Web Hits مقالات مركز الإسلام | موقع مختص بالتعرف بالإسلام وتعليم مبادئ الدين الحنيف ( عقيدة - صلاة - زكاة - صوم - حج - عمرة - السيرة النبوية ) على ما جاء في القرآن والسنه http://islam-centers.net/ar/islamic-definition/article-islamic-definition/58.html Mon, 28 Dec 2020 14:05:48 +0000 Joomla! 1.5 - Open Source Content Management ar-dz كيف استقمنا في الحج؟ http://islam-centers.net/ar/islamic-definition/article-islamic-definition/58-2010-06-15-13-50-55/427-2012-12-31-09-30-16.html http://islam-centers.net/ar/islamic-definition/article-islamic-definition/58-2010-06-15-13-50-55/427-2012-12-31-09-30-16.html 1024x768

كيف استقمنا في الحج؟

 الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على سيد المرسلين

الملاحظ على كثير من الحجاج –ولله الحمد والمنة- الاستقامة والانصياع، التام لأوامر الشرع، خلال أداء نسكهم

فهم يستجيبون للأوامر، وينتهون عن النواهي، تجدهم يسألون عن دقائق الأمور

هل كسر الظفر يؤثر على الحج؟

ما حكم الاضطباع، ومتى يكون؟

هل السنة في الدعاء الركوب أم أدعو وأنا نازل؟

إلى غير ذلك من الأسئلة التي تشعر من خلالها أنهم حريصون أشد الحرص على تكميل حجهم

وأذكر في حج هذا العام أنا شاب كان معي يسألني عن كل سٌنة فعلها المصطفى صلى الله عليه وسلم في حجه

وآخر ليس عليه آثار الاستقامة ومع ذلك كان حريصًا لحسن ظنه بي أن يسير معي في كل منسك من المناسك لحرصه على تطبيق السنة

وكل هذا من الظواهر المفرحة المبشرة بوجود الخير في أفراد الأمة وصدق الرسول صلى الله عليه وسلم: "أمتي كالغيث لا يدري الخير في أوله أم في آخره "

عندها سألت نفسي كيف استقمنا في الحج وحصل عند كثير منا التفريط في غير الموسم

لا شك أن هناك أسبابًا جعلت كثير من الحجاج يستقيمون على شرع الله تعالى هذه الأيام

ولعل منها ما يلي:

1) استحضار ثواب الأعمال:

أن كثيرًا من الحجاج ما خرج نحسبهم إلا لطلب للأجر والثواب

لقد استحضروا أن الحج المبرور ليس له جزاء إلا الجنة فخرجوا من أجل طلبها.

واستحضروا أن من حج ولم يرفث ولم يفسق رجع من ذنوبه كيوم ولدته أمه.

فدفعهم هذا المطلب النفيس لإنفاق الأموال والتضحية بالأوقات وتحمل لصعاب

ولو استحضروا باقي النصوص الدالة على ثواب الطاعات لقاموا بها بنفوس مطمئنة وقلوب منشرحة

خذ على سبيل المثال:

أعظم مطلب للمؤمن رؤية وجه الكريم في جنات النعيم وبالمحافظة على صلاتين والمداومة عليها يفوز المسلم بهذا الفضل الذي لا يوازيه فضل يقول المصطفى صلى الله عليه وسلم : "إنكم سترن ربكم كما ترون القمر ليلة البدر فإن استطعتم أن لا تُغلبوا على صلاة قبل طلوع الشمس وقبل غروبها فافعلوا" يعني صلاة الفجر والعصر

فلماذا لا تحرص على هاتين الصلاتين لتفوز بهذا الفضل العظيم

تأمل في فضل بقية الأعمال تأمل في الصدقة في فضل البر في فضل الصلة في فضل تلاوة القرآن في فضل الذكر في فضل الدعوة وغيرها من العبادات عندها تندفع لفعلها وتسابق غيرك إليها.

مما أعان الحجيج على الطاعات تذكر الجنة والنار

لقد دعا حجاج بيت الله الحرام عند الصفا والمروة وعلى صعيد عرفات وذرفت منهم الدموع عند المشعر وبعد رمى الجمرات.

وكان من دعائهم ربنا أدخلنا الجنة واستحضروا نعيمها وخيرات، ودعوا ربهم اللهم أجرنا من النار واستحضروا عذابها وأغلالها وسمومها

وهكذا إذا التزموا بهذه الدعوات صباح ومساء وكانت الجنة والنار نصب عينهم راغبين في الفوز بالجنة والنجاة من النار

عملوا لأجل الفوز بهذا المطلب والنجاة من ذلك العذاب

فاستحضر- يا رعاك الله- قرب الجنة والنار منك 00وفي الحديث: " الجنة أقرب إلى أحدكم من شراك نعله والنار مثل ذلك"

مما أعان الحجيج على الاستقامة في الحج

استحضار قصر مدة الحج

فهم يعلمون أنها خمسة أيام تقريبًا فصبّروا أنفسهم على الطاعات ومنعوها من الشهوات

ولو استحضروا قصر الدنيا وأنها أضغاث أحلام أو كطيف زار في المنام وأن المكث فيها قليل والبقاء فيها يسير لدفعهم هذا الأمر للاستمرار عل الطاعات بقية عمرهم حتى الممات

قال تعالى: {كأنهم يوم يرونها لم يلبثوا إلا عشية أو ضحاها}

ويقول مبينًا قصر عمر الدنيا أيضًا: {ويوم يحشرهم كأن لم يلبثوا إلا ساعة من نهار يتعارفون بينهم }

فلئن نظرات أيها الأخ المبارك إلى قصر أيام الحج و زورت في نفسك أنها أيام قلاقل وصبرت نفسك عن المعاصي، فتذكر قصر الدنيا وأنها لا تساوي شيئًا عند الآخرة .

تذكر أهل القبور مذ كم وهم محبوسون في قبورهم .

تذكر طول عمر أهل الجنة وطول عمر أهل النار فاجتهد فيما بقي من عمرك الى ما يقربك من ربك ومولاك

مما أعان الحجاج على الطاعة خلال أيام الحج الاجتماع عليها

فهم قد اجتمعوا مع أناسٍ أعانهم على الطاعات فالجميع كان محافظًا على صلاة الجماعة

والكل مشتغل بالطاعات فهذا يصلي نافلة وذاك يتلوا القرآن وأخر قدجلس يذكر ربه ورابع قد خلى بمولاه يدعوه خير الدنيا والآخرة فدفعتهم هذه الصور لأن يتأسوا بهم ويشاركوهم هذا الطاعات

يذكر لي أحد الأخوة أنه كان معهم شاب كان طول وقته مشتغلًا بالطاعات فهو إما مصليًا أو داعيًا أو تاليًا للقرآن قد وزع وقته على تلكم الطاعات.

وهذا يذكرنا بأمرين:

الأول: أهمية الجماعة المسلمة .

الثاني: فضل الصحبة الطيبة .

أما أهمية الجماعة المسلمة

فكم في الشرع من نصوص تحث الاجتماع كقوله صلى الله عليه وسلم :" عليكم بالجماعة"

فعندما تجتمع الأمة على الخير يكون هذا أعظم دافع للطاعات0

وأما أهمية الصحبة الطيبة:

فهنا أرسل إلى كل حاج بل إلى كل مسلم إن يعيد النظر في صحبته؛ هل هي مما يعينك على الطاعة فإن كانت كذلك فألزمها

وإلا فلا مساومة على هذا الأمر

لقد ذكر الله الأصحاب وأنهم أعداء يوم القيامة إلا المتقين فقال تعالى : { الإخلاء يومئذٍ بعضهم لبعض عدو إلا المتقين}

وذكر فرط حسرة الخليل على صحبة خليلة الذي كان سببًا في إغوائه و وروده النار فقال تعالى: {ويوم يعض الظالم على يديه يقول يا ليتني اتخذت مع الرسول سبيلًا يا ويلتي لبتني لم اتخذ فلانًا خليلًا * لقد أضلني عن الذكر بعد أن جاءني وكان الشيطان للإنسان خذولًا}

فأعد النظر - يا رعاك الله - في أصدقائك واستمسك بالصالحين

والزم غرز المطيعين

مما أعان الحجاج على الاستقامة خلال أيام الحج

استحضار مراقبة الله لهم

فخافوا أن يطلع الله عليهم في حالة لا ترضيه فابتعدوا عن كل ما يغضبه

فليتذكر الحاج أن الله مطلع عليه في كل وقت وفي أي مكان

يقول تعالى : { إن الله لا يخفى عليه شيء في الأرض ولا في السماء }

تذكر إذا همت بمعصية النظر أن نظر الله إليك أسرع من نظرك إلى تلك المعصية

تذكر أن سمع الله إليك أقرب من سمعك إلى تلك المعصية

إذا ما خلوت الدهر يومًا *** فلا تقل خلوتُ ولكن قل علي رقيب

ولا تحسبن الله يغفل ساعة *** ولا أن ما تخفيه عنه يغيب

مما أعان الحجيج على الاستقامة خشيتهم من بطلان عملهم؛ فهم تعبوا خلال هذه الفترة وأنفقوا أموالهم وفارقوا أوطانهم فخافوا أن تُرد عليهم أعمالهم فحرصوا كل الحرص على تكميل الحج وأداء النسك فأقول لهم أيضًا

ينبغي أن تكون هكذا أيها المسلم على الدوام خائفًا من رد عملك راجيًا قبوله ولا يكون ذلك إلا بالبعد عن المعاصي والمحرمات التي بلا شك لها تأثيرها على البالغ على قبول سائر الأعمال .

ختامًا:

أقول لك أيها الحاج المبارك:

وقد استقمت على طاعة الله ومنّ الله عليك بهذه العبادات

تذكر فضل الله عليك إذ منع غيرك عن طاعته وأذِن لك لتطيعه

تذكر منة الله عليك فو الله لو أنفقت ملء الأرض ذهبًا ما وفيت شكر هذه النعمة

وأعلم أن من علامات القبول متابعة الحسنات وتوالى الطاعات .

وتذكر أن الأعمال بالخواتم

ختم الله لنا بخير، وتقبل الطاعات، وتجاوز عن الهفوات، إنه سميع قريب مجيب للدعوات.

]]>
es.islamcenter@gmail.com (mona) الحج والعمرة Mon, 31 Dec 2012 09:29:55 +0000
جزاء الحج المبرور http://islam-centers.net/ar/islamic-definition/article-islamic-definition/58-2010-06-15-13-50-55/426-2012-12-31-09-06-30.html http://islam-centers.net/ar/islamic-definition/article-islamic-definition/58-2010-06-15-13-50-55/426-2012-12-31-09-06-30.html Normal 0 false false false EN-US X-NONE AR-SA

جزاء الحج المبرور

نبذة مختصرة عن الخطبة:

ألقى فضيلة الشيخ أسامة بن عبد الله خياط - حفظه الله - خطبة الجمعة بعنوان: "جزاء الحج المبرور"، والتي بيَّن فيها ما للحج من مكانة ومنزلةٍ في الشريعة الإسلامية، وذلك لما له من فضائل ذكر بعضها الشيخ في خطبته، وحثَّ على ضرورة المحافظة على الحج وصونه من كل ما يشوبه من رَفَثٍ وفسقٍ وجدال يُحبِط الحج، أو يُنقِص أجر صاحبه، وضرورة إطابة المطعم والمشرب والنفقة وغير ذلك، والعبد في كل هذا يكون مخلصًا لله - جل وعلا -، مُتبعًا لسنة رسوله - صلى الله عليه وسلم -.

الخطبة الأولى:

الحمد لله الذي فرض على عباده حجَّ بيته الحرام، أحمده - سبحانه - جعل ثواب الحج المبرور: الجنةَ دار السلام، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن سيدنا ونبينا محمدًا عبد الله ورسوله نبيُّ الرحمة سيد الأنام، اللهم صلِّ وسلِّم على عبدك ورسولك محمد، وعلى آله وصحبه الأئمة الأبرار الأعلام.

أما بعد:

فاتقوا الله - عباد الله -، وأخلِصوا له العمل وراقِبوه.

أيها المسلمون:

غاية المُنى لأولي النُّهَى: دخول الجنة دار النعيم المُقيم، والنظرُ فيها إلى وجه الربِّ الكريم، ثوابًا من عند الله أعدَّه لمن آمن وعمل صالحًا يرجو به إلى الله الزُّلْفى وحسن المَئاب.

ألا وإن من أعظم الأعمال أجرًا، وأرفعها مقامًا: الحج المبرور، الذي أوضح نبي الله - صلوات الله وسلامه عليه - جزاءه بقوله - في الحديث الذي أخرجه الشيخان في "صحيحيهما" عن أبي هريرة - رضي الله عنه - أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: «العمرة إلى العمرة كفارةٌ لما بينهما، والحجُّ المبرور ليس له جزاءٌ إلا الجنة».

وإنه لجزاءٌ ضافٍ يحفِزُ هِمَم أولي الألباب، ويستحِثُّ خُطى المتقين لإدراكه والظَّفَر به، ويحمِلهم على تبيُّن حقيقة الحج المبرور الذي وُعِد ليه بهذا المبعوث.

إنه - يا عباد الله - الحج المقبول الذي لا يُخالطه شيءٌ من الإثم، وهو الذي وقع موافقًا لما طُلِب من المسلم على الوجه الأكمل، ولا يكون كذلك إلا بإخلاص الحاج لله ومتابعته رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في أدائه، وذلك يقتضي منه أن يُعلِّق قلبه بربه وحده، مُستيقنًا أن الأمور كلها بيده - سبحانه - وأنه المُعطي المانع، النافع الضار، المُحيي المُميت، وأن غيره لا يملك لنفسه نفعًا ولا ضرًّا، ولا يملك موتًا ولا حياةً ولا نشورًا، {يُولِجُ اللَّيْلَ فِي النَّهَارِ وَيُولِجُ النَّهَارَ فِي اللَّيْلِ وَسَخَّرَ الشَّمْسَ وَالْقَمَرَ كُلٌّ يَجْرِي لِأَجَلٍ مُسَمًّى ذَلِكُمُ اللَّهُ رَبُّكُمْ لَهُ الْمُلْكُ وَالَّذِينَ تَدْعُونَ مِنْ دُونِهِ مَا يَمْلِكُونَ مِنْ قِطْمِيرٍ (13) إِنْ تَدْعُوهُمْ لَا يَسْمَعُوا دُعَاءَكُمْ وَلَوْ سَمِعُوا مَا اسْتَجَابُوا لَكُمْ وَيَوْمَ الْقِيَامَةِ يَكْفُرُونَ بِشِرْكِكُمْ وَلَا يُنَبِّئُكَ مِثْلُ خَبِيرٍ} [فاطر: 13، 14].

فيُقبِل عليه، ويصرف كل أنواع العبادة إليه، مُتذكِّرًا أن التوجُّه إلى غيره بأي لون من ألوان العبادة شركٌ مُحبِطٌ للعمل، مُستحضرًا قول ربه - سبحانه - في مآل أعمال من أشرك به: {وَقَدِمْنَا إِلَى مَا عَمِلُوا مِنْ عَمَلٍ فَجَعَلْنَاهُ هَبَاءً مَنْثُورًا} [الفرقان: 23].

وأيُّ مقامٍ أجدَر بأن يُذكَر فيه اسم الله، ويُسار فيه على طريق خالقنا في إعلام التوحيد لله من مقام الحاج عند بيت الله الذي قصَدَه، وفي مناسك حجه التي تلبَّسَ بها، وفي متابعة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بالاهتداء بهديه، والاستنان بسنته، وتقديم قوله على قول كل أحدٍ من الناس مهما عظُمَ شأنه، وعلا كعبه، وتألَّق مثله، امتثالاً لأمر الله القائل - سبحانه -: {وَمَا آتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانْتَهُوا} [الحشر: 7]، وامتثالاً لقوله: {وَإِنْ تُطِيعُوهُ تَهْتَدُوا} [النور: 54]، بهذه المتابعة يطمئن الحاج إلى موافقة الصواب في أعمال حجه؛ فإن النبي - صلى الله عليه وسلم - بيَّن لأمته في حجة الوداع، بيَّن لهم المناسك بيانًا واضحًا جليًّا لا خفية فيه قائلاً: «لتأخذوا عني مناسككم»، كما جاء في حديث جابر بن عبد الله الأنصاري - رضي الله عنه - في وصف حجة النبي - صلى الله عليه وسلم -؛ أخرجه مسلم في "صحيحه"، وغيره.

وبهذه المتابعة يحذر الحاج من الوقوع في كل ما يجرح حجَّه، أو يُنقِصُ أجره، لا سيما حين يعلم ما جاء في سنته - عليه الصلاة والسلام - من كريم الأجر لمن صانَ حجَّه عن كل ما يُكدِّر صفوه، وذلك ما جاء في الحديث الذي أخرجه الشيخان في "صحيحيهما" عن أبي هريرة - رضي الله عنه - أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: «من حجَّ فلم يرفُث ولم يفسُق رجع كيوم ولدَته أمه».

والرَّفَث هو: غشيان النساء ودواعيه والكلام فيه وتكرار النظر على وجه الاستمتاع، وأما الفسق فيدخل فيه أعمال الفسق، وما يحرم من الكلام؛ كالكذب، والغيبة، والنميمة، والسِّباب، والجدال المُفضِي إلى الخصومة وإيغار الصدور، لا سيما إذا اقترن برفع الأصوات بالكلام الذي يتخلَّى به سامعه.

فإذا استشعر الحاج في كل خطوةٍ يخطوها، وفي كل منسكٍ يُؤدِّيه أنه في هذا المكان الشريف، والبِقاع المُطهَّرة الذي اجتمع فيها شرفُ المكان، وشرفُ الزمان، وشرفُ الشعائر، استيقَن أنه لا مكان فيها لرفَثٍ ولا لفسوقٍ ولا لجدال، فيُمضِي أيام حجِّه مُنفِقًا كل جزءٍ من وقته في طاعة ربه، تلاوةً وذكرًا وصلاةً وطوافًا بالبيت، وإنفاقًا في وجوه البر، وإحسانًا في كل ضروب الإحسان؛ فإن النفقة في الحج مما يُخلَف على صاحبه.

كما جاء في الحديث الذي أخرجه الحاكم في "مستدركه" بإسنادٍ صحيحٍ عن عائشة - رضي الله عنها - أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال لها في حجرتها: «إن لكِ من الأجر على قدرِ نصَبِكِ ونفقتكِ»، على أن تكون من كسبٍ حلالٍ طيبٍ؛ فإن الله طيبٌ لا يقبلُ إلا طيبًا، ويُعقِبُه ذلك ويُخلِفُه لذَّةً وسرورًا وانشراحًا وحبًّا لله تعالى ولرسوله - صلى الله عليه وسلم -، ولدينه كلما أقبل على ربه، واشتغل بقصد مرضاته.

