Web Hits مقالات مركز الإسلام | موقع مختص بالتعرف بالإسلام وتعليم مبادئ الدين الحنيف ( عقيدة - صلاة - زكاة - صوم - حج - عمرة - السيرة النبوية ) على ما جاء في القرآن والسنه http://islam-centers.net/ar/islamic-definition/article-islamic-definition/64.html Mon, 28 Dec 2020 14:06:12 +0000 Joomla! 1.5 - Open Source Content Management ar-dz اعرف نبيك –صلى الله عليه وسلم- http://islam-centers.net/ar/islamic-definition/article-islamic-definition/64-2012-10-13-20-40-25/452-2013-01-07-16-22-07.html http://islam-centers.net/ar/islamic-definition/article-islamic-definition/64-2012-10-13-20-40-25/452-2013-01-07-16-22-07.html

اعرف نبيك –صلى الله عليه وسلم-

الحمد لله الذي أوضح لنا سبيل الهداية، وأزاح عن بصائرنا ظلمة الغواية، والصلاة والسلام على النبي المصطفى المجتبى، المبعوث رحمة للعالمين، وقدوة للسالكين، وعلى آله وصحبه ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين.

أما بعد:

* أيها المسلمون: إن من خير ما بذلت فيه الأوقات، وشغلت به الساعات هو دراسة السيرة النبوية العطرة، والأيام المحمدية الخالدة، فهي تجعل المسلم وكأنه يعيش تلك الأحداث العظام التي مرت بالمسلمين، وربما تخيل أنه واحد من أولئك الكرام البررة التي قامت على عواتقهم صروح المجد ونخوة البطولة.

* وفي السيرة يتعرف المسلم على جوانب متعددة من شخصية النبي الخاتم –صلى الله عليه وسلم-، وأسلوبه في حياته ومعيشته، ودعوته في السلم والحرب.

* وفيها أيضا: يتلمس المسلم نقاط الضعف والقوة؛ وأسباب النصر والهزيمة، وكيفية التعامل مع الأحداث وإن عظمت.

* وبدراسة السيرة النبوية يستعيد المسلمون ثقتهم بأنفسهم، ويوقنون بأن الله تعالى معهم وناصرهم، إن هم قاموا بحقيقة العبودية له والانقياد لشريعته: {إِنْ تَنْصُرُوا اللَّهَ يَنْصُرْكُمْ وَيُثَبِّتْ أَقْدَامَكُمْ} [محمد: 7]، {إِنَّا لَنَنْصُرُ رُسُلَنَا وَالَّذِينَ آَمَنُوا فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَيَوْمَ يَقُومُ الْأَشْهَادُ} [غافر: 51]، {وَلَيَنْصُرَنَّ اللَّهُ مَنْ يَنْصُرُهُ إِنَّ اللَّهَ لَقَوِيٌّ عَزِيزٌ} [الحج: 40].

* وهذه الصفحات عبارة عن رؤوس أقلام وجمل يسيرة في سيرة النبي المصطفى –صلى الله عليه وسلم- ، قصد بها فتح الطريق أمام ناشئة المسلمين وشبيبتهم لدراسات أعمق لهذه السيرة النبوية الخالدة. قال الله تعالى: {مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللَّهِ} [الفتح: 29].

* نسبه –صلى الله عليه وسلم-: هو أبو القاسم محمد بن عبد الله بن عبد المطلب بن هاشم بن عبد مناف بن قصي بن كلاب بن مرة بن كعب بن لؤي بن غالب بن فهر بن مالك بن النضر بن كنانة بن خزيمة بن مدركة بن إلياس بن مضر بن نزار بن معد بن عدنان. هذا هو المتفق عليه في نسبه –صلى الله عليه وسلم-، اتفقوا أيضا على أن عدنان من ولد إسماعيل.

* أسماؤه –صلى الله عليه وسلم-: عن جبير بن مطعم أن رسول الله –صلى الله عليه وسلم- قال: «إن لي أسماء، أنا محمد، وأنا أحمد، وأنا الماحي الذي يمحو الله بي الكفر، وأنا الحاشر الذي يُحشر الناس على قدمي، وأنا العاقب الذي ليس بعده أحد» [متفق عليه].

وعن أبي موسى الأشعري قال: كان رسول الله –صلى الله عليه وسلم- يسمي لنا نفسه أسماء فقال: «أنا محمد، وأحمد، والمقفي، والحاشر، ونبي التوبة، ونبي الرحمة» [مسلم].

* طهارة نسبه –صلى الله عليه وسلم-: اعلم – رحمني الله وإياك - أن نبينا المصطفى علا الخلق كلهم، قد صان الله أباه من زلة الزنا، فولد –صلى الله عليه وسلم- من نكاح صحيح ولم يولد من سفاح، فعن واثلة بن الأسقع –رضي الله عنه- أن النبي –صلى الله عليه وسلم- قال: «إن الله عز وجل اصطفى من ولد إبراهيم إسماعيل، واصطفى من بني إسماعيل كنانة، واصطفى من بني كنانة قريشا، واصطفى من قريش بني هاشم، واصطفاني من بني هاشم» [مسلم]. وحينما سأل هرقل أبا سفيان عن نسب رسول الله –صلى الله عليه وسلم- قال: هو فينا ذو نسب، فقال هرقل: كذلك الرسل تبعث في نسب قومها. [البخاري].

* ولادته –صلى الله عليه وسلم-: ولد –صلى الله عليه وسلم- يوم الاثنين في شهر ربيع الأول، قيل في الثاني منه، وقيل في الثامن، وقيل في العاشر، وقيل في الثاني عشر. قال ابن كثير: والصحيح أنه ولد عام الفيل، وقد حكاه إبراهيم بن المنذر الحزامي شيخ البخاري، وخليفة بن خياط وغيرهما إجماعا.

* قال علماء السير: لما حملت به آمنة قالت: ما وجدت له ثقلا، فلما ظهر خرج معه نور أضاء ما بين المشرق والمغرب.

* وفي حديث العرباض بن سارية –رضي الله عنه- قال: سمعت رسول الله –صلى الله عليه وسلم- يقول: «إني عند الله في أم الكتاب لخاتم النبيين، وإن آدم  لمنجدل في طينته، وسأنبئكم بتأويل ذلك، دعوة أبي إبراهيم، وبشارة عيسى قومه، ورؤيا أمي التي رأت، أنه خرج منها نور أضاءت له قصور الشام» [أحمد والطبراني].

* وتوفي أبوه –صلى الله عليه وسلم- وهو حمل في بطن أمه، وقيل بعد ولادته بأشهر وقيل بسنة، والمشهور الأول.

* رضاعه –صلى الله عليه وسلم-: أرضعته ثويبة مولاة أبي لهب أياما، ثم استرضع له في بني سعد، فأرضعته حليمة السعدية، وأقام عندها في بني سعد نحوا من أربع سنين، وشُق عن فؤاده هناك، واستُخرج منه حظُ النفس والشيطان، فردته حليمة إلى أمه إثر ذلك.

* ثم ماتت أمه بالأبواء وهي راجعة إلى مكة وهو ابن ست سنين، ولما مر رسول الله –صلى الله عليه وسلم- بالأبواء وهو ذاهب إلى مكة عام الفتح، استأذن ربه في زيارة قبر أمه فأذن له، فبكى وأبكى من حوله وقال: «زوروا القبور فإنها تذكر الموت» [مسلم]. فلما ماتت أمه حضنته أم أيمن وهي مولاته ورثها من أبيه، وكفله جده عبد المطلب، فلما بلغ رسول الله –صلى الله عليه وسلم- من العمر ثماني سنين توفي جده، وأوصى به إلى عمه أبي طالب فكفله، وحاطه أتم حياطة، ونصره وآزره حين بعثه الله أعز نصر وأتم مؤازرة مع أنه كان مستمرا على شركه إلى أن مات، فخفف الله بذلك من عذابه كما صح الحديث بذلك.

* صيانة الله تعالى له –صلى الله عليه وسلم- من دنس الجاهلية: وكان الله سبحانه قد صانه وحماه من صغره، وطهره من دنس الجاهلية ومن كل عيب، ومنحه كل خُلقٍ جميل، حتى لم يكن يعرف بين قومه إلا بالأمين، لما شاهدوه من طهارته وصدق حديثه وأمانته، حتى إنه لما أرادت قريش تجديد بناء الكعبة في سنة خمس وثلاثين من عمره، فوصلوا إلى موضع الحجر الأسود اختلفوا فيمن يضع الحجر موضعه، فقالت كل قبيلة: نحن نضعه، ثم اتفقوا على أن يضعه أول داخل عليهم، فكان رسول الله –صلى الله عليه وسلم- فقالوا: جاء الأمين، فرضوا به، فأمر بثوب، فوضع الحجر في وسطه، وأمر كل قبيلة أن ترفع بجانب من جوانب الثوب، ثم أخذ الحجر فوضعه موضعه –صلى الله عليه وسلم-. [أحمد والحاكم وصححه].

* زواجه –صلى الله عليه وسلم-: تزوجته خديجة وله خمس وعشرون سنة، وكان قد خرج إلى الشام في تجارة لها مع غلامها ميسرة، فرأى ميسرة ما بهره من شأنه، وما كان يتجلى به من الصدق والأمانة، فلما رجع أخبر سيدته بما رأى، فرغبت إليه أن يتزوجها.

* وماتت خديجة –رضي الله عنها- قبل الهجرة بثلاث سنين، ولم يتزوج غيرها حتى ماتت، فلما ماتت خديجة –رضي الله عنها- تزوج –صلى الله عليه وسلم- سودة بنت زمعة، ثم تزوج –صلى الله عليه وسلم-  عائشة بن أبي بكر الصديق –رضي الله عنهما- ولم يتزوج بكرا غيرها، ثم تزوج حفصة بنت عمر بن الخطاب –رضي الله عنهما، ثم تزوج زينب بنت خزيمة بن الحارث –رضي الله عنها، وتزوج أم سلمة واسمها هند بنت أمية –رضي الله عنها، وتزوج زينب بنت جحش -رضي الله عنها، ثم تزوج رسول الله –صلى الله عليه وسلم-  جويرية بنت الحارث -رضي الله عنها، ثم تزوج أم حبيبة -رضي الله عنها- واسمها رملة وقيل هند بنت أبي سفيان. وتزوج إثر فتح خيبر صفية بنت حيي بن أخطب –رضي الله عنها-، ثم تزوج ميمونة بنت الحارث –رضي الله عنها، وهي آخر من تزوج رسول الله –صلى الله عليه وسلم-.

* أولاده –صلى الله عليه وسلم-: كل أولاده –صلى الله عليه وسلم-  من ذكر وأنثى فمن خديجة بنت خويلد، حاشا إبراهيم، فإنه من مارية القبطية التي أهداها له المقوقس.

* فالذكور من ولده: القاسم وبه كان يُكنى، وعاش أياما يسيرة، والطاهر والطيب.

وقيل: ولدت له عبد الله في الإسلام فلقب بالطاهر والطيب. أما إبراهيم فولد بالمدينة وعاش عامين غير شهرين ومات قبله –صلى الله عليه وسلم-  بثلاثة أشهر.

* بناته–صلى الله عليه وسلم-: زينب وهي أكبر بناته، تزوجها أبو العاص بن الربيع وهو ابن خالتها، ورقية تزوجها عثمان بن عفان – رضي الله عنه، وفاطمة تزوجها علي بن أبي طالب – رضي الله عنه - فأنجبت له الحسن والحسين سيدي شباب أهل الجنة، وأم كلثوم تزوجها عثمان بن عفان –رضي الله عنه- بعد رقية –رضي الله عنهن جميعا.

قال النووي: فالبنات أربع بلا خلاف. والبنون ثلاثة على الصحيح.

* مبعثه –صلى الله عليه وسلم-: بعث –صلى الله عليه وسلم-  لأربعين سنة، فنـزل عليه الملك بحراء يوم الاثنين لسبع عشرة ليلية خلت من رمضان، وكان إذا نزل عليه الوحي اشتد ذلك عليه وتغير وجهه وعرق جبينه.

* فلما نزل عليه الملك قال له: اقرأ.. قال: «لست بقارئ» فغطاه الملك حتى بلغ منه الجهد، ثم قال له: اقرأ.. فقال: «لست بقارئ» ثلاثا. ثم قال: {اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ * خَلَقَ الْإِنْسَانَ مِنْ عَلَقٍ * اقْرَأْ وَرَبُّكَ الْأَكْرَمُ * الَّذِي عَلَّمَ بِالْقَلَمِ * عَلَّمَ الْإِنْسَانَ مَا لَمْ يَعْلَمْ} [العرق: 1-5]. فرجع رسول الله –صلى الله عليه وسلم-  إلى خديجة –رضي الله عنها- يرتجف، فأخبرها بما حدث له، فثبتته وقالت: أبشر، كلا والله لا يخزيك أبدا، إنك لتصل الرحم، وتصدق الحديث، وتحمل الكل، وتعين على نوائب الدهر.

* ثم فتر الوحي، فمكث رسول الله –صلى الله عليه وسلم- ما شاء الله أن يمكث لا يرى شيئا، فاغتم لذلك واشتاق إلى نزول الوحي، ثم تبدى له الملك بين السماء والأرض على كرسي، وثبته، وبشره بأنه رسول الله حقا، فلما رآه رسول الله –صلى الله عليه وسلم-  خاف منه وذهب إلى خديجة وقال: زملوني.. دثروني، فأنزل الله عليه: {يَا أَيُّهَا الْمُدَّثِّرُ * قُمْ فَأَنْذِرْ * وَرَبَّكَ فَكَبِّرْ * وَثِيَابَكَ فَطَهِّرْ} [المدثر: 1-4]. فأمر الله تعالى في هذه الآيات أن ينذر قومه، ويدعوهم إلى الله، فشمر –صلى الله عليه وسلم-  عن ساق التكليف، وقام في طاعة الله أتم قيام، يدعو إلى الله تعالى الكبير والصغير، والحر والعبد، والرجال والنساء، والأسود والأحمر، فاستجاب له عباد الله من كل قبيلة ممن أراد الله تعالى فوزهم ونجاتهم في الدنيا والآخرة، فدخلوا في الإسلام على نور وبصيرة، فأخذهم سفهاء مكة بالأذى والعقوبة، وصان الله رسوله وحماه بعمه أبي طالب، فقد كان شريفا مطاعا فيهم، نبيلا بينهم، لا يتجاسرون على مفاجأته بشيء في أمر رسول الله –صلى الله عليه وسلم-  لما يعلمون من محبته له.

* قال ابن الجوزي: وبقي ثلاث سنين يتستر بالنبوة، ثم نزل عليه: {فَاصْدَعْ بِمَا تُؤْمَرُ} [الحجر: 94]، فأعلن الدعاء. فلما نزل قوله تعالى: {وَأَنْذِرْ عَشِيرَتَكَ الْأَقْرَبِينَ} [الشعراء: 214]، خرج رسول الله –صلى الله عليه وسلم- حتى صعد الصفا فهتف «يا صباحاهُ» فقالوا: من هذا الذي يهتف؟ قالوا: محمد، فاجتمعوا إليه فقال: «يا بني فلان... يا بني فلان.. يا بني فلان.. يا بني عبد مناف.. يا بني عبد المطلب.. فاجتمعوا إليه فقال: «أرأيتم لو أخبرتكم أن خيلا تخرج بسفح هذا الجبل أكنتم مصدقي؟» قالوا: ما جربنا عليك كذبا. قال: «فإني نذير لكم بين يدي عذاب شديد». فقال أبو لهب: تبا لك، أما جمعتنا إلا لهذا؟ ثم قام، فنـزل قوله تعالى: {تَبَّتْ يَدَا أَبِي لَهَبٍ وَتَبَّ} إلى آخر السورة. [متفق عليه].

* صبره –صلى الله عليه وسلم- على الأذى: ولقي –صلى الله عليه وسلم-  الشدائد من قومه وهو صابر محتسب، وأمر أصحابه أن يخرجوا إلى أرض الحبشة فرارا من الظلم والاضطهاد فخرجوا.

* قال ابن إسحاق: فلما مات أبو طالب نالت قريش من رسول الله –صلى الله عليه وسلم-  من الأذى ما لم تطمع فيه في حياته، وروى أبو نعيم عن أبي هريرة –رضي الله عنه- قال: لما مات أبو طالب تجهموا رسول الله –صلى الله عليه وسلم-  فقال: «يا عم ما أسرع ما وجدت فقدك».

* وفي الصحيحين: أنه –صلى الله عليه وسلم- كان يصلي، وسلا جزور قريب منه، فأخذه عقبة بن أبي معيط، فألقاه على ظهره، فلم يزل ساجدا، حتى جاءت فاطمة فألقته عن ظهره، فقال حينئذ: «اللهم عليك بالملأ من قريش». وفي أفراد البخاري: أن عقبة بن أبي معيط أخذ يوما بمنكبه –صلى الله عليه وسلم-، ولوى ثوبه في عنقه، فخنقه به خنقا شديدا، فجاء أبو بكر فدفعه عنه وقال: أتقتلون رجلا أن يقول ربي الله؟

* رحمته –صلى الله عليه وسلم-  بقومه: فلما اشتد الأذى على رسول الله –صلى الله عليه وسلم-  بعد وفاة أبي طالب وخديجة –رضي الله عنها، خرج رسول الله –صلى الله عليه وسلم- إلى الطائف فدعا قبائل ثقيف على الإسلام، فلم يجد منهم إلا العناد والسخرية والأذى، ورموه بالحجارة حتى أدموا عقبيه، فقرر –صلى الله عليه وسلم-  الرجوع إلى مكة. قال –صلى الله عليه وسلم-: «انطلقت – يعني من الطائف- وأنا مهموم على وجهي، فلم أستفق إلا وأنا بقرن الثعالب – ميقات أهل نجد- فرفعت رأسي، فإذا سحابة قد أظلتني، فنظرت، فإذا فيها جبريل عليه السلام، فناداني فقال: إن الله قد سمع قول قومك لك، وما ردوا عليك، وقد أرسل لك ملك الجبال لتأمره بما شئت فيهم، ثم ناداني ملك الجبال فسلم عليَّ ثم قال: يا محمد، إن الله قد سمع قول قومك لك، وأنا ملك الجبال، قد بعثني إليك ربك لتأمرني بما شئت، إن شئت أن أطبق عليهم الأخشبين – جبلان بمكة - فقال رسول الله –صلى الله عليه وسلم-  بل أرجوا أن يخرج الله من أصلابهم من يعبد الله وحده لا يشرك به شيئا» [متفق عليه].

* وكان رسول الله –صلى الله عليه وسلم-  يخرج في كل موسم، فيعرض نفسه على القبائل ويقول: «من يؤويني؟ من ينصرني؟ فإن قريشا قد منعوني أن أبلغ كلام ربي».

* ثم إن رسول الله –صلى الله عليه وسلم-  لقي عند العقبة في الموسم ستة نفر فدعاهم فأسلموا، ثم رجعوا إلى المدينة فدعوا قومهم، حتى فشا الإسلام فيهم، ثم كانت بيعة العقبة الأولى والثانية، وكانت سرا، فلما تمت أمر رسول الله –صلى الله عليه وسلم-  من كان معه من المسلمين بالهجرة إلى المدينة، فخرجوا أرسالا.

* هجرته –صلى الله عليه وسلم-  إلى المدينة: ثم خرج رسول الله –صلى الله عليه وسلم-  هو وأبو بكر إلى المدينة فتوجه إلى غار ثور، فأقاما فيه ثلاثا، وعمي أمرهم على قريش، ثم دخل المدينة فتلقاه أهلها بالرحب والسعة، فبنى فيها مسجده ومنـزله.

* غزواته –صلى الله عليه وسلم-: عن ابن عباس –رضي الله عنهما- قال: لما خرج رسول الله –صلى الله عليه وسلم-  من مكة قال أبو بكر: أخرجوا نبيهم إنا لله وإنا إليه راجعون، ليهلكن، فأنزل الله عز وجل: {أُذِنَ لِلَّذِينَ يُقَاتَلُونَ بِأَنَّهُمْ ظُلِمُوا} [الحج: 39]. وهي أول آية نزلت في القتال. وغزا رسول الله –صلى الله عليه وسلم-  سبعا وعشرين غزاة، قاتل منها في تسع: بدر، وأحد، والمريسيع، والخندق، وقريظة، وخيبر، والفتح، وحنين، والطائف، وبعث ستا وخمسين سرية.

