍ تَمْحُوهُ، أَو غُفِرَ لَهُ؛ بِفَضْلِ سَابِقَتِهِ، أَوْ بِشَفَاعَةِ مُحَمَّدٍ –صلى الله عليه وسلم- الَّذِي هُمْ أَحَقُّ النَّاسِ بِشَفَاعَتِهِ، أَوْ ابْتُلِيَ بِبَلاَءٍ فِي الدُّنْيَا، كُفِّرَ بِهِ عَنْهُ، فَإِذَا كَانَ هَذَا فِي الذُّنُوبِ الْمُحَقَّقَةِ؛ فَكَيْفَ الأُمُورُ الَّتِي كَانُوا فِيهَا مُجْتَهِدِينَ: إنْ أَصَابُوا؛ فَلَهُمْ أَجْرَانِ، وَإِنْ أَخْطَؤُوا؛ فَلَهُمْ أَجْرٌ وَاحِدٌ، وَالْخَطَأُ مغْفُورٌ.

ثُمَّ إِنَّ الْقَدْرَ الَّذِي يُنْكَرُ مِنْ فِعْلِ بَعْضِهِمْ قَلِيلٌ نَزْرٌ مَغْفُورٌ فِي جَنْبِ فَضَائِلِ الْقَوْمِ وَمَحَاسِنِهِمْ؛ مِنَ الإِيمَانِ بِاللَّهِ، وَرَسُولِهِ، وَالْجِهَادِ فِي سَبِيلِهِ، وَالْهِجْرَةِ، وَالنُّصْرَةِ، وَالْعِلْمِ النَّافِعِ، وَالْعَمَلِ الصَّالِحِ، وَمَن نَّظَرَ فِي سِيرَةِ الْقَوْمِ بِعِلْمٍ وَبَصِيرَةٍ، وَمَا مَنَّ اللَّهُ عَلَيْهِم بِهِ مِنَ الْفَضَائِلِ؛ عَلِمَ يَقِينًا أَنَّهُمْ خِيْرُ الْخَلْقِ بَعْدَ الأَنْبِيَاءِ؛ لاَ كَانَ، وَلا يَكُونُ مِثْلُهُمْ، وَأَنَّهُمُ الصَّفْوَةُ مِنْ قُرُونِ هَذِهِ الأُمَّةِ الَّتِي هِيَ خَيْرُ الأُمَمِ، وَأَكْرَمُهَا عَلَى اللَّهِ([43]).

واللَّهَ أسأل أن يحشرنا، ووالدينا، ومشايخنا، وأزواجنا، وذرياتنا في زمرة النبي –صلى الله عليه وسلم-، وأصحابه السابقين من المهاجرين، والأنصار، والذين اتّبعوهم بإحسان.

وصلّى اللَّه وسلّم على نبيّنا محمّد بن عبد اللَّه، وعلى آله، وأصحابه أجمعين.

 

سعيد بن علي بن وهف القحطاني

 

([16]) سورة الفتح، الآية: 18.

([17]) تيسير الكريم الرحمن، ص 793.

([18]) سورة النساء، الآية: 115.

([19])  فتاوى شيخ الإسلام ابن تيمية، 4/1، و2.

([20])  أخرجه البخاري، برقم 3673، ومسلم، برقم 2541.

([21]) صحيح مسلم، برقم 2531.

([22])  أخرجه البخاري، برقم 3656.

([23])  أخرجه البخاريً،برقم 3662، ورقم 4385، ومسلم،برقم 2384.

([24]) البخاري، برقم 466، ورقم 3904، ومسلم، برقم 2382.

([25]) مسند الإمام أحمد، برقم 5145، وأبي داود، برقم 2964، والترمذي، برقم 3682، وصححها الألباني في صحيح الترمذي، برقم 2908.

([26]) رواه البخاري، برقم 3294، ومسلم، برقم 2396.

([27])  أخرجه البخاري، برقم 3740، 3741، ومسلم، برقم 2478.

([28]) البخاري، برقم 4416، ومسلم، برقم 2404، واللفظ له.

([29])  أخرجه البخاري، برقم 2652، برقم 2533.

([30])  أخرجه البخاري، برقم 3053، ومسلم، برقم 1637.

([31])  السنة والشيعة، ص51-55 ببعض التصرف.

([32]) تاريخ الخلفاء، للسيوطي، ص 44.

([33]) سورة الحشر، الآية: 10.

([34]) متفق عليه، البخاري، برقم 3673، ومسلم، برقم 2540.

([35]) متفق عليه، البخاري، برقم 3007،

([36]) مسلم، برقم 73- (1856)، و74- (1856).

([37]) مسلم، برقم 2408.

([38]) مسند أحمد، 3/ 278، برقم 1777.

([39]) مسلم، برقم 2276، ولفظه: «إِنَّ اللَّهَ اصْطَفَى كِنَانَةَ مِنْ وَلَدِ إِسْمَاعِيلَ، وَاصْطَفَى قُرَيْشًا مِنْ كِنَانَةَ، وَاصْطَفَى مِنْ قُرَيْشٍ بَنِي هَاشِمٍ، وَاصْطَفَانِي مِنْ بَنِي هَاشِمٍ»، ولفظ الترمذي: «إِنَّ اللَّهَ اصْطَفَى مِنْ وَلَدِ إِبْرَاهِيمَ، إِسْمَاعِيلَ، وَاصْطَفَى مِنْ وَلَدِ إِسْمَاعِيلَ بَنِي كِنَانَةَ، وَاصْطَفَى مِنْ بَنِي كِنَانَةَ قُرَيْشًا، وَاصْطَفَى مِنْ قُرَيْشٍ بَنِي هَاشِمٍ، وَاصْطَفَانِي مِنْ بَنِي هَاشِمٍ».

([40]) البخاري، برقم 3770، ومسلم، برقم 2446.

([41]) انظر: البخاري، برقم 2651 ، ومسلم، برقم 2535، وتقدم تخريجه.

([42]) متفق عليه، البخاري، برقم 3673، ومسلم، برقم 2540، وتقدم تخريجه.

([43]) انظر: العقيدة الواسطية لشيخ الإسلام ابن تيمية، مه شرحه للهراس، ص 323- 343.

 

عزيزي الزائر .. للإستفادة من جميع موارد الموقع يجب توفر لديك البرامج التالية :

        

المتواجدون حالياً

حاليا يتواجد 13 زوار  على الموقع

إحصائيات الموقع

يحتوي الموقع على

أكثر من
800
مقال
 أكثر من1800
كتاب
 أكثر من3800
صوت
 أكثر من600
فديو

 

تسجيل الدخول