ويرجع إلى بلده وقد صار حالُه أحسن مما كان عليه، وهو علامةٌ عند كثيرٍ من العلماء على الحج المبرور، فاتقوا الله - عباد الله -، واحرصوا على أن يكون حجُّكم مبرورًا بالانقياد لله فيه؛ فإنه مدارُ العمل المقبول، وبالمتابعة لرسول الله - صلى الله عليه وسلم - والاهتداء بهديه، وتقديم قوله على قول كل أحدٍ غيره، وإطابة الكسب والنفقة، والحذر من الرياء والسمعة والفخر والخُيَلاء، واجتناب الرَّفَث والفسوق والجدال، وكل ما يُنافي مقصود الحج، أو يُنقِصُ أجره، أو يصرفه عن حقيقته، أو يُغيِّر صفته التي شرعها الله وبيَّنها رسوله - صلى الله عليه وسلم - في صحيح سنته، حتى لا تذهب مشقة السفر ونفقاته وعناء مفارقة الأهل والأولاد والأوطان سُدى من شوبِها مما يُفسِد الأعمال أو يُنقِصُ أجرها، أو يُذهِب من المقصود منها.

أعوذ بالله من الشيطان الرجيم: {الْحَجُّ أَشْهُرٌ مَعْلُومَاتٌ فَمَنْ فَرَضَ فِيهِنَّ الْحَجَّ فَلَا رَفَثَ وَلَا فُسُوقَ وَلَا جِدَالَ فِي الْحَجِّ وَمَا تَفْعَلُوا مِنْ خَيْرٍ يَعْلَمْهُ اللَّهُ وَتَزَوَّدُوا فَإِنَّ خَيْرَ الزَّادِ التَّقْوَى وَاتَّقُونِ يَا أُولِي الْأَلْبَابِ} [البقرة: 197].

نفعني الله وإياكم بهدي كتابه، وبسنه نبيه - صلى الله عليه وسلم -، أقول قولي هذا، وأستغفر الله العظيم الجليل لي ولكم ولجميع المسلمين من كل ذنبٍ، إنه هو الغفور الرحيم.

الخطبة الثانية:

إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا وسيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مُضِلَّ له، ومن يُضلِل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله، اللهم صلِّ وسلِّم على عبدك ورسولك محمد، وعلى آله وصحبه.

أما بعد، فيا عباد الله:

إن مشاق السفر الذي وصف رافعة رسولَ الله - صلى الله عليه وسلم - بقوله - في الحديث الذي أخرجه الشيخان في "صحيحيهما" -: «السفر قطعةٌ من العذاب، يمنعُ أحدَكم طعامه وشرابه ونومه»؛ أي: ما يألفه من طعامٍ وشرابٍ ونوم.

وكذا مشقة المفارقة، وإن مشقة مفارقة الأهل والأولاد والأوطان، ومشقة التضحية بالمال في النفقة، وغير ذلك من ألوان المشاق التي يُذلِّلها ويُسهِّلها ما يجده حاج بيت الله الحرام في قلبه من شدة حب الله، وقوة الإيمان به، وإيثار هذه المحبة على أشواق النفس ورغباته وحظوظها، فإذا منع الحاج نفسه وحجزَها عن اللغو والرَّفَث والفسوق والجدال والإيذاء، وألزَمَها حسن الأدب، وأخذها بالإحسان في كل ضروبه، وكان مطعمه ومشربه وملبسه ونفقته حلالاً، وأدى مناسكه وفق ما شرعه الله، مُخلِصًا له، مُتابعًا لرسوله - صلى الله عليه وسلم - استحقَّ هذا الثواب العظيم، الذي بيَّنه رسول الله - صلوات الله وسلامه عليه - بقوله: «من حجَّ فلم يرفُث ولم يفسُق رجع كيوم ولدَته أمه»؛ أخرجه البخاري ومسلم في "صحيحيهما".

وإنه - يا عباد الله - لثوابٌ ما أكرمه وما أعظمه، وما أسعد من حظِيَ به، فقد فاز عند الله فوزًا عظيمًا، فاتقوا الله - عباد الله -، واعملوا على الفوز بهذا الموعود تكونوا من المُفلِحين.

واذكروا على الدوام أن الله تعالى قد أمركم بالصلاة والسلام على خير الورى، فقال - جل وعلا -: {إِنَّ اللَّهَ وَمَلَائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا} [الأحزاب: 56].

اللهم صلِّ وسلِّم على عبدك ورسولك محمد، وارضَ اللهم عن خلفائه الأربعة: أبي بكر، وعمر، وعثمان، وعليٍّ، وعن سائر الآل والصحابة والتابعين، ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين، وعنَّا معهم بعفوك وكرمك وإحسانك يا خير من تجاوز وعفا.

اللهم أعِزَّ الإسلام والمسلمين، اللهم أعِزَّ الإسلام والمسلمين، اللهم أعِزَّ الإسلام والمسلمين، واحمِ حوزة الدين، ودمِّر أعداء الدين، وسائر الطغاة والمفسدين، وألِّف بين قلوب المسلمين، ووحِّد صفوفهم، وأصلِح قادتهم، واجمع كلمتهم على الحق يا رب العالمين.

اللهم انصر دينك وكتابك وسنة نبيك محمد - صلى الله عليه وسلم - وعبادك المؤمنين المجاهدين الصادقين.

اللهم آمِنَّا في أوطاننا، وأصلح أئمتنا وولاة أمورنا، وأيِّد بالحق إمامنا ووليَّ أمرنا، وهيِّئ له البِطانة الصالحة، ووفِّقه لما تحب وترضى يا سميع الدعاء.

اللهم وفِّقه ونائبَيْه وإخوانه إلى ما فيه خير الإسلام والمسلمين، وإلى ما فيه صلاح العباد والبلاد، يا من إليه المرجع يوم المعاد.

اللهم أحسِن عاقبتنا في الأمور كلها، وأجِرنا من خِزي الدنيا وعذاب الآخرة.

اللهم أصلح لنا ديننا الذي هو عصمة أمرنا، وأصلح لنا دنيانا التي فيها معاشنا، وأصلح لنا آخرتنا التي إليها معادُنا، واجعل الحياة زيادةً لنا في كل خير، والموتَ راحةً لنا من كل شر.

اللهم إنا نجعلك في نحور أعدائك وأعدائنا يا رب العالمين، اللهم إنا نجعلك في نحور أعدائك وأعدائنا يا رب العالمين، اللهم اكفِنا أعداءك وأعداءنا بما شئتَ، اللهم اكفِنا أعداءك وأعداءنا بما شئتَ يا رب العالمين، اللهم اكفِنا أعداءك وأعداءنا بما شئتَ يا رب العالمين.

اللهم إنا نعوذ بك من زوال نعمتك، وتحوُّل عافيتك، وفُجاءة نقمتك، وجميع سخطك.

اللهم اشفِ مرضانا، وارحم موتانا.

اللهم آتِ نفوسنا تقواها، وزكِّها أنت خيرُ من زكَّاها، أنت وليُّها ومولاها.

اللهم تقبَّل منَّا حجَّنا واجعله حجًّا مبرورًا يا رب العالمين.

{رَبَّنَا ظَلَمْنَا أَنْفُسَنَا وَإِنْ لَمْ تَغْفِرْ لَنَا وَتَرْحَمْنَا لَنَكُونَنَّ مِنَ الْخَاسِرِينَ} [الأعراف: 23]، {رَبَّنَا آتِنَا فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً وَفِي الْآخِرَةِ حَسَنَةً وَقِنَا عَذَابَ النَّارِ} [البقرة: 201].

وصلَّى الله وسلَّم على عبده ورسوله نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين، والحمد لله رب العالمين.

]]>
es.islamcenter@gmail.com (mona) الحج والعمرة Mon, 31 Dec 2012 09:06:05 +0000
السنن في مناسك الحج http://islam-centers.net/ar/islamic-definition/article-islamic-definition/58-2010-06-15-13-50-55/425-2012-12-31-08-36-49.html http://islam-centers.net/ar/islamic-definition/article-islamic-definition/58-2010-06-15-13-50-55/425-2012-12-31-08-36-49.html Normal 0 false false false EN-US X-NONE AR-SA MicrosoftInternetExplorer4

السنن في مناسك الحج

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وأصحابه، ومن والاه. أما بعد:

فإن الحج المبرور من أعظم المطالب للمؤمن؛ لأنه ليس له جزاء إلا الجنة، وهو الذي لا رياء فيه، ولا سمعة، ولم يخالطه إثمٌ، ولا يعقبه معصية، وهو الحج الذي وُفّيت أحكامه، ووقع موقعاً كما طُلب من المكلف، على الوجه الأكمل: من القيام بشروطه، وأركانه، وواجباته، وآدابه، ومستحباته([1]).

وسأقتصر على بيان سنن مناسك الحج التي يبلغ بها درجة الكمال، والإحسان باختصار عل النحو الآتي:

أولاً: سنن الإحرام:

1 – تقليم الأظفار، وقص الشارب، ونتف الإبطين، وحلق شعر العانة، قبل الإحرام؛ لما في ذلك من إزالة الأوساخ، والنظافة؛ ولأن ذلك من سنن الفطرة؛ لحديث أبي هريرة –رضى الله عنه- عن النبي –صلى الله عليه وسلم- قال: ((الفطرة خمس: الختان، والاستحداد، وتقليم الأظفار، ونتف الإبط، وقص الشارب))([2]).

2 – الغسل عند الإحرام؛ لحديث زيد بن ثابت –رضى الله عنه-  أنه رأى النبي –صلى الله عليه وسلم-  ((تجرد لإهلاله واغتسل))([3]).

3  -التطيب في البدن قبل الإحرام؛ لحديث عائشة رضي الله عنها، قالت: ((كان رسول الله –صلى الله عليه وسلم-  إذا أراد أن يُحرم تطيب بأطيب ما يجد، ثم أرى وبيص الطيب في رأسه ولحيته بعد ذلك)) ([4]).

4 – إحرام الرجل في إزار ورداء أبيضين؛ لحديث ابن عباس رضي الله عنهما، قال: قال رسول الله –صلى الله عليه وسلم-: ((البسوا من ثيابكم البياض فإنها من خير ثيابكم، وكفِّنوا فيها موتاكم...)) ([5]).

5 – الإحرام في نعلين؛ لحديث عبدالله بن عمر رضي الله عنهما عن النبي –صلى الله عليه وسلم-  أنه قال: ((ليحرم أحدكم في إزار ورداء ونعلين)) ([6]).

6 – الإحرام بعد صلاة فريضة؛ لأن النبي –صلى الله عليه وسلم-  أحرم بعد صلاة الظهر؛ لحديث ابن عباس رضي الله عنهما قال: ((صلى رسول الله –صلى الله عليه وسلم-  الظهر بذي الحليفة، ثم دعا بناقته وأشعرها في صفحة سنامها الأيمن، وقلدها نعلين ثم ركب راحلته، فلما استوت به على البيداء أهل بالحج...)) ([7]). فإن لم يكن في وقت صلاة فريضة، فإنه يصلي ركعتي الوضوء؛ لأن النبي –صلى الله عليه وسلم-  ((تجرد لإهلاله واغتسل)) وقد شرع –صلى الله عليه وسلم-  لأمته ركعتي الوضوء، والصواب أنها تُصلَّى في أي ساعة من ليل أو نهار، وإذا كان الإحرام من ميقات ذي الحليفة فصلَّى في وادي العقيق فريضة أو نافلة ثم أحرم بعدها، فلا بأس؛ لحديث عمر بن الخطاب –رضى الله عنه- ، قال: سمعت رسول الله –صلى الله عليه وسلم-  بوادي العقيق يقول: ((أتاني الليلة آتٍ من ربي فقال: صلِّ في هذا الوادي المبارك وقل عمرة في حجة)) ([8]).

7 – التحميد، والتسبيح، والتكبير عند الاستواء على المركوب قبل التلبية؛ لحديث أنس –رضى الله عنه-  قال: صلى رسول الله –صلى الله عليه وسلم-  ونحن معه بالمدينة الظهر أربعاً، والعصر بذي الحليفة ركعتين، ثم بات بها حتى أصبح، ثم ركب حتى استوت به على البيداء: حمد الله، وسبح، وكبَّر، ثم أهل بحج وعمرة، وأهل الناس بهما، فلما قدمنا أمر الناس فحلُّوا، حتى كان يوم التروية أهلُّوا بالحج)) ([9]).

قال الحافظ ابن حجر رحمه الله: ((قوله عند الركوب)) أي بعد الاستواء على الدابة لا حال وضع الرجل مثلاً في الركاب، وهذا الحكم – وهو استحباب التسبيح، وما ذكر معه قبل الإهلال – قلَّ من تعرض لذكره مع ثبوته)) ([10]).

8 – التلفظ بالإهلال بالتلبية ونية الدخول في النسك يكون عند الاستواء على المركوب؛ لحديث ابن عمر رضي الله عنهما قال: ((أهل النبي –صلى الله عليه وسلم-  حين استوت به راحلته قائمة)) ([11]).

9 – الإهلال بالتلبية مستقبل القبلة، فعن نافع قال: ((كان ابن عمر رضي الله عنهما إذا صلى الغداة بذي الحليفة أمر براحلته فرحلت له، ثم ركب فإذا استوت به استقبل القبلة قائماً ثم يلبِّي، حتى يبلغ الحرم ثم يمسك حتى إذا جاء ذا طُوىً بات حتى يصبح، فإذا صلى الغداة اغتسل، وزعم أن رسول الله –صلى الله عليه وسلم-  فعل ذلك)) ([12]).

وسمعت شيخنا ابن باز رحمه الله يقول عن هذا الحديث: ((وهذا يدل على استقبال القبلة عند الإهلال، وهو معلق صحيح)) ([13]). وقال الألباني رحمه الله: ((وقد وصله أبو نعيم في المستخرج)) ([14]).

10 – رفع الصوت بالتلبية؛ لحديث السائب بن خلاد –رضى الله عنه-  قال: قال رسول الله –صلى الله عليه وسلم-: ((أتاني جبريل فأمرني أن آمر أصحابي أن يرفعوا أصواتهم بالتلبية)) ([15]).

ثانياً: سنن دخول مكة:

11 –1- المبيت بذي طوى؛ لحديث نافع عن ابن عمر رضي الله عنهما قال: ((كان ابن عمر رضي الله عنهما إذا دخل أدنى الحرم أمسك عن التلبية، ثم يبيت بذي طوى،ثم يصلي به الصبح،ويغتسل،ويُحدّث أن النبي –صلى الله عليه وسلم- كان يفعله))([16]).

أما الإمساك عن التلبية إذا دخل الحرم، فسمعت شيخنا ابن باز رحمه الله يقول: ((المحفوظ عن النبي –صلى الله عليه وسلم- أنه كان يلبِّي حتى يشرع في الطواف، وهذا اجتهاد من ابن عمر رضي الله عنهما)) ([17]).

12 –2- الاغتسال لدخول مكة؛ لحديث نافع السابق أن ابن عمر كان يفعله ((ويحدث أن النبي –صلى الله عليه وسلم- كان يفعل ذلك)) ([18]).

13 –3- دخول مكة نهاراً، فعن نافع عن ابن عمر رضي الله عنهما قال: ((بات النبي –صلى الله عليه وسلم- بذي طوى حتى أصبح، ثم دخل مكة، وكان ابن عمر رضي الله عنهما يفعله)) ([19]).

وسمعت شيخنا ابن باز رحمه الله يقول: ((هذا هو الأفضل إن تيسر سواء في العمرة أو في الحج، وإن دخلها ليلاً
فلا بأس)) ([20])([21]).

14 –4- دخول مكة من أعلاها، والخروج من أسفلها إن تيسير، لحديث عائشة رضي الله عنها: ((أن النبي –صلى الله عليه وسلم- لما جاء إلى مكة دخل من أعلاها وخرج من أسفلها)) ([22]).

فأعلى مكة كَداء، وأسفلها كُدى، وهما موضعان بمكة([23])، وهما الثنية العليا، والثنية السفلى([24])، وسمعت شيخنا ابن باز رحمه الله يقول: ((وأهل مكة يقولون: ادخل وافتح، واخرج واضمم، كَداء، وكُداء))([25]).

وعن ابن عمر رضي الله عنهما قال: ((كان رسول الله –صلى الله عليه وسلم-  يدخل من الثنية العليا، ويخرج من الثنيَّة السفلى)) ([26]).

وهذا من باب الأفضلية، وسمعت شيخنا ابن باز رحمه الله يقول: ((وهذا هو الأفضل أيضاً)) ([27]).

15 –5- يقدم رجله اليمنى عند دخول المسجد الحرام، ويقول دعاء دخول المسجد([28]).

ثالثاً: سنن الطواف بالبيت الحرام:

16 –1- طواف القدوم، للقارن والمفرد.

17 –2- استلام الحجر الأسود وتقبيله مع التكبير، أو ما يقوم مقام ذلك، من استلامه باليد وتقبيلها، أو استلامه بشيء وتقبيل ذلك الشيء، أو الإشارة إليه مع التكبير([29]).

18 –3- استلام الركن اليماني.

19 –4- الرمل في الثلاثة الأشواط الأُوَل، والسير في الأربعة المتبقية، وذلك في طواف العمرة، وطواف الحج الأول.

20 – الاضطباع في طواف العمرة، وطواف الحج الأول أوَّلَ ما يدخل مكة.

21 –5- الدعاء في الطواف، والذكر.

22 –6- الدنوّ من البيت عند عدم المشقة.

23 –7- أن يقرأ قبل صلاة ركعتي الطواف: {وَاتَّخِذُواْ مِن مَّقَامِ إِبْرَاهِيمَ مُصَلًّى}.

24 –8- أن يصلِّي ركعتي الطواف.

25 -9- القراءة في ركعتي الطواف بـ: {قُلْ يَا أَيُّهَا الْكَافِرُون}. في الركعة الأولى بعد الفاتحة و{قُلْ هُوَ الله أَحَد} في الركعة الثانية بعد الفاتحة.

26 –10- الشرب من ماء زمزم بعد ركعتي الطواف،ويصب على رأسه، فقد ثبت أن النبي –صلى الله عليه وسلم- شرب منها بعد طواف القدوم،وبعد طواف الإفاضة.

27 –11- إذا فرغ من ركعتي الطواف سُنَّ عوده إلى الحجر فيستلمه ثم يخرج إلى الصفا وجاء في مسند أحمد، أنه عاد إلى  الحجر بعد صلاة الركعتين فاستلمه، ثم شرب من ماء زمزم، ثم عاد إلى الحجر فاستلمه، ثم خرج إلى الصفا([30]).

رابعاً: سنن السعي بين الصفا والمروة:

28 –1- الموالاة بين السعي والطواف،بأن لا يفصل بينهما بفصل طويل.

29 –2- يرقى على الصفا ويرقى على المروة، إلا النساء فيكفيهن أن يبدأن من الصفا ويختمنَ بالمروة.