* حج النبي –صلى الله عليه وسلم- واعتماره: لم يحج النبي بعد أن هاجر إلى المدينة إلا حجة واحدة، وهي حجة الوداع، واعتمر رسول الله –صلى الله عليه وسلم-  أربع عُمَر كلهن في ذي القعدة إلا التي في حجته. فالأولى عمرة الحديبية التي صده المشركون عنها. والثانية عمرة القضاء، والثالثة عمرة الجعرانة، والرابعة عمرته مع حجته.

* صفته –صلى الله عليه وسلم-: كان رسول الله ربعة، ليس بالطويل ولا بالقصير، أزهر اللون –أي أبيض بياضا مشربا بحمرة- أشعر، أدعج العينين –أي شديد سوادهما- أجرد –أي لا يغطي الشعر صدره وبطنه، ذو مسربة – أي له شعر يكون في وسط الصدر والبطن.

من أهم الأحداث:

* الإسراء والمعراج: وكان قبل الهجرة بثلاث سنين وفيه فرضت الصلاة.

* السنة: الأولى: الهجرة –بناء المسجد- الانطلاق نحو تأسيس الدولة –فرض الزكاة.

* السنة الثانية: غزوة بدر الكبرى وفيها أعز الله المؤمنين ونصرهم على عدوهم.

* السنة الثالثة: غزة أحد وفيها حدثت الهزيمة بسبب مخالفة تعليمات النبي –صلى الله عليه وسلم-  ونظر بعض الجنود إلى الغنائم.

* السنة الرابعة: غزوة بني النضير وفيها أجلى رسول الله –صلى الله عليه وسلم-  يهود بني النضير عن المدينة؛ لأنهم نقضوا العهد بينهم وبين المسلمين.

* السنة الخامسة: غزوة بني المصطلق وغزوة الأحزاب وغزوة بني قريظة.

* السنة السادسة: صلح الحديبية، وفي هذه السنة حُرمت الخمر تحريما قاطعا.

* السنة السابعة: غزوة خيبر، وفي هذه السنة دخل رسول الله –صلى الله عليه وسلم- والمسلمون واعتمروا، وفيها أيضا تزوج رسول الله –صلى الله عليه وسلم-  صفية بنت حُيي.

* السنة الثامنة: غزوة مؤتة بين المسلمين والروم، وفتح مكة وغزوة حُنين ضد قبائل هوازن وثقيف.

* السنة التاسعة: غزوة تبوك وهي آخر غزواته –صلى الله عليه وسلم- ، وفي هذه السنة قدمت الوفود على رسول الله –صلى الله عليه وسلم- ودخل الناس في دين الله أفواجا، وسمي هذا العام عام الوفود.

* السنة العاشرة: حجة الوداع، وفيها حج مع النبي –صلى الله عليه وسلم-  أكثر من مائة ألف مسلم.

* السنة الحادية عشرة: وفاة رسول الله –صلى الله عليه وسلم-  وكان ذلك في يوم الاثنين من شهر ربيع الأول مع اختلاف في تحديد هذا اليوم من الشهر.

وتوفي –صلى الله عليه وسلم-  وله من العمر ثلاث وستون سنة، منها أربعون سنة قبل النبوة، وثلاث وعشرون سنة نبيا رسولا، منها ثلاث عشرة سنة في مكة، وعشر سنين بالمدينة.

صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم

]]>
es.islamcenter@gmail.com (mona) السيرة النبوية Mon, 07 Jan 2013 16:21:30 +0000
خلق النبيِّ –صلى الله عليه وسلم- (2) http://islam-centers.net/ar/islamic-definition/article-islamic-definition/64-2012-10-13-20-40-25/451--2.html http://islam-centers.net/ar/islamic-definition/article-islamic-definition/64-2012-10-13-20-40-25/451--2.html خلق النبيِّ –صلى الله عليه وسلم- (2)

الخطبة الثانية:

الحمد لله على إحسانه، والشكر له على توفيقه وامتنانه، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، تعظيماً لشأنه، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله الداعي إلى رضوانه، صلى الله عليه وعلى آله وأصحابه، وأتباعه بإحسان إلى يوم الدين وسلم تسليماً كثيراً، أما بعد:

عباد الله!اتقوا الله تعالى، واقتدوا بنبيكم الكريم الرحيم، فإن الله تعالى أرسله رحمة للعالمين، كما قال تعالى:
{وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا رَحْمَةً لِّلْعَالَمِينَ}(
[22])، وعن أبي هريرة –رضى الله عنه- ، قال: قيل: يا رسول الله! ادعُ على المشركين، قال: «إني لم أُبعث لعّاناً وإنما بُعثت رحمة»([23]). وفي حديث حذيفة –رضى الله عنه- ، عن النبي –صلى الله عليه وسلم- أنه قال: «أيُّما رجل من أمتي سببته سبةً أو لعنته لعنةً في غضبي فإنما أنا من ولد آدم أغضب كما يغضبون، وإنما بعثني رحمة للعالمين، فاجعلها عليهم صلاةً يوم القيامة»([24]).

وجاء في الحديث عن أبي هريرة –رضى الله عنه- ، عن النبي –صلى الله عليه وسلم- ، أنه قال: «إنما أنا رحمة مهداةٌ»([25]).

وقد قال –صلى الله عليه وسلم- : «أنا محمد، وأحمد، والمقفِّي، والحاشر، ونبي التوبة، ونبي الرحمة»([26]).

عباد الله! إن العبد المسلم مأمور بالاقتداء بهذا الرسول الرحيم {لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِّمَن كَانَ يَرْجُو اللَّهَ وَالْيَوْمَ الآخِرَ وَذَكَرَ اللَّهَ كَثِيرًا}([27]) ، هذا وصلوا على الرحمة المهداة كما أمركم الله تعالى بذلك فقال: {إِنَّ اللَّهَ وَمَلائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا}([28]) ، وقال النبي –صلى الله عليه وسلم- : «مَن صلّى عليَّ صلاة صلى الله عليه بها عشراً»([29]) ، اللهم صلِّ وسلِّم وبارك عليه، وارضَ اللهم عن أصحابه: أبي بكر، وعمر، وعثمان، وعلي، وعن سائر أصحاب نبيك أجمعين، وعَنّا معهم برحمتك يا أرحم الراحمين، اللهم أعزّ الإسلام والمسلمين، وأذلَّ الشرك والمشركين، واحمِ حوزة الدين، اللهم آمِنّا في أوطاننا، وأصلح أئمتنا، وجميع ولاة أمر المسلمين. اللهم اغفر للمسلمين والمسلمات، والمؤمنين والمؤمنات، الأحياء منهم والأموات. اللهم اغفر لأمواتنا وأموات المسلمين، وأعذهم من عذاب القبر وعذاب النار، برحمتك يا أرحم الراحمين. اللهم إنا نسألك الهدى والتُّقى، والعفاف والغنى، اللهم اهدنا وسددنا، {رَبَّنَا آتِنَا فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً وَفِي الآخِرَةِ حَسَنَةً وَقِنَا عَذَابَ النَّارِ }([30]) ، عباد الله! {إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالإِحْسَانِ وَإِيتَاءِ ذِي الْقُرْبَى وَيَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنكَرِ وَالْبَغْيِ يَعِظُكُمْ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ}([31])، فاذكروا الله العظيم يذكركم واشكروه على نعمه يزدكم، {وَلَذِكْرُ اللَّهِ أَكْبَرُ وَاللَّهُ يَعْلَمُ مَا تَصْنَعُونَ}([32]).

 

([22])  سورة الأنبياء، الآية: 107 .

([23])  مسلم، برقم 2599.

([24])  أبو داود، برقم 4659، وصححه الألباني في صحيح أبي داود، 3/134 .

([25])  رواه ابن سعد، 1/192، وابن أبي شيبة 11/504، والحاكم، 1/35، وصححه الألباني في سلسلة الأحاديث الصحيحة بطرقه، برقم 490.

([26])  مسلم، برقم 2355 .

([27])  سورة الأحزاب، الآية: 21 .

([28])  سورة الأحزاب، الآية: 56 .

([29])  مسلم، برقم 384 .

([30])  سورة البقرة، الآية : 202 .

([31])  سورة النحل : الآية : 90 .

([32])  سورة العنكبوت: الآية : 45.

]]>
es.islamcenter@gmail.com (mona) السيرة النبوية Mon, 07 Jan 2013 10:19:36 +0000
خلق النبيِّ –صلى الله عليه وسلم- (1) http://islam-centers.net/ar/islamic-definition/article-islamic-definition/64-2012-10-13-20-40-25/450-2013-01-07-10-17-48.html http://islam-centers.net/ar/islamic-definition/article-islamic-definition/64-2012-10-13-20-40-25/450-2013-01-07-10-17-48.html

خلق النبيِّ –صلى الله عليه وسلم- (1)

الخطبة الأولى:

إن الحمد لله نحمده، ونستعينه، ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا وسيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مُضِلَّ له، ومَنْ يُضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله؛ صلى الله عليه وعلى آله، وأصحابه، وسَلّم تسليماً كثيراً، أَمّا بعد:

عباد الله اتقوا الله تعالى، واعلموا أن الله أرسل مُحَمّداً –صلى الله عليه وسلم- رحمةً للعالمين، قال تعالى: {وَمَا أَرْ‌سَلْنَاكَ إِلَّا رَ‌حْمَةً لِّلْعَالَمِينَ} ([1])، فهو رحمةٌ للإنس، والجن، مؤمِنِهم وكافِرِهم؛ يدعوهم إلى الله؛ ليخرجهم من الظلمات إلى النور، قال الله تعالى له: {قُلْ يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنِّي رَ‌سُولُ اللَّـهِ إِلَيْكُمْ جَمِيعًا الَّذِي لَهُ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْ‌ضِ ۖ لَا إِلَـٰهَ إِلَّا هُوَ يُحْيِي وَيُمِيتُ ۖ فَآمِنُوا بِاللَّـهِ وَرَ‌سُولِهِ النَّبِيِّ الْأُمِّيِّ الَّذِي يُؤْمِنُ بِاللَّـهِ وَكَلِمَاتِهِ وَاتَّبِعُوهُ لَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ }([2])، وقال تعالى للنبي –صلى الله عليه وسلم- : {وَإِذْ صَرَ‌فْنَا إِلَيْكَ نَفَرً‌ا مِّنَ الْجِنِّ يَسْتَمِعُونَ الْقُرْ‌آنَ فَلَمَّا حَضَرُ‌وهُ قَالُوا أَنصِتُوا ۖ فَلَمَّا قُضِيَ وَلَّوْا إِلَىٰ قَوْمِهِم مُّنذِرِ‌ينَ} ([3])، فهو –صلى الله عليه وسلم- رحمةٌ للعالمين وحجةٌ على خلقه أجمعين، وهو مِنّةٌ من الله تعالى على المؤمنين، كما قال تعالى: {لَقَدْ مَنَّ اللَّـهُ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ إِذْ بَعَثَ فِيهِمْ رَ‌سُولًا مِّنْ أَنفُسِهِمْ يَتْلُو عَلَيْهِمْ آيَاتِهِ وَيُزَكِّيهِمْ وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَإِن كَانُوا مِن قَبْلُ لَفِي ضَلَالٍ مُّبِينٍ}([4])، وعن أبي نضرة قال: حدثني من سمع خطبة النبيِّ –صلى الله عليه وسلم- وسط أيام التشريق فقال: «يا أيها الناس إنَّ ربَّكُم واحد، وإنَّ أباكم واحد، أَلاَ لاَ فَضْلَ لعربِـيٍّ على أعجميٍّ ولا لعجميٍّ على عربي، ولا لأحمرَ على أسود، ولا لأسود على أحمر إلاّ بالتّقوى»([5]). وهذا فيه الدلالةُ الواضحةُ على أنه لا فرق بين الناس إلا بالتقوى، فكلما كان الإنسان لله أتقى فهو أفضل، من أي الأجناس أو الألوان كان.

وقد مَنَّ الله تعالى على هذا النبي الكريم بمكارم الأخلاق كلِّها؛ فإنه لا يُحصى من دخل في الإسلام بسبب خُلُقه الكريم –صلى الله عليه وسلم- سواء كان ذلك الخُلُق الحسن الكريم: من جوده، أو كرمِهِ، أو عفوهِ، أو صفحِهِ، أو حلمِهِ، أو أناتِهِ، أو رفقِهِ، أو صبرِهِ، أو تواضُعِهِ، أو عدلِهِ، أو رحمتِهِ، أو منِّهِ، أو شجاعته وقوَّتِهِ، أو غير ذلك من مكارم الأخلاق.

ومن تتبَّع سيرةَ النبيِّ –صلى الله عليه وسلم- وجد أنه كان يلازم الخُلُق الحسن في سائر أحواله، فأقبل الناس ودخلوا في دين الله أفواجاً، بفضل الله ثم بفضل حُسْنِ خُلُقِهِ –صلى الله عليه وسلم- ، فكم دخل في الإسلام بسبب حُسْنِ خُلُقِهِ –صلى الله عليه وسلم- .

فهذا ثُمامةُ بن أُثال يُسلِمُ بسبب عفو النَّبيِّ –صلى الله عليه وسلم- ، ويقول: (واللهِ ما كان على وجه الأرض وجهٌ أبغض إليَّ من وجهِكَ، فقد أصبح وجهُك أحب الوجوهِ كلِّها إليّ، واللهِ ما كان على وجه الأرض دينٌ أبغضَ إليّ من دينِك، وقد أصبحَ دينُك أحبّ الأديانِ كلِّها إليّ، والله ما كان على وجه الأرض بلادٌ أبغض إليَّ من بلادك، فأصبح بلدك أحبّ البلاد كلِّها إليّ)([6]).

وهذا أعرابي يقول: اللهم ارحمني ومحمداً ولا ترحم معنا أحداً؛ لأنه تأثر بعفو النبيِّ –صلى الله عليه وسلم- عندما بال هذا الأعرابي في المسجد، ولم يتركه على تحجيرهِ رحمة الله التي وسعت كل شيء؛ بل قال له ناصحاً ومُعلّماً –صلى الله عليه وسلم- : «لقد حجَّرتَ واسعاً»([7]).

وذاك معاوية بن الحكم يرفق به النبيُّ –صلى الله عليه وسلم- في تعليمه، فيقول: (فبأبي هو وأمي ما رأيتُ مُعلّماً قبله ولا بعده أحسن تعليماً منه، والله ما كهرني، ولا ضربني ولا شتمني)([8])، وأعطى –صلى الله عليه وسلم- رجلاً غنماً بين جبلين فرجع إلى قومه فقال: يا قومي أسلموا؛ فإن محمداً يُعطي عطاءً لا يخشى الفاقة)([9]).

وهذا صفوان ابن أمية من صناديد قريش الكفرة يعطيه النبي –صلى الله عليه وسلم- مائة من الغنم ثم مائة، ثم مائة، فيقول صفوان: (والله لقد أعطاني رسول الله –صلى الله عليه وسلم- ما أعطاني، وإنه لأبغض الناس إليَّ، فما بَرِحَ يُعطيني حتى إنه لأحبُّ الناس إليَّ). وهذا سببُ إسلامِ صفوان([10]).

ومُشركٌ كافرٌ آخرُ يُريدُ قتل النبيِّ –صلى الله عليه وسلم- بالسيف فيعصم الله رسوله –صلى الله عليه وسلم- منه ويعفو عنه النبي –صلى الله عليه وسلم- ([11]). فيرجع إلى قومه ويُسلم، ويدعوهم إلى الإسلام فأسلم من قومه على يديه خَلْقٌ كثير([12]).

وهذا عبد الله بن سلام اليهودي الحبر العالم من علماء اليهود يأتي إلى النبي –صلى الله عليه وسلم- عند قدومه إلى المدينة يقول عبد الله  -رضى الله عنه- : فجئتُ في الناس، لأنظر، فلما تبيّنتُ وجهَهُ عَرفْتُ أن وجهه ليس بوجه كذّاب، فكان أوّل شيء سمعته يقول: «يا أيها الناس! أفشوا السلام، وأطعِمُوا الطعام، وصِلُوا الأرحام، وصَلّوا بالليل والناس نيام؛ تدخلوا الجنة بسلام»([13]).

وهذا زيد بن سعية اليهودي يختبر النبي –صلى الله عليه وسلم- فيعفو عنه النبي –صلى الله عليه وسلم- ويأمر عمر أن يعطيه عطاءً، فيقول زيد اليهودي الحبر: ما من علامات النبوة شيءٌ إلا وقد عرفتُها في وجه رسول الله –صلى الله عليه وسلم- حين نظرتُ إليه إلا اثنتين لم أخبرهما منه: يسبق حلمُهُ جهلَه، ولا تزيده شدَّةُ الجهلِ إلا حلماً، وقد اختبرتُهما فأشهدك يا عمرَ أني قد رضيتُ بالله ربّاً وبالإسلام ديناً وبمحمد نبيّاً، وأشهدك أنّ شطر مالي صدقة على أمة محمدٍ –صلى الله عليه وسلم- ([14]).

وهذا يهودي آخر يقول عند الموت: والذي أنزل التوراة إنّا لنجد في كتابنا صفتك ومخرجك، وأشهد أن لا إله إلا الله وأنّك رسول الله([15]).

وهذا مَلِكُ النصارى النجاشي في الحبشة عندما سمع دعوة النبي –صلى الله عليه وسلم- وقوله: إن عيسى عبد الله ورسوله فقال لوفد النبيِّ –صلى الله عليه وسلم-: مرحباً بكم، وبمن جئتم من عنده، فأنا أشهد أنه رسولُ الله، وأنه الذي بشّر به عيسى، ولولا ما أنا فيه من الـمُلْكِ لأتيتُه حتى أُقَبِّلَ نَعْلَهُ([16]).

وهذا هرقلُ عظيم الروم النصراني، يقول لأبي سفيان حينما قال له: إن النبي –صلى الله عليه وسلم- لا يغدر، وأنه يأمر بعبادة الله وحده، وعدم الشرك به، وينهى عن عبادة الأوثان، ويأمر بالصلاة، والصدق، والعفاف، قال هرقل لأبي سفيان: فإن كان ما تقولُ حقّاً فَسَيَمْلِكُ موضعَ قدميَّ هاتين، وقد كُنتُ أعلمُ أنه خارجٌ لم أكن أظنُّ أنه منكم، فلو أني أعلم أني أخلصُ إليه لتجشّمتُ لقاءَهُ، ولو كُنتُ عنده لغسّلتُ عن قدمه([17]).

وصدق الله تعالى إذ يقول:{فَسَتُبْصِرُ‌ وَيُبْصِرُ‌ونَ} ([18]) وصدق النبي الكريم إذ يقول: «إنما بُعِثْتُ لأُتَمِّم مكارم الأخلاق»([19]).

وسُئِلَتْ عائشةُ رضي الله عنها عن خُلُق النبيِّ –صلى الله عليه وسلم- ؟ فقالت: (فإن خُلُقَ نبيِّ الله –صلى الله عليه وسلم- كان القرآنُ)([20]).

أعوذ بالله من الشيطان الرجيم، قال الله تعالى:{لَقَدْ جَاءَكُمْ رَسُولٌ مِّنْ أَنفُسِكُمْ عَزِيزٌ عَلَيْهِ مَا عَنِتُّمْ حَرِيصٌ عَلَيْكُم بِالْمُؤْمِنِينَ رَؤُوفٌ رَّحِيمٌ}([21]) بارك الله لي ولكم في القرآن والسنة ونفعني وإياكم بما فيهما من الآيات والحكمة، أقول قولي هذا وأستغفر الله العظيم لي ولكم ولسائر المسلمين، فاستغفروه من كل ذنب إنه هو الغفور الرحيم.



([1])  سورة الأنبياء، الآية: 107 .

([2])  سورة الأعراف: الآية: 158 .

([3])  سورة الأحقاف، الآية: 29 .

([4])  سورة آل عمران، الآية: 164 .

([5])  مسند أحمد بترتيب البناء، 12/226، وقال الهيثمي في مجمع الزوائد، 3/266: ((رواه أحمد ورجاله رجال الصحيح)).