30 – 3- يقرأ قوله تعالى: {إِنَّ الصَّفَا وَالْـمَرْوَةَ مِن شَعَآئِرِ الله}أبدأ بما بدأ الله به.

31 –4- يستقبل البيت وهو على الصفا حتى يراه أو يكون متجهاً حذاءه.

32 –5- يقول الذكر المشروع على الصفا، ويدعو رافعاً يديه.

33 –6- ستر العورة أثناء السعي بين الصفا والمروة.

34 –7- اجتناب النجاسة.

35 –8- يسعى على طهارة من الحدث الأكبر والأصغر.

36 –9- يسعى سعياً شديداً بين العلمين الأخضرين إلا النساء.

37 –10- الذكر والدعاء أثناء السعي بين الصفا والمروة.

38 –11- يقول على المروة ما قاله على الصفا ويفعل كذلك، إلا أنه لا يقرأ الآية.

39 –12- الموالاة بين أشواط السعي بحيث لا يفصل بينها بل تكون متصلة؛لأن الراجح أن الموالاة لا تشترط ولكن الأحوط الموالاة([31]).

خامساً: سنن الخروج إلى منى يوم الثامن (يوم التروية):

40 –1- يفعل ما فعله عند الميقات: من الغسل، والنظافة، وتقليم الأظفار، وحلق العانة، ونتف الإبط، وقص الشارب، ولبس الإزار والرداء.

41 –2- يحرم بالحج يوم التروية من منزله.

42 –3- يصلِّي صلاة الظهر، والعصر، والمغرب، والعشاء، والفجر في أوقاتها مع قصر الرباعية.

43 –4- المبيت بمنى ليلة عرفة حتى يصلي الفجر وتطلع الشمس.

سادساً: سنن الوقوف بعرفة:

44 –1- النزول بنمرة إن تيسر إلى الزوال.

45 –2- صلاة الظهر والعصر جمعاً وقصراً بنمرة يوم عرفة بعد الزوال.

46 –3- يستقبل القبلة في وقوفه يوم عرفة.

47 –4- يجعل الجبل بينه وبين القبلة إن تيسر وإلا فلا حرج.

48 –5- أن يكون على طهارة أثناء دعائه وذكره لله تعالى.

49 –6- يكثر من الدعاء،والذكر،والالتجاء إلى الله تعالى،ويرفع يديه في دعائه.

سابعاً: سنن المبيت بمزدلفة:

50 –1- يصلي المغرب والعشاء عند وصوله قبل حطّ الرِّحال جمعاً وقصراً.

51 –2- ينام مبكراً ليتقوَّى على أعمال يوم النحر.

52 –3- يقف بالمشعر الحرام بعد صلاة الفجر ويستقبل القبلة ويذكر الله تعالى.

53 –4- يدعو ويكبِّر ويهلِّل حتى يُسفر جداً،ثم يفيض قبل طلوع الشمس.

54 –5- يسرع في بطن محسرٍ إن تيسر له ذلك.

ثامناً: سنن يوم النحر في منى:

55 –1- يجعل مكة عن يساره ومنى عن يمينه أثناء رمي جمرة العقبة.

56 –2- الرمي يكون ضحىً إن تيسر.

57 –3- يكبر مع كل حصاة يرمي بها.

58 –4- يقطع التلبية عند رمي جمرة العقبة.

59 –5- يبدأ بالتكبير بدلاً من التلبية.

60 –6- يرتِّب هذه الأعمال يوم النحر: الرمي، ثم النحر، ثم الحلق، ثم يطوف طواف الإفاضة ويسعى بعده إذا كان عليه سعي، فإن قدَّم أو أخَّر شيئاً من هذه الأعمال فلا حرج.

تاسعاً: سنن أيام التشريق:

61 –1- الإكثار من التكبير،والتهليل،والتحميد ((التكبير المطلق، والمقيد)).

62 –2- الإكثار من ذكر الله تعالى في هذه الأيام المعدودات.

63 –3- أن يجمع الحاج بين الليل والنهار في منى؛ لأن النبي –صلى الله عليه وسلم-  بقي في منى كذلك.

64 –5- الدعاء عند الجمرة الأولى بعد رميها، يتقدم قليلاً ثم يستقبل القبلة ويدعو طويلاً.

65 –6- الدعاء عند الجمرة الثانية بعد رميها: يتقدم قليلاً ويأخذ ذات اليسار ويستقبل القبلة ويدعو طويلاً.

66 –7- لا يقف للدعاء بعد رمي الجمرة الكبرى بل يرميها ويمضي.

67 –8- أن يكون على طهارة من الحدث الأكبر والأصغر أثناء الرمي؛ لأنه من ذكر الله تعالى.

عاشراً: سنن طواف الوداع:

68 –1- يبيت بالمحصب قبل الوداع إن تيسَّر، ثم يطوف ويسافر.

69 –2- أن يفرد طواف الوداع فيطوف طواف الإفاضة يوم النحر، وطواف الوداع عند النفر.

70 –3- يُصلي ركعتين بعده، يقرأ فيهما بـالكافرون والإخلاص بعد الفاتحة.

71 –4- يخرج من أسفل مكة من كُدىً إن تيسَّر.

والله أعلم. وصلى الله وسلم على نبينا محمد، وعلى آله، وأصحابه، ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين.

 

سعيد بن علي بن وهف القحطاني

 



([1])  انظر: شرح النووي على صحيح مسلم، 9/ 119، وفتح الباري لابن حجر، 3/ 382.

([2]) البخاري، برقم 5888، 5890، ومسلم، برقم 257، وتقدم تخريجه في الإحرام.

([3]) الترمذي، برقم 830، وابن خزيمة، 4/161، وصحح الألباني في صحيح الترمذي، 1/433، وتقدم تخريجه في الإحرام.

([4]) البخاري، برقم 1538، ورقم 271، 5918، 5923، ومسلم، برقم 1190، وتقدم تخريجه في الإحرام.

([5]) أبو داود، بلفظه، كتاب الطب، باب في الأمر بالكحل، برقم 3878، والترمذي، كتاب الجنائز، باب ما يستحب من الأكفان، برقم 994، وابن ماجه، كتاب الجنائز، باب ما جاء فيما يستحب من الكفن، برقم 1472، وصححه الألباني في صحيح الترمذي، 1/502.

([6]) أحمد، 2/34، وذكره الحافظ في التلخيص، 2/237، وعزاه لأبي عوانة بسند على شرط الصحيح.

([7]) مسلم، برقم 25 – (1243) وتقدم تخريجه في الإحرام.

([8]) البخاري، برقم 1534، وتقدم تخريجه في الإحرام.

([9]) البخاري، كتاب الحج، باب التحميد والتسبيح والتكبير قبل الإهلال عند الركوب على الدابة، برقم 1551.

([10]) فتح الباري، لابن حجر، 3/412.

([11]) البخاري، برقم 1552، 166، 1514، 1609، 2865، 5151، ومسلم برقم 1186، وتقدم تخريجه في الإحرام.

([12]) البخاري، برقم 1553، وتقدم تخريجه في الإحرام.

([13]) سمعته أثناء تقريره على صحيح البخاري، الحديث رقم 1553.

([14]) مختصر صحيح البخاري، كتاب الحج، باب 29، 1/459.

([15]) أبو داود، برقم 1814، والترمذي، برقم 829، وابن ماجه، برقم 1926، وصححه الألباني، في صحيح الترمذي، 1/433، وتقدم تخريجه في التلبية.

([16]) البخاري، كتاب الحج، باب الاغتسال عند دخول مكة، برقم 1573، ومسلم، كتاب الحج، باب استحباب المبيت بذي طوى عند إرادة دخول مكة، والاغتسال لدخولها، ودخولها نهاراً، برقم 1259.

([17]) سمعته أثناء تقريره على صحيح البخاري، الحديث رقم 1573.

([18]) البخاري، كتاب الحج، باب الاغتسال عند دخول مكة، برقم 1573، ومسلم، برقم 1259، وتقدم.

([19]) البخاري، كتاب الحج، باب دخول مكة نهاراً أو ليلاً، برقم 1574.

([20]) سمعته أثناء تقريره على صحيح البخاري، الحديث رقم 1574.

([21]) قال الحافظ ابن حجر رحمه الله: قوله: ((باب دخول مكة نهاراً أو ليلاً)) أورد فيه حديث ابن عمر رضي الله عنهما في المبيت بذي طوى حتى يصبح، وهو ظاهر في الدخول نهاراً، وقد أخرجه مسلم من طريق أيوب عن نافع بلفظ: ((كان لا يقدم مكة إلا بات بذي طوى حتى يصبح، ويغتسل، ثم يدخل مكة نهاراً))، وأما الدخول ليلاً فلم يقع منه –صلى الله عليه وسلم-  إلا في عمرة الجعرانة؛ فإنه –صلى الله عليه وسلم-  أحرم من الجعرانة، ودخل مكة ليلاً، فقضى أمر العمرة، ثم رجع ليلاً فأصبح بالجعرانة، كبائتٍ، كما رواه أصحاب السنن الثلاثة، من حديث محرش الكعبي، وترجم عليه النسائي ((دخول مكة ليلاً)) وروى سعيد بن منصور عن إبراهيم النخعي قال: ((كانوا يستحبون أن يدخلوا مكة نهاراً، ويخرجون منها ليلاً))، وأخرج عن عطاء: إن شئتم فادخلوا ليلاً، إنكم لستم كرسول الله –صلى الله عليه وسلم- ، إنه كان إماماً فأحب أن يدخلها نهاراً، ليراه الناس، انتهى، وقضية هذا أن من كان إماماً يقتدى به استحب له أن يدخلها نهاراً)) [فتح الباري لابن حجر، 3/436].

([22]) متفق عليه: البخاري، كتاب الحج، باب من أين يخرج من مكة، برقم 1577، ومسلم، كتاب الحج، باب استحباب دخول مكة من الثنية العليا والخروج منها من الثنية السفلى، برقم 1258.

([23]) قال أبو عبدالله [أي البخاري] رحمه الله: ((كَداءٌ، وكُداً موضعان)) [أي بمكة]، آخر حديث رقم 1581 من صحيح البخاري، وجاء في سنن أبي داود، برقم 1868 عن عائشة رضي الله عنها قالت: دخل رسول الله –صلى الله عليه وسلم-  عام الفتح من كَدَاء من أعلى مكة، ودخل في العمرة من كُدى)) [قال الشوكاني في نيل الأوطار، 3/365: ((كداء)) بفتح الكاف والمد، قال أبو عبيدة: لا تصرف، وهي الثنية العليا، قوله: ودخل العمرة من كُدى بضم الكاف والقصر وهي الثنية السفلى... قال عياض والقرطبي وغيرهما: ((اختلف في ضبط كداء وكُدى، فالأكثر على أن العليا بالفتح والمد، والسفلى بالقصر والضم)).

([24]) الثنية: كل عقبة في جبل أو طريق عالٍ فيه تسمى ثنية [فالثنية الطريق العالي] والثنية العليا هي التي ينزل منها إلى المعلى [أو المعلاة] مقبرة أهل مكة [وهي كَداء] وهي التي يقال لها الحجون بفتح المهملة وضم الجيم، وكانت صعبة المرتقى فسهلها معاوية، ثم عبدالملك، ثم المهدي، على ما ذكره الأزرقي، قال الحافظ ابن حجر: ((ثم سُهِّل في عصرنا هذا منها سنة إحدى عشرة وثمان مئة موضع، ثم سهلت كلها في زمن سلطان مصر الملك المؤيد في حدود العشرين وثمان مائة)) والثنية السفلى [كُدا] عند باب الشبيكة بقرب شعب الشاميين، من ناحية قعيقان، وكان بناء هذا الباب عليها في القرن السابع [انتهى بتصرف من فتح الباري لابن حجر، 3/437].

([25]) سمعته أثناء تقريره على صحيح البخاري، الحديث رقم 1579.

([26]) متفق عليه: البخاري، كتاب الحج، باب من أين يدخل مكة، برقم 1575، ومسلم، كتاب الحج،باب استحباب دخول مكة من الثنية السفلى والخروج منها من الثنية السفلى،برقم 1257.

([27]) سمعته أثناء تقريره على صحيح البخاري الحديث رقم 1575.

([28]) وسيأتي تخريجه إن شاءالله تعالى في صفة دخول مكة.

([29]) وسيأتي تخريجه إن شاءالله تعالى في صفة الطواف.

([30]) وأدلة هذه السنن للطواف تأتي في صفة الطواف، وانظر: الشرح الكبير لابن قدامة، 9/124، والكافي لابن قدامة، 2/414، والإقناع لطالب الانتفاع للحجاوي، 2/13، ومفيد الأنام في تحرير الأحكام لحج بيت الله الحرام، لابن جاسر، 1/268، ونيل المآرب بشرح دليل الطالب للشيخ عبدالقادر بن عمر التغلبي، 1/307.

([31]) مجموع فتاوى ابن باز، 16/139، 17/232، 343 – 346.

]]>
es.islamcenter@gmail.com (mona) الحج والعمرة Mon, 31 Dec 2012 08:33:10 +0000
وصايا مهمة للحُجَّاج http://islam-centers.net/ar/islamic-definition/article-islamic-definition/58-2010-06-15-13-50-55/424-2012-12-31-07-49-38.html http://islam-centers.net/ar/islamic-definition/article-islamic-definition/58-2010-06-15-13-50-55/424-2012-12-31-07-49-38.html Normal 0 false false false EN-US X-NONE AR-SA

وصايا مهمة للحُجَّاج

نبذة مختصرة عن الخطبة:

ألقى فضيلة الشيخ صلاح البدير - حفظه الله - خطبة الجمعة بعنوان: "وصايا مهمة للحُجَّاج"، والتي أعطى فيها بعض النصائح النافعة والمهمة لكل حاجٍ ومُعتمرٍ وزائرٍ، مُقدِّمًا لذلك بذكر بعض فضائل الحج، ثم أشاد في ختام خطبته بجهود المملكة العربية السعودية في خدمة الحُجَّاج وتيسير جميع الإمكانات التي بدورها تُعين الحاج على إكمال حجه، وإتمام نُسُكه.

الخطبة الأولى:

الحمد لله، الحمد لله الذي لا خير إلا منه، ولا فضل إلا من لدنه، أحمده حمدًا لا انقطاع لراتبه، ولا إقلاع لسحائبه، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له سميعٌ لراجيه، قريبٌ ممن يُناجيه، وأشهد أن نبينا وسيدنا محمدًا عبدُه ورسوله أتمُّ البرية خيرًا وفضلاً، وأطيبهم فرعًا وأصلاً، وأعلاهم منزلةً وأجرًا، صلى الله عليه وعلى آله وأصحابه حبل الهدى وينبوع التقى، صلاةً تبقى وسلامًا يَتْرَى.

أما بعد، فيا أيها المسلمون:

اتقوا الله فإن تقواه أفضل مُكتسب، وطاعته أعلى نسب.

{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ} [آل عمران: 102].

أيها المسلمون:

جعل الله الكعبة البيتَ الحرام قيامًا للناس ومثابة، وجعله لأمة محمد - صلى الله عليه وسلم - قبلة، حرمُ الله الذي أوسعه كرامةً وبهاءً، وعظمةً وقداسةً وجلالاً، وها هم حُجَّاج بيت الله الحرام، وقد تكاملت وفودهم، واجتمعت حشودهم، الإيمان يحدوهم، والشوق يدعوهم، يؤمُّون البيت العتيق، ويُلبُّون من كل فجٍّ عميق، ويثوبون من كل ناحيةٍ وطريق، ويأتون من كل طرفٍ سحيق، يرجون ما عند الله من الثواب، قد سعوا لكرمه، ونزلوا بحرمه، وهو الكريم الوهاب، الرحيم التواب، لا يُخيِّب من رجاه، ولا يرُدُّ من دعاه.

الحُجَّاج والعُمَّار وفد الله، دعاهم فأجابوا، وسألوه فأعطاهم، والحجُّ يهدِم ما قبله، ومن حجَّ فلم يرفُث ولم يفسُق رجع من ذنوبه كما ولدَتْه أمه، والحجة المبرورة ليس لها ثوابًا إلا الجنة، وما من مُلبٍّ يُلبِّي إلا لبَّى ما عن يمينه وشماله من حجرٍ أو شجرٍ أو مَدَر، حتى تنقطع الأرض من ها هنا وها هنا.

ومن طاف بالبيت وصلَّى ركعتين كان كعتق رقبة، ومن طاف بالبيت أسبوعًا - أي: سبعة أشواط - لا يضع قدمًا ولا يرفع أخرى إلا حطَّ الله عنه خطيئة، وكتب له بها حسنة، ومسح الحجر والركن اليماني يحُطُّ الخطايا حطًّا.

وأخرج ابن حبان والبيهقي والطبراني، وحسَّنه في "صحيح الجامع" عن ابن عمر - رضي الله عنهما - أن رجلاً من الأنصار سأل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عما له في حجِّه من الثواب، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «أما خروجك من بيتك تؤمُّ البيت الحرام؛ فإن لك بكل وطأةٍ تطؤها راحلتُك يكتبُ الله لك بها حسنة، ويمحو عنك سيئة، وأما وقوفك بعرفة؛ فإن الله - عز وجل - ينزل إلى السماء الدنيا فيُباهي بهم الملائكة، فيقول: هؤلاء عبادي جاءوني شُعثًا غُبرًا من كل فجٍّ عميق، يرجون رحمتي ويخافون عذابي، ولم يروني،فكيف لو رأوني. فلو كان عليك مثل رمل عالجٍ أو مثل أيام الدنيا أو مثل قطر السماء ذنوبًا غسلها الله عنك، وأما رميُك الجمار؛ فإنه مذخورٌ لك، وأما حلقُك رأسك؛ فإن لك بكل شعرة تسقط حسنة، فإذا طُفتَ بالبيت خرجت من ذنوبك كيوم ولدَتْك أمك».

الله أكبر، الله أكبر، الله أكبر، ما أعظمه من تكريم، وما أجلَّه من ثوابٍ عظيم.

أيها الحُجَّاج والعُمَّار والزوَّار:

العقيدة جمَعَتكم، ولُحمة الدين نظَمَتكم، فتراحموا وتعاطفوا وتعاونوا، ولا تدافعوا، ولا تزاحموا، ولا تقاتلوا، ارحموا الضعيف، وأرشدوا الضال، وساعدوا العاجز المحتاج،عليكم بالطمأنينة والتأني، والوداعة والوقار، والخشوع والسكينة، واسألوا عما أشكل، واستفتوا عما أقفل، فإنما شفاء العِيِّ السؤال، وصونوا حجَّكم عما لا يليق به من البدع والخرافات والمُحدثات، ولا تمحنوا لأموات، ولا ترجوا شفاءً من رُفات، ولا تتبرَّكوا بجدارٍ أو باب، ولا تتمسَّحوا بمنبرٍ أو محراب، وجانِبوا المعاصي والآثام، وحاذِروا السباب والتنابز بالألقاب، وإياكم والجدال والمراء والمُلاحاة، والمنازعة والتلاسُن والخِصام، واللَّظَى من الكلام، وأكثِروا من التوبة والاستغفار، وأظهِروا التذلُّل والانكسار، والندامة والافتقار، والحاجة والاضطرار؛ فإنكم في مساقط الرحمة، ومواطن القبول، ومظِنَّات الإجابة والمغفرة والعتق من النار.