([6])  البخاري، برقم 4372، ومسلم 1764 .

([7])  البخاري، برقم 6010 .

([8])  مسلم، برقم 537 .

([9])  مسلم، برقم 2312 .

([10])  مسلم، برقم 2313 .

([11])  البخاري مع الفتح، 6/96، 97، برقم 2910، ومسلم، 4/1786، برقم 843 .

([12])  فتح الباري لابن حجر، 7/428، وشرح النووي، 15/44 .

([13]) الترمذي، برقم 2485، وابن ماجه، برقم 3251، وانظر: صحيح الترمذي 2/303.

([14])  الإصابة في تمييز الصحابة لابن حجر، 1/566 .

([15])  أحمد، 5/411، وقوَّاه ابن كثير في تفسيره، 2/252 .

([16])  سير أعلام النبلاء، للذهبي، 1/438 .

([17])  البخاري، برقم 7 .

([18])  سورة القلم، الآية: 4 .

([19])  البيهقي، 10/192، وأحمد، 2/381، وانظر: الصحيحة للألباني برقم 45 .

([20])  مسلم، برقم 746 .

([21])  سورة التوبة، الآية: 128 .


]]>
es.islamcenter@gmail.com (mona) السيرة النبوية Mon, 07 Jan 2013 10:17:23 +0000
بدعة الاحتفال بالمولد النبوي http://islam-centers.net/ar/islamic-definition/article-islamic-definition/64-2012-10-13-20-40-25/449-2013-01-07-09-47-35.html http://islam-centers.net/ar/islamic-definition/article-islamic-definition/64-2012-10-13-20-40-25/449-2013-01-07-09-47-35.html

بدعة الاحتفال بالمولد النبوي

الخطبة الأولى:

إن الحمد لله نحمده، ونستعينه، ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا وسيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مُضِلَّ له، ومَنْ يُضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله؛ صلى الله عليه وعلى آله، وأصحابه، وسَلّم تسليماً كثيراً، أَمّا بعد:

عباد الله! اتقوا الله تعالى كما أمركم بذلك فقال: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلًا سَدِيدًا، يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَن يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزًا عَظِيمًا}.

عباد الله! إن البدع والمحدثات في الدين من الأمور التي حرمها الله تعالى ورسوله، وإن من البدع المحدثة التي يتعبد بها بعض المسلمين بدعة ا لاحتفال بالمولد النبوي على صاحبه أفضل الصلاة وأتم التسليم.

والاحتفال بالمولد بدعة منكرة، وأول من أحدثها العبيديون في القرن الرابع الهجري، وقد بيّن العلماء قديماً وحديثاً بطلان هذه البدعة والرد على من ابتدعها وعمل بها، فلا يجوز الاحتفال بالمولد، لأمور وبراهين منها:

أولاً: الاحتفال بالمولد من البدع المحدثة في الدين التي ما أنزل الله بها من سلطان؛ لأن النبي صلّى الله عليه وسلّم لم يشرعه لا بقوله، ولا فعله، ولا تقريره، وهو قدوتنا وإمامنا، قال الله عز وجل: {وَمَا آتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانتَهُوا وَاتَّقُوا اللهَ إِنَّ اللهَ شَدِيدُ العِقَاب}([1])، وقال سبحانه: {لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِّمَن كَانَ يَرْجُو اللَّهَ وَالْيَوْمَ الآخِرَ وَذَكَرَ اللَّهَ كَثِيرًا}([2])، وقال النبي صلّى الله عليه وسلّم: ”من أحدث في أمرنا هذا ما ليس منه فهو رد“([3]).

ثانياً: الخلفاء الراشدون ومن معهم من أصحاب النبي صلّى الله عليه وسلّم لم يحتفلوا بالمولد، ولم يدعوا إلى الاحتفال به، وهم خير الأمة بعد نبيها، وقد قال صلّى الله عليه وسلّم في حق الخلفاء الراشدين: ”عليكم بسنتي وسنة الخلفاء الراشدين المهديين من بعدي عضوا عليها بالنواجذ، وإياكم ومحدثات الأمور، فإن كل محدثة بدعة وكل بدعة ضلالة“([4]).

ثالثاً: الاحتفال بالمولد من سنة أهل الزيغ والضلال؛ فإن أول من أحدث الاحتفال بالمولد الفاطميون، العبيديون في القرن الرابع الهجري، وقد انتسبوا إلى فاطمة رضي الله عنها ظلماً وزوراً، وبهتاناً؛ وهم في الحقيقة من اليهود، وقيل من المجوس، وقيل من الملاحدة([5])، وأولهم المعز لدين الله العبيدي المغربي الذي خرج من المغرب إلى مصر في شوال سنة 361هـ، وقدم إلى مصر في رمضان سنة 362هـ([6])، فهل لعاقل مسلم أن يقلد الرافضة ويتبع سنتهم ويخالف هدي نبيه محمد صلّى الله عليه وسلّم؟.

رابعاً: إن الله عز وجل قد كمل الدين فقال سبحانه وتعالى: {الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الإِسْلاَمَ دِينًا}([7])، والنبي صلّى الله عليه وسلّم قد بلغ البلاغ المبين، ولم يترك طريقاً يوصل إلى الجنة ويباعد من النار إلا بينه للأمة، ومعلوم أن نبينا صلّى الله عليه وسلّم هو أفضل الأنبياء، وخاتمهم، وأكملهم بلاغاً، ونصحاً لعباد الله، فلو كان الاحتفال بالمولد من الدين الذي يرضاه الله عز وجل لبيَّنه صلّى الله عليه وسلّم لأمته، أو فعله في حياته، قال صلّى الله عليه وسلّم: ”ما بعث الله من نبي إلا كان حقاً عليه أن يدل أمته على خير ما يعلمه لهم، وينذرهم شر ما يعلمه لهم“([8]).

خامساً: إحداث مثل هذه الموالد البدعية يفهم منه أن الله تعالى لم يكمل الدين لهذه الأمة، فلا بد من تشريع ما يكمل به الدين! ويفهم منه أن الرسول صلّى الله عليه وسلّم لم يبلغ ما ينبغي للأمة حتى جاء هؤلاء المبتدعون المتأخرون فأحدثوا في شرع الله ما لم يأذن به سبحانه، زاعمين أن ذلك يقربهم إلى الله، وهذا بلا شك فيه خطر عظيم، واعتراض على الله عز وجل، وعلى رسوله صلّى الله عليه وسلّم. والله عز وجل قد أكمل الدين وأتم على عباده نعمته.

سادساً: صرح علماء الإسلام المحققون بإنكار الموالد، والتحذير منها عملاً بالنصوص من الكتاب والسنة، التي تحذر من البدع في الدين، وتأمر بإتباع النبي صلّى الله عليه وسلّم، وتحذر من مخالفته في القول وفي الفعل والعمل.

سابعاً: إن الاحتفال بالمولد لا يحقق محبة الرسول صلّى الله عليه وسلّم، وإنما يحقق ذلك: اتباعه، والعمل بسنته، وطاعته صلّى الله عليه وسلّم، قال الله عز وجل: {قُلْ إِن كُنتُمْ تُحِبُّونَ اللَّهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللَّهُ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَّحِيمٌ}([9]).

ثامناً: الاحتفال بالمولد النبوي واتخاذه عيداً فيه تشبه باليهود والنصارى في أعيادهم، وقد نُهينا عن التشبه بهم، وتقليدهم([10]).

تاسعاً: العاقل لا يغتر بكثرة من يحتفل بالمولد من الناس في سائر البلدان، فإن الحق لا يعرف بكثرة العاملين، وإنما يعرف بالأدلة الشرعية، قال الله سبحانه وتعالى: {وَإِن تُطِعْ أَكْثَرَ مَن فِي الأَرْضِ يُضِلُّوكَ عَن سَبِيلِ اللَّهِ}([11])، وقال عز وجل: {وَمَا أَكْثَرُ النَّاسِ وَلَوْ حَرَصْتَ بِمُؤْمِنِينَ}([12])، وقال سبحانه: {وَقَلِيلٌ مِّنْ عِبَادِيَ الشَّكُورُ}([13]).

عاشراً: القاعدة الشرعية: رد ما تنازع فيه الناس إلى كتاب الله تعالى وسنة رسوله صلّى الله عليه وسلّم كما قال الله عز وجل: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ أَطِيعُواْ اللَّهَ وَأَطِيعُواْ الرَّسُولَ وَأُوْلِي الأَمْرِ مِنكُمْ فَإِن تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللَّهِ وَالرَّسُولِ إِن كُنتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ ذَلِكَ خَيْرٌ وَأَحْسَنُ تَأْوِيلاً}([14])، وقال عز وجل: {وما اختلفتم فيه من شيء فحكمه إلى الله}([15])، ولا شك أن من رد الاحتفال بالمولد إلى الله ورسوله يجد أن الله يأمر بإتباع النبي صلّى الله عليه وسلّم كما قال سبحانه: {وَمَا آتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانتَهُوا}([16])، ويبين سبحانه وتعالى أنه قد أكمل الدين وأتم النعمة على المؤمنين. ويجد أن النبي صلّى الله عليه وسلّم لم يأمر بالاحتفال بالمولد، ولم يفعله، ولم يفعله أصحابه، فعلم بذلك أن الاحتفال بالمولد ليس من الدين، بل هو من البدع المحدثة.

الحادي عشر: إن المشروع للمسلم يوم الاثنين أن يصوم إذا أحب؛ لأن النبي صلّى الله عليه وسلّم سئل عن صوم يوم الإثنين، فقال: ”ذاك يوم ولدت فيه، ويوم بعثت، أو أنزل عليَّ فيه“([17])، فالمشرع التأسي بالنبي صلّى الله عليه وسلّم في صيام يوم الإثنين، وعدم الاحتفال بالمولد.

الثاني عشر: عيد المولد النبوي لا يخلو من وقوع المنكرات والمفاسد غالباً، ويعرف ذلك من شاهد هذا الاحتفال ومن هذه المنكرات على سبيل المثال لا الحصر ما يأتي:

1- أكثر القصائد والمدائح التي يتغنَّى بها أهل المولد لا تخلو من ألفاظ شركية، والغلو والإطراء الذي نهى عنه رسول الله صلّى الله عليه وسلّم، فقال: ”لا تطروني كما أطرت النصارى ابن مريم، فإنما أنا عبده، فقولوا: عبد الله ورسوله“([18]).

2- يحصل في الاحتفالات بالموالد في الغالب بعض المحرمات الأخرى: كاختلاط الرجال بالنساء، واستعمال الأغاني والمعازف، وشرب المسكرات والمخدرات، وقد يحصل فيها الشرك الأكبر كالاستغاثة بالرسول صلّى الله عليه وسلّم، أو غيره من الأولياء، والاستهانة بكتاب الله عز وجل فيشرب الدخان في مجلس القرآن، ويحصل الإسراف والتبذير في الأموال، وإقامة حلقات الذكر المحرف في المساجد أيام الموالد مع ارتفاع أصوات المنشدين مع التصفيق القوي من رئيس الذاكرين، وكل ذلك غير مشروع بإجماع علماء أهل الحق([19]).

3- يحصل عمل قبيح في الاحتفال بمولد النبي صلّى الله عليه وسلّم، وذلك يكون بقيام البعض عند ذكر ولادته صلّى الله عليه وسلّم إكراماً له وتعظيماً، لاعتقادهم أن رسول الله صلّى الله عليه وسلّم يحضر المولد في مجلس احتفالهم؛ ولهذا يقومون له محيين ومرحبين، فإن رسول الله صلّى الله عليه وسلّم لا يخرج من قبره قبل يوم القيامة، ولا يتصل بأحد من الناس، ولا يحضر اجتماعهم، بل هو مقيم في قبره إلى يوم القيامة، وروحه في أعلا عليين عند ربه في دار الكرامة([20])، كما قال الله عز وجل: {ثُمَّ إِنَّكُمْ بَعْدَ ذَلِكَ لَمَيِّتُونَ، ثُمَّ إِنَّكُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ تُبْعَثُونَ}([21])، وقال عليه الصلاة والسلام: ”أنا سيد ولد آدم يوم القيامة، وأول من ينشق عنه القبر، وأول شافع وأول مشفع“([22])، فهذه الآية، والحديث الشريف وما جاء في هذا المعنى من الآيات والأحاديث كلها تدل على أن النبي صلّى الله عليه وسلّم وغيره من الأموات إنما يخرجون من قبورهم يوم القيامة. "وهذا أمر مجمع عليه بين علماء المسلمين، ليس فيه نزاع بينهم"([23]).

أعوذ بالله من الشيطان الرجيم، قال الله تعالى: {الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الإِسْلاَمَ دِينًا} بارك الله لي ولكم في القرآن والسنة ونفعني وإياكم بما فيهما من الآيات والحكمة، أقول قولي هذا وأستغفر الله العظيم لي ولكم ولسائر المسلمين، فاستغفروه من كل ذنب إنه هو الغفور الرحيم.

الخطبة الثانية:

الحمد لله على إحسانه، والشكر له على توفيقه وامتنانه، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، تعظيماً لشأنه، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله الداعي إلى رضوانه، صلى الله عليه وعلى آله وأصحابه، وأتباعه بإحسان إلى يوم الدين وسلم تسليماً كثيراً، أما بعد:

عباد الله! اتقوا الله تعالى، واعلموا أن البدع في الدين من الأمور المحرمة التي حرمها الله تعالى ورسوله –صلى الله عليه وسلم- ، ومن هذه البدع كما سمعتم بدعة الاحتفال بالمولد، وما يحصل فيه من المفاسد والاختلاط بين الرجال والنساء، والمضاهاة لدين الله تعالى، وتعدّي حدوده، فاتقوا الله تعالى، واتّبعوا ولا تبتدعوا.

هذا وصلوا على خير خلق الله نبينا محمد بن عبد الله كما أمركم الله تعالى بذلك فقال: {إِنَّ اللَّهَ وَمَلائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا}([24]) ، وقال النبي –صلى الله عليه وسلم- : «مَن صلّى عليَّ صلاة صلى الله عليه بها عشراً»([25]) ، اللهم صلِّ وسلِّم وبارك عليه، وارضَ اللهم عن أصحابه: أبي بكر، وعمر، وعثمان، وعلي، وعن سائر أصحاب نبيك أجمعين، وعَنّا معهم برحمتك يا أرحم الراحمين، اللهم أعزّ الإسلام والمسلمين، وأذلَّ الشرك والمشركين، واحمِ حوزة الدين، اللهم آمِنّا في أوطاننا، وأصلح أئمتنا، وجميع ولاة أمر المسلمين. اللهم اغفر للمسلمين والمسلمات، والمؤمنين والمؤمنات، الأحياء منهم والأموات. اللهم اغفر لأمواتنا وأموات المسلمين، وأعذهم من عذاب القبر وعذاب النار، برحمتك يا أرحم الراحمين. اللهم إنا نسألك الهدى والتُّقى، والعفاف والغنى، اللهم اهدنا وسددنا، {رَبَّنَا آتِنَا فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً وَفِي الآخِرَةِ حَسَنَةً وَقِنَا عَذَابَ النَّارِ }([26]) ،

عباد الله! {إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالإِحْسَانِ وَإِيتَاءِ ذِي الْقُرْبَى وَيَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنكَرِ وَالْبَغْيِ يَعِظُكُمْ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ}([27])، فاذكروا الله العظيم يذكركم واشكروه على نعمه يزدكم، {وَلَذِكْرُ اللَّهِ أَكْبَرُ وَاللَّهُ يَعْلَمُ مَا تَصْنَعُونَ}([28])



([1])  سورة الحشر، الآية: 7.

([2])  سورة الأحزاب، الآية: 21.

([3])  متفق عليه: البخاري، برقم 2697، ومسلم، برقم 1718، وتقدم تخريجه ص33.

([4])  أبو داود، برقم 4607، والترمذي، برقم 2676، وتقدم تخريجه ص42.

([5])  انظر: الإبداع في مضار الابتداع، للشيخ علي محفوظ، ص251، والتبرك: أنواعه وأحكامه، للدكتور ناصر بن عبد الرحمن الجديع، ص359-373، وتنبيه أولي الأبصار إلى كمال الدين وما في البدع من أخطار، للدكتور صالح السحيمي، ص232.

([6])  انظر: البداية والنهاية: لابن كثير، 11/272-273، 345، 12/267-268، و 6/232، 12/63، 11/161، 12/13، 12/266، وانظر: سير أعلام النبلاء للذهبي، 15/159–215، وذكر أن آخر ملوك العبيدية: العاضد لدين الله، قتله صلاح الدين الأيوبي سنة 564هـ، قال: "تلاشى أمر العاضد مع صلاح الدين إلى أن خلعه وخطب لبني العباس واستأصل شأفة بني عبيد ومحق دولة الرفض، وكانوا أربعة عشر متخلفاً لا خليفة، والعاضد في اللغة: القاطع، فكان هذا عاضداً لدولة أهل بيته، 15/212.

([7])  سورة المائدة، الآية: 3 .

([8])  مسلم، كتاب الإمارة، باب وجوب الوفاء ببيعة الخلفاء: الأول فالأول، 2/1473، برقم 1844.

([9])  سورة آل عمران، الآية: 31 .

([10])  انظر: اقتضاء الصراط المستقيم لمخالفة أصحاب الجحيم، لابن تيمية، 2/614-615، وزاد المعاد، لابن القيم، 1/95.

([11])  سورة الأنعام، الآية: 116 .

([12])  سورة يوسف، الآية: 103.

([13])  سورة سبأ، الآية: 13 .

([14])  سورة النساء، الآية: 59.

([15])  سورة الشورى، الآية: 10 .

([16])  سورة الحشر، الآية: 7.

([17])  صحيح مسلم عن أبي قتادة رضي الله عنه، كتاب الصيام، باب استحباب صيام ثلاثة أيام من كل شهر، وصوم يوم عرفة وعاشوراء، والإثنين والخميس، 2/819، برقم 1162.

([18])  البخاري، كتاب الأنبياء، باب قوله تعالى: {وَاذْكُرْ فِي الْكِتَابِ مَرْيَمَ...} 4/171، برقم 3445.

([19])  انظر: الإبداع في مضار الابتداع، للشيخ علي محفوظ، ص 251-257.

([20])  انظر: التحذير من البدع، لسماحة العلامة الإمام عبد العزيز بن عبد الله ابن باز، ص13.

([21])  سورة المؤمنون، الآية: 15-16 .

([22])  مسلم، كتاب الفضائل، باب تفضيل نبينا محمد صلّى الله عليه وسلّم على جميع الخلائق، 4/1782، برقم 2278.

([23])  التحذير من البدع، ص14، وص7-14، وانظر: الإبداع في مضار الابتداع للشيخ علي محفوظ ص250-258، والتبرك: أنواعه وأحكامه، للدكتور ناصر بن عبد الرحمن الجديع، ص358-373، وتنبيه أولي الأبصار إلى كمال الدين وما في البدع من أخطار، ص228-250.

([24])  سورة الأحزاب، الآية: 56 .

([25])  مسلم، برقم 384 .

([26])  سورة البقرة، الآية : 202 .

([27])  سورة النحل : الآية : 90 .

([28])  سورة العنكبوت: الآية : 45.

]]>
es.islamcenter@gmail.com (mona) السيرة النبوية Mon, 07 Jan 2013 09:46:09 +0000
وجوب اتباع سنة النبي صلى الله عليه وسلم http://islam-centers.net/ar/islamic-definition/article-islamic-definition/64-2012-10-13-20-40-25/448-2013-01-06-16-17-02.html http://islam-centers.net/ar/islamic-definition/article-islamic-definition/64-2012-10-13-20-40-25/448-2013-01-06-16-17-02.html Normal 0 false false false EN-US X-NONE AR-SA MicrosoftInternetExplorer4

وجوب اتباع سنة النبي صلى الله عليه وسلم  

الخطبة الأولى:

الحمد لله نحمده ونستعينه ونستهديه، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا وسيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن نبينا وسيدنا محمدًا عبده ورسوله، اللهم صلِّ وسلم وبارك على عبدك ورسولك محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين.

أما بعد:

فاتقوا الله حق التقوى، وتمسَّكوا من الإسلام بالعروة الوثقى.

أيها الناس:

إن ربكم - عز وجل - قد دعاكم إلى رضوانه وجناته، وإلى ما فيه سعادتكم في دنياكم وأخراكم، فقال - تبارك وتعالى -: {وَسَارِعُواْ إِلَى مَغْفِرَةٍ مِّن رَّبِّكُمْ وَجَنَّةٍ عَرْضُهَا السَّمَاوَاتُ وَالأَرْضُ أُعِدَّتْ لِلْمُتَّقِينَ} [آل عمران: 133 ]، وقال - تعالى -: {وَاللّهُ يَدْعُوَ إِلَى الْجَنَّةِ وَالْمَغْفِرَةِ بِإِذْنِهِ} [البقرة: 221 ]، وقال - تبارك وتعالى -: {وَاللّهُ يَدْعُو إِلَى دَارِ السَّلاَمِ وَيَهْدِي مَن يَشَاءُ إِلَى صِرَاطٍ مُّسْتَقِيمٍ} [يونس: 22 ].

وفي الحديث عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «كلُّكُم يدخلُ الجنةَ إلا مَنْ أَبَى»، قيل: ومن يأبى يا رسول الله؟ قال: «مَنْ أطاعني دخَلَ الجنة، ومن عصَاني فقدْ أَبَى»، وقال - صلى الله عليه وسلم -: «ألا هلْ من مُشمِّرٍ إلى الجنة؟ والذي نفسي بيده إنها نهر مضطرد، وريحانة تهتز، وزوجة حسناء، ومحلة بهيجة»، فقالوا: نحن المُشمِّرُون يا رسول الله، فقال: «قولوا: إن شاء الله»، فقالوا: إن شاء الله.

وقال - تبارك وتعالى -: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ اسْتَجِيبُواْ لِلّهِ وَلِلرَّسُولِ إِذَا دَعَاكُم لِمَا يُحْيِيكُمْ} [الأنفال: 24 ]، وقال - عز وجل-: {وَمَن يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَل لَّهُ مِنْ أَمْرِهِ يُسْرًا} [الطلاق: 4 ]، وقال - تبارك وتعالى -: {وَالْعَاقِبَةُ لِلتَّقْوَى} [طه: 132].

وكما دعا الله إلى الجنة، فقد حذَّرَ من النار، فقال - تبارك وتعالى -: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا قُوا أَنفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَارًا وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجَارَةُ عَلَيْهَا مَلَائِكَةٌ غِلَاظٌ شِدَادٌ لَا يَعْصُونَ اللَّهَ مَا أَمَرَهُمْ وَيَفْعَلُونَ مَا يُؤْمَرُونَ} [التحريم: 6 ]، وقال - عز وجل -: {فَأَنذَرْتُكُمْ نَارًا تَلَظَّى * لَا يَصْلَاهَا إِلَّا الْأَشْقَى * الَّذِي كَذَّبَ وَتَوَلَّى} [الليل: 14- 16].

وعن النعمان بن بشير - رضي الله عنهما - قال: سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وهو يخطب يقول: «أنذرتُكُم النار، أنذرتُكُم النار»؛ رواه أحمد، والحاكم، وهو صحيحُ الإسناد.

والجنة غايةُ المسلم التي يسعَى إليها، ويعمل لها، والنار هي أعظمُ ما يخافُهُ المؤمن، والنجاةُ منها أعظمُ فوزٍ ينالُهُ المسلم، قال الله – تعالى -: {فَمَن زُحْزِحَ عَنِ النَّارِ وَأُدْخِلَ الْجَنَّةَ فَقَدْ فَازَ وَما الْحَيَاةُ الدُّنْيَا إِلاَّ مَتَاعُ الْغُرُورِ} [آل عمران: 185 ].

وإن العبد المسلم منذ مَيَّزَ وكلَّفَه الله يسيرُ إلى هذه الغاية، يعمل الصالحات لنيل هذا الثواب العظيم والنعيم الأبدي المُقِيم، ولينجو من نارٍ بعيدٌ قعرُها، مُرٌّ طعامُها، شديدٌ حرُّها، خبيثٌ شرابُها، سرمديٌّ عذابُها.

وأول طريق الجنة والنجاة من النار يبدأ في هذه الحياة الدنيا، وينتهي بباب الجنة، وهو صراطُ الله المستقيم الذي أَمَرَ الله باتباعه، فقال - عز وجل -: {وَأَنَّ هَـذَا صِرَاطِي مُسْتَقِيمًا فَاتَّبِعُوهُ وَلاَ تَتَّبِعُواْ السُّبُلَ فَتَفَرَّقَ بِكُمْ عَن سَبِيلِهِ ذَلِكُمْ وَصَّاكُم بِهِ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ} [الأنعام: 153 ].

فصراطُ الله المستقيم هو التمسُّك بسنة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - واتباع ما كان عليه سيدُ البشر محمدٌ - صلى الله عليه وسلم - وصحابته - رضي الله عنهم -، قال - تبارك وتعالى -: {وَالسَّابِقُونَ الأَوَّلُونَ مِنَ الْمُهَاجِرِينَ وَالأَنصَارِ وَالَّذِينَ اتَّبَعُوهُم بِإِحْسَانٍ رَّضِيَ اللّهُ عَنْهُمْ وَرَضُواْ عَنْهُ وَأَعَدَّ لَهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي تَحْتَهَا الأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا أَبَدًا ذَلِكَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ} [التوبة: 100 ].

ولكن هذه الجنة والنجاة من النار التي هي غايةُ كل مسلم لها قُطَّاعُ طرق ومُعوِّقات دونها، كلُّ واحدٍ من قطاع الصراط المستقيم والمنهج القويم يمنع من دخول الجنة، ويقذِف بمن ظفر به في النار، فكيف إذا اجتمعت على العبد قُطَّاع الطرق المستقيم كلهم، فلا ترجو له بعد استيلائهم عليه فلاحًا أبدًا.

وإن من قُطَّاع الطريق إلى الجنة: الأهواءَ المُهلِكة؛ فالهوى يُعمِي ويُصِيب، ويجعل الحق باطلًا، والباطل حقًّا، والحسن قبيحًا، والقبيح حسنًا، والمعروف منكرًا، والمنكر معروفًا، والحلال حرامًا، والحرام حلالًا، والشر خيرًا، والخير شرًا، فصاحبُ الهوى يعمل بما يهوى ويحب، ولو علِمَ الحق من الباطل فإنه لا ينتفع بعلمه.

ومعنى الهوى: المَيْلُ إلى ما يحبه الإنسان من الباطل والشر، والشهوات المحرمة، والمَلذَّات المُفسِدة، والعمل السيء الشرير، قال - تعالى -: {فَإِن لَّمْ يَسْتَجِيبُوا لَكَ فَاعْلَمْ أَنَّمَا يَتَّبِعُونَ أَهْوَاءهُمْ وَمَنْ أَضَلُّ مِمَّنِ اتَّبَعَ هَوَاهُ بِغَيْرِ هُدًى مِّنَ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ} [القصص: 50 ]، وقال - تعالى -: {أَفَرَأَيْتَ مَنِ اتَّخَذَ إِلَهَهُ هَوَاهُ وَأَضَلَّهُ اللَّهُ عَلَى عِلْمٍ وَخَتَمَ عَلَى سَمْعِهِ وَقَلْبِهِ وَجَعَلَ عَلَى بَصَرِهِ غِشَاوَةً فَمَن يَهْدِيهِ مِن بَعْدِ اللَّهِ أَفَلَا تَذَكَّرُونَ} [الجاثية: 23 ]، وقال - تعالى -: {أُوْلَئِكَ الَّذِينَ طَبَعَ اللَّهُ عَلَى قُلُوبِهِمْ وَاتَّبَعُوا أَهْوَاءهُمْ * وَالَّذِينَ اهْتَدَوْا زَادَهُمْ هُدًى وَآتَاهُمْ تَقْواهُمْ} [محمد: 16- 17 ].

والعصمةُ من اتباع الهوى هو العمل بكتاب الله - تعالى - وسنة رسوله - صلى الله عليه وسلم -، قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «لا يؤمِنُ أحدُكُم حتى يكونَ هواهُ تَبَعًا لما جئْتُ بهِ».

وكما أَمَرَ اللهُ العبدَ بألا يتَّبع هوى نفسه بمثل قوله - تعالى -: {وَلَا تَتَّبِعِ الْهَوَى فَيُضِلَّكَ عَن سَبِيلِ اللَّهِ إِنَّ الَّذِينَ يَضِلُّونَ عَن سَبِيلِ اللَّهِ لَهُمْ عَذَابٌ شَدِيدٌ بِمَا نَسُوا يَوْمَ الْحِسَابِ} [ص: 26 ]، كذلك أمر الله العبد ألا يتَّبِع أهواء غيره ممن انحرف عن الحق والإيمان، قال - تبارك وتعالى -: {ثُمَّ جَعَلْنَاكَ عَلَى شَرِيعَةٍ مِّنَ الْأَمْرِ فَاتَّبِعْهَا وَلَا تَتَّبِعْ أَهْوَاء الَّذِينَ لَا يَعْلَمُونَ} [الجاثية: 18 ]، وقال - تعالى -: {وَلاَ تَتَّبِعُواْ أَهْوَاء قَوْمٍ قَدْ ضَلُّواْ مِن قَبْلُ وَأَضَلُّواْ كَثِيرًا وَضَلُّواْ عَن سَوَاء السَّبِيلِ} [المائدة: 77 ]، وقال - عز وجل -: {وَلَئِنِ اتَّبَعْتَ أَهْوَاءهُم بَعْدَ الَّذِي جَاءكَ مِنَ الْعِلْمِ مَا لَكَ مِنَ اللّهِ مِن وَلِيٍّ وَلاَ نَصِيرٍ} [البقرة: 120 ].

فانظر إلى هذه التحذيرات من رب العزة والجلال للعباد من اتباع الأهواء؛ لأنها تصُدُّ عن الحق، وتقطع صاحبَها عن الجنة، وتُوبِقه في النار.

ومن قُطَّاع طريق الجنة: إيثارُ الدنيا على الآخرة، والاغترارُ بها، والرضا بمتاعها الزائل عن نعيم الآخرة، قال الله - تعالى-: {بَلْ تُؤْثِرُونَ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا * وَالْآخِرَةُ خَيْرٌ وَأَبْقَى} [الأعلى: 16- 17 ]، وقال - عزوجل -: {وَوَيْلٌ لِّلْكَافِرِينَ مِنْ عَذَابٍ شَدِيدٍ * الَّذِينَ يَسْتَحِبُّونَ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا عَلَى الآخِرَةِ وَيَصُدُّونَ عَن سَبِيلِ اللّهِ وَيَبْغُونَهَا عِوَجًا أُوْلَـئِكَ فِي ضَلاَلٍ بَعِيدٍ} [إبراهيم: 2- 3 ]، وقال - عز وجل-: {وَلَـكِن مَّن شَرَحَ بِالْكُفْرِ صَدْرًا فَعَلَيْهِمْ غَضَبٌ مِّنَ اللّهِ وَلَهُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ * ذَلِكَ بِأَنَّهُمُ اسْتَحَبُّواْ الْحَيَاةَ الْدُّنْيَا عَلَى الآخِرَةِ وَأَنَّ اللّهَ لاَ يَهْدِي الْقَوْمَ الْكَافِرِينَ} [النحل: 106 ]، وقال - عز وجل -: {إَنَّ الَّذِينَ لاَ يَرْجُونَ لِقَاءنَا وَرَضُواْ بِالْحَياةِ الدُّنْيَا وَاطْمَأَنُّواْ بِهَا وَالَّذِينَ هُمْ عَنْ آيَاتِنَا غَافِلُونَ * أُوْلَـئِكَ مَأْوَاهُمُ النُّارُ بِمَا كَانُواْ يَكْسِبُونَ} [يونس: 7- 8 ]، وقال - تعالى -: {فَأَعْرِضْ عَن مَّن تَوَلَّى عَن ذِكْرِنَا وَلَمْ يُرِدْ إِلَّا الْحَيَاةَ الدُّنْيَا * ذَلِكَ مَبْلَغُهُم مِّنَ الْعِلْمِ} [النجم: 29- 30 ].

ويقول النبي - صلى الله عليه وسلم -: «إن الدنيا حُلْوةٌ خَضِرةٌ، وإن الله مُستخلِفُكم فيها لينظرَ كيف تعملون، فاتقوا الدنيا واتقوا النساء»، والمعنى: فاتقوا الدنيا أن تأخذوها بوجهٍ مُحرَّم فتكسبوا الأموال الحرام، واتقوا النساءَ فلا تقربوا الزنى، ولا تأتوا مُقدِّماته؛ من الاختلاط، والخلوة، والمحادثة، والمُفَاكَهة، والنظر؛ فكل ذلك مُحرَّمٌ بالنصوص، وفي الحديث: «أولُ فتنة بني إسرائيل في النساء» وما ظهر الزنا في بلدٍ إلا ضربه الله بالذلَّة، والفقر، وأنواع العقوبات.

ومن قُطَّاع طريق الجنة: البدعُ التي تهدِمُ الدين وتُغيِّره، وتكون سببًا في تفرُّق أمة الإسلام وضعفها، وعدوان بعضها على بعض، وعدم تماسُكها أمام أعدائها، قال الله - تعالى -: {وأقيموا الصلاة وَلا تَكُونُوا مِنَ الْمُشْرِكِينَ * مِنَ الَّذِينَ فَرَّقُوا دِينَهُمْ وَكَانُوا شِيَعًا كُلُّ حِزْبٍ بِمَا لَدَيْهِمْ فَرِحُونَ} [الروم: 31- 32 ]، وقال - تعالى -: {وَلاَ تَكُونُواْ كَالَّذِينَ تَفَرَّقُواْ وَاخْتَلَفُواْ مِن بَعْدِ مَا جَاءهُمُ الْبَيِّنَاتُ وَأُوْلَـئِكَ لَهُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ} [آل عمران: 105 ].

وفي الحديث عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه قال: «يرِدُ عليَّ أُناسٌ من أمتي الحوض فتطردهم الملائكة، فأقول: أصحابي، فيقولون: إنك لا تدري ما أحدَثوا بعدك، فأقول: سُحْقًا سُحْقًا لمن بدَّل بعدي».

فأئمَّةُ البدع وأتباعُهم مُبدِّلُون مُحدِّثُون في دين الله؛ فليحذروا الوقوف بين يدي الله، وليتَّقوا الله في الإسلام؛ فإن كل بدعةٍ ضلالة، وكل ضلالةٍ في النار.

ومن قُطَّاع طريق الجنة: النفسُ الأمَّارةُ بالسوء؛ فإنها تميلُ إلى الكسل، وتحب الكسل عن الطاعات، وتميلُ إلى المحرمات، قال الله - تعالى -: {إِنَّ النَّفْسَ لأَمَّارَةٌ بِالسُّوءِ إِلاَّ مَا رَحِمَ رَبِّيَ} [يوسف: 53 ]، فإذا عارَضَها الإيمانُ كانت نفسًا لوَّامة تلُوم صاحبَها على التقصير في الطاعات، واقترافِ بعض المحرمات، فإذا ارتفعت عن هذه المنزلة بالإيمان كانت نفسًا مُطمئنَّة تُحبُّ ما أحب الله، وتكره ما يكره الله، وقد استعاذَ النبي - صلى الله عليه وسلم - من شر النفس وشَرَعَ لنا ذلك، فليُهذِّب المسلمُ نفسَه، وليأخذها بالتمسُّك بهدي رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ليكون من المُفلِحين.

ومن قُطَّاع طريق الجنة: شياطينُ الإنس الذين يُزيِّنون الباطل والمُنكَرات، ويذُمُّون الحق والطاعات، قال الله - تعالى -: {وَكَذَلِكَ جَعَلْنَا لِكُلِّ نِبِيٍّ عَدُوًّا شَيَاطِينَ الإِنسِ وَالْجِنِّ يُوحِي بَعْضُهُمْ إِلَى بَعْضٍ زُخْرُفَ الْقَوْلِ غُرُورًا} [الأنعام: 112 ]، وقال - تعالى - في المنافقين: {وَإِذَا خَلَوْاْ إِلَى شَيَاطِينِهِمْ قَالُواْ إِنَّا مَعَكْمْ إِنَّمَا نَحْنُ مُسْتَهْزِئُونَ} [البقرة: 14 ].

وشياطينُهم أئمَّةَ الكفر الذين كانوا يُزيِّنُون لهم الباطل، ويذُمُّون الحق، وقد أَمَرَنا الله أن نحذَرَهم، فقال - عز وجل -: {فَلَا تُطِعِ الْمُكَذِّبِينَ} [القلم: 8 ]، وقال - تعالى-: {وَلاَ تَتَّبِعْ سَبِيلَ الْمُفْسِدِينَ} [الأعراف: 142 ].

ومن قُطَّاع طريق الجنة: إبليسُ وشياطينُه؛ فإنه يدعو إلى كل شرٍّ، وينهى عن كل خير، ويُزيِّنُ سُبُلَ الضلال، ويُثبِّط عن كل خير وطاعة، ويصُدُّ عن سبيل الله، وقد حذَّرَنا منه ربُّنا، فقال - تعالى -: {إِنَّ الشَّيْطَانَ لَكُمْ عَدُوٌّ فَاتَّخِذُوهُ عَدُوًّا إِنَّمَا يَدْعُو حِزْبَهُ لِيَكُونُوا مِنْ أَصْحَابِ السَّعِيرِ} [فاطر: 6 ].

وشياطينُه هم جنوده وأعوانه على كل شر، والقاعدون بطريق كل خير وطاعة يصدُّون عن الجنة وعن الهدى والخير، قال - تعالى : {وَقَيَّضْنَا لَهُمْ قُرَنَاء فَزَيَّنُوا لَهُم مَّا بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَمَا خَلْفَهُمْ وَحَقَّ عَلَيْهِمُ الْقَوْلُ فِي أُمَمٍ قَدْ خَلَتْ مِن قَبْلِهِم مِّنَ الْجِنِّ وَالْإِنسِ إِنَّهُمْ كَانُوا خَاسِرِينَ} [فصلت: 25 ]، وقال - تبارك وتعالى -: {وَمَن يَعْشُ عَن ذِكْرِ الرَّحْمَنِ نُقَيِّضْ لَهُ شَيْطَانًا فَهُوَ لَهُ قَرِينٌ * وَإِنَّهُمْ لَيَصُدُّونَهُمْ عَنِ السَّبِيلِ وَيَحْسَبُونَ أَنَّهُم مُّهْتَدُونَ * حَتَّى إِذَا جَاءنَا قَالَ يَا لَيْتَ بَيْنِي وَبَيْنَكَ بُعْدَ الْمَشْرِقَيْنِ فَبِئْسَ الْقَرِينُ * وَلَن يَنفَعَكُمُ الْيَوْمَ إِذ ظَّلَمْتُمْ أَنَّكُمْ فِي الْعَذَابِ مُشْتَرِكُونَ} [الزخرف: 36- 39 ].

بارك الله لي ولكم في القرآن العظيم، ونفعني وإياكم بما فيه من الآيات والذكر الحكيم، ونفعنا بهدي سيد المرسلين وقوله القويم، أقول قولي هذا، وأستغفر الله لي ولكم ولسائر المسلمين؛ فاستغفروه إنه هو الغفور الرحيم.

الخطبة الثانية:

الحمد لله رب العالمين، الرحمن الرحيم، مالك يوم الدين، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له الملك الحق المبين، وأشهد أن نبينا وسيدنا محمدًا عبده ورسوله الصادق الوعدِ الأمين، بَعَثَه الله بالهدى واليقين ليُنذِرَ من كان حيًّا ويَحِقَّ القولُ على الكافرين، اللهم صلِّ وسلم وبارك على عبدك ورسولك محمدٍ، وعلى آله وصحبه أجمعين.

أما بعد:

فاتقوا الله - عباد الله -؛ فإن تقوى الله - عز وجل - هي السبب بينكم وبين ربكم.

إن أحسن الحديث كتاب الله، وخير الهدي هدي محمد - صلى الله عليه وسلم -، وشر الأمور محدثاتها، وكل بدعة ضلالة.