تذكَّروا جلالة المكان، وشرف الزمان، تلقَّى الله دعاءكم بالإجابة، واستغفاركم بالرضا، وحجَّكم بالقبول، وجعل سعيكم مشكورًا، وذنبكم مغفورًا، وحجَّكم مبرورًا.

أقول ما تسمعون، وأستغفر الله لي ولكم ولسائر المسلمين من كل ذنبٍ وخطيئةٍ، فاستغفروه، إنه كان للأوابين غفورًا.

الخطبة الثانية:

الحمد لله على إحسانه، والشكر له على توفيقه وامتنانه، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له تعظيمًا لشأنه، وأشهد أن نبينا وسيدنا محمدًا عبده ورسوله الداعي إلى رضوانه، صلى الله عليه وعلى آله وأصحابه وإخوانه، وسلَّم تسليمًا كثيرًا.

أما بعد، فيا أيها المسلمون:

اتقوا الله وراقِبوه، وأطيعوه ولا تعصوه، {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَكُونُوا مَعَ الصَّادِقِينَ} [التوبة: 119].

أيها المسلمون:

يوم عرفة يومٌ شريف كريم، وعيدٌ لأهل الموقف عظيم، يومٌ تُعتق فيه الرقاب، يومٌ تُسمع فيه الدعوات وتُجاب، يومٌ كثُر خير الله فيه وطاب، وما من يومٍ أكثر من أن يُعتِق الله - عز وجل - فيه عدًا من النار من يوم عرفة، وإنه ليدنو ثم يُباهي بهم الملائكة، فيقول: ما أراد هؤلاء؟

وخير الدعاء دعاء يوم عرفة، فأكثِروا فيه من الابتهال والدعاء، والتضرُّع والثناء، وأظهِروا الرغبة والإلحاح والاضطرار، وحاذِروا فيه قُربان الذنوب والأوزار.

ويُستحب صيام يوم عرفة لغير الحاج بها، وصيامه يُكفِّر السنة الماضية والباقية.

ويُستحبُّ التكبير عقِب الصلوات المفروضات من فجر يوم عرفة إلى آخر أيام التشريق، والمسبوق ببعض الصلاة يُكبِّر إذا فرغ من قضاء ما فاته، ويُكبِّر الحُجَّاج ابتداءً من صلاة الظهر يوم النحر.

أيها الحُجَّاج والعُمَّار والزوَّار:

المملكة العربية السعودية جزيرة الإسلام، ودار السلام، وموطن السنة، ومأرِز الإيمان، شرَّفها الله بخدمة الحرمين الشريفين، والمدينتين المُقدستين، ورعاية الحجيج، وقد قامت بفضل الله ومنته بجميع الإمكانات والخدمات لراحتكم وكمال حجِّكم ونُسُككم، فالتزموا - رعاكم الله - بالأنظمة والتعليمات، والنصائح والإرشادات، وكونوا عونًا لرجال الأمن والعاملين في القطاعات الخدمية في الحج، واعلموا        أن الالتزام بالنظام في الحج واجبٌ شرعي، ومطلبٌ ديني لا يجوز الإخلال به أبدًا.

ثم اعلموا أن الله أمركم بأمرٍ بدأ فيه بنفسه، وثنَّى بملائكته المُسبِّحة بقُدسه، وأيَّه بكم - أيها المؤمنون من جنِّه وإنسه -، فقال قولاً كريمًا: {إِنَّ اللَّهَ وَمَلَائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الذِيْنَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وسَلِّمُوا تَسْلِيْمًا} [الأحزاب: 56]، اللهم صلِّ على نبينا وسيدنا محمد بشير الرحمة والثواب، ونذير السطوة والعقاب، الشافع المُشفَّع يوم الحساب، اللهم وارضَ عن جميع الآل والأصحاب، وعنَّا معهم بمنِّك وكرمك ورحمتك يا كريم يا وهاب.

اللهم آمِنَّا في أوطاننا، وأصلِح أئمتنا وولاة أمورنا، وأيِّد بالحق إمامنا ووليَّ أمرنا، وأصلِح له بطانته يا رب العالمين.

اللهم واجزِ خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز وولي عهده ونائبه الثاني خير الجزاء وأوفاه على ما يقومون به من أعمال جليلةٍ عظيمة لخدمة الحرمين الشريفين، والمشاعر المُقدَّسة، وحُجَّاج بيت الله الحرام.

اللهم وفِّق رجال الأمن والعاملين في الحج وأعِنهم وسدِّدهم واجزهم خير الجزاء يا رب العالمين.

اللهم أعِزَّ الإسلام والمسلمين، اللهم أعِزَّ الإسلام والمسلمين، ودمِّر أعداء الدين، وادفع عنا شر الكائدين، ومكر الماكرين، وعدوان المعتدين يا رب العالمين.

اللهم اشفِ مرضانا، وعافِ مُبتلانا، وفُكَّ أسرانا، وارحم موتانا، وانصرنا على من عادانا يا قوي يا عزيز، يا رب العالمين.

اللهم طهِّر المسجد الأقصى من رِجس يهود، اللهم طهِّر المسجد الأقصى من رِجس يهود، اللهم طهِّر المسجد الأقصى من رِجس يهود، يا قوي يا عزيز يا رب العالمين.

اللهم احفظ الحُجَّاج والزوَّار والمُعتمرين، اللهم احفظ الحُجَّاج والزوَّار والمُعتمرين، اللهم احفظ الحُجَّاج والزوَّار والمُعتمرين، اللهم تقبَّل مساعِيَهم وزكِّها، وارفع درجاتهم وأعلِها، اللهم حقِّق لهم من الآمال مُنتهاها، اللهم حقِّق لهم من الآمال أعلاها، ومن الخيرات أقصاها، واجعل حجَّهم مبرورًا، وسعيَهم مشكورًا، وذنبهم مغفورًا يا رب العالمين.

اللهم أعِدهم إلى ديارهم سالمين غانمين برحمتك يا أرحم الراحمين.

اللهم أنت المدعوّ بكل لسان، المقصود في كل آن، اللهم أغِثنا، اللهم أغِثنا، اللهم أغِثنا، اللهم اسقِنا غيثًا مُغيثًا، وحَيًا ربيعًا، وجَدًا مُطبِقًا، غدَقًا مُغدِقًا مُونِقًا، هنيئًا مريئًا، مريعًا مُرتِعًا مُربِعًا، سائلاً مُسبِلاً مُجلِّلاً، دَيْمًا درورًا، نافعًا غير ضار، عاجلاً غير رائف.

اللهم أنزِل في أرضنا زينتها، وأنزِل علينا في أرضنا سكَنَها، اللهم اسقِنا الغيث، اللهم اسقِنا الغيث ولا تجعلنا من القانطين.

اللهم إنا خلقٌ من خلقك، فلا تمنع عنا بذنوبنا فضلك، اللهم جُد علينا برحمتك وإحسانك، وتفضَّل علينا بغيثك وامتنانك.

اللهم لا تردنا خائبين، وأنت الغني عن العالمين.

عباد الله: {إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالْإِحْسَانِ وَإِيتَاءِ ذِي الْقُرْبَى وَيَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ وَالْبَغْيِ يَعِظُكُمْ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ} [النحل: 90].

فاذكروا الله العظيم الجليل يذكركم، واشكروه على نعمه يزِدكم، ولذكر الله أكبر، والله يعلم ما تصنعون.

]]>
es.islamcenter@gmail.com (mona) الحج والعمرة Mon, 31 Dec 2012 07:49:06 +0000
فضل الحج وأيام العشر http://islam-centers.net/ar/islamic-definition/article-islamic-definition/58-2010-06-15-13-50-55/423-2012-12-31-07-37-58.html http://islam-centers.net/ar/islamic-definition/article-islamic-definition/58-2010-06-15-13-50-55/423-2012-12-31-07-37-58.html Normal 0 false false false EN-US X-NONE AR-SA

فضل الحج وأيام العشر

نبذة مختصرة عن الخطبة:

ألقى فضيلة الشيخ عبد المحسن بن محمد القاسم - حفظه الله - خطبة الجمعة بعنوان: "فضل الحج وأيام العشر"، والتي تحدَّث فيها عن حج بيت الله الحرام وفضائله، وفضل أعماله من الكتاب والسنة، وحثَّ على اغتنام أيام عشر ذي الحجة، فإنها أفضل أيام العام.

الخطبة الأولى:

إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره ونستهديه، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مُضلَّ له، ومن يُضلِل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله، صلى الله عليه وعلى آله وأصحابه وسلَّم تسليمًا كثيرًا.

أما بعد:

فاتقوا الله - عباد الله - حق التقوى، واستمسكوا من الإسلام بالعُروة الوُثقى.

أيها المسلمون:

تتوالى مواسم الخيرات محفوفةً بفضل الزمان وشرف المكان، وأفئدة المسلمين تهفو لبيتٍ يتجهون إليه مراتٍ كل يوم، {فَوَلِّ وَجْهَكَ شَطْرَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ} [البقرة: 144]، وأنظارٌ تتطلَّع لبقاعٍ مباركةٍ تتجدَّد فيها العِبَر والعِظات، قال - سبحانه -: {فِيهِ آيَاتٌ بَيِّنَاتٌ} [آل عمران: 97]، نفعُه متعدٍّ للحاضر والباد، {لِيَشْهَدُوا مَنَافِعَ لَهُمْ} [الحج: 28]، والأرزاقُ إليه دارَّةٌ والنعم حوله متوالية، {أَوَلَمْ نُمَكِّنْ لَهُمْ حَرَمًا آمِنًا يُجْبَى إِلَيْهِ ثَمَرَاتُ كُلِّ شَيْءٍ رِزْقًا مِنْ لَدُنَّا وَلَكِنَّ أَكْثَرَهُمْ لَا يَعْلَمُونَ} [القصص: 57].

رِكاب الحجيج يمَّمت بيت الله العتيق، راجيةً موعود الله، مُستقبلةً طاعةً من أجلِّ العبادات وركنٌ من أركان الدين، حجُّ بيت الله الحرام بيتٌ لحطِّ الأوزار والآثام، قال - عليه الصلاة والسلام - لعمرو بن العاص عند إسلامه: «أَما علمتَ أن الإسلام يهدِم ما كان قبله، وأن الهجرة تهدِم ما كان قبلها، وأن الحج يهدِم ما كان قبله»؛ رواه مسلم.

فيه غسلُ أدران الذنوب والخطايا، قال - عليه الصلاة والسلام -: «من حجَّ فلم يرفُث ولم يفسُق رجع كيوم ولدَته أمه»؛ متفق عليه. ثوابه جنات النعيم، قال النبي - صلى الله عليه وسلم -: «الحج المبرور ليس له جزاءٌ إلا الجنة»؛ رواه مسلم.

في الحج منافع وعِبَر:

توحيد الله وإفراده بالعبادة شِعار الحج، وافتتاح النُّسُك: لبيكَ اللهم لبيكَ، استجابةٌ لأوامر الله وأعظم أمرٍ أمر الله به، قال جابر - رضي الله عنه -: أهلَّ النبي - صلى الله عليه وسلم - بالتوحيد؛ رواه مسلم.

لبيك لا شريك لك لبيك: نبذُ الشرك وإقراره بالتوحيد؛ إذ هو أساس الدين وأصله، وشرط قبول الأعمال.

إن الحمد والنعمة لك: فيها تذكيرٌ بإسداء النعم والثناء على المُنعِم، لتُصرَف الأعمال له وحده، ومن لبَّى في بلد الله الحرام فقد عاهَدَ ربه بإفراده بالعبودية في كل مكان وزمان.

والتجرُّد من المخيط تذكيرٌ بلباس الأكفان بعد الرحيل، وإرشادٌ إلى التواضع ونبذ الكبرياء، الجمع كله إزارٌ ورداء، الرأس خاضعٌ للجبار مُستكينٌ للرحمن.

وفي رؤية البيت المعمور مشهدٌ لإخلاص الأعمال لله، نبيَّان كريمان: الخليل وابنه يرفعان أشرف معمور، ومع هذا يسألان الله قبول العمل: {وَإِذْ يَرْفَعُ إِبْرَاهِيمُ الْقَوَاعِدَ مِنَ الْبَيْتِ وَإِسْمَاعِيلُ رَبَّنَا تَقَبَّلْ مِنَّا إِنَّكَ أَنْتَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ} [البقرة: 127].

وواجبٌ على الحاج إخلاص أعمال الحج وغيرها لله، فلا يريد بعمله رياءً ولا سُمعة، ولا مُباهاة ولا مفاخرة، {وَأَتِمُّوا الْحَجَّ وَالْعُمْرَةَ لِلَّهِ} [البقرة: 196]، طلبُ رضا الله وتكفير السيئات.

وللطواف وقعٌ على القلوب في بِساط بيت الله الآمِن، فلا موطن على الأرض يُتقرَّب فيه إلى الله بالطواف سوى ما حول الكعبة المُشرَّفة، {وَلْيَطَّوَّفُوا بِالْبَيْتِ الْعَتِيقِ} [الحج: 29].

وفي تقبيل الحجر الأسود: حُسن الانقياد لشرع الله وإن لم تظهر الحكمة، قال عمر بن الخطاب - رضي الله عنه -: "والله إني لأعلم أنك حجرٌ لا تنفع ولا تضر، ولولا أني رأيتُ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يُقبِّلُك ما قبَّلتُك"؛ متفق عليه.

وفي مناسك الحج درسٌ في التقيُّد بالسنة وحسن الاتباع، قال - عليه الصلاة والسلام -: «لتأخذوا عني مناسككم»؛ رواه مسلم.

فعلى المسلم اتباع النبي - صلى الله عليه وسلم - في كل قُربة، واقتفاء أثره في كل طاعة، وعدم تتبُّع الرُّخَص في الحج أو غيره، {وَمَا آتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانْتَهُوا} [الحشر: 7].

ويوم عرفة يومٌ مُبارك، هو مُلتقى المسلمين المشهود، يوم رجاءٍ وخشوع، وذلٍّ وخضوع، يومٌ كريمٌ على المسلمين، قال شيخ الإسلام - رحمه الله -: "الحجيج عشية عرفة ينزل على قلوبهم من الإيمان والرحمة والنور والبركة ما لا يمكن التعبير به".

والدعاء عظيم المكانة رفيع الشأن، يرفع الحاج إلى مولاه حوائجه، ويسأله من كرمه المتوالي، والإلحاح على الرب الكريم في الطلب وعدم اليأس من تأخر العطاء يقينٌ في إجابة الدعاء، وأفضل الدعاء دعاء ذلك اليوم، قال ابن عبد البر - رحمه الله -: "دعاءُ يوم عرفة مُجابٌ كله في الأغلب".

والإكثار فيه من كلمة التقوى مع العلم بمعناها والعمل بمقتضاها خير الكلام، قال - عليه الصلاة والسلام -: «خير الدعاء دعاء يوم عرفة، وخير ما قلتُ أنا والنبيون من قبلي: لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد، وهو على كل شيء قدير».

يومٌ يكثُر فيه عُتقاء الرحمن، ويُباهي بهم ملائكته المُقرَّبين، قال - عليه الصلاة والسلام -: «ما من يومٍ أكثر من أن يُعتق الله فيه عبدًا من النار، وإنه ليدنو ثم يُباهي بهم الملائكة، فيقول: ما أراد هؤلاء؟»؛ رواه مسلم.

قال ابن عبد البر - رحمه الله -: "وهذا يدل على أنهم مغفورٌ لهم؛ لأنه لا يُباهي بأهل الخطايا والذنوب إلا من بعد التوبة والغفران".

واجتماع الناس في عرفة تذكيرٌ بيوم الحشر لفضل القضاء بين الخلائق، ليصيروا إلى منازلهم إما نعيمٌ، وإما جحيم.

والنُّسُك من هديٍ أو أُضحيةٍ عبادةٌ محضةٌ لله ليتقرَّب بها المسلمون لربهم، {لَنْ يَنَالَ اللَّهَ لُحُومُهَا وَلَا دِمَاؤُهَا وَلَكِنْ يَنَالُهُ التَّقْوَى مِنْكُمْ} [الحج: 37].

وفي وضع النواصي بين يدي ربها حلقًا أو تقصيرًا استسلامٌ لهيمنة الله، وخضوعٌ لعظمته، وتذلُّل لعزته.

والذكر حياة القلوب، والإكثار منه في المشاعر مقصدٌ من مقاصد أداء تلك الشعيرة، وأرجى لقبولها، وأصدق في إخلاص فعلها، قال - عز وجل -: {لِيَشْهَدُوا مَنَافِعَ لَهُمْ وَيَذْكُرُوا اسْمَ اللَّهِ فِي أَيَّامٍ مَعْلُومَاتٍ} [الحج: 28]، وقال - جل وعلا -: {فَإِذَا أَفَضْتُمْ مِنْ عَرَفَاتٍ فَاذْكُرُوا اللَّهَ عِنْدَ الْمَشْعَرِ الْحَرَامِ} [البقرة: 198]، وقال - سبحانه -: {فَإِذَا قَضَيْتُمْ مَنَاسِكَكُمْ فَاذْكُرُوا اللَّهَ كَذِكْرِكُمْ آبَاءَكُمْ أَوْ أَشَدَّ ذِكْرًا} [البقرة: 200]، وقال تعالى: {وَاذْكُرُوا اللَّهَ فِي أَيَّامٍ مَعْدُودَاتٍ} [البقرة: 203]، فشعائر الحج شُرِعت لذكر الله، قال - عليه الصلاة والسلام -: «إنما جُعِل الطواف بالبيت، والسعي بين الصفا والمروة، ورمي الجمار لإقامة ذكر الله»؛ رواه الترمذي.

وأقرب الحجيج عند الله منزلةً أكثرهم لها ذكرًا، قال ابن القيم - رحمه الله -: "أفضل أهل كل عملٍ أكثرهم فيه ذكرًا؛ فأفضل الصُّوَّام أكثرهم ذكرًا لله في صومهم، وأفضل المُتصدِّقين أكثرهم ذكرًا لله، وأفضل الحُجَّاج أكثرهم ذكرًا".

وإذا انقضى الحج فأكثِر من الاستغفار فهو ختام الأعمال، والاستغفار يُخرِج العبدَ من العمل الناقص إلى العمل التام، ويرفع العبد من المقام الأدنى إلى الأعلى منه والأكمل، ومن أحسن في حجه وابتعد عن نواقصه عاد منه بأحسن حالٍ وانقلبَ إلى أطيب مآل.