فعليكم - عباد الله - عليكم بالجماعة؛ فإن يدَ الله مع الجماعة، ومن شذَّ شذَّ في النار، وإن ربنا - تبارك وتعالى - ذكر لنا صفات أهل الجنة لنقتدي بهم، ولا نتخلَّف عنهم، وذكر لنا صفات أهل النار لنُحذِّرهم ولا نتبع طرقهم، قال - تبارك وتعالى-: {وَلَا تَكُونُوا كَالَّذِينَ نَسُوا اللَّهَ فَأَنسَاهُمْ أَنفُسَهُمْ أُوْلَئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ * لَا يَسْتَوِي أَصْحَابُ النَّارِ وَأَصْحَابُ الْجَنَّةِ أَصْحَابُ الْجَنَّةِ هُمُ الْفَائِزُونَ * لَوْ أَنزَلْنَا هَذَا الْقُرْآنَ عَلَى جَبَلٍ لَّرَأَيْتَهُ خَاشِعًا مُّتَصَدِّعًا مِّنْ خَشْيَةِ اللَّهِ وَتِلْكَ الْأَمْثَالُ نَضْرِبُهَا لِلنَّاسِ لَعَلَّهُمْ يَتَفَكَّرُونَ} [الحشر: 19- 21].

فيا عباد الله:

اثبتوا على طاعة الله، وأدِيموا السؤال لله والدعاء له بحسن الخاتمة، والوفاة على ما كان عليه رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وأصحابه تكونوا من الفائزين المفلحين؛ فإن رسول - صلى الله عليه وسلم - وقد غفر الله له ما تقدم من ذنبه وما تأخر - كان يُكثِرُ من قول: «يا مُقلِّبَ القلوب ثبِّتْ قلبي على طاعتِك، يا مُصرِّفَ القلوب صرِّفْ قلوبَنا على طاعتِك».

فاقتدوا برسول الله - صلى الله عليه وسلم - في كثرة الدعاء بما تُحبُّون من خيري الدنيا والآخرة؛ فإن الله- تبارك وتعالى- يقول: {إِنَّ رَحْمَتَ اللّهِ قَرِيبٌ مِّنَ الْمُحْسِنِينَ} [الأعراف: 56 ].

عباد الله:

إن الله أمركم بأمرٍ بدأ فيه بنفسه، فقال - عزَّ من قائل-: {إِنَّ اللَّهَ وَمَلَائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا} [الأحزاب: 56 ]؛ فصلُّوا وسلِّموا على سيد الأولين والآخرين، وإمام المرسلين.

اللهم صلِّ على محمدٍ وعلى آل محمد، كما صليت على إبراهيم وعلى آل إبراهيم، إنك حميدٌ مجيدٌ، اللهم بارك على محمدٍ وعلى آل محمد، كما باركت على إبراهيم وعلى آل إبراهيم، إنك حميدٌ مجيدٌ، وسلِّم تسليمًا كثيرًا.

اللهم وارضَ عن الصحابة أجمعين، وعن الخلفاء الراشدين، الأئمة المهديين: أبي بكرٍ، وعمر، وعثمان، وعلي، وعن سائر الصحابة أجمعين، وعن التابعين ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين، اللهم وارضَ عنَّا بمنِّك وكرمك ورحمتك يا أرحم الراحمين.

اللهم أحسِن عاقبتنا في الأمور كلها، وأجِرْنا من خِزْي الدنيا وعذاب الآخرة، اللهم إنا نعوذ بك أن يتخبَّطَنا الشيطان عند الموت، اللهم اجعل آخر كلامنا من الدنيا: لا إله إلا الله يا ذا الفضل العظيم.

اللهم ألِّف بين قلوب المسلمين وأصلِح ذات بينهم، واهدِهِم سُبُلَ السلام، وأخرِجهم من الظلمات إلى النور، وانصرهم يا رب العالمين على عدوك وعدوهم، إنك على كل شيء قدير.

اللهم انصر دينك وكتابك وسنة نبيك يا قوي يا متين، اللهم أبطِل كيدَ أعداء الإسلام يا رب العالمين، اللهم أبطِل مكر أعداء الإسلام يا قوي يا متين، اللهم أبطِل تخطيط أعداء الإسلام التي يُخطِّطُونها لضرب الإسلام، ولكيد الإسلام أو كيد المسلمين يا رب العالمين، إنك على كل شيء قدير، تعلمُ خائنة الأعين، وما تُخفِي الصدور.

اللهم إنا نسألك أن تغفر لنا ما قدَّمنا وما أخَّرنا، وما أسرَرنا وما أعلَنَّا، وما أنت أعلمُ به منَّا، أنت المُقدِّمُ وأنت المُؤخِّر، لا إله إلا أنت.

اللهم آمِنَّا في أوطاننا، وأصلِحِ اللهم ولاة أمورنا، اللهم وفِّق خادم الحرمين الشريفين لما تحب وترضى، اللهم وفِّقه لهداك، واجعل عمله في رضاك يا رب العالمين، اللهم انصر به دينك، وأعلِ به كلمتك، اللهم وارزقه البطانة الصالحة التي تُعينُهُ على الخير يا رب العالمين، إنك على كل شيء قدير، اللهم وفِّق وليَّ عهده لما تحب وترضى، اللهم وفِّقه لهداك، واجعل عمله في رضاك، وانصر به الإسلام، إنك على كل شيء قدير، اللهم وفِّق النائب الثاني لما تحب وترضى، ولما فيه الخير يا رب العالمين للبلاد والعباد، اللهم اجعل جميع ولاة أمور المسلمين عملَهم خيرًا لشعوبهم وأوطانهم.

اللهم ألِّف بين قلوب المسلمين يا رب العالمين.

اللهم اقمع البدع التي تُعادِي دينك - دين الإسلام - الذي بعثتَ به نبيك محمدًا - صلى الله عليه وسلم -، واجعلنا من المُتمسِّكين بسنة رسولك كما تحب وترضى يا ذا الجلال والإكرام.

اللهم أغِثنا، اللهم أغِثْنا، اللهم أغِثْنا، اللهم أغِثْنا يا رب العالمين يا رحمن يا رحيم.

{رَبَّنَا آتِنَا فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً وَفِي الآخِرَةِ حَسَنَةً وَقِنَا عَذَابَ النَّارِ} [البقرة: 201 ].

عباد الله:

{إِنَّ اللّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالإِحْسَانِ وَإِيتَاء ذِي الْقُرْبَى وَيَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاء وَالْمُنكَرِ وَالْبَغْيِ يَعِظُكُمْ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ * وَأَوْفُواْ بِعَهْدِ اللّهِ إِذَا عَاهَدتُّمْ وَلاَ تَنقُضُواْ الأَيْمَانَ بَعْدَ تَوْكِيدِهَا وَقَدْ جَعَلْتُمُ اللّهَ عَلَيْكُمْ كَفِيلًا إِنَّ اللّهَ يَعْلَمُ مَا تَفْعَلُونَ} [النحل: 90، 91 ].

واذكروا الله العظيم الجليل يذكركم، واشكروه على نعمه يزِدْكم، ولذكرُ الله أكبر، والله يعلمُ ما تصنعون.

]]>
es.islamcenter@gmail.com (mona) السيرة النبوية Sun, 06 Jan 2013 16:16:36 +0000
عموم رسالة النبي –صلى الله عليه وسلم- للجن والإنس http://islam-centers.net/ar/islamic-definition/article-islamic-definition/64-2012-10-13-20-40-25/447-2013-01-06-16-01-57.html http://islam-centers.net/ar/islamic-definition/article-islamic-definition/64-2012-10-13-20-40-25/447-2013-01-06-16-01-57.html

عموم رسالة النبي –صلى الله عليه وسلم- للجن والإنس

الخطبة الأولى :

إن الحمد لله نحمده، ونستعينه، ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا وسيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مُضِلَّ له، ومَنْ يُضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله؛ صلى الله عليه وعلى آله، وأصحابه، وسَلّم تسليماً كثيراً، أَمّا بعد:

عباد الله! اتقوا الله واعلموا أن أصل الأصول هو تحقيق الإيمان بما جاء به محمد –صلى الله عليه وسلم-، وأنه رسول الله إلى جميع الخلق: إنسهم وجنّهم، عربهم وعجمهم، كتابيّهم ومجوسيّهم، رئيسهم ومرؤوسهم، وأنه لا طريق إلى الله – عز وجل – لأحد من الخلق إلا بمتابعته –صلى الله عليه وسلم- باطناً وظاهراً، حتى لو أدركه موسى وعيسى، وغيرهما من الأنبياء، عليهم الصلاة والسلام؛ لوجب عليهم اتباعه، كما قال تعالى: {وَإِذْ أَخَذَ اللَّـهُ مِيثَاقَ النَّبِيِّينَ لَمَا آتَيْتُكُم مِّن كِتَابٍ وَحِكْمَةٍ ثُمَّ جَاءَكُمْ رَ‌سُولٌ مُّصَدِّقٌ لِّمَا مَعَكُمْ لَتُؤْمِنُنَّ بِهِ وَلَتَنصُرُ‌نَّهُ ۚ قَالَ أَأَقْرَ‌رْ‌تُمْ وَأَخَذْتُمْ عَلَىٰ ذَٰلِكُمْ إِصْرِ‌ي ۖ قَالُوا أَقْرَ‌رْ‌نَا ۚ قَالَ فَاشْهَدُوا وَأَنَا مَعَكُم مِّنَ الشَّاهِدِينَ ﴿٨١ فَمَن تَوَلَّىٰ بَعْدَ ذَٰلِكَ فَأُولَـٰئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ}([1]).

قال ابن عباس – رضي الله عنهما –: (ما بعث الله نبيّاً إلا أخذ عليه الميثاق: لئن بُعِثَ محمد وهو حيٌّ ليؤمنن به ولينصرنه، وأمره أن يأخذ على أمته الميثاق لئن بعث محمد وهم أحياء ليؤمنن به، ولينصرنه)([2]).

ولهذا جاء في الحديث: «لو كان موسى حيّاً بين أظهركم ما حلّ له إلا أن يتبعني»([3]).

ومن خالف عموم رسالة النبي –صلى الله عليه وسلم- لا يخلو من أحد أمرين:

1 -  إما أن يكون المخالِفُ مؤمناً بأنه مرسل من عند الله؛ ولكنه يقول: رسالته خاصة بالعرب.

2- وإما أن يكون المخالف منكراً للرسالة جملةً وتفصيلاً.

فأما المعترف له بالرسالة؛ ولكنه يجعلها خاصة بالعرب فإنه يلزمه أن يصدقه في كل ما جاء به عن الله – تعالى – ومن ذلك عموم رسالته، ونسخها للشرائع قبلها، فقد بيّن –صلى الله عليه وسلم- أنه رسول الله إلى الناس أجمعين، وأرسل رسله، وبعث كتبه في أقطار الأرض إلى كسرى، وقيصر، والنجاشي، وسائر ملوك الأرض يدعوهم إلى الإسلام، ثم قاتل من لم يدخل في الإسلام من المشركين، وقاتل أهل الكتاب، وسبى ذراريهم، وضرب الجزية عليهم، وذلك كلّه بعد امتناعهم عن الدخول في الإسلام، أما كونه يؤمن برسول ولا يصدّقه في جميع ما جاء به فهذا تناقض ومكابرة.

وأما المنكر لرسالة نبينا محمد –صلى الله عليه وسلم-  مطلقاً، فقد قام البرهان القاطع على صدق صاحب الرسالة –صلى الله عليه وسلم- ، ولا تزال معجزات القرآن تتحدى الإنس والجنّ، فإما أن يأتي بما يُناقض المعجزة القائمة وإلا لزمه الاعتراف بمدلولها، فإن اعترف بالرسالة لزمه التصديق بكل ما أخبر به الرسول –صلى الله عليه وسلم- ، وإن ذهب يُكابر ويُعاند ليأتي بقرآن مثل ما جاء به محمد –صلى الله عليه وسلم- وقع في العجز وفضح نفسه لا محالة؛ لأن أصحاب الفصاحة والبلاغة قد عجزوا عن ذلك، ولا شكّ أن غيرهم أعجز عن هذا؛ لأن القرآن معجزة قائمة مستمرة خالدة([4]).

وحينئذ يلزم جميع الخلق العمل بما فيه والتحاكم إليه.

وقد صرح القرآن الكريم بأن محمداً –صلى الله عليه وسلم-  رسول إلى جميع الناس، وخاتم النبيين، قال تعالى: {قُلْ يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنِّي رَ‌سُولُ اللَّـهِ إِلَيْكُمْ جَمِيعًا الَّذِي لَهُ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْ‌ضِ ۖ لَا إِلَـٰهَ إِلَّا هُوَ يُحْيِي وَيُمِيتُ ۖ فَآمِنُوا بِاللَّـهِ وَرَ‌سُولِهِ النَّبِيِّ الْأُمِّيِّ الَّذِي يُؤْمِنُ بِاللَّـهِ وَكَلِمَاتِهِ وَاتَّبِعُوهُ لَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ}([5])، وقال تعالى: {الَّذِي نَزَّلَ الْفُرْ‌قَانَ عَلَىٰ عَبْدِهِ لِيَكُونَ لِلْعَالَمِينَ نَذِيرً‌ا}([6])، وقال تعالى يأمر نبيِّه بالإنذار والتبليغ: { قُلْ أَيُّ شَيْءٍ أَكْبَرُ‌ شَهَادَةً ۖ قُلِ اللَّـهُ ۖ شَهِيدٌ بَيْنِي وَبَيْنَكُمْ ۚ وَأُوحِيَ إِلَيَّ هَـٰذَا الْقُرْ‌آنُ لِأُنذِرَ‌كُم بِهِ وَمَن بَلَغَ ۚ أَئِنَّكُمْ لَتَشْهَدُونَ أَنَّ مَعَ اللَّـهِ آلِهَةً أُخْرَ‌ىٰ ۚ قُل لَّا أَشْهَدُ ۚ قُلْ إِنَّمَا هُوَ إِلَـٰهٌ وَاحِدٌ وَإِنَّنِي بَرِ‌يءٌ مِّمَّا تُشْرِ‌كُونَ}([7]).

وهذا تصريح بعموم رسالته لكل من بلغه القرآن.

وصرح تعالى بشمول رسالة النبي –صلى الله عليه وسلم-  لأهل الكتاب، فقال: {فَإِنْ حَاجُّوكَ فَقُلْ أَسْلَمْتُ وَجْهِيَ لِلَّـهِ وَمَنِ اتَّبَعَنِ ۗ وَقُل لِّلَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ وَالْأُمِّيِّينَ أَأَسْلَمْتُمْ ۚ فَإِنْ أَسْلَمُوا فَقَدِ اهْتَدَوا ۖ وَّإِن تَوَلَّوْا فَإِنَّمَا عَلَيْكَ الْبَلَاغُ ۗ وَاللَّـهُ بَصِيرٌ‌ بِالْعِبَادِ}  ([8])، وقال تعالى: {مَّا كَانَ مُحَمَّدٌ أَبَا أَحَدٍ مِّن رِّ‌جَالِكُمْ وَلَـٰكِن رَّ‌سُولَ اللَّـهِ وَخَاتَمَ النَّبِيِّينَ ۗ وَكَانَ اللَّـهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمًا}([9])، وقال سبحانه: {وَمَا أَرْ‌سَلْنَاكَ إِلَّا رَ‌حْمَةً لِّلْعَالَمِينَ}([10])، وقال عز وجل: {وَمَا أَرْ‌سَلْنَاكَ إِلَّا كَافَّةً لِّلنَّاسِ بَشِيرً‌ا وَنَذِيرً‌ا وَلَـٰكِنَّ أَكْثَرَ‌ النَّاسِ لَا يَعْلَمُونَ}([11]).

وبلَّغَ –صلى الله عليه وسلم- الناس جميعاً أنه خاتم الأنبياء، وأن رسالته عامة، قال –صلى الله عليه وسلم- : ((أعطيت خمساً لم يُعْطَهُنَّ أحدٌ من الأنبياء قبلي))، وذكر منها: ((وكان النبي يُبعث إلى قومه خاصّة، وبُعثت إلى الناس كافَّةً))... الحديث([12]).

وقال –صلى الله عليه وسلم-: «مثلي ومثل الأنبياء من قبلي كمثل رجل بنى بيتاً فأحسنه وأجمله إلا موضع لبنة من زاوية، فجعل الناس يطوفون به ويعجبون له، ويقولون: هلاّ وُضِعت هذه اللبنة؟» قال: ((فأنا اللَّبنةُ، وأنا خاتم النبيين))([13]).

وعموم رسالته –صلى الله عليه وسلم-  لجميع الإنس والجن في كل زمان ومكان من بعثته إلى يوم القيامة، وكونها خاتمة الرسالات، يقضي ويدلّ دلالة قاطعة على أن النبوة قد انقطعت بانقطاع الوحي بعده، وأنه لا مصدر للتشريع والتعبد إلا كتاب الله - تعالى - وسنة رسوله –صلى الله عليه وسلم- ، وهذا يقتضي وجوب الإيمان بعموم رسالته واتباع ما جاء به، فقد قال –صلى الله عليه وسلم- : «والذي نفس محمد بيده لا يسمع بي أحد من هذه الأمة يهوديٌّ ولا نصرانيٌّ ثم يموت ولم يؤمن بالذي أُرسلت به إلا كان من أصحاب النار»([14]).

وبعون الله – تعالى – فقد قامت الحجة وثبتت رسالة النبي –صلى الله عليه وسلم-  وعمومها وشمولها لجميع الثقلين: الإنس والجن، في كل زمان ومكان إلى قيام الساعة: { قَدْ جَاءَكُم بَصَائِرُ‌ مِن رَّ‌بِّكُمْ ۖ فَمَنْ أَبْصَرَ‌ فَلِنَفْسِهِ ۖ وَمَنْ عَمِيَ فَعَلَيْهَا ۚ وَمَا أَنَا عَلَيْكُم بِحَفِيظٍ}([15])، {وَقُلِ الْحَقُّ مِن رَّ‌بِّكُمْ ۖ فَمَن شَاءَ فَلْيُؤْمِن وَمَن شَاءَ فَلْيَكْفُرْ‌ ۚ إِنَّا أَعْتَدْنَا لِلظَّالِمِينَ نَارً‌ا أَحَاطَ بِهِمْ سُرَ‌ادِقُهَا ۚ وَإِن يَسْتَغِيثُوا يُغَاثُوا بِمَاءٍ كَالْمُهْلِ يَشْوِي الْوُجُوهَ ۚ بِئْسَ الشَّرَ‌ابُ وَسَاءَتْ مُرْ‌تَفَقًا} الآية([16]).

أعوذ بالله من الشيطان الرجيم، قال الله تعالى للنبي –صلى الله عليه وسلم- : {قُلْ يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنِّي رَسُولُ اللَّهِ إِلَيْكُمْ جَمِيعًا الَّذِي لَهُ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ لا إِلَـهَ إِلاَّ هُوَ يُحْيِـي وَيُمِيتُ فَآمِنُواْ بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ النَّبِيِّ الأُمِّيِّ الَّذِي يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَكَلِمَاتِهِ وَاتَّبِعُوهُ لَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ } بارك الله لي ولكم في القرآن والسنة ونفعني وإياكم بما فيهما من الآيات والحكمة، أقول قولي هذا وأستغفر الله العظيم لي ولكم ولسائر المسلمين، فاستغفروه من كل ذنب إنه هو الغفور الرحيم

الخطبة الثانية:

الحمد لله على إحسانه، والشكر له على توفيقه وامتنانه، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، تعظيماً لشأنه، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله الداعي إلى رضوانه، صلى الله عليه وعلى آله وأصحابه، وأتباعه بإحسان إلى يوم الدين وسلم تسليماً كثيراً، أما بعد:

عباد الله! اتقوا الله تعالى، واعلموا أن الله تعالى أرسل محمداً –صلى الله عليه وسلم- إلى الجن والإنس كافّة، لا نبي بعده إلى قيام الساعة –صلى الله عليه وسلم- ، فيجب على الإنس والجن: عربهم وعجمهم، ذكرهم وأنثاهم، اتباع النبي –صلى الله عليه وسلم- ، والاعتقاد الجازم أنه رسول الله حقاً لا نبي بعده –صلى الله عليه وسلم- .

هذا وصلوا على خير خلق الله نبينا محمد بن عبد الله كما أمركم الله تعالى بذلك فقال: {إِنَّ اللَّهَ وَمَلائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا }([17]) ، وقال النبي –صلى الله عليه وسلم- : «مَن صلّى عليَّ صلاة صلى الله عليه بها عشراً»([18]) ، اللهم صلِّ وسلِّم وبارك عليه، وارضَ اللهم عن أصحابه: أبي بكر، وعمر، وعثمان، وعلي، وعن سائر أصحاب نبيك أجمعين، وعَنّا معهم برحمتك يا أرحم الراحمين، اللهم أعزّ الإسلام والمسلمين، وأذلَّ الشرك والمشركين، واحمِ حوزة الدين، اللهم آمِنّا في أوطاننا، وأصلح أئمتنا، وجميع ولاة أمر المسلمين. اللهم اغفر للمسلمين والمسلمات، والمؤمنين والمؤمنات، الأحياء منهم والأموات. اللهم اغفر لأمواتنا وأموات المسلمين، وأعذهم من عذاب القبر وعذاب النار، برحمتك يا أرحم الراحمين. اللهم إنا نسألك الهدى والتُّقى، والعفاف والغنى، اللهم اهدنا وسددنا، {رَبَّنَا آتِنَا فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً وَفِي الآخِرَةِ حَسَنَةً وَقِنَا عَذَابَ النَّارِ}([19]) ،
عباد الله! {إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالإِحْسَانِ وَإِيتَاءِ ذِي الْقُرْبَى وَيَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنكَرِ وَالْبَغْيِ يَعِظُكُمْ
لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ }
(
[20])، فاذكروا الله العظيم يذكركم واشكروه على نعمه يزدكم، {وَلَذِكْرُ اللَّهِ أَكْبَرُ وَاللَّهُ يَعْلَمُ مَا تَصْنَعُونَ }([21]).

 



([1])  سورة آل عمران، الآيتان: 81، 82 .

([2])  انظر: الفرقان بين أولياء الرحمن وأولياء الشيطان لابن تيمية ص77، 191-200، وفتاوى ابن تيمية 19/9-65، بعنوان: إيضاح الدلالة في عموم الرسالة للثقلين، والجواب الصحيح لمن بدل دين المسيح 1/31-176، وتفسير ابن كثير 1/378، وأضواء البيان في إيضاح القرآن بالقرآن 2/334، ومعالم الدعوة للديلمي 1/454-456، والمناظرة في الإسلام والنصرانية ص303-309.

([3])  أخرجه الإمام أحمد في مسنده 3/338، وله شواهد وطرق كثيرة ذكرها الهيثمي في مجمع الزوائد 1/173-174، وانظر: مشكاة المصابيح بتحقيق الألباني 1/63، 68.

([4])  انظر: الجواب الصحيح لمن بدل دين المسيح 1/144، 166، ومناهج الجدل في القرآن الكريم ص303، والإرشاد إلى صحيح الاعتقاد للدكتور/ صالح بن فوزان 2/182.

([5])  سورة الأعراف، الآية: 158 .

([6])  سورة الفرقان، الآية: 1 .

([7])  سورة الأنعام، الآية: 19 .

([8])  سورة آل عمران، الآية: 20 .

([9])  سورة الأحزاب، الآية: 40 .

([10])  سورة الأنبياء، الآية: 107 .

([11])  سورة سبأ، الآية: 28 .

([12])  البخاري مع الفتح، كتاب الصلاة، باب قول النبي r : ((جعلت لي الأرض مسجداً وطهوراً)) 1/533 (رقم 438)، ومسلم، كتاب المساجد 1/370، (رقم 521).

([13])  البخاري مع الفتح، كتاب المناقب، باب خاتم النبيين 6/558 (رقم 3535)، ومسلم، كتاب الفضائل، باب ذكر كونه –صلى الله عليه وسلم- خاتم النبيين 4/1790 (رقم 2286).

([14])  مسلم، كتاب الإيمان، باب وجوب الإيمان برسالة نبينا محمد –صلى الله عليه وسلم- إلى جميع الناس، ونسخ الملل بملته 1/134 (رقم 153).

([15])  سورة الأنعام، الآية: 104 .

([16])  سورة الكهف، الآية: 29 .

([17])  سورة الأحزاب، الآية: 56 .

([18])  مسلم، برقم 384 .

([19])  سورة البقرة، الآية : 202 .

([20])  سورة النحل : الآية : 90 .

([21])  سورة العنكبوت: الآية : 45.

]]>
es.islamcenter@gmail.com (mona) السيرة النبوية Sun, 06 Jan 2013 16:00:25 +0000
صفات النبيِّ –صلى الله عليه وسلم- الْـخَلْقِيّة والْـخُلُقيّة (2) http://islam-centers.net/ar/islamic-definition/article-islamic-definition/64-2012-10-13-20-40-25/446---------2-.html http://islam-centers.net/ar/islamic-definition/article-islamic-definition/64-2012-10-13-20-40-25/446---------2-.html صفات النبيِّ –صلى الله عليه وسلم- الْـخَلْقِيّة والْـخُلُقيّة (2)

وذكر الله تعالى اسمه في القرآن في مواضع فقال تعالى: {وَمَا مُحَمَّدٌ إِلَّا رَ‌سُولٌ قَدْ خَلَتْ مِن قَبْلِهِ الرُّ‌سُلُ ۚ أَفَإِن مَّاتَ أَوْ قُتِلَ انقَلَبْتُمْ عَلَىٰ أَعْقَابِكُمْ ۚ وَمَن يَنقَلِبْ عَلَىٰ عَقِبَيْهِ فَلَن يَضُرَّ‌ اللَّـهَ شَيْئًا ۗ وَسَيَجْزِي اللَّـهُ الشَّاكِرِ‌ينَ}([32])، وقال سبحانه: {مَّا كَانَ مُحَمَّدٌ أَبَا أَحَدٍ مِّن رِّ‌جَالِكُمْ وَلَـٰكِن رَّ‌سُولَ اللَّـهِ وَخَاتَمَ النَّبِيِّينَ ۗ وَكَانَ اللَّـهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمًا} ([33])، وقال عز وجل: {وَالَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَآمَنُوا بِمَا نُزِّلَ عَلَىٰ مُحَمَّدٍ وَهُوَ الْحَقُّ مِن رَّ‌بِّهِمْ ۙ كَفَّرَ‌ عَنْهُمْ سَيِّئَاتِهِمْ وَأَصْلَحَ بَالَهُمْ} ([34])، وقال سبحانه: {مُّحَمَّدٌ رَّ‌سُولُ اللَّـهِ ۚ وَالَّذِينَ مَعَهُ أَشِدَّاءُ عَلَى الْكُفَّارِ‌ رُ‌حَمَاءُ بَيْنَهُمْ ۖ تَرَ‌اهُمْ رُ‌كَّعًا سُجَّدًا يَبْتَغُونَ فَضْلًا مِّنَ اللَّـهِ وَرِ‌ضْوَانًا ۖ سِيمَاهُمْ فِي وُجُوهِهِم مِّنْ أَثَرِ‌ السُّجُودِ ۚ ذَٰلِكَ مَثَلُهُمْ فِي التَّوْرَ‌اةِ ۚ وَمَثَلُهُمْ فِي الْإِنجِيلِ كَزَرْ‌عٍ أَخْرَ‌جَ شَطْأَهُ فَآزَرَ‌هُ فَاسْتَغْلَظَ فَاسْتَوَىٰ عَلَىٰ سُوقِهِ يُعْجِبُ الزُّرَّ‌اعَ لِيَغِيظَ بِهِمُ الْكُفَّارَ‌ ۗ وَعَدَ اللَّـهُ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ مِنْهُم مَّغْفِرَ‌ةً وَأَجْرً‌ا عَظِيمًا} ([35])، وقال جل وعلا في قول عيسى عليه وعلى نبينا أفضل الصلاة وأتم التسليم: {وَإِذْ قَالَ عِيسَى ابْنُ مَرْ‌يَمَ يَا بَنِي إِسْرَ‌ائِيلَ إِنِّي رَ‌سُولُ اللَّـهِ إِلَيْكُم مُّصَدِّقًا لِّمَا بَيْنَ يَدَيَّ مِنَ التَّوْرَ‌اةِ وَمُبَشِّرً‌ا بِرَ‌سُولٍ يَأْتِي مِن بَعْدِي اسْمُهُ أَحْمَدُ ۖ فَلَمَّا جَاءَهُم بِالْبَيِّنَاتِ قَالُوا هَـٰذَا سِحْرٌ‌ مُّبِينٌ} ([36]).

وكان يكثر الذكر، دائم الفكر، ويقل اللغو، ويطيل الصلاة، ويقصر الخطبة، ويحب الطيب ولا يرده، ويكره الروائح الكريهة، وكان أكثر الناس تبسماً، وضحك في أوقاتٍ حتى بدت نواجذه([37])، قال جرير –رضى الله عنه-: ما حجبني رسول الله –صلى الله عليه وسلم-  منذ أسلمت، ولا رآني إلا تبسَّمَ في وجهي، ولقد شكوت إليه أَنِّـي لا أثبت على الخيل، فضرب في صدري، وقال: «اللهم ثبّته، واجعله هادياً مهديّاً»([38]) ويمزح ولا يقول إلا حقّاً، ولا يجفو أحداً، ويقبل عذر المعتذر إليه، وكان يأكل بأصابعه الثلاث ويلعقهن، ويتنفس في الشرب ثلاثاً خارج الإناء، ويتكلم بجوامع الكلم، وإذا تكلم تكلَّم بكلامٍ بيِّنٍ فَصْلٍ، يحفظه من جلس إليه، ويعيد الكلمة ثلاثاً إذا لم تفهم حتى تُفهم عنه، ولا يتكلم من غير حاجة، وقد جمع الله له مكارم الأخلاق ومحاسن الأفعال، فكانت معاتبته تعريضاً، وكان يأمر بالرفق ويحثّ عليه، وينهي عن العنف، ويحث على العفو والصفح، والحلم، والأناة، وحسن الخلق ومكارم الأخلاق، وكان يحب التيمن في طهوره وتنعُّله، وترجُّله، وفي شأنه كله، ونهى عن الترجل إلا غباً، وكانت يده اليسرى لخلائه وما كان من أذى، وإذا اضطجع اضطجع على جنبه الأيمن، ووضع كفه اليمنى تحته خده الأيمن، ويقول: أذكار النوم، وإذا عرَّس([39]) قُبيل الصبح نصب ذراعه ووضع رأسه على كفه، وكان مجلسه: مجلس علم، وحلم، وحياء، وأمانة , وصيانة, وصبر, وسكينة, ولا ترفع فيه الأصوات، ولا تنتهك فيه الحرمات، يتفاضلون في مجلسه بالتقوى، ويتواضعون، وَيُوَقِّرون الكبار، ويرحَمُون الصغار، ويؤثرون المحتاج، ويخرجون دعاة إلى الخير، وكان يجلس على الأرض، ويأكل على الأرض، وكان يمشي مع الأرملة والمسكين، والعبد، حتى يقضي له حاجته. ومر على الصبيان يلعبون فسلَّم عليهم، وكان لا يصافح النساء غير المحارم، وكان يتألف أصحابه ويتفقدهم، ويكرم كريم كل قوم، ويُقبل بوجهه وحديثه على من يُحدثه، حتى على أشرِّ القوم يتألفهم بذلك، وخدمه أنس –رضى الله عنه-  عشر سنين قال: (فما قال لي أُفٍّ قطّ، وما قال لي لشيء صنعته لِمَ صنعته، ولا لشيء تركته لِمَا تركته، وكان من أحسن الناس خُلُقاً ولامسست خزّاً، ولا حريراً، ولا شيئاً كان ألين من كفِّ رسول الله –صلى الله عليه وسلم-  ، ولا شممت مسكاً قطّ ولا عطراً أطيب من عرق النبي –صلى الله عليه وسلم- )([40]). ولم يكن فاحشاً ولا متفحشاً ولا صخَّاباً([41])، ولا يجزي بالسيئة السيئة بل يعفو ويصفح ويحلم, ولم يضرب خادماً ولا امرأة ولا شيئاً قط, إلا أن يجاهد في سبيل الله تعالى, وما خُيِّر بين شيئين إلا اختار أيسرهما ما لم يكن إثماً, فإن كان إثماً كان أبعد الناس عنه.

وقد جمع الله له كمال الأخلاق ومحاسن الشيم وآتاه من العلم والفضل وما فيه النجاة والفوز والسعادة في الدنيا والآخرة ما لم يؤت أحداً من العالمين, وهو أُمٌّي لا يقرأ ولا يكتب, ولا معلم له من البشر، واختاره الله على جميع الأولين والآخرين، وجعل دينه للجن والناس أجمعين إلى يوم الدين، فصلوات الله وسلامه عليه صلاةً وسلاماً دائمين إلى يوم الدين؛ فإن خلقه كان القرآن([42]).

أعوذ بالله من الشيطان الرجيم: {لَقَدْ جَاءَكُمْ رَسُولٌ مِّنْ أَنفُسِكُمْ عَزِيزٌ عَلَيْهِ مَا عَنِتُّمْ حَرِيصٌ عَلَيْكُم بِالْمُؤْمِنِينَ رَؤُوفٌ رَّحِيمٌ} ([43]) بارك الله لي ولكم في القرآن والسنة ونفعني وإياكم بما فيهما من الآيات والحكمة، أقول قولي هذا وأستغفر الله العظيم لي ولكم ولسائر المسلمين، فاستغفروه من كل ذنب إنه هو الغفور الرحيم.

الخطبة الثانية:

الحمد لله على إحسانه، والشكر له على توفيقه وامتنانه، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، تعظيماً لشأنه، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله الداعي إلى رضوانه، صلى الله عليه وعلى آله وأصحابه، وأتباعه بإحسان إلى يوم الدين وسلم تسليماً كثيراً، أما بعد:

عباد الله! اتقوا الله تعالى، واعلموا أنه ينبغي الاقتداء بالنبي –صلى الله عليه وسلم-  والتأسي به في جميع أعماله، وأقواله، وجدّه واجتهاده، وجهاده، وزهده، وورعه، وصدقه وإخلاصه، إلا في ما كان خاصّاً به، أو ما لا يُقدر على فعله؛ لقوله –صلى الله عليه وسلم-  : «خذوا من الأعمال ما تطيقون فإن الله لا يَملُّ حتى تملُّوا([44])»([45])؛ ولقوله: «ما نهيتكم عنه فاجتنبوه، وما أمرتكم به فأتوا منه ما استطعتم»([46]).

عباد الله! إن العبد المسلم مأمور بالاقتداء بهذا الرسول الرحيم {لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِّمَن كَانَ يَرْجُو اللَّهَ وَالْيَوْمَ الآخِرَ وَذَكَرَ اللَّهَ كَثِيرًا }([47]) ، هذا وصلوا على الرحمة المهداة كما أمركم الله تعالى بذلك فقال: { إِنَّ اللَّهَ وَمَلائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا }([48]) ، وقال النبي –صلى الله عليه وسلم- : «مَن صلّى عليَّ صلاة صلى الله عليه بها عشراً»([49]) ، اللهم صلِّ وسلِّم وبارك عليه، وارضَ اللهم عن أصحابه: أبي بكر، وعمر، وعثمان، وعلي، وعن سائر أصحاب نبيك أجمعين، وعَنّا معهم برحمتك يا أرحم الراحمين، اللهم أعزّ الإسلام والمسلمين، وأذلَّ الشرك والمشركين، واحمِ حوزة الدين، اللهم آمِنّا في أوطاننا، وأصلح أئمتنا، وجميع ولاة أمر المسلمين. اللهم اغفر للمسلمين والمسلمات، والمؤمنين والمؤمنات، الأحياء منهم والأموات. اللهم اغفر لأمواتنا وأموات المسلمين، وأعذهم من عذاب القبر وعذاب النار، برحمتك يا أرحم الراحمين. اللهم إنا نسألك الهدى والتُّقى، والعفاف والغنى، اللهم اهدنا وسددنا، {رَبَّنَا آتِنَا فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً وَفِي الآخِرَةِ حَسَنَةً وَقِنَا عَذَابَ النَّارِ }([50]) ، عباد الله! { إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالإِحْسَانِ وَإِيتَاءِ ذِي الْقُرْبَى وَيَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنكَرِ وَالْبَغْيِ يَعِظُكُمْ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ}([51])، فاذكروا الله العظيم يذكركم واشكروه على نعمه يزدكم، { وَلَذِكْرُ اللَّهِ أَكْبَرُ وَاللَّهُ يَعْلَمُ مَا تَصْنَعُونَ }([52]).

 

([32])  سورة آل عمران, الآية: 144.

([33])  سورة الأحزاب، الآية: 40 .

([34])  سورة محمد، الآية: 2 .

([35])  سورة الفتح، الآية: 29 .

([36])  سورة الصف، الآية: 6 .

([37])  النواجذ: الأنياب، وقيل: [هي الضواحك التي تبدو عند الضحك] النهاية، 5/20 .

([38])  البخاري، برقم 3035، ورقم 3822، ورقم 6090 .

([39])  التعريس: نزول المسافر آخر الليل نزلةً للنوم والاستراحة. انظر: النهاية في غريب الحديث 3/206.

([40])  البخاري، برقم 6038، ومسلم، برقم 2309، والترمذي في مختصر الشمائل، واللفظ له، برقم 296 .

([41])  الصّخَّاب: الصخب والسخب: الضجة واضطراب الأصوات للخصام، فهو r لم يكن صخَّاباً في الأسواق ولا في غيرها. النهاية 3/14.

([42])  تهذيب الأسماء واللغات للنووي، 1/25-26، و31-33، ومختصر الشمائل المحمدية للترمذي، اختصره وحققه الألباني، ص13-194 .

([43])  سورة التوبة، الآية: 128 .

([44])  البخاري مع الفتح، 4/213، برقم 1970، ومسلم 1/541، برقم 782 .

([45])  انظر: تهذيب السيرة النبوية للإمام النووي ص 56، ومختصر السيرة النبوية للحافظ عبد الغني المقدسي ص 77، وحقوق المصطفى للقاضي عياض 1/77 – 215، ومختصر الشمائل المحمدية للترمذي ص 112-188.

([46])  البخاري برقم 7288، ومسلم برقم 2619.

([47])  سورة الأحزاب، الآية: 21 .

([48])  سورة الأحزاب، الآية: 56 .

([49])  مسلم، برقم 384 .

([50])  سورة البقرة، الآية : 202 .

([51])  سورة النحل : الآية : 90 .

([52])  سورة العنكبوت: الآية : 45.

]]>
es.islamcenter@gmail.com (mona) السيرة النبوية Sun, 06 Jan 2013 11:12:14 +0000
صفات النبيِّ –صلى الله عليه وسلم- الْـخَلْقِيّة والْـخُلُقيّة (1) http://islam-centers.net/ar/islamic-definition/article-islamic-definition/64-2012-10-13-20-40-25/445-2013-01-06-11-11-14.html http://islam-centers.net/ar/islamic-definition/article-islamic-definition/64-2012-10-13-20-40-25/445-2013-01-06-11-11-14.html

صفات النبيِّ –صلى الله عليه وسلم- الْـخَلْقِيّة والْـخُلُقيّة (1)

الخطبة الأولى:

إن الحمد لله نحمده، ونستعينه، ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا وسيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مُضِلَّ له، ومَنْ يُضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله؛ صلى الله عليه وعلى آله، وأصحابه، وسَلّم تسليماً كثيراً، أَمّا بعد:

عباد الله اتقوا الله تعالى، واعلموا أنه يجب على كل مسلم ومسلمة معرفة النبي –صلى الله عليه وسلم-  التي هي من الأصول الثلاثة، التي يجب على كل مسلم ومسلمة تعلمها، والعمل بها، ويُسأل عنها في قبره. ومن هذه المعرفة معرفة صفاته الْخَلْقِيّة والْخُلُقيّة.