ومن أمارة الرضا والقبول: فعل الحسنةٍ بعد الحسنة، وإذا انقلَب الحاج إلى دياره فليكن قدوةً فيها بالصلاح والاستقامة والدعوة إلى الله على بصيرة.

أعوذ بالله من الشيطان الرجيم: {وَأَذِّنْ فِي النَّاسِ بِالْحَجِّ يَأْتُوكَ رِجَالًا وَعَلَى كُلِّ ضَامِرٍ يَأْتِينَ مِنْ كُلِّ فَجٍّ عَمِيقٍ (27) لِيَشْهَدُوا مَنَافِعَ لَهُمْ وَيَذْكُرُوا اسْمَ اللَّهِ فِي أَيَّامٍ مَعْلُومَاتٍ عَلَى مَا رَزَقَهُمْ مِنْ بَهِيمَةِ الْأَنْعَامِ فَكُلُوا مِنْهَا وَأَطْعِمُوا الْبَائِسَ الْفَقِيرَ} [الحج: 27، 28].

بارك الله لي ولكم في القرآن العظيم، ونفعني وإياكم بما فيه من الآيات والذكر الحكيم، أقول ما تسمعون، وأستغفر الله لي ولكم ولجميع المسلمين من كل ذنبٍ، فاستغفروه إنه هو الغفور الرحيم.

الخطبة الثانية:

الحمد لله على إحسانه، والشكر له على توفيقه وامتنانه، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له تعظيمًا لشأنه، وأشهد أن نبينا محمدًا عبده ورسوله، صلى الله عليه وعلى آله وأصحابه وسلَّم تسليمًا مزيدًا.

أيها المسلمون:

أيام عشر ذي الحجة أيامٌ مُباركة، الأعمال فيها فاضلة، قال - عليه الصلاة والسلام -: «ما من أيامٍ العملُ الصالحُ فيها أحبُّ الله من هذه الأيام - يعني: أيام العشر -». قالوا: يا رسول الله! ولا الجهاد في سبيل الله؟ قال: «ولا الجهاد في سبيل الله، إلا رجلٌ خرج بنفسه وماله فلم يرجع من ذلك بشيء»؛ رواه البخاري.

فأكثِروا فيها من التكبير والتحميد، وقراءة القرآن، وصِلة الأرحام، وبر الوالدين، والصدقة، وتفريج الكُربات، وقضاء الحاجات، وسائر أنواع الطاعات.

وقد كان الصحابة - رضي الله عنهم - يُحيون في العشر سنة التكبير بين الناس، كان ابن عمر وأبو هريرة - رضي الله عنهما - يخرجان إلى السوق في أيام العشر، فيُكبِّران ويُكبِّر الناس بتكبيرهما؛ رواه البخاري.

والخير يتتابع في العشر بذبح الأضاحي يوم العيد وأيام التشريق، وقد ضحَّى النبي - صلى الله عليه وسلم - بكبشَيْن أملَحَيْن أقرنَيْن سمَّى وكبَّر وذبحهما بيده؛ متفق عليه.

وأفضل الأضاحي: أغلاها ثمنًا وأنفسُها عند الله، وتُجزي شاة واحدة عن الرجل وعن أهل بيته، ويحرُم على من أراد أن يُضحِّيَ أن يأخذ في العشر شيئًا من شَعَره أو ظفره أو بشرته حتى يذبح أُضحيته.

ومن أقام في بلده وسبقه الحجيج إلى المشاعر شُرِع له صيام يوم عرفة، قال - عليه الصلاة والسلام -: «صيام يوم عرفة أحتسبُ على الله أن يُكفِّر السنة التي قبله والتي بعده»؛ رواه مسلم.

فاغتنموا مواسم العبادة قبل فواتها، فالحياة مغنم، والأيام معدودة، والأعمار قصيرة.

ثم اعلموا أن الله أمركم بالصلاة والسلام على نبيه، فقال في محكم التنزيل: {إِنَّ اللَّهَ وَمَلَائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ} [الأحزاب: 56]، اللهم صلِّ وسلِّم وبارك على نبينا محمد، وارضَ اللهم عن خلفائه الراشدين الذين قضوا بالحق وبه كانوا يعدِلون: أبي بكر، وعمر، وعثمان، وعليٍّ، وعن سائر الصحابة أجمعين، وعنَّا معهم بجودك وكرمك يا أكرم الأكرمين.

اللهم أعِزَّ الإسلام والمسلمين، وأذِلَّ الشرك والمشركين، ودمِّر أعداء الدين، واجعل اللهم هذا البلد آمنًا مطمئنّا، وسائر بلاد المسلمين.

اللهم اغفر للحُجَّاج والمُعتمرين، اللهم احفظ حُجَّاج بيتك الحرام، اللهم اجعل حجَّهم مبرورًا، وسعيَهم مشكورًا، وعملهم مُتقبَّلاً يا رب العالمين.

اللهم إنا نسألك الجنة وما قرَّب إليها من قولٍ أو عمل، ونعوذ بك اللهم من النار وما قرَّب إليها من قولٍ أو عمل، اللهم إنا نعوذ بك أن نُشرك بك شيئًا ونحن نعلم، ونستغفرك لما لا نعلم.

اللهم إنا نسألك الفردوس الأعلى من الجنة، اللهم حرِّم بشرتنا ولحومنا على النار.

اللهم وفِّق إمامنا لهداك، واجعل عمله في رضا، ووفِّق جميع ولاة أمور المسلمين للعمل بكتابك، وتحكيم شرعك يا ذا الجلال والإكرام.

عباد الله: {إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالْإِحْسَانِ وَإِيتَاءِ ذِي الْقُرْبَى وَيَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ وَالْبَغْيِ يَعِظُكُمْ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ } [النحل: 90].

فاذكروا الله العظيم الجليل يذكركم، واشكروه على آلائه ونعمه يزِدكم، ولذكر الله أكبر، والله يعلم ما تصنعون.

]]>
es.islamcenter@gmail.com (mona) الحج والعمرة Mon, 31 Dec 2012 07:37:21 +0000
وقفة تأمل في خِتام موسم الحج http://islam-centers.net/ar/islamic-definition/article-islamic-definition/58-2010-06-15-13-50-55/396-2012-12-22-15-49-50.html http://islam-centers.net/ar/islamic-definition/article-islamic-definition/58-2010-06-15-13-50-55/396-2012-12-22-15-49-50.html Normal 0 false false false EN-US X-NONE AR-SA

وقفة تأمل في خِتام موسم الحج

نبذة مختصرة عن الخطبة:

ألقى فضيلة الشيخ صالح بن محمد آل طالب - حفظه الله - خطبة الجمعة بعنوان: "وقفة تأمل في خِتام موسم الحج"، والتي تحدَّث فيها عن علامات قبول الحج، وحثَّ الحُجَّاج وسائر المسلمين على ضرورة المحافظة على الأعمال الصالحة، وإتباع الحسنة الحسنة، وحذَّر من الابتداع في الدين.

الخطبة الأولى:

الحمد لله، الحمد لله الذي خلق وعزَّ ومَلَك، خشَعَت لعظمته صُمُّ الجبال، وخضعَ كل إنسان وجانٍّ ومَلَك، دَحَا الأرض وسَمَك السماء، فما أجمل ما دحَا وأحسن ما سَمَك، أحمده - سبحانه - وأشكره، وأُثني عليه وأستغفره، ما مَخَر في الماء الفُلكُ وما دارَ الفَلَك، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له مليكُ كل من مَلَك، لبيكَ لا شريكَ لك، إن الحمد والنعمةَ لك، ما خابَ عبدٌ أمَّلَك، أنت له حيث سَلَك، لولاك يا رب هلَك.

وأشهد أن محمدًا عبد الله ورسوله، خيرُ من صلَّى وزكَّى وصامَ ونسَك، صلَّى الله وسلَّم وبارَك عليه، وعلى آله وصحبه أجمعين.

أما بعد، أيها المسلمون:

حُجَّاج بيت الله الحرام: اتقوا الله تعالى وأطيعوه، وعظِّموا أمره ولا تعصوه، فعمَّا قليل يُقال: فلانٌ هلَك، فيا حسرته على ما قدَّم من شر، ويا ندامته على الخير الذي ترَك.

{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَلْتَنْظُرْ نَفْسٌ مَا قَدَّمَتْ لِغَدٍ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ} [الحشر: 18].

عباد الله، حُجَّاج بيت الله الحرام:

يا من أفضتم إلى المُزدلِفة من عرفات، وبِتُّم في مِنى ورميتم الجمرات، يا من سُحتم بين زمزم والمقام، هذه هي مُتنزَّل آي الكتاب، وتلك معالم التوحيد، وها هنا خُتِمت الشرائع، وارتضى الله لنا الدين، لقد أفضتم بين هاتيك الربوع، وسُحتم بين تلك المشاعر وتيك الجموع، إنها آثار الأنبياء، وذكريات المرسلين، وهذه رحِمُ الأمة التي أنجَبَت الصحابة والفاتحين.

هنا معقِل التوحيد، وحول الكعبة نُشِر الشرك وأُبطِل التنديد.

يا معشر الحجيج:

أنتم الآن وفي هذه الساعة تقِفون على الأرض التي هي مركز نشأة الأمة، نشأتها جماعةٌ ومُعتقدًا، وتكوُّنها شريعةً وسلوكًا، فآلَت عاقبتُها إلى كل خير، وانتهى مجدُها فوق كل مجد، فإن أردتم وأنتم بينكم وبين تلك النشأة قرونًا وأعصارًا، إن أردتم إعادة الكرَّة، وتلمُّس الطريق، فهنا الآثار وهذا السبيل.

فتزوَّدوا من هذا المشعر الدروس، والتمسوا من هذه الشعيرة أسباب النهوض، فهذه وقفة تأمُّل في خِتام أيام الحج.

أيها المؤمنون:

إن أمتنا المسلمة ومنذ ما يزيد على قرنٍ من الزمان حين تقهقَرَت في شؤون الحياة، وتفكَّكَت أجزاؤها في عالم الدول، لم يزَل أفرادها يحلُمون بالوحدة الجغرافية الكبرى، ويعتقدون أنها السبيل الوحيد لاسترداد مجدٍ غابر، واستعادة عِزٍّ آثِر، ونُظِمَت في هذا السبيل القصائد الجِياد، وأُلِّفت الكتب، ورُصِفَت المقالات، وأصبح الكُتَّاب والمُفكِّرون ينامون على هذا الحلم ويصحَون.

وما في طبِّهم رُقية إمام دار الهجرة: "لن يصلح آخر هذه الأمة إلا بما صلح به أولها".

وما في دوائهم: أن الذي ابتدأ مجد العرب، ورسم سبيل رفعتهم: - صلى الله عليه وسلم - لم يبدأ بتوحيد العرب حتى وحَّد عقائدهم، وكانت وحدة الشعوب نتيجةً لوحدة المُعتقَد.

إن المسلمين إن لم يجمعهم الحق شعَّبَهم الباطل، وإذا لم تُوحِّدهم عبادة الرحمن مزَّقَتهم عبادةُ الشيطان، وإذا لم يأتلِفوا على كلمة التوحيد فسيظلُّون في أمرٍ مريج، فأين كثيرٌ من المسلمين وأين عقيدتهم التي امتحَدَت في هذه الفِياح، وما زالت معالمها قائمة في هذه الربوع، وشواهدها تُرى في هذه المشاعر.

لقد كان المسلم الأول يمُرُّ على قول الله - عز وجل -: {وَأَنَّ الْمَسَاجِدَ لِلَّهِ فَلَا تَدْعُوا مَعَ اللَّهِ أَحَدًا} [الجن: 18]، فتحول بينه وبين الخلق جميعًا، وتسُدُّ عليه طريق الرغبة في العباد كافة، فتمُرُّ به مصائب الناس جميعًا، فلا يدل مخلوقًا على مكان ألمه، ولا يكشِف لغير الله عن موضع علَّته، لقد كان يسمع قول الله: {وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ فَلْيَسْتَجِيبُوا لِي وَلْيُؤْمِنُوا بِي لَعَلَّهُمْ يَرْشُدُونَ} [البقرة: 186]، فينفي كل وساطةٍ بينه وبين ربه، ويجعل الصلة مباشرةً مع الله.

أيها المسلم:

لم يُنعِم الله عليك نعمةً هي أوفَى ولا أمَنَّ ولا أسبغَ من كونك مسلمًا لله مع المسلمين، هنيئًا لك إسلامُك، وانعَم بإيمانك، فقد هداك الله يوم ضلَّ غيرُك، وأرشَدَك حين تاهَ سواك، إلهُك الله، وإمامُك نبي، وشريعتُك وحي، وموعودك الجنة، والدين يُسر، فصلواتك أجور، وقراءتك القرآن نور، زكاتُك مطهرة، وحجُّك مغفرة، وصومُك لله لا حدَّ لجزائه.

وضوؤك مُكفِّرٌ للخطايا، وتبسُّمك في وجه أخيك صدقة، حسنتُك بعشر، وسيئتُك بواحدة، والحسنات يُذهِبن السيئات، أعمالُك يسيرة، وأجورك كثيرة، فاعرف قدر هذا الدين، وتمسَّك به مع المُتمسِّكين، فقد زهِد في بعض أحكامه أُناسٌ، وانتقَصَ منه آخرون، مع أن الله أكمَلَه، وامتنَّ بذلك بآية المائدة، فمن انتقَصَ منه شيئًا بعد ما أكملَه الله فقد ردَّ على الله إكماله، ولم يقبل منه امتنانه بذلك وإفضاله.

أيها المسلمون:

شريعةُ الله رحمة، أوامرها يسيرة وإن كانت كثيرة، والمشروع فيها بحرٌ له ساحل، فالزَموا السنة واكتفوا بها، وعليكم بالمشروع فقد كُفِيتم، إياكم والبدعة؛ فإن كل بدعةٍ ضلالة، وكل ضلالةٍ في النار، لا تشرَعوا في الدين ما لم يأذَن به الله، إياكم والرأي في الدين، وقد تديَّن بهذا الدين من هو خيرٌ منكم في سالِف الأزمان، فلم يزيدوا فيه ولم يُضيفوا إليه.

إن خطر الابتداع في الدين يتمثَّل في تغيير وجه الإسلام الذي جاء به محمدٌ - صلى الله عليه وسلم - حتى يحول على مر الزمان كأديان أهل الكتاب التي بدَّلوها فنُسِخَت، فيتغيَّر وجه الدين يومًا بعد يوم، ويتديَّن الناس بدينٍ لم يأتِ به محمد - صلى الله عليه وسلم -، ولم يعرفه أبو بكر ولا عمر ولا الصحابة المهديُّون، فهذا يستحبُّ أمرًا، وذاك يُضيفُ شعيرة، والآخر يرتضي سلوكًا، وغيرُه يزيد عبادة، فإذا نحن أمام إسلامٍ بالاسم لا بالرسم، ودينٍ ليس استمدادُه من السماء؛ بل من العقول والأهواء.

فاللهَ اللهَ يا عباد الله؛ تمسَّكوا بأصل دينكم وأوله وآخره، وأُسِّه ورأسه: شهادة أن لا إله إلا الله، وأن محمدًا رسول الله، واعرفوا معناها، وأحِبُّوها، وأحِبُّوا أهلها، واجعلوهم إخوانكم ولو كانوا بعيدين.

فاتَّحِدوا - أيها المسلمون - على التوحيد والسنة؛ فإنها الوحدة التي تغيظ الشيطان، وتهدِم خطط أوليائه من الإنس والجان، ولا يزال الذين كفروا يقاتلونكم حتى يردوكم عن دينكم إن استطاعوا.

أيها المسلمون:

إن وحدة الشعور بين المسلمين، ومشاركتهم ألمًا وأملاً، وفي السرَّاء والضرَّاء لمن أهم معالم الوحدة، وقد قال - صلى الله عليه وسلم-: «مثلُ المؤمنين في توادِّهم وتراحُمهم وتعاطُفهم مثلُ الجسد إذا اشتكى منه عضوٌ تدَاعَى له سائرُ الجسد بالسَّهَر والحُمَّى»؛ رواه مسلم.

عباد الله:

إن الشعوب المسلمة تتفاوَت غِنى وفقرًا، وقدرةً وعجزًا، وتعلُّمًا وجهلاً، فلا يكونن ذا الفرق مدعاةً لبَطَر القوي، ولا جانبًا لحَسَن الضعيف، ليكن إحسان الظن مُقدَّمًا عند الجميع، وليعطِف القوي على الضعيف، {وَلَا تَتَمَنَّوْا مَا فَضَّلَ اللَّهُ بِهِ بَعْضَكُمْ عَلَى بَعْضٍ} [النساء: 32]، ليكن التكامُل بين الشعوب المسلمة هاجِس حُكَّامها، والتعاوُن في سبيل الرِّفعة همَّ حُكمائها، والتصافي بين النفوس دأَبَ عُقلائها.

لقد وحَّدَت المصالح أممًا تبايَنَت بهم اللغات، واختَلَفَت بهم الأعراق، وكانت بينهم قبل عقودٍ قليلة حروبٌ عُظمى، وإباداتٌ كبرى، فما منعَهم ذلك أن يطوُوا تلك الصحائف، وينسَوا تلك الضغائن والأحقاد، في سبيل المصلحة الأعم، والمستقبل الأفضل.

أفَلَسنا نحن العرب والمسلمين أوْلَى بذلك؟! كفانا تنابُزًا واختلافًا، وحسبُنا فُرقةً واتهامًا؛ فإن المرحلة لا تحتمل، وقد بلغ غيرُنا في شؤون الحياة شأْوًا بعيدًا، وغدَونا في مرتبةٍ لا يُؤبَه بها بين الأمم، وليس لها مدى في سباق الحضارات، غاب منا التأثير حين عجِزنا عن التغيير، والله لا يُغيِّر ما بقومٍ حتى يُغيِّروا ما بأنفسهم، فإن هذه الحال لا يرضاها الله لنا، وقد وصَفَنا بأنا خير أمة، ولا تليقُ بنا ونحن ملَّتنا أكرم ملَّة.

فالنهوض بهذه الأمة واجبٌ على أفرادها، ولا نستطيع ذلك حتى نُحسِن صلَتنا بالله أولاً، ثم نعمل مُخلصين جادِّين ثانيًا، وأن تتكامل القدرات بين الشعوب المسلمة ثالثًا، {وَإِنَّ هَذِهِ أُمَّتُكُمْ أُمَّةً وَاحِدَةً وَأَنَا رَبُّكُمْ فَاتَّقُونِ} [المؤمنون: 52]، {وَلَا تَنَازَعُوا فَتَفْشَلُوا وَتَذْهَبَ رِيحُكُمْ وَاصْبِرُوا إِنَّ اللَّهَ مَعَ الصَّابِرِينَ} [الأنفال: 46].

بارك الله ولكم في الكتاب والسنة، ونفعنا بما فيهما من الآيات والحكمة، أقول قولي هذا وأستغفر الله تعالى لي ولكم.

الخطبة الثانية:

الحمد لله، الحمد لله الذي بنعمته تتم الصالحات، له الحمد ملءَ الأرض وملءَ السماوات، اللهم لك الحمد على ما يسَّرتَ من تمام الحجِّ وكماله، وما أسبَغتَ من النعمة والتوفيق، والتيسير والتسديد، والأمن والأمان.

وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله، صلَّى الله وسلَّم وبارَك عليه، وعلى آله وصحبه أجمعين.

أما بعد، أيها المسلمون:

في هذا اليوم يرمي الحج الجمرات، وبمغيب شمس هذا اليوم تُطوَى صفحةُ أيام التشريق، وينقضي وقتُ نحر الأضاحي.

وإذا أراد الحاج أن يرجع إلى بلده فيجبُ عليه أن يطوف بهذا البيت طواف الوداع، ولا يلزمه سعيٌ له ولا حلق، ولئن انقَضَت هذه الأيام الفاضلة فإن عمر المؤمن كله خير، هو مزرعة الحسنات، ومغرِس الطاعات، والمؤمن لا يزيدُه عمره إلا خيرًا، وعبادة الله لا يحُدُّها زمانٌ ولا مكان، فرُبَّ عابدٍ في ذُرَى جبال السِّند هو أقرب إلى الله من مُتعبِّدٍ عند الكعبة، ورُبَّ مُصلٍّ عند جبل طارق تبلغُ صلاتُه ما لم تبلُغه صلاةُ مُصلٍّ في الروضة الشريفة؛ فإن معيار القبول هو إخلاص العامل لله، ومُتابعته رسول الله، وفضلُ الله واسع.

ومن علامة قبول الحسنة: الحسنة بعدها، وعلامة الحج المبرور: أن تعود خيرًا مما كنت، ومن طهُرَت صحيفة عمله بالغفران فليحذَر العودة إلى دَنَس الآثام، فالنَّكثَة أشد من الجُرح.

وليكن من الخير في ازدياد؛ فإن ذلك من علامة القبول.

ثم الصلوات الزاكيات، والتسليمات الدائمات على أشرف خلق الله: محمد رسول الله، وعلى آله الطيبين الطاهرين، وصحابته الغُرِّ الميامين، اللهم ارضَ عن الأئمة المهديين، والخلفاء المرضيين: أبي بكر، وعمر، وعثمان، وعليٍّ، وعن سائر صحابة نبيك أجمعين، ومن سار على نهجهم واتبع سنتهم يا رب العالمين.

اللهم أعِزَّ الإسلام والمسلمين، وأذِلَّ الشرك والمشركين، ودمِّر أعداء الدين، واجعل هذا البلد آمنًا مطمئنًّا وسائر بلاد المسلمين.

اللهم آمِنَّا في أوطاننا، وأصلِح أئمتنا وولاة أمورنا، وأيِّد بالحق إمامنا ووليَّ أمرنا، اللهم وفِّقه لهداك، واجعل عمله في رضاك، وهيِّئ له البِطانة الصالحة، اللهم وفِّق وليَّ عهده لما تحب وترضى، اللهم أتمَّ عليهم الصحة والعافية، اللهم وفِّق النائب الثاني لما فيه الخير للعباد والبلاد، واسلُك بهم جميعًا سبيل الرشاد، وكن لهم مُوفِّقًا مُسدِّدًا لكل خيرٍ وصلاح، وتولَّ ثوابهم على ما يبذُلونه لخدمة الحرمين الشريفين، وللحُجَّاج والمُعتمِرين.

اللهم جازِ بالخيرات والحسنات من سعى في خدمة الحجيج.

اللهم اقبل من الحُجَّاج حجَّهم، واستجِب دعاءهم، اللهم اجعل حجَّهم مبرورًا، وسعيَهم مشكورًا، وذنبهم مغفورًا، وأعِدهم إلى ديارهم سالمين، اللهم تقبَّل منا ومنهم، وثبِّتنا على الحق والهدى، واختم لنا بخيرٍ يا أرحم الراحمين.

اللهم ادفع عنا الغلا والوبا، والربا والزنا، والزلازل والمِحَن، وسوء الفتن ما ظهر منها وما بَطَن.

اللهم أصلِح أحوال المسلمين في كل مكان، اللهم اجمعهم على الحق والهدى، اللهم وانصر المُستضعَفين من المسلمين في كل مكان، اللهم انصرهم في فلسطين، واجمعهم على الحق يا رب العالمين.

اللهم انصر دينك وكتابك وسنة نبيك وعبادك المؤمنين.

اللهم عليك بأعداء الدين فإنهم لا يُعجِزونك.

{رَبَّنَا آتِنَا فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً وَفِي الْآخِرَةِ حَسَنَةً وَقِنَا عَذَابَ النَّارِ} [البقرة: 201].

اللهم اغفر ذنوبنا، واستر عيوبنا، ويسِّر أمورنا، وبلِّغنا فيما يُرضِيك آمالنا، ربنا اغفر لنا ولوالدينا ووالديهم وذرياتهم، إنك سميع الدعاء.

اللهم لك الحمد، اللهم لك الحمد، اللهم لك الحمد على ما أسبَغتَ علينا من نزول الأمطار، اللهم اجعل ما أنزلتَه قوةً على طاعتك، وبلاغًا إلى حين.

اللهم عُمَّ برحمتك جميع أرجاء بلاد المسلمين، يا حي يا قيوم يا ذا الجلال والإكرام.

ربنا تقبل منا إنك أنت السميع العليم، وتُب علينا إنك أنت التواب الرحيم.

سبحان ربك رب العزة عما يصفون، وسلامٌ على المرسلين، والحمد لله رب العالمين.

]]>
es.islamcenter@gmail.com (mona) الحج والعمرة Sat, 22 Dec 2012 15:49:18 +0000
الحج وتحقيق التوحيد http://islam-centers.net/ar/islamic-definition/article-islamic-definition/58-2010-06-15-13-50-55/395-2012-12-22-15-40-56.html http://islam-centers.net/ar/islamic-definition/article-islamic-definition/58-2010-06-15-13-50-55/395-2012-12-22-15-40-56.html Normal 0 false false false EN-US X-NONE AR-SA

الحج وتحقيق التوحيد

نبذة مختصرة عن الخطبة:

ألقى فضيلة الشيخ عبد الرحمن السديس - حفظه الله - خطبة الجمعة بعنوان: "الحج وتحقيق التوحيد"، والتي تحدَّث فيها عن قيام الحج - وسائر العبادات والطاعات - على التوحيد الخالص لله - جل وعلا -، ونبذ الشرك، ثم وجَّه النصائح المهمة للحُجَّاج، بتأدية المناسك على أكمل وجه، وسؤال أهل العلم عما يُشكِل عليهم، واتباع سنة المصطفى - صلى الله عليه وسلم - في كل ذلك.

الخطبة الأولى:

الحمد لله شرع الحج لعباده رحمةً بهم وإسعادًا، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له إقرارًا بتوحيده وانقيادًا، وأشهد أن نبينا وسيدنا محمدًا عبد الله ورسوله أفضل الورى طُرًّا وأعرفهم أنجادًا، صلَّى الله عليه وعلى آله وصحبه أبَرِّ الأمة قلوبًا وأشهدهم تآلُفًا ووِدادًا، والتابعين ومن تبعهم بإحسانٍ يرجو فلاحًا ورشادًا، وسلَّم تسليمًا يزداد ازديادًا.

أما بعد:

فاتقوا الله - عباد الله -، اتقوا الله يا حُجَّاج بيت الله، فتقواه - سبحانه - خير مَرقاةٍ لبلوغ المرام، وأمنع عاصمٍ لاجتناب الأوزار والآثام، فاعمُروا بها قلوبكم وأوقاتكم، واستدرِكوا بها من الطاعات ما فاتكم، مُستثمرين شرف الزمان وشرف المكان وشرف المناسبة، {وَتَزَوَّدُوا فَإِنَّ خَيْرَ الزَّادِ التَّقْوَى} [البقرة: 197].

إخوة الإسلام، حُجَّاج بيت الله الحرام:

ها هو موسم الحج الأزهر، ويومه الأغرّ الأكبر، قد أضاءت في سماء الأمة أنواره، وتلألأت لياليه وأشرق نهاره، وعبَقَت بالبشائر أزهاره، وبالخيرات والبركات ثماره، وسطَعَت في أفئدة الحجيج فضائله وآثاره.

حطَّت مراكبُ للحجيج متاعَها

والكل من فَرْط السعادة يجأر

ذهَلوا عن الدنيا وباطل لهوها

وتذكَّروا الآثام لو تتذكَّروا

أيها الحُجَّاج الميامين:

حقَّق الباري سُؤلكم ومُناكم، تشرُف بكم بلاد الحرمين - حرسها الله - رعاةً ورعية، أرضًا ووِهادًا، سهلاً ومُنئادًا، يستبشرون بكم ضيفًا عزيزًا مرقوبًا، ووفدًا كريمًا محبوبًا، فخدمتكم تاجُ فَخارٍ يتلألأ على صدور أهلها، ووسام شرفٍ يتألَّق في عِقد جِيد أبنائها، شِعارُكم: تلبيةٌ مُجلجِلةٌ بالتوحيد لرب العبيد، لبيك اللهم لبيك، لبيك لا شريك لك لبيك، إن الحمد والنعمة لك والملك، لا شريك لك.

لبيك يا رب الحجيج جُمُوعه وفَدَت إليك

ترجو المثابة في حِماك وتبتغي الزُّلْفى لديك

لبيك والآمالُ والأفضالُ من نُعمَى يديك

حُجَّاج بيت الله الحرام:

هاأنتم أولاء بحمد الله في رحاب الحرمين الشريفين، تعيشون أجواءً مُفعمةً بالروحانية، في أجلِّ مناسبةٍ إسلاميةٍ عالمية، فلله درُّكم من إخوةٍ متوادِّين متراحمين، وأحِبَّةٍ على رضوان الله مُتآلفين مُتعاوِنين، وصفوةٍ لنسائم الإيمان مُتعرِّضين، لَوَت في جليل مقصدكم زينةُ الأثواب، وعزَّة الأنساب، وزخارف الألقاب والأحساب.

أيا من أنضيتم الأبدان، وفارقتم الولدان والأوطان، وتجشَّمتم الفيافي والأخطار، وجُزتم الأجواء والبحار، حاسري الرؤوس، خاشعي النفوس، امتثالاً لأمر المنَّان، وداعي خليل الرحمن، والإيمان المُضطرم يعرِك أقدامكم، والحنين الكمين حادي إقدامكم، كي تُنيخوا مطايا الشوق بأعظم بِقاع الله تفضيلاً، وأكرمها جملةً وتفصيلاً، وترتادوا حِمى من؟ حِمى الواحد الديَّان، {وَمَنْ دَخَلَهُ كَانَ آمِنًا} [آل عمران: 97].

مما يُؤكِّد أهمية رعاية أمن البلد الحرام ونظامه، هنيئًا لكم وقد كحَّلتم برؤية أرضٍ درَجَ عليها الحبيب، وانبثق منها نور الرسالة الرحيب، على صاحبها صلاةٌ تَتْرى، وسلامٌ عبِقٌ رطيب.

ألا فليكن ذلك تقويةً لإيمانكم، وبعثًا لعزائمكم، وشحذًا لهِمَمكم.

نعم أيتها الوفود المباركة، ها قد حقَّق الله سُؤلكم، وبلَّغكم مأمولكم، فعاينتم البيت الأطهر، والمكان الأزهر، الذي استبى حبَّات الشِّغاف فأبهر، ولسان حالكم ما أضمر بل أظهر: وسِرنا نشق البِيْد للبلد الذي بجهدٍ وشقٍّ للنفوس بلغناه رجالاً ورُكبانًا على كل ضامرٍ، ومن كل ذي فجٍّ عميق أتيناه.

حُجَّاج بيت الله الحرام:

وفي هذه المواكب المهيبة، والحشود المباركة الحبيبة، التي اتحدَت زمانًا ومكانًا، شعائر ومشاعر، يعقِد الإسلام وفي أحكم ما يكون العَقد بإحدى منافع الحج الجُلَّى، مناط الوحدة الإسلامية والروحية الصلبة التي تنحسِر دونها كل المِحَن والمآسي، يقول - سبحانه -: {وَإِنَّ هَذِهِ أُمَّتُكُمْ أُمَّةً وَاحِدَةً وَأَنَا رَبُّكُمْ فَاتَّقُونِ} [المؤمنون: 52].

إخوة الإيمان، ضيوف الرحمن:

كبرى القضايا التي قام عليها ركن الحج الركين، بل وقامت عليها جميع الطاعات والعبادات: هي تجريد التوحيد الذي هو حق الله على العبيد، وإفراده - سبحانه - بالعبادة دون سواه، فأعظم مقاصد الحج ومنافعه - يا عباد الله - تحقيق التوحيد الخالص لله، كما قال - جل شأنه -: {قُلْ إِنَّ صَلَاتِي وَنُسُكِي وَمَحْيَايَ وَمَمَاتِي لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ (162) لَا شَرِيكَ لَهُ} [الأنعام: 162، 163].

وما التلبية التي يلهجُ بها الحجيج، وتهتز لها جَنَبات البلد الأمين، وتُجلجِل بها المشاعر القِداس إلا عنوان التوحيد والإيمان، ودليل الطاعة والإذعان، ولأجل التوحيد رُفِعت قواعد هذا البيت المُعظَّم من أول وهلة، قال تعالى: {وَإِذْ بَوَّأْنَا لِإِبْرَاهِيمَ مَكَانَ الْبَيْتِ أَنْ لَا تُشْرِكْ بِي شَيْئًا} [الحج: 26].

مواكب الحجيج:

ويلتحق بتلك الأصول النِّفاع: أصل المحبة والتأسِّي والاتباع، فمحبته - صلى الله عليه وسلم - اقتداءٌ واهتداء، لا انتحالٌ وادِّعاء، يقول - سبحانه -: {وَمَا آتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانْتَهُوا} [الحشر: 7]، ويقول - صلى الله عليه وسلم -: «خذوا عني مناسككم».

مع استشعارٍ لعظمة هذه الفريضة الجليلة ومقاصدها السامية النبيلة، أليست هي الركن الخامس من أركان الإسلام؟ وإحدى شعائره العِظام؟

في "الصحيحين" من حديث أبي هريرة - رضي الله عنه - أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: «والحجُّ المبرور ليس له جزاءٌ إلا الجنة»؛ أخرجه البخاري ومسلم.

وفيهما أيضًا: أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: «من حجَّ فلم يرفُث ولم يفسُق رجع من ذنوبه كيوم ولدَته أمه». الله أكبر.

فكم حامدٍ، وكم ذاكرٍ ومُسبِّحٍ

وكم مُذنِبٍ يشكو لمولاه بل واهُ

وظلَّ حجيجُ الله لليل واقفًا

فقيل: انفروا، فالكل منكم قبِلناه

أمة الإسلام، وفود بيت الله الحرام:

إن شعيرة الحج في جوهرها البديع، ومظهرها الأنِق المنيع لتدعونا لاتخاذها مُنعطَفًا عمليًّا ومنارًا، ووثبةً جادةً لحمل قضايانا ومثارًا، فحتَّام الشتات والاختلاف حتَّام، وإلى ما التنافُر والتنافُر إلام، لقد حلَّ الأوان وحان الآن في اغتنامٍ لشرف الزمان والمكان لمعالجة مِحَن الأمة ونزاعاتها، ووَحَر صدورها وخلافاتها، إقليميًّا ودوليًّا وعالميًّا، وأن يكون هذا الاجتماع الرباني مِسبارًا للأعمال، ورائدًا للآمال، وعهدًا للتناصُر، وتثبيت الأواصر، ومُستألفًا لنبذ التراخي، وتأكيد التآخي، {وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللَّهِ جَمِيعًا وَلَا تَفَرَّقُوا} [آل عمران: 103]، لا سيما في أولى قضايانا الكبرى: قضية إخواننا في الأرض المباركة فلسطين، والمسجد الأقصى الذين جرَّحتهم ظُلمات الحِصار والخُطوب، وانقسامات الإخوة على شتى أهواءٍ وضروب، وإخواننا في بلاد الرافدَيْن الذين قرَّحتهم مآسي الحروب.

إن هذه الشعيرة المباركة لَلمناسبة العظيمة لأن نُزجِي للعالم أكْدَع الهدايات الربانية والرحمات المُصطفوية التي تهتِف بالحق والعدل والأمن والسلام، وتُرفرِفُ بالرحمة والتسامُح والصفاء والوِئام، وتنبُذ الظلم والفساد، والعنف والإرهاب، مهما كانت الدوافع والأسباب.

أيها الحُجَّاج الكرام:

اللهَ اللهَ في الحِفاظ على هذه العَرَصات الطاهرة، والنعمة السابغة، والبِدار البِدار إلى تعظيم هذه البقاع الشريفة تأدُّبًا وتوقيرًا، وصيانةً وتطهيرًا، {ذَلِكَ وَمَنْ يُعَظِّمْ شَعَائِرَ اللَّهِ فَإِنَّهَا مِنْ تَقْوَى الْقُلُوبِ} [الحج: 32].

حَذار من كل ما يُعكِّر أمنها وأمانها، وسكينتها واستقرارها، تحلَّوا - يا رعاكم الله - بالأخلاق الكريمة، والآداب القويمة، وحَذار من الأذى والخِصال الذميمة، فالحجُّ عبادةٌ وأمنٌ وسلوكٌ حضاري، والله - عز وجل - يقول: {لْحَجُّ أَشْهُرٌ مَعْلُومَاتٌ فَمَنْ فَرَضَ فِيهِنَّ الْحَجَّ فَلَا رَفَثَ وَلَا فُسُوقَ وَلَا جِدَالَ فِي الْحَجِّ} [البقرة: 197].

وتحية تقديرٍ وإجلالٍ وإعزاز للعاملين على راحة الحجيج في المواقع المدنية الأمنية، وهنيئًا لهم هذا الشرف العظيم، والمرتبة السنية، لا زال العون والسداد أليفهم، والإخلاص والاحتساب حليفهم.

وليهنأ الحُجَّاج الأكارم بمنظومة الخدمات المُتألِّقة، والمشروعات العملاقة المُتكاملة، ولعل ما يُطرِّزُ سناها هذا العام مشروع قِطار الحرمين والمشاعر المُقدَّسة، جعله الله في موازين الحسنات، نسأل الله - سبحانه - في أول الأمر وبادئه، وخاتمه وعائده أن يوفِّق حُجَّاج بيته الحرام، وأن يُعينهم على أداء مناسكهم، وأن يجعل حجَّهم مبرورًا، وسعيَهم مشكورًا، وذنبهم مغفورًا، وأن يُعيدهم إلى بلادهم سالمين غانمين، مأجورين غير مأزورين، إنه جوادٌ كريم.