فقد كان النبي –صلى الله عليه وسلم- أحسن الناس خَلْقاً وخُلُقاً،  وألينهم كفّاً، وأطيبهم ريحاً، وأكملهم عقلاً، وأحسنهم عشرة، وأعلمهم بالله وأشدهم له خشية([1])، وأشجع الناس، وأكرم الناس، وأحسنهم قضاء، وأسمحهم معاملة، وأكثرهم اجتهاداً في طاعة ربه، وأصبرهم وأقواهم تحمّلاً، وأخشعهم لله قلباً، وأرحمهم بعباد الله تعالى، وأشدهم حياء، ولا ينتقم لنفسه، ولا يغضب لها؛ ولكنه إذا انتُهِكت حرمات الله، فإنه ينتقم لله تعالى، وإذا غضب لله لم يقم لغضبه أحد، والقوي والضعيف، والقريب والبعيد، والشريف وغيره عنده في الحق سواء، وما عاب طعاماً قط إن اشتهاه أكله، وإن لم يشتهه تركه، ويأكل من الطعام المباح ما تيسر ولا يتكلف في ذلك، ويقبل الهدية ويكافئ عليها، ولا يقبل الصدقة، ويخصف نعليه ويرقع ثوبه, ويخدم في مهنة أهله, ويحلِبُ شاته, ويخدِمُ نفسه، وكان أشد الناس تواضعاً، ويجيب الداعي: من غني أو فقير، أو دنيء أو شريف، وكان يحب المساكين ويشهد جنائزهم ويعود مرضاهم، ولا يحقر فقيراً لفقره, ولا يهاب مَلِكاً لِـمُلْكِهِ, وكان يركب الفرس, والبعير, والحمار, والبغلة, ويردف خلفه, ولا يدع أحداً يمشي خلفه([2]). وخاتمه فضة وفصه منه, يلبسه في خنصره الأيمن وربما لبسه في الأيسر، وكان يعصب على بطنه الحجر من الجوع، وقد آتاه الله مفاتيح خزائن الأرض، ولكنه اختار الآخرة.

وكان رسول الله –صلى الله عليه وسلم-  ليس بالطويل البائن([3])، ولا بالقصير، ولا بالأبيض الأمهق([4])، ولا بالأدم([5])، ولا بالجعد القطط([6])، ولا بالسَّبط([7])–صلى الله عليه وسلم-  ([8])، وكان ضخم القدمين حسن الوجه([9])، أبيض مليح الوجه([10])، وكان رجلاً مربوعاً بعيد ما بين المنكبين، عظيم شعر الجُمَّة إلى شحمتي أذنيه، وفي وقت إلى منكبيه، وفي وقوتٍ إلى نصف أذنيه، كث اللحية، شثن الكفين والقدمين([11])، ضخم الرأس، ضخم الكراديس([12])، طويل الـمَسْربة([13])، إذ مشى تكفّأ تكفؤاً كأنما ينحط من صببٍ([14])، لم يُرَ قبله ولا بعده مثله، وكان عظيم الفم، طويل شِق العين، قليل لحم العقب، منظره أحسن من منظر القمر، وجهه مثل القمر، وخاتم النبوة بين كتفيه: غدّة حمراء مثل بيضة الحمامة، وقيل: الخاتم شعرات مجتمعات بين كتفيه، وكان يفرق رأسه، ويدَّهن، ويعفي لحيته ولا يأخذ منها شيئاً، ويُسرّحها، ويأمر بتوفيرها وإيفائها، وإعفائها، وكان يأمر بالاكتحال بالإثمد عند النوم، ويقول: «عليكم بالإثمد عند النوم؛ فإنه يجلو البصر ويُنبت الشعر»([15]). وقال: «إن خير أكحالكم الإثمد، يجلو البصر، ويُنبت الشعر»([16])، وكان قليل الشَّيب في رأسه وفي لحيته إذا ادَّهن لم يُرَ شيبه، وإذا لم يدَّهن رُؤي منه شيء، كان شيبه نحواً من عشرين شيبة بيضاء، وكان يقول: «شيَّبتني هود وأخواتها»، وفي لفظ: «شيّبتني: هود، والواقعة، والمرسلات، وعمَّ يتساءلون، وإذا الشمس كُوِّرت»([17])، وشَيْبُهُ أحمر مخضوباً، وكان يُحبّ لبس القميص، والحَبِرَة([18])، وكان يلبس العمامة، والإزار، وإزاره إلى نصف ساقه([19])، وكان يحب الطيب، ويقول: «طيب الرجال ما ظهر ريحه وخفي لونه، وطيب النساء ما ظهر لونه وخفي ريحه»([20]).

وكان –صلى الله عليه وسلم-  يتجمَّلُ للعيد، والوفود، ويُحِبّ النظافة، وكان يكره أن يقوم له أحد؛ فلا يقوم له الصحابة؛ لعلمهم بكراهته لذلك([21])، وكان يُحِبّ السّواك، ويبدأ به إذا دخل بيته، ويشوص فاه بالسواك إذا قام من الليل، وكان ينام أول الليل ثم يقوم يصلي، وكان يطيل صلاة الليل حتى تنتفخ قدماه، ثم يُوتِرُ آخر الليل قبل الفجر، وكان يُحِبّ أن يسمع القرآن من غيره، وكان يعود المرضى، ويشهد الجنائز ويصلي عليهم، وكان كثير الحياء، وكان إذا كره شيئاً عُرِف في وجهه، وكان يُحِبّ الستر، وكان يتوكل على الله حقَّ توكُّلِهِ؛ لأنه سيد المتوكّلين، قال أنس –رضى الله عنه- : خَدَمْتُ النبي –صلى الله عليه وسلم- عشر سنين فما بعثني في حاجةٍ لم أُتِـمَّها إلا قال: «لو قُضِيَ لكان» أو «لو قُدِّر لكان»([22])، ومع هذا فقد كان يأخذ بالأسباب. وكان لا يغدر وينهى عن الغدر، وقد حفظه الله تعالى من أمور الجاهلية قبل الإسلام([23])، ورعى الغنم في صغره وما من نبيٍّ إلاّ رعاها([24])، وكان الحجر يسلم عليه قبل البعثة([25]).

وله –صلى الله عليه وسلم-  أسماء، قال –صلى الله عليه وسلم-  : «أنا محمد، وأنا أحمد، وأنا الماحي الذي يُمحى بي الكفر، وأنا الحاشر الذي يُحشر الناس على عَقِبِي([26])، وأنا العاقب»، والعاقب الذي ليس بعده نبي([27]).

وقال –صلى الله عليه وسلم- : «أنا محمد، وأحمد، والمُقفِّي([28])، والحاشر، ونبي التوبة، ونبي الرحمة»([29])، وكنيته أبو القاسم([30])، بعثه الله ليتَمِّمَ مكارم الأخلاق([31]).



([1])  ولهذا قال عبد الله بن الشَّخِّير: أتيت رسول الله –صلى الله عليه وسلم-  وهو يصلي ولجوفه أزيزٌ كأزيز المِرجل من البكاء، أبو داود برقم 904، وصححه الألباني في مختصر الشمائل برقم 276, ومعنى: أزير المرجل: أي غليان القدر.

([2])  أحمد 3/398، وابن ماجه برقم 246, والحاكم 4/481، وابن حبان موارد 2099 , وانظر: الأحاديث الصحيحة برقم 1557.

([3])  البائن: أي ليس بالطويل الطول الظاهر.

([4])  الأمهق: أي ليس بالأبيض شديد البياض، وإنما أبيض مشرب بالحمرة.

([5])  الأدم: الأسمر.

([6])  القطط: الشعر فيه التواء وانقباض.

([7])  السبط: الشعر المسترسل.

([8]) مختصر شمائل، الترمذي برقم 1، وصححه الألباني. وهو في البخاري برقم 3549.

([9])  البخاري، برقم 5908.

([10])  مسلم، برقم 2340.

([11])  عظيم الأصابع غليظها من الكفين والقدمين.

([12])  الكراديس: رؤوس العظام.

([13])  المَسرَبة: الشعر الدقيق الذي يبدأ من الصدر وينتهي بالسرة.

([14])  الصبب: انخفاض من الأرض.

([15])  الترمذي في الشمائل، وصححه الألباني في مختصر الشمائل، برقم 43، ص45 .

([16])  الترمذي في الشمائل، وصححه الألباني في مختصر الشمائل، برقم 44، ص45 .

([17])  مختصر الشمائل للترمذي، اختصره وصححه الألباني، برقم 34، 35.

([18])  ثياب من نوع بُرُود اليمن، والبُرد: ثوب مخطط، ومحبّرة مزينة.

([19])  مختصر شمائل الترمذي، برقم 97، وصححه الألباني.

([20])  مختصر شمائل الترمذي برقم 188، وصححه الألباني.

([21])  أحمد، 3/134 .

([22])  أحمد، 1/352 وهو صحيح.

([23])  البخاري، برقم 3829، وأحمد 4/222 .

([24])  البخاري، برقم 2262، ورقم 3406 .

([25])  مسلم، برقم 2277 .

([26])  أي يحشر الناس على أثره، النهاية.

([27])  البخاري، برقم 3532، ومسلم برقم 2354 .

([28])  المقفّي: الذي قفى آثار من سبقه من الأنبياء âثُمَّ قَفَّيْنَا عَلَى آَثَارِهِمْ بِرُسُلِنَا...á. [انظر: زاد المعاد، لابن القيم، 1/94].

([29])  مسلم، برقم 2355، وشمائل الترمذي برقم 316 ((مختصر الألباني)).

([30])  البخاري، برقم 3537، ومسلم، 3/1682 .

([31])  أحمد، 2/381، برقم 8939 .

]]>
es.islamcenter@gmail.com (mona) السيرة النبوية Sun, 06 Jan 2013 11:10:33 +0000
النبيُّ الكريم –صلى الله عليه وسلم- رحمة للعالمين (2) http://islam-centers.net/ar/islamic-definition/article-islamic-definition/64-2012-10-13-20-40-25/444--2.html http://islam-centers.net/ar/islamic-definition/article-islamic-definition/64-2012-10-13-20-40-25/444--2.html                          النبيُّ الكريم –صلى الله عليه وسلم- رحمة للعالمين (2)

*ورحمتهُ –صلى الله عليه وسلم-  للحيوان، والطير، والدواب: فعن أبي هريرة أن رجلاً وجد كلباً يأكل الثرى من العطش، فسقاه فغفر الله له، قالوا: يا رسول الله! وإنَّ لنا في البهائم أجراً؟ قال: «في كُلِّ كبدٍ رطبة أجر» وفي لفظ للبخاري: «فشكر الله له فأدخله الجنة»([39]). وعن ابن عمر رضي الله عنهما: أنه مرَّ بصبيانٍ من قريش قد نصبوا طيراً أو دجاجةً يترامونها، وقد جعلوا لصاحب الطير كلَّ خاطئةٍ من نبلهم، فلما رأوا ابن عمر تفرَّقَوا فقال ابن عمر: من فعل هذا؟ لعن الله من فعل هذا؛ إن رسول الله صلى الله عليه وسلم-  : «لعن من اتخذ شيئاً فيه الروحُ غرضاً»([40]) ([41]). وعن ابن مسعود –رضى الله عنه-  قال: كنا مع رسول الله –صلى الله عليه وسلم-  في سفرٍ، فانطلق لحاجته فرأينا حُـمَّرةً([42]) معها فرخان فأخذنا فرخيها، فجاءت الحُمَّرةُ فجعلت تَفرش [أي تُرَفرِفُ بجناحيها وتقرب من الأرض] فجاء النبي –صلى الله عليه وسلم-  فقال: «من فَجعَ هذه بولدها؟ ردُّوا ولدها إليها» ورأى قرية نملٍ([43]) قد حرَّقناها فقال: «مَن حرَّق هذه؟» قلنا: نحن، قال: «إنه لا ينبغي أن يُعَذِّب بالنار إلا ربُّ النار»([44]). وعن جابر بن عبد الله رضي الله عنهما أن النبي –صلى الله عليه وسلم-  مَرَّ على حمارٍ قد وُسِمَ في وجهِهِ فقال: «لعن الله الذي وسمه»([45]) [الوسم الكي بحديدة]. وعنه –رضى الله عنه-  : نهى رسول الله –صلى الله عليه وسلم-  عن الضرب في الوجهِ، وعن الوسم في الوجه([46]). وعن عبد الله بن جعفر رضي الله عنهما قال: أردفني رسول الله –صلى الله عليه وسلم-  ذات يوم خلفه، وفيه: فدخل رسول الله –صلى الله عليه وسلم-  حائطاً لرجلٍ من الأنصار فإذا جملٌ فلمَّا رأى النبيَّ –صلى الله عليه وسلم-  حَنَّ وذرفت عيناه، فأتاه النبي –صلى الله عليه وسلم-  فمسح ذفراه([47]) فسكت، فقال: «من ربُّ هذا الجمل؟ لمن هذا الجمل؟» فجاء فتىً من الأنصارِ فقال: لي يا رسول الله، فقال: «أفلا تتقي الله في هذه البهيمةِ التي ملَّكَكَ الله إيَّاها؛ فإنه شكا إليَّ أنَّك تُجيعه وتُدئبُهُ»([48]). ([49])

*ومما يدل على رحمته العظيمة رقة قلبه –صلى الله عليه وسلم-  وبُكاؤه في مواطن كثيرة: ولم يكن النبي –صلى الله عليه وسلم-  يبكي بشهيقٍ ورفع صوتٍ، كما لم يكن ضحكه قهقهة، ولكن كانت تدمع عيناه حتى تَهمُلا ويُسْمَعُ لصدره أزيز، وكان بكاؤُه تارة رحمة للميت، وتارة خوفاً على أمته وشفقة عليها، وتارة من خشية الله تعالى، وتارة عند سماع القرآن وهو بكاء اشتياقٍ ومحبةٍ وإجلالٍ([50]).([51])

*ومن رحمته –صلى الله عليه وسلم-  تلطفه –صلى الله عليه وسلم-  بالأطفال وإدخال السرور عليهم: فعن محمود بن الرُّبيع –رضى الله عنه-  قال: (عَقلتُ من النبي –صلى الله عليه وسلم-  مَـجَّةً مجَّها في وجهي وأنا ابن خمس سنين من دلوٍ)([52]). وعن أبي هريرة –رضى الله عنه-  قال: قبَّل رسول الله –صلى الله عليه وسلم-  الحسن ابن عليٍّ وعنده الأقرع بن حابسٍ التميمي جالساً، فقال الأقرع: إن لي عشرة من الولد ما قبَّلتُ منهم أحداً، فنظر إليه رسول الله –صلى الله عليه وسلم-  ثم قال: «من لا يَرْحم لا يُرحم»([53])

أعوذ بالله من الشيطان الرجيم: {لَقَدْ جَاءَكُمْ رَسُولٌ مِّنْ أَنفُسِكُمْ عَزِيزٌ عَلَيْهِ مَا عَنِتُّمْ حَرِيصٌ عَلَيْكُم بِالْمُؤْمِنِينَ رَؤُوفٌ رَّحِيمٌ} ([54]) بارك الله لي ولكم في القرآن والسنة ونفعني وإياكم بما فيهما من الآيات والحكمة، أقول قولي هذا وأستغفر الله العظيم لي ولكم ولسائر المسلمين، فاستغفروه من كل ذنب إنه هو الغفور الرحيم.

الخطبة الثانية:

الحمد لله على إحسانه، والشكر له على توفيقه وامتنانه، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، تعظيماً لشأنه، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله الداعي إلى رضوانه، صلى الله عليه وعلى آله وأصحابه، وأتباعه بإحسان إلى يوم الدين وسلم تسليماً كثيراً، أما بعد:

عباد الله! اتقوا الله تعالى، واقتدوا بنبيكم الكريم الرحيم، فإن الله تعالى أرسله رحمة للعالمين، كما قال تعالى: {وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا رَحْمَةً لِّلْعَالَمِينَ} ([55])

عباد الله! إن العبد المسلم مأمور بالاقتداء بهذا الرسول الرحيم  {لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِّمَن كَانَ يَرْجُو اللَّهَ وَالْيَوْمَ الآخِرَ وَذَكَرَ اللَّهَ كَثِيرًا} ([56]) ، هذا وصلوا على الرحمة المهداة كما أمركم الله تعالى بذلك فقال: {إِنَّ اللَّهَ وَمَلائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا} ([57]) ، وقال النبي –صلى الله عليه وسلم- : «مَن صلّى عليَّ صلاة صلى الله عليه بها عشراً»([58]) ، اللهم صلِّ وسلِّم وبارك عليه، وارضَ اللهم عن أصحابه: أبي بكر، وعمر، وعثمان، وعلي، وعن سائر أصحاب نبيك أجمعين، وعَنّا معهم برحمتك يا أرحم الراحمين، اللهم أعزّ الإسلام والمسلمين، وأذلَّ الشرك والمشركين، واحمِ حوزة الدين، اللهم آمِنّا في أوطاننا، وأصلح أئمتنا، وجميع ولاة أمر المسلمين. اللهم اغفر للمسلمين والمسلمات، والمؤمنين والمؤمنات، الأحياء منهم والأموات. اللهم اغفر لأمواتنا وأموات المسلمين، وأعذهم من عذاب القبر وعذاب النار، برحمتك يا أرحم الراحمين. اللهم إنا نسألك الهدى والتُّقى، والعفاف والغنى، اللهم اهدنا وسددنا،  {رَبَّنَا آتِنَا فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً وَفِي الآخِرَةِ حَسَنَةً وَقِنَا عَذَابَ النَّارِ} ([59]) ، عباد الله! {إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالإِحْسَانِ وَإِيتَاءِ ذِي الْقُرْبَى وَيَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنكَرِ وَالْبَغْيِ يَعِظُكُمْ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ} ([60])، فاذكروا الله العظيم يذكركم واشكروه على نعمه يزدكم،  {وَلَذِكْرُ اللَّهِ أَكْبَرُ وَاللَّهُ يَعْلَمُ مَا تَصْنَعُونَ} ([61]).

 


([39])   البخاري، برقم 173، 2466، ومسلم، برقم 2244 .

([40])   الغرض: بفتح الغين المعجمة والراء: هو ما ينصبه الرماة يقصدون إصابته من قرطاس ونحوه. [الترغيب والترهيب للمنذري، 3/153].

([41])   البخاري، برقم 5515، ومسلم، برقم 1958 .

([42])   حُمَّرةٌ: بضم الحاء وتشديد الميم، وقد خُفِّف: طائر صغير، كالعصفور أحمر اللون. [النهاية في غريب الحديث لابن الأثير، 1/439].

([43])   قرية نملٍ: موضع النمل مع النمل.

([44])   أبو داود، برقم 2675، وصححه الألباني في صحيح أبي داود، 2/146.

([45])  مسلم، برقم 2117 .

([46])   مسلم، برقم 2116 .

([47])   ذفراه: ذفرا البعير بكسر الذال المعجمة مقصور: هي الموضع الذي يعرق في قفا البعير عند أذنه، وهما ذفران. [ الترغيب والترهيب للمنذري، 3/157].

([48])   تُدْئِبُهُ: بضم التاء ودال مهملة ساكنة، بعدها همزة مكسورة، وباء موحدة: أي تتعبه بكثرة العمل. [الترغيب والترهيب للمنذري، 3/157].

([49])   أحمد، 1/205، وأبو داود، برقم 2549، وصححه الألباني في صحيح سنن أبي داود، 2/110.

([50])   انظر: زاد المعاد، لابن القيم، 1/183 .

([51])   انظر: رحمة للعالمين للمؤلف ص83-93 فقد ذكرت فيها ستة عشر موضعاً بكى فيها النبي r .

([52])  البخاري، برقم 77، ومسلم، 1/456، برقم 265 – (33).

([53])  البخاري، برقم 5997.

([54])  سورة التوبة، الآية: 128 .

[55])  سورة الأنبياء، الآية: 107 .

([56])  سورة الأحزاب، الآية: 21 .

([57])  سورة الأحزاب، الآية: 56 .

([58])  مسلم، برقم 384 .

([59])  سورة البقرة، الآية : 202 .

([60])  سورة النحل : الآية : 90 .

([61])  سورة العنكبوت: الآية : 45.

 

]]>
es.islamcenter@gmail.com (mona) السيرة النبوية Sat, 05 Jan 2013 16:33:00 +0000
النبيُّ الكريم –صلى الله عليه وسلم- رحمة للعالمين (1) http://islam-centers.net/ar/islamic-definition/article-islamic-definition/64-2012-10-13-20-40-25/443-2013-01-05-16-30-15.html http://islam-centers.net/ar/islamic-definition/article-islamic-definition/64-2012-10-13-20-40-25/443-2013-01-05-16-30-15.html Normal 0 false false false EN-US X-NONE AR-SA MicrosoftInternetExplorer4

النبيُّ الكريم –صلى الله عليه وسلم- رحمة للعالمين (1)

 الخطبة الأولى:

 إن الحمد لله نحمده، ونستعينه، ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا وسيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مُضِلَّ له، ومَنْ يُضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله؛ صلى الله عليه وعلى آله، وأصحابه، وسَلّم تسليماً كثيراً، أَمّا بعد:

عباد الله اتقوا الله تعالى، واعلموا أن الله عز وجل أرسل محمداً –صلى الله عليه وسلم-  رحمة للعالمين، قال الله تعالى: ([1])، فالمؤمنون به –صلى الله عليه وسلم-  قبلوا هذه الرحمة، وشكروها، وغيرهم كفرها، وبدَّلوا نعمة الله كفراً، وأبوا رحمة الله ونعمته([2]).

*ومما يدل على أن رحمة النبي –صلى الله عليه وسلم-  عامة للعالم؛ حديث أبي هريرة –رضى الله عنه- قال: قيل: يا رسول الله! ادعُ على المشركين، قال: «إني لم أُبعث لَعَّاناً وإنما بُعِثْتُ رحمةً»([3]).

وجاء في الحديث عن أبي هريرة –رضى الله عنه-  عن النبي –صلى الله عليه وسلم-  أنه قال: «إنما أنا رحمةٌ مهداةٌ»([4])

وقد قال –صلى الله عليه وسلم-  : «أنا محمد، وأحمد، والمُقَفِّي، والحاشر، ونبي التوبة، ونبي الرحمة»([5]).

وقد شملت رحمته  الأعداء حتى في قتالهم ومجاهدتهم؛ فإن قوة الجهاد في سبيل الله تعالى في شريعته –صلى الله عليه وسلم-  لها ضوابط ينبغي أن يلتزم بها المجاهدون في سبيل الله – تعالى – ومن ذلك قوله تعالى: ﴿ وَقَاتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّـهِ الَّذِينَ يُقَاتِلُونَكُمْ وَلَا تَعْتَدُوا ۚ إِنَّ اللَّـهَ لَا يُحِبُّ الْمُعْتَدِينَ([6])، فيدخل في ذلك ارتكاب المناهي: من المثلة، والغلول، وقتل النساء، والصبيان، والشيوخ الذين لا رأي لهم ولا قتال، والرُّهبان، والمرضى، والعُمي، وأصحاب الصّوامع؛ لكن من قاتل من هؤلاء أو استعان الكفّار برأيه قتل([7]).

ويدخل في ذلك قتل الحيوان لغير مصلحة، وتحريق الأشجار، وإفساد الزّروع والثّمار، والمياه، وتلويث الآبار، وهدم البيوت([8])، وقد «وُجدت امرأةٌ مقتولة في بعض مغازي رسول الله –صلى الله عليه وسلم-  ، فنهى رسول الله –صلى الله عليه وسلم-  عن قتل النساء والصبيان»([9])؛ ولهذا كان –صلى الله عليه وسلم-  إذا أمَّر أميراً على جيش أوسريّة أوصاه في خاصته بتقوى الله ومن معه من المسلمين خيراً، ثم قال: «اغزوا بسم الله في سبيل الله، قاتلوا من كفر بالله، اغزوا ولا تغلوا ولا تغدروا، ولا تُمثّلوا، ولا تقتلوا وليداً، وإذا لقيت عدوّك من المشركين فادعهم إلى ثلاث خصال فأيتُهنَّ ما أجابوك فاقبل منهم وكُفَّ عنهم...»([10])، ثم بيّنها –صلى الله عليه وسلم-  : الإسلام، أو بذل الجزية، فإن امتنعوا عن ذلك كله استعان بالله وقاتلهم([11]).

*كان النبي –صلى الله عليه وسلم-  يوفي بالعهد، ولا يغدر؛ لقول الله تعالى: ﴿ وَإِمَّا تَخَافَنَّ مِن قَوْمٍ خِيَانَةً فَانبِذْ إِلَيْهِمْ عَلَىٰ سَوَاءٍ ۚ إِنَّ اللَّـهَ لَا يُحِبُّ الْخَائِنِينَ ﴾([12]).

ولهذا قال سليم بن عامر: كان بين معاوية وبين الروم عهد، وكان يسير نحو بلادهم حتى إذا انقضى عهدهم غزاهم، فجاء رجل على فرس أو بِرْذَونٍ وهو يقول: الله أكبر، وفاء لا غدر. فنظروا فإذا عمرو بن عبسة، فأرسل إليه معاوية  –رضى الله عنه – فسأله، فقال: سمعت رسول الله –صلى الله عليه وسلم-  يقول: «من كان بينه وبين قومٍ عهدٌ فلا يشدُّ عقدة ولا يحلها حتى ينقضيَ أمَدُها أو ينبذ إليهم على سواء» فرجع معاوية([13]). وهذا كلُّه يدلُّ على أن الهدف والمراد من الجهاد هو إعلاء كلمة الله عزَّ وجل.

*ومن الأمثلة العظيمة على هذه الرحمة التي شملت حتى أعدائه –صلى الله عليه وسلم-  قصّته مع مَلَك الجبال حينما بعثه الله إليه؛ ليأمره بما شاء عندما آذاه المشركون، فجاء ملك الجبال وسلَّم عليه وقال: (يا محمد إن الله قد سمع قول قومك لك وأنا ملك الجبال، وقد بعثني ربِّي إليك لتأمرني بأمرك، فما شئت([14])؟ إن شئت أطبقت عليهم الأخشبين) [والأخشبان جبلان عظيمان في مكة، تقع مكة بينهما]، فقال رسول الله –صلى الله عليه وسلم-  لملك الجبال: «بل أرجوا أن يخرج اللهُ من أصلابهم من يعبُد الله وحده لا يُشرك به شيئاً»([15]).

ومن الأمثلة العظيمة لرحمته –صلى الله عليه وسلم-  حديث أنس –رضى الله عنه-  قال: (كان غلام يهوديٌّ يخدم النبي –صلى الله عليه وسلم-  فمرض فأتاه النبي –صلى الله عليه وسلم-  يعوده فقعد عند رأسه فقال له: «أسلم» فنظر إلى أبيه وهو عنده فقال: له أطع أبا القاسم، فأسلم، [وفي رواية النسائي فقال: أشهد أن لا إله إلا الله وأن محمداً رسول الله]، فخرج النبي –صلى الله عليه وسلم-  وهو يقول: «الحمد لله الذي أنقذه من النار» [وفي رواية أبي داود: أنقذه بي من النار]([16]). وغير ذلك كثير.

*  وكان –صلى الله عليه وسلم-  رحيماً بالمؤمنين، قال الله تعالى: {لَقَدْ جَاءَكُمْ رَ‌سُولٌ مِّنْ أَنفُسِكُمْ عَزِيزٌ عَلَيْهِ مَا عَنِتُّمْ حَرِ‌يصٌ عَلَيْكُم بِالْمُؤْمِنِينَ رَ‌ءُوفٌ رَّ‌حِيمٌ}([17])، فقد بعث الله تعالى النبي –صلى الله عليه وسلم-  للناس كافة، وهو من أنفس المؤمنين خاصة، يعرفون حاله، ويتمكنون من الأخذ عنه، وهو في غاية النصح لهم، والسعي في مصالحهم، ويشق عليه الأمر الذي يشق عليهم، ويحب لهم الخير، ويسعى جاهداً في إيصاله إليهم، ويحرص على هدايتهم إلى الإيمان، ويكره لهم الشر، وهو شديد الرأفة والرحمة بهم، أرحم بهم من والديهم؛ ولهذا كان حقُّهُ مُقدّماً على سائر حقوق الخلق، وواجب على الأمة الإيمان به، وتعظيمه، وتعزيره وتوقيره([18]).

وقال الله عز وجل: { النَّبِيُّ أَوْلَىٰ بِالْمُؤْمِنِينَ مِنْ أَنفُسِهِمْ ۖ وَأَزْوَاجُهُ أُمَّهَاتُهُمْ ۗ وَأُولُو الْأَرْ‌حَامِ بَعْضُهُمْ أَوْلَىٰ بِبَعْضٍ فِي كِتَابِ اللَّـهِ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُهَاجِرِ‌ينَ إِلَّا أَن تَفْعَلُوا إِلَىٰ أَوْلِيَائِكُم مَّعْرُ‌وفًا ۚ كَانَ ذَٰلِكَ فِي الْكِتَابِ مَسْطُورً‌ا } ([19])، أقرب مال للإنسان نفسه، فالرسول أولى به من نفسه؛ لأنه –صلى الله عليه وسلم-  بذل لهم النصح والشفقة والرأفة؛ فلذلك وجب على العبد إذا تعارض مراد نفسه مع مراد الرسول –صلى الله عليه وسلم-  أن يُقدّم مُراد الرسول –صلى الله عليه وسلم-  ، وأن لا يُعارض قول الرسول –صلى الله عليه وسلم-  بقول أحد من الناس، كائناً من كان، وأن يُقدّم محبّته على محبّة الناس كلهم([20]).

وقال سبحانه وتعالى: {فَبِمَا رَ‌حْمَةٍ مِّنَ اللَّـهِ لِنتَ لَهُمْ ۖ وَلَوْ كُنتَ فَظًّا غَلِيظَ الْقَلْبِ لَانفَضُّوا مِنْ حَوْلِكَ ۖ فَاعْفُ عَنْهُمْ وَاسْتَغْفِرْ‌ لَهُمْ وَشَاوِرْ‌هُمْ فِي الْأَمْرِ‌ ۖ فَإِذَا عَزَمْتَ فَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّـهِ ۚ إِنَّ اللَّـهَ يُحِبُّ الْمُتَوَكِّلِينَ }([21]).

ورحمته –صلى الله عليه وسلم-  للناس جميعاً : فعن جرير بن عبد الله –رضى الله عنه-  قال: قال رسول الله –صلى الله عليه وسلم-: «من لا يَرحَمِ الناس لا يَرحَمُه الله عز وجل»([22]). وعن أبي هريرة –رضى الله عنه-  قال: سمعت أبا القاسم –صلى الله عليه وسلم-  يقول: «لا تُنزعُ الرحمة إلاّ من شقي»([23]).

وعن عبد الله بن عمرو رضي الله عنهما قال: قال رسول الله –صلى الله عليه وسلم-  : «الراحمون يرحمهم الرحمن، ارحموا مَن في الأرض يرحمكم مَن في السماء، الرَّحِمُ شُجنةٌ من الرحمن، فمن وصلها وصله الله ومن قطعها قطعه الله»([24]).

*ومن رحمته –صلى الله عليه وسلم-  رحمتهُ للصبيان : فعن أنس بن مالك –رضى الله عنه-  قال: جاء شيخٌ يريد النبي –صلى الله عليه وسلم-  فأبطأ القوم عنه أن يُوسِّعوا له فقال النبي –صلى الله عليه وسلم-  : «ليس مِنَّا من لم يرحم صغيرنا، ويوقِّرُ كبيرنا»([25]).

*ورحمتهُ –صلى الله عليه وسلم-  للبنات : فعن أبي سعيد الخدري –رضى الله عنه-  قال: قال رسول الله –صلى الله عليه وسلم-  : «لا يكون لأحد ثلاث بنات، أو ثلاث أخوات، أو بنتان، أو أختان فيتقي الله فيهنَّ ويحسن إليهنَّ إلا دخل الجنة»([26]).

*ورحمتهُ –صلى الله عليه وسلم-  للأيتام : فعن أبي هريرة –رضى الله عنه-  قال: قال رسول الله –صلى الله عليه وسلم-: «كافل اليتيم له أو لغيره أنا وهو كهاتين في الجنة» وأشار مالك أحد رواة الحديث بالسبابة والوسطى([27]). وعن أبي هريرة –رضى الله عنه-  : أن رجلاً شكا إلى رسول الله –صلى الله عليه وسلم-  قسوة قلبه، فقال له: «امسح رأس اليتيم، وأطعم المسكين»([28]).

*ورحمتهُ –صلى الله عليه وسلم-  للمرأة والضعيف : فعن أبي هريرة –رضى الله عنه-  قال: قال رسول الله –صلى الله عليه وسلم-  : «اللهم إنِّي أُحَرِّج([29]) حقّ الضعيفين: اليتيم والمرأة»([30]). وعن عامر بن الأحوص –رضى الله عنه-  أنه شهد حجة الوداع مع رسول الله –صلى الله عليه وسلم-  فحمد الله وأثنى عليه، وذَكّر ووعظ ثم قال: «استوصوا بالنساء خيراً؛ فإِنهنَّ عندكم عوانٍ، ليس تملكون منهنّ شيئاً غير ذلك»([31]).

*ورحمتهُ –صلى الله عليه وسلم-  للأرملة والمسكين : فعن أبي هريرة –رضى الله عنه-  قال: قال النبي –صلى الله عليه وسلم-  : «الساعي على الأرملة والمسكين كالمجاهد في سبيل الله، أو القائم الليل الصائم النهار»، ولفظ مسلم: «الساعي على الأرملة والمسكين كالمجاهد في سبيل الله، وكالقائم لا يفتر، والصائم لا يفطر»([32]). وعن عبد الله بن أبي أوفى –رضى الله عنه-  قال: كان رسول الله –صلى الله عليه وسلم-  يُكثِرُ الذّكر، ويُقِلُّ اللّغْوَ، ويُطيل الصلاة، ويقصر الخطبة، ولا يأنف أن يمشي مع الأرملة والمسكين يقضي له الحاجة([33])

*ورحمته –صلى الله عليه وسلم-  لطلاب العلم والشفقة عليهم: فعن أبي سعيد –رضى الله عنه-  عن رسول الله –صلى الله عليه وسلم-  قال: «سيأتيكم أقوامٌ يطلبون العلم، فإذا رأيتموهم فقولوا: مرحباً مرحباً بوصية رسول الله –صلى الله عليه وسلم-، وأقنوهم» قلت للحكم: ما أقنوهم؟ قال: علّموهم([34])

*ورحمته –صلى الله عليه وسلم-  للأسرى : فعن أبي موسى –رضى الله عنه-  قال: قال رسول الله –صلى الله عليه وسلم- : «فُكُّوا العاني -يعني الأسير- وأطعموا الجائع، وعُودوا المريض»([35])، وهذا الحديث فيه رحمة النبي –صلى الله عليه وسلم-  للأسرى المسلمين، والأمر بفَكِّهم، والأمر بإطعام الجائع، وعيادة المريض.

*ورحمته –صلى الله عليه وسلم-  للمرضى والشفقة عليهم: فعن ثوبان –رضى الله عنه-  قال: قال رسول الله –صلى الله عليه وسلم-  : «من عاد مريضاً لم يزل في خرفة الجنة حتى يرجع» قيل: يا رسول الله! وما خرفة الجنة؟ قال: «جناها»([36]). وعن علي –رضى الله عنه-  قال: سمعت رسول الله –صلى الله عليه وسلم-  يقول: «ما من مسلم يعودُ مسلماً غدوة إلا صلَّى عليه سبعون ألف ملكٍ حتى يُمسي، وإن عاده عشية إلا صلى عليه سبعون ألف ملك حتى يُصبح، وكان له خريفٌ في الجنة»([37]). وعن ابن عباس رضي الله عنهما، عن النبي –صلى الله عليه وسلم-  قال: «مَن عاد مريضاً لم يحضر أجله فقال عنده سبع مرات: أسأل الله العظيم رب العرش العظيم أن يشفيك، إلاّ عافاه الله من ذلك المرض»([38]).


 


([1])   سورة الأنبياء، الآية: 107 .

([2])   تيسير الكريم الرحمن في تفسير كلام المنّان، للسعدي، ص532 .

([3])   مسلم، برقم 2599 .

([4])   رواه ابن سعد، 1/192، وابن أبي شيبة 11/504، والحاكم، 1/35، وصححه الألباني في سلسلة الأحاديث الصحيحة بطرقه، برقم 490 .

([5])   مسلم، برقم 2355 .

([6])   سورة البقرة، الآية: 190 .

([7])   انظر: المغني لابن قدامة 13/175-179.

([8])   انظر: تفسير ابن كثير 1/227 وعناصر القوة في الإسلام ص212.

([9])   البخاري برقم 3014، ورقم 3015 .

([10])   مسلم، كتاب الجهاد والسير، باب تأمير الإمام الأمراء على البعوث 3/1357 (رقم 1731).

([11])   انظر المرجع السابق 3/1357، وزاد المعاد 3/100.

([12])   سورة الأنفال، الآية: 58.

([13])   أبو داود، كتاب الجهاد، باب في الإمام يكون بينه وبين العدو عهد فيسير إليه 3/83 (رقم 2759)، وانظر: صحيح سنن أبي داود 2/528، والترمذي، كتاب السير، باب ما جاء في الغدر (رقم 1580) وقال: هذا حديث حسن صحيح.

([14])   استفهام، أي فمرني بما شئت، انظر: فتح الباري، 6/316 .

([15])   البخاري برقم 3231، ومسلم برقم 1795 .

([16])   البخاري، برقم 1356، ورقم 5657، وانظر: فتح الباري، 3/219 .

([17])   سورة التوبة، الآية: 128 .

([18])   تيسير الكريم الرحمن في تفسير كلام المنان، للسعدي، ص357 .

([19])   سورة الأحزاب، الآية: 6 .

([20])   تيسير الكريم الرحمن في تفسير كلام المنان، ص659 .

([21])   سورة آل عمران، الآية: 159 .

([22])   مسلم، برقم 2319 .

([23])   الترمذي، برقم 1923، وحسنه الألباني في صحيح الترمذي، 2/350 .

([24])   الترمذي، برقم 1924، وصححه الألباني في صحيح الترمذي، 2/350 .

([25])   الترمذي، برقم 1919، وصححه الألباني في صحيح الترمذي، 2/348 .

([26])   أبو داود، برقم 5147، والترمذي برقم 1912 و1916، وقال عنه الألباني في صحيح الترغيب والترهيب 2/429: (صحيح لغيره).

([27])   مسلم، برقم 2983، والبخاري من حديث سهل بن سعد برقم 605 .

([28])   أحمد، 14/558، برقم 9018، وقال الإمام المنذري في الترغيب والترهيب، 3/323: ((رواه أحمد ورجاله رجال الصحيح)) وحسّنه، الألباني لغيره في صحيح الترغيب والترهيب، 2/676. وقد ضعّفه أصحاب الموسوعة الحديثية في تحقيق مسند الإمام أحمد 13/21، برقم 7576، ولفظه: ((إن أردت أن يلين قلبك فأطعم المسكين، وامسح رأس اليتيم)) وفي 14/558، برقم 9018، بلفظ ما في متن هذا البحث.

([29])   أحرّج: أي أضيقه وأحرمه على من ظلمهما. النهاية في غريب الحديث، 1/361 .

([30])   ابن ماجه برقم 3678، وحسّنه الألباني في صحيح ابن ماجه، 2/298 .

([31])   ابن ماجه، برقم 1851، وحسّنه الألباني في صحيح ابن ماجه، 2/120 ، ورواه الترمذي أيضاً والنسائي، وانظر: إرواء الغليل، برقم 1997 .

([32])   البخاري، برقم 5353، 606، 607 ، ومسلم، برقم 2982 .

([33])   النسائي، برقم 1415، وصححه الألباني في صحيح النسائي، 1/456 .

([34])   الترمذي، برقم 2650، 2651، وابن ماجه برقم 247، وحسّنه الألباني في صحيح ابن ماجه 1/98 .

([35])   البخاري، برقم 3046 .

([36])   مسلم، برقم 2568 .

([37])   الترمذي، برقم 969، وصححه الألباني في صحيح الترمذي، 1/497 .

([38])   أبو داود، برقم 3106، والترمذي برقم 2083، وصححه الألباني في صحيح أبي داود، برقم 3160 .


]]>
es.islamcenter@gmail.com (mona) السيرة النبوية Sat, 05 Jan 2013 16:29:37 +0000