بارك الله لي ولكم في القرآن والسنة، ونفعني وإياكم بما فيهما من الآيات والحكمة، أقول قولي هذا، وأستغفر الله العظيم الجليل لي ولكم ولكافة المسلمين من كل ذبٍ، فاستغفروه وتوبوا إليه، إن ربي لغفور رحيم.

الخطبة الثانية:

الحمد لله، جعل الحج ركنًا من أركان الدين ومنهاجًا، وأعظمَ الأجر للناسكين عُمَّارًا وحُجَّاجًا، وأشهد أن سيدنا ونبينا محمدًا عبد الله ورسوله خير من سلك للمناسك سهولاً وفِجاجًا، اللهم فصلِّ عليه وعلى آله وصحبه الذين هَفَت قلوبهم للمشاعر تأويبًا وإدلاجًا، والتابعين ومن تبعهم بإحسانٍ يرجو ازدلافًا إلى ربه وابتهاجًا، وسلِّم يا رب تسليمًا كثيرًا، ما هَمَت المُزن غيثًا ثجَّاجًا.

أما بعد:

فاتقوا الله - عباد الله -، اتقوا الله يا حُجَّاج بيت الله، واعمُروا أوقاتكم الشريفة بالطاعات، وازدلِفوا في هذه العشر المُباركات بمزيد القُربات.

أيها الأحبة في الله:

ومن فضل الله - سبحانه - وجزيل نعمائه: ما تعيشه الأمة الإسلامية من عَبَق هذه الأيام الغُرّ الفاضلة العشر الأُوَل من ذي الحجة التي عظَّم الله شأنها ورفع قدرها.

أخرج البخاري في "صحيحه" من حديث ابن عباس - رضي الله عنهما - أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: «ما من أيامٍ العمل الصالحُ فيها أحبُّ إلى الله - عز وجل - من هذه الأيام». قالوا: يا رسول الله! ولا الجهاد في سبيل الله؟ قال: «ولا الجهاد في سبيل الله إلا رجلٌ خرج بنفسه وماله ثم لم يرجع من ذلك بشيء».

الله أكبر، يا له من فضلٍ عظيمٍ، وموسمٍ بالخيرات عميم، فبادِروا - أيها الحُجَّاج - الميامين إلى انتهاز هذه الفُرَص الثمينة، فنِعمت الفضائل في هذه الأيام القلائل حيث الأجور الجلائل، اهتبِلوا هذه السارحة المباركة بالذكر والتسبيح والتحميد والتهليل والتكبير، الله أكبر الله أكبر، لا إله إلا الله، الله أكبر الله، ولله الحمد.

فإذا جاء اليوم الثامن استُحِبَّ للحُجَّاج أن يخرجوا إلى مِنى ويبيتوا بها ليلة التاسع، فإذا طلعت الشمس يوم التاسع توجَّهوا إلى عرفات، فإذا زالت الشمس وقفوا بها الموقف العظيم مُشتغلين بالذكر والدعاء، فما من يومٍ أكثر من أن يُعتِق الله فيه عبيدًا من النار من يوم عرفة، فإذا غرَبَت الشمس فازدلِفوا إلى المزدلِفة، وبِيتوا بها ليلة العيد، وفي صبيحة يوم العيد يرمي الحُجَّاج جمرة العقبة بسبع حَصَيات، ثم يُكمِلون بقية المناسك من الذبح، والحلق أو التقصير، والطواف، يقول - سبحانه -: {ثُمَّ لْيَقْضُوا تَفَثَهُمْ وَلْيُوفُوا نُذُورَهُمْ وَلْيَطَّوَّفُوا بِالْبَيْتِ الْعَتِيقِ} [الحج: 29].

ألا فاتقوا الله - عباد الله -، اتقوا الله يا حُجَّاج بيت الله، وتفقَّهوا في أحكام المناسك، واسألوا أهل العلم عما يُشكِل عليكم، والله - عز وجل - يقول: {فَاسْأَلُوا أَهْلَ الذِّكْرِ إِنْ كُنْتُمْ لَا تَعْلَمُونَ} [النحل: 43].

وعلى أهل العلم والفتوى أن يأخذوا الحُجَّاج بقاعدة التيسير ورفع الحرج، فهو المنهج النبوي الذي سلكه المصطفى - صلى الله عليه وسلم -، وعليه دَرَج.

تقبَّل الله من الحُجَّاج حجَّهم، وجعله حجًّا مبرورًا، وسعيًا مشكورًا، وذنبًا مغفورًا، وأعادهم إلى بلادهم سالمين غانمين، مأجورين غير مأزورين، إنه خير مسؤولٍ وأكرم مأمول.

هذا، وصلُّوا وسلِّموا - رحمكم الله - على النبي المصطفى، والرسول المُجتبى - بأبي هو وأمي - صلى الله عليه وسلم - خير من وقف بالمشاعر وأدَّى المناسك، وأبان أحكام الحج لكل ناسك، فقد أمركم بذلك المولى الجليل في أصديق القيل، ومحكم التنزيل، فقال تعالى قولاً كريمًا: {إِنَّ اللَّهَ وَمَلَائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا} [الأحزاب: 56].

فوالله ما ذرأ الإله ولا بَرى

خَلْقًا ولا خُلُقًا كأحمد في الوَرَى

فعليه صلَّى الله ما قلمٌ جرى

أو لاحَ برقٌ في الأباطِحِ والقُرى

اللهم أعِزَّ الإسلام والمسلمين، اللهم أعِزَّ الإسلام والمسلمين، اللهم أعِزَّ الإسلام وانصر المسلمين، وسلِّم الحُجَّاج والمُعتمرين، وسلِّم الحُجَّاج والمُعتمرين، وسلِّم الحُجَّاج والمُعتمرين، واحمِ حوزة الدين، واجعل هذا البلد آمنًا مطمئنًّا وسائر بلاد المسلمين.

اللهم آمِنَّا في أوطاننا، اللهم آمِنَّا في أوطاننا، اللهم آمِنَّا في أوطاننا، وأصلح أئمتنا وولاة أمورنا، وأيِّد بالحق إمامنا خادم الحرمين الشريفين، اللهم وفِّقه لما تحب وترضى، وخُذ بناصيته للبر والتقوى، وهيِّئ له البطانة الصالحة التي تدلُّه على الخير وتُعينه عليه، اللهم وفِّقه ونائبَيْه وإخوانه وأعوانه إلى ما فيه صلاح البلاد والعباد، اللهم وفِّق جميع ولاة أمور المسلمين لتحكيم شرعك، واتباع سنة نبيك - صلى الله عليه وسلم -، اللهم اجعلهم رحمةً على عبادك المؤمنين.

اللهم كن لإخواننا المُضطهدين في دينهم في كل مكان، اللهم كن لإخواننا المُضطهدين في دينهم في كل مكان، اللهم كن لإخواننا المُضطهدين في دينهم في كل مكان.

اللهم أنقِذ المسجد الأقصى، اللهم أنقِذ المسجد الأقصى، اللهم أنقِذ المسجد الأقصى من براثن الصهاينة المُعتدين المُحتلين، اللهم اجعله شامخًا عزيزًا إلى يوم الدين، اللهم اجعله شامخًا عزيزًا إلى يوم الدين، اللهم اجعله شامخًا عزيزًا إلى يوم الدين.

اللهم وفِّق المسلمين لما تحب وترضى يا ذا الجلال والإكرام، اللهم اغفر لموتاهم، واشفِ مرضاهم، اللهم اشفِ مرضاهم يا أرحم الراحمين، يا حي يا قيوم، يا ذا الجلال والإكرام، اللهم اهدِهم سُبُل السلام، اللهم جنِّبهم الفواحِش والفتن ما ظهر منها وما بَطَن، يا ذا الجلال والإكرام، يا ذا الطول والإنعام.

{رَبَّنَا آتِنَا فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً وَفِي الْآخِرَةِ حَسَنَةً وَقِنَا عَذَابَ النَّارِ} [البقرة: 201].

اللهم وفِّق رجال أمننا، اللهم وفِّق رجال أمننا، اللهم وفِّق رجال أمننا، اللهم اجزِهم خيرًا على ما قدَّموا ويُقدِّمون من خدمةٍ للحُجَّاج والمُعتمِرين.

اللهم أغِثْنا، اللهم أغِثْنا، اللهم أغِثْنا، اللهم أنت الله لا إله إلا أنت، أنت الغني ونحن الفقراء، أنزِل علينا الغيث ولا تجعلنا من القانطين، اللهم أنزِل علينا الغيث ولا تجعلنا من القانطين.

اللهم إنا نستغفرك إنك كنت غفَّارًا، فأرسِل السماء علينا مِدرارًا.

ربنا تقبل منا إنك أنت السميع العليم، وتُب علينا إنك أنت التواب الرحيم، واغفر لنا ولوالدينا ولجميع المسلمين الأحياء منهم والميتين، برحمتك يا أرحم الراحمين.

سبحان ربك رب العزة عما يصِفون، وسلامٌ على المرسلين، والحمد لله رب العالمين.

]]>
es.islamcenter@gmail.com (mona) الحج والعمرة Sat, 22 Dec 2012 15:40:27 +0000
عرفات عبر وعبرات http://islam-centers.net/ar/islamic-definition/article-islamic-definition/58-2010-06-15-13-50-55/394-2012-12-22-14-40-52.html http://islam-centers.net/ar/islamic-definition/article-islamic-definition/58-2010-06-15-13-50-55/394-2012-12-22-14-40-52.html Normal 0 false false false EN-US X-NONE AR-SA MicrosoftInternetExplorer4

عرفات عبر وعبرات

إن الحمد لله نحمده و نستعينه ونستغفره ونعوذ بالله من شرور أنفسنا وسيئات أعمالنا ، من يهدي الله فهو المهتد، ومن يضلل فلن تجد له ولياً مرشداً ، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له ، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله .

(( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ)) (آل عمران:102) .

(يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالاً كَثِيراً وَنِسَاءً وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالْأَرْحَامَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيباً)) (النساء:1)

(( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلاً سَدِيداً * يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزاً عَظِيماً )) (الأحزاب: 70 ،71) . 

أما بعد : فإن أصدق الحديث كتاب الله وخير الهدي هدي محمد صلى الله عليه وسلم ، وشر الأمور محدثاتها ، وكل محدثة بدعة ، وكل بدعة ضلالة ، وكل ضلالة في النار وبعد :

ماذا عسى لقائل أن يقول عن مشهد يعجز أبلغ البلغاء أن يصفه ، وعن مشاعر فياضة يعجز الأديب والأريب أن يفصح عنها إنه مشهد يوم عرفة ، يوم إكمال الدين ، وإتمام النعمة ، إنه عيد الإسلام ، إنه يوم عرفة ، أعظم الأيام وأفضلها ، إنه يوم مغفرة الذنوب ، والتجاوز عن الخطوب ، والستر على العيوب ، والفوز بالمحبوب ، إنه يوم العتق من النيران ،  والمباهاة بأهل الموقف من قبل الرحمن ، كما قال صلى الله عليه وسلم : (( ما يوم أكثر من أن يعتق الله فيه عبيداً من النار من يوم عرفة ، وإنه ليدنو ثم يباهي بهم الملائكة فيقول ما أراد هؤلاء )) رواه مسلم

 وقال صلى الله عليه وسلم : (( إذا كان يوم عرفة ينزل الله إلى سماء الدنيا فيباهي بهم الملائكة فيقول : انظروا عبادي أتوني شعثاً غبراً من كل فج عميق ، أشهدكم أني قد غفرت لهم ، فتقول الملائكة : يا رب فلان مرهق فيقول : قد غفرت لهم ، فما من يوم أكثر عتيقا من النار من يوم عرفة )) (1) .

وفي رواية: (( أشهدكم يا عبادي أني غفرت لمحسنهم وتجاوزت عن مسيئهم )) .

وروي عن النبي صلى الله عليه وسلم : ((ما رئي الشيطان يوما هو فيه أصغر ولا أدحر ولا أحقر ولا أغيظ منه يوم عرفة ، وما ذاك إلا لما يرى من تنزل الرحمة ، وتجاوز الله عن الذنوب العظام إلا ما رئي يوم بدر )) (2) .

*أعمال يوم عرفة :

* إذا صليت الفجر وطلعت الشمس فانطلق إلى عرفة وأنت تلبي وتكبر فتقول : الله أكبر الله أكبر لا إله إلا الله والله أكبر الله أكبر ولله الحمد ، ترفع بذلك صوتك .

* من السنة أن تنزل في نمرة إلى الزوال.[1] إن أمكن ذلك .

* ثم تكون هناك خطبة وبعدها تصلى الظهر والعصر([2]) جمع تقديم ركعتين بأذان وإقامتين ، ولا يصلى بينهما ولا قبلهما شيئاً من النوافل .

* ثم تدخل داخل عرفة – وتتأكد من دخولها بالحدود الموجودة – لأن وادي عرنة ليس من عرفة .

* تتفرغ بعد ذلك للذكر والتضرع إلى الله عز وجل والدعاء بخشوع وحضور قلب.

* عرفة كلها موقف وإن تيسر لك أن تقف عند الصخرات أسفل الجبل – الذي يسمى جبل الرحمة – وتجعله بينك وبين القبلة فهو أفضل .

* ليس من السنة صعود الجبل كما يفعله بعض عامة الناس .

* تكثر من قول : (( لا إله إلا الله وحده لا شريك له ، له الملك وله الحمد وهو على كل شيء قدير )) .

* لا تخرج من عرفة إلا بعد غروب الشمس .

* بعد الغروب تنطلق إلى مزدلفة بهدوء وسكينة ، وإذا وجدت متسعاً فأسرع قليلاً لأنها السنة .

* حين تصل إلى مزدلفة تصلي المغرب والعشاء ، والسنة أن تجمع بينهما بأذان وإقامتين – المغرب ثلاث ، والعشاء ركعتين – ولا تصل بينهما شيئاً ، فإن كنت تخشى أن لا تصل إلى مزدلفة إلا بعد منتصف الليل بسبب الزحام أو غيره فإنه يجب عليك أن تصلي في الطريق ولو لم تصل إلى مزدلفة قبل خروج الوقت .

* ثم تنام حتى الفجر ، أما الضعفاء والنساء فيجوز لهم الذهاب إلى منى بعد غياب القمر والله أعلم .

* أسباب مغفرة الذنوب في يوم عرفة:    

أيها الحاج المبارك : من طمع في العتق من النار ومغفرة ذنوبه في يوم عرفة فليحافظ على الأسباب التي يرجى بها العتق والمغفرة ومنها :

أولاً : أن تحفظ جوارحك من المحرمات في هذا اليوم : عن ابن عباس رضي الله عنه قال : كان فلان رديف النبي صلى الله عليه وسلم يوم عرفة قال فجعل الفتى يلاحظ النساء وينظر إليهن قال وجعل رسول الله صلى الله عليه وسلم يصرف وجهه بيده من خلفه مراراً قال وجعل الفتى يلاحظ إليهن قال فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم : (( ابن أخي إن هذا يوم من ملك فيه سمعه وبصره ولسانه غفر له )) .[3]

فالنبي صلى الله عليه وسلم بين في هذا الحديث أموراً ثلاثة من فعلها غفر الله له وهي :

 أ- غض البصر: فلا تنظر إلى ما حرم الله فإنه في مثل هذا الموقف يبتلى الإنسان بالنظر إلى ما حرم الله من النساء الأجانب فتنظر إلى هذه وتمعن النظر في الأخرى ويذهب يومك بالنظر الغادي والرائح من النساء ، والمراد بغض البصر أن يغمض المسلم بصره عما حرم عليه ، ولا ينظر إلا لما أبيح له النظر إليه ، ويدخل فيه أيضاً إغماض الأبصار عن المحرمات ، فإن اتفق  أن وقع البصر على محرم من غير قصد فليصرف بصره سريعاً ([4]) قال تعالى : (( قُلْ لِلْمُؤْمِنِينَ يَغُضُّوا مِنْ أَبْصَارِهِمْ وَيَحْفَظُوا فُرُوجَهُمْ ذَلِكَ أَزْكَى لَهُمْ إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا يَصْنَعُونَ)) (النور:30) , وقال تعالى : (( وَقُلْ لِلْمُؤْمِنَاتِ يَغْضُضْنَ مِنْ أَبْصَارِهِنَّ)) (النور: من الآية31) .

فأمر الله تعالى بغض البصر لأن البصر سهم من سهام إبليس .

 قال ابن القيم – رحمه الله – ( أمر الله تعالى نبيه صلى الله عليه وسلم أن يأمر المؤمنين بغض أبصارهم وحفظ فروجهم، ولما كان مبدأ ذلك من قبل البصر جعل الأمر بغضه مقدماً على حفظ الفروج ، فإن الحوادث مبدؤها من النظر، فتكون نظرة، ثم خطرة ، ثم خطوة ، ثم خطيئة ، ولهذا قيل : من حفظ هذه الأربعة أحرز دينه : اللحظات ، والخطرات، واللفظات، والخطوات ) ([5])

وقال القرطبي – رحمه الله – ( البصر : هو الباب الأكبر إلى القلب ، وأعمر طرق الحواس إليه ، ويحسب ذلك كثرة السقوط من جهته ، ووجب التحذير منه ، وغضه واجب عن جميع المحرمات ، وكل ما يخشى منه الفتنة من أجله ) . ([6])

ولذا ضمن النبي صلى الله عليه وسلم الجنة لم غض بصره كما في حديث عبادة بن الصامت – رضي الله عنه – أنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (اضمنوا لي ستاً من أنفسكم أضمن لكم الجنة : اصدقوا إذا حدثتم ، وأوفوا إذا وعدتم ، وأدوا إذا ائتمنتم ، واحفظوا فروجكم ، وغضوا أبصاركم ، وكفوا أيديكم )[7]

وجعل النبي صلى الله عليه وسلم غض البصر من حق الطريق فقال عند سأله أصحابه فقالوا وما حق الطريق ؟ قال : ( غض البصر ) الحديث رواه البخاري ([8])

وقال ابن مسعود – رضي الله عنه - : ( الإثم حواز القلوب ، وما من نظرة إلا وللشيطان فيها مطمع ) ([9])   وقال أنس بن مالك – رضي الله عنه - ( إذا مرت بك امرأة فغمض عينيك حتى تجاوزك ) .([10])

 ب- حفظ السمع : فلا تسمع ما حرم الله من أغاني ماجنة ، أو أحاديث فاسدة قال تعالى : (( إِنَّ السَّمْعَ وَالْبَصَرَ وَالْفُؤَادَ كُلُّ أُولَئِكَ كَانَ عَنْهُ مَسْؤُولاً))  (الإسراء: من الآية36) .     

أي يسأل كل واحد منهم عما اكتسب فالفؤاد عما افتكر فيه واعتقده والسمع والبصر عما رأى من ذلك وسمع ، ومثل هذه الأمور محرمة في كل الأحوال وفي مثل هذا اليوم  - يوم عرفة – أشد لأنه يوم يتجلى فيه الرب والله تعالى يدعو عباده ليسألوه ليغفر لهم ومع ذلك يصر على العناد والعصيان والله إن هذا لهو الخسران المبين ،نسأل الله السلامة والعافية .

ح- حفظ اللسان : اللسان ،الذي تستجير به جميع الأعضاء ويقلن له : اتق الله فينا فإنما نحن بك إن استقمت استقمنا، وإن اعوججت اعوججنا ، وقد بين النبي صلى الله عليه وسلم أن حفظ اللسان وضبطه هو منشأ كل خير وأصل كل فضيلة وملاك جميع آداب الدنيا والدين فمن ملك لسانه فقد ملك أمره قال صلى الله عليه وسلم:   (( المسلم من سلم المسلمون من لسانه ويده)) رواه البخاري.

وقال صلى الله عليه وسلم : (( من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فليقل خيراً أو ليصمت )) متفق عليه .

 ويقول صلى الله عليه وسلم : (( من يضمن لي ما بين لحييه وما بين رجليه أضمن له الجنة )) متفق عليه .

 ويقول صلى الله عليه وسلم فيما يرويه أحمد عن أنس رضي الله عنه : (( لا يستقيم إيمان عبد حتى يستقيم قلبه ، ولا يستقيم قلبه حتى يستقيم لسانه )) . ([11])

واستقامة اللسان بقول الحق دائماً وتجنب قول السوء خاصة في مثل هذا اليوم العظيم الذي قد ينسي الإنسان نفسه من شدة وهج الشمس وحرها وزحمة الناس وسوء معاملتهم مما قد يتسبب لبعضهم بالسب والشتام واللعن والتلفظ بسيئ الكلام أو جلوس بعضهم مع بعض بالمجالس العامرة بالضحك والغيبة والنميمة والكذب ونحوها .

 عن أبي هريرة رضي الله عنه أنه سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : (( إن العبد ليتكلم بالكلمة ما يتبين فيها يزل فيها في النار أبعد مما بين المشرق )) رواه البخاري ومسلم .

ويقول عمر بن الخطاب رضي الله عنه : ( من كثر كلامه كثر سقطه ، ومن كثر سقطه كثرت ذنوبه ، ومن كثرت ذنوبه كانت النار أولى به ) .

وعن أبي هريرة قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : (( كفى بالمرء كذباً أن يحدث بكل ما سمع )) رواه مسلم . فاحفظ لسانك أيها الحاج من كل شيء يشوبه .

ثانياً : الإكثار من شهادة التوحيد بإخلاص وصدق : فإنها أصل الذي أكمله الله في مثل هذا اليوم ، قال ابن عمر رضي الله عنهما : كان أكثر دعاء النبي صلى الله عليه وسلم : (( لا إله إلا الله وحده لا شريك له ، له الملك وله الحمد وهو على كل شيء قدير )) .

ثالثاً : الإلحاح على الله تعالى بالدعاء : فإن الله قريب من عباده ويجيب سبحانه الملحين .

لا تسألن بُني آدم حـاجـة          وسل الذي أبوابه لا تحجب

الله يغضب إن تركت سؤاله         وإذا سألت بُني آدم يغضب

 قال تعالى : ((وَقَالَ رَبُّكُمُ ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ)) (غافر: من الآية60) .

ويقول سبحانه: ((أَمَّنْ يُجِيبُ الْمُضْطَرَّ إِذَا دَعَاهُ وَيَكْشِفُ السُّوءَ)) (النمل: من الآية62) النمل       

وقال صلى الله عليه وسلم: (( خير الدعاء دعاء يوم عرفة)) رواه الترمذي ([12]).

وروي عن عمر رضي الله أنه قال : ( إني لا أحمل هم الإجابة ، ولكن أحمل هم الدعاء،فإذا ألهمت الدعاء فإن الإجابة معه ) .

ارفع يديك إلى السماء         في لهفة مشرعا

ارفع يديك فربـمـا          تلقى قبولا ربما

يا من قضيت العمر          من كلأ أو مشربا

العيش في الأخرى           فأدرك في معادك مغنما

ولعلي أن أذكرك أخي الحاج ببعض آداب الدعاء فمنها : [13]

1-                    أن تسأل الله تعالى بأسمائه الحسنى لقوله تعالى : (( وَلِلَّهِ الْأَسْمَاءُ الْحُسْنَى فَادْعُوهُ بِهَا)) (الأعراف: من الآية180)  .

2-                    البدء بحمد الله تعالى والثناء عليه والصلاة والسلام على رسول الله .

3-                    الصدق والإخلاص لله في الطلب .

4-                    الإلحاح وعدم الاستعجال .

5-                    تكرار الدعاء ثلاثاً .

6-                    كون المطعم والمشرب والملبس من الحلال .

7-                    رفع الأيدي في الدعاء واستقبال القبلة .

8-                    الوضوء قبل الدعاء .

9-                    خفض الصوت في الدعاء .

10-               عدم تكلف السجع في الدعاء .

11-               عدم الاعتداء في الدعاء أو الدعاء بالإثم وقطيعة الرحم.

12-               لا تسال إلا الله تعالى وحده .

احذر أيها الحاج ، يا من تكلفت المشاق وأجهدت نفسك وأنفقت مالك احذر أن تفسد عملك بالذنوب والمعاصي فإنها حاجبة الدعاء وجالبة الشقاء .

كيف نرجو إجابة لدعاء             قد سددنا طريقها بالذنوب

عن أبي هريرة قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( أيها الناس إن الله طيب لا يقبل إلا طيباً وإن الله أمر المؤمنين بما أمر به المرسلين فقال : (( يَا أَيُّهَا الرُّسُلُ كُلُوا مِنَ الطَّيِّبَاتِ وَاعْمَلُوا صَالِحاً إِنِّي بِمَا تَعْمَلُونَ عَلِيمٌ)) (المؤمنون:51) , وقال : (( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُلُوا مِنْ طَيِّبَاتِ مَا رَزَقْنَاكُمْ )) (البقرة: من الآية172) ثم ذكر الرجل يطيل السفر أشعث أغبر يمد يديه إلى السماء يا رب يا رب ومطعمه حرام ومشربه حرام وملبسه حرام وغذي بالحرام فأنى يستجاب لذلك )) رواه مسلم .

قيل لإبراهيم بن أدهم – رحمه الله – ما بالنا ندعو فلا يستجاب لنا؟  قال : لأنكم عرفتم الله فلم تطيعوه ، وعرفتم الرسول فلم تتبعوا سنته ، وعرفتم القرآن فلم تعملوا به ، وأكلتم نعم الله فلو تؤدوا شكرها ، وعرفتم الجنة فلم تطلبوها ، وعرفتم النار فلم تهربوا منها ، وعرفتم الشيطان فلم تحاربوه ووافقتموه ، وعرفتم الموت فلم تستعدوا له ، ودفنتم الأموات فلم تعتبروا وتركتم عيوبكم واشتغلتم بعيوب الناس ) .

فيا من يطمع في العتق من النار ، ثم يمنع نفسه من الرحمة بالإصرار على كبائر الإثم والأوزار:تالله ما نصحتك نفسك،توبق نفسك بالمعاصي ، فإذا حرمت المغفرة قلت : أنى هذا ؟ قل هو من عند أنفسكم ؟

إن كنت تطمع في العتق من النار فاشتر نفسك من الله: (( إِنَّ اللَّهَ اشْتَرَى مِنَ الْمُؤْمِنِينَ أَنْفُسَهُمْ وَأَمْوَالَهُمْ بِأَنَّ لَهُمُ الْجَنَّةَ )) (التوبة: 111) .

من عرف ما يطلب هان عليه كل ما يبذل ! ويحك يا مسكين لقد رضي منك في نفع نفسك بالندم،واكتفي منك في ثمنها بالتوبة والحزن ، وفي مثل هذا اليوم قد رخص السعر: (( من ملك سمعه وبصره ولسانه غفر له)) .

أيها الحاج الكريم : مد إلى ربك الاعتذار ،وقم على بابه بالذل والانكسار ،ولتسل منك الدموع الغزار وقل : ((رَبَّنَا ظَلَمْنَا أَنْفُسَنَا وَإِنْ لَمْ تَغْفِرْ لَنَا وَتَرْحَمْنَا لَنَكُونَنَّ مِنَ الْخَاسِرِينَ)) (لأعراف: من الآية23)  

أحوال السلف في موقف عرفة :

أيها الحاج المبارك :  لقد كانت أحوال أسلافنا الأوائل في مثل هذا اليوم محل العجب ، فها هو رسول الله صلى الله عليه وسلم أفضل البشرية ، وأزكى البرية ، يقف بعد انتهائه من خطبته وصلاته رافعا يديه ، يدعو ربه عز وجل إلى أن غربت شمس ذلك اليوم وهو على ناقته ، يدعو ربه ويلح عليه بالدعاء ، ويتضرع بين يديه وهو من قد غفر له ذنوبه كلها ما تقدم منها وما تأخر ، وله المقام المحمود ، ومع ذلك كله يستمر صلى الله عليه وسلم في الدعاء حتى الغروب فما ذا نقول نحن ؟ ! وما عسانا أن نفعل ؟!

وعند ما وقف الفضيل بن عياض – رحمه الله – بعرفة ورأى الناس يدعون ويبكون بكى بكاء الثكلى المحترقة حتى حال البكاء بينه وبين الدعاء فهلا فعلت مثل فعلهم ؟

وهذا سفيان الثوري – رحمه الله – رئي بعرفة وهو جاث على ركبتيه وعيناه تهملان ، فمن منا سيجثو على ركبتيه ليدعو ربه ويتضرع بين يديه ؟ !!

* وقفة تأمل: 

أيها الحاج : الله الله في هذا اليوم لقد حرمه غيرك وفزت أنت في شرف الوقوف فيه ، فجأر إلى الله بقلب خاشع ،وعين دامعة،ونفس وآجلة ،أحسن الظن بالله ، تب إلى الله عز وجل ،أري الله من نفسك خيراً ولتكن عوناً لإخوانك ، انشغل بالدعاء والاستغفار،وقراءة القرآن،دع عنك القيل والقال وكثرة المقال والسؤال،والانشغال بما لا ينفع الحال والمآل فما هي – والذي نفسي بيده – إلا لحظات ثم ينتهي هذا اليوم العظيم،فما موقفك إذا فاز الناس وخسرت ؟ فازوا بالرضى والرضوان والفوز بالجنان والنجاة من النيران وخسرت أنت كله ؟

أما آن لك أن تنفك الدمعة من آسارها ؟ أما آن للقلب القاسي الغافل أن يخشع لربه ويخضع ؟ أما آن للنفس الجموحة التي غفلت وظلمت أن ترجع إلى ربها : (( فَفِرُّوا إِلَى اللَّهِ إِنِّي لَكُمْ مِنْهُ نَذِيرٌ مُبِينٌ)) (الذريات:50)  

بلى قد آن فهذا يوم الرحمات والبركات والتجليات والكرم من رب البريات .

* أخطاء تقع من بعض الحجاج يوم عرفة . ([14])

1-                    نزول بعض الحجاج خارج حدود عرفة وبقاؤهم حتى تغرب الشمس دون أي يقفوا بعرفات وهذا خطأ فادح لأن الحج عرفة وهم لم يقفوا فيها. 

2-                    انصراف بعض الحجاج قبل غروب الشمس وهذا حرام لأنه خلاف سنة النبي صلى الله عليه وسلم حيث وقف إلى أن غربت الشمس . 

3-                  أن بعض الحجاج يستقبلون الجبل – جبل عرفة – عند الدعاء ولو كانت القبلة خلف ظهورهم أو على أيمانهم أو شمائلهم ، وهذا خلاف السنة فإن السنة استقبال القبلة كما فعل النبي صلى الله عليه وسلم

4-                    يعتقد بعض الحجاج أنه لا بد في الوقوف بعرفة من رؤية جبل الرحمة أو الذهاب إليه وهذا كله غير مقصود .

5-                    يخطئ بعض الحجاج في يوم عرفة فيبقى يومه ذاك في مسجد نمرة في الجزء الخارج من عرفات .

6-                    انشغال بعض الحجاج بالضحك والمزاح وفضول الكلام وإضاعة الوقت بالنوم عن الدعاء والذكر.

7-                    يلاحظ أن بعض الحجاج – هداهم الله – يلتقطون لهم صوراً ( فوتوغرافية) ويسمونها صوراً تذكارية وهذا منكر .

8-                 يرى من كثير من الحجاج الإسراع والمسابقة بالسيارات حين الإفاضة، علماً أن الرسول صلى الله عليه وسلم قال في هذا الموضع : ((السكينة السكينة)) .

9-                    يعتقد بعض الحجاج أن الأشجار في عرفة كالتي في الحرم من أنه لا يجوز قطعها وليس بصواب . 

10-                 يكره للحاج صيام يوم عرفة لأن النبي صلى الله عليه وسلم وقف مفطراً إذ أرسل إليه قدح لبن فشربه .

وأخيراً أسال الله تعالى أن يحرم وجوهنا من النار ، ويدخلنا الجنة مع الأبرار ، اللهم إنا نسألك مسألة المسكين ، ونبتهل إليك ابتهال الخائف الذليل ،اللهم تقبل من الحجاج حجهم، اللهم اغفر لنا ذنوبنا، واستر عيوبنا،وفرج همومنا،ونفس كروبنا ،واقض ديوننا،اللهم إنا نسألك الخير كله ، ونعوذ بك من الشر كله ، ربنا آتنا في الدنيا حسنة وفي الآخرة حسنة وقنا عذاب النار ، وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.

 


[1]- الزوال : أي دخول وقت صلاة الظهر

[2]- ولا يشترط أن يصليها في مسجد نمرة بل يصليها في المكان الذي هو فيه جماعة ولا يضايق نفسه والآخرين والله المستعان .

[3] رواه أحمد (1/329) وقال الهيثمي في مجمع الزوائد ( 3/251) رجال أحمد ثقات ، وقال المنذري في الترغيب (2/131) رواه أحمد بإسناد صحيح .

[4] أنظر تفسير ابن كثير 2/ 598) بتصرف .

[5]  الداء والدواء ص 232.

[6] تفسير القرطبي 2/148.

(([7] رواه أحمد 5/323 واللفظ له ، والحاكم 4/358 وقال : هذا حديث صحيح الإسناد ولم يخرجاه، وقال الذهبي : مرسل وله شاهد . والخرائطي في مكارم الأخلاق 31 ، وذكره الألباني في الصحيحة (1470)  وكذا صحيح الجامع ( 1029)

([8] )ورقمه ( 6229 ) ومسلم ( 2121)

(([9] الترغيب والترهيب 3/36-37 ، وقال : الوقوف أصح وروي مرفوعاً : وقوله : ( حواز ) يعني ما يحوزها ويغلب عليها حتى ترتكب ما لا يحسن : وقيل بتخفيف الواو وتشديد الزاي جمع جازة وهي الأمور التي تحز في القلوب

( [10] )  الورع لابن أبي الدنيا  ص 66

(([11]  قال في المجمع ( 1/25) : ( رواه أحمد وفي إسناده على بن مسعدة وثقه جماعة من العلماء وضعفه آخرون )

(([12] رواه الترمذي ( 3585)  قال الحافظ ابن حجر في التلخيص ( 2/253)  : ( وفي إسناده حماد بن أبي حميد وهو ضعيف ) .

[13]  انظر للفائدة : كتاب الدعاء للشيخ محمد بن إبراهيم الحمد ص 26

([14]) انظر : من مخالفات الحج والعمرة والزيارة للشيخ عبد العزيز السدحان  ص 98

]]>
es.islamcenter@gmail.com (mona) الحج والعمرة Sat, 22 Dec 2012 14:36:23 +0000
من آداب الحج (2) http://islam-centers.net/ar/islamic-definition/article-islamic-definition/58-2010-06-15-13-50-55/382--2.html http://islam-centers.net/ar/islamic-definition/article-islamic-definition/58-2010-06-15-13-50-55/382--2.html من آداب الحج (2)

20. يستحبّ له أن يدعوَ بدعاء دخول القرية أو البلدة فيقول إذا رآها: ((اللهم ربَّ السموات السبع وما أظللن، ورب الأرضين السبع وما أقللن، ورب الشياطين وما أضللن، ورب الرياح وما ذرين، أسألك خير هذه القرية وخير أهلها، وخير ما فيها، وأعوذ بك من شرها وشر أهلها وشر ما فيها))([41]).

21. يستحبّ له السير أثناء السفر في الليل وخاصة أوله؛ لقوله – صلى الله عليه وسلم- : ((عليكم بالدُّلجة؛ فإن الأرض تُطوَى بالليل))([42]).

22. يستحبّ له أن يقول في السحر إذا بدا له الفجر: ((سمّع سامعٌ بحمد الله وحسن بلائه علينا. ربنا صاحبنا، وأفضل علينا عائذًا بالله من النار))([43]).

23. يستحبّ له أن يكثر من الدعاء في حجه وعمرته؛ فإنه حريٌّ بأن تجاب دعوته،ويُعطى مسألته؛لقوله – صلى الله عليه وسلم- : ((ثلاث دعوات مستجابات لا شك فيهن: دعوة المظلوم، ودعوة المسافر، ودعوة الوالد على ولده))([44])، ويكثر الحاج من الدعاء كذلك على الصفا والمروة، وفي عرفات، وفي المشعر الحرام بعد الفجر، وبعد رمي الجمرة الصغرى، والوسطى أيام التشريق؛ لأن النبي r أكثر في هذه المواطن الستة من الدعاء ورفع يديه([45]).

24. يأمر بالمعروف، وينهى عن المنكر على حسب طاقته وعلمه، ولابد من أن يكون على علم وبصيرة فيما يأمر وفيما ينهى عنه، ويلتزم الرفق واللين، ولا شك أنه يُخشى على من لم ينكر المنكر أن يعاقبه الله –عز وجل- بعدم قبول دعائه؛ لقوله – صلى الله عليه وسلم-  : ((والذي نفسي بيده لتأمرنَّ بالمعروف ولتنهونَّ عن المنكر أو ليوشكنَّ الله أن يبعث عليكم عقابًا منه ثم تدعونه فلا يستجيب لكم))([46]).

25. يبتعد عن جميع المعاصي، فلا يؤذي أحدًا بلسانه، ولا بيده، ولا يزاحم الحجاج والمعتمرين زحامًا يؤذيهم، ولا ينقل النميمة ولا يقع في الغيبة، ولا يجادل مع أصحابه وغيرهم إلا بالتي هي أحسن، ولا يكذب، ولا يقول على الله ما لا يعلم، وغير ذلك من أنواع المعاصي والسيئات قال سبحانه: { الـْحَجُّ أَشْهُرٌ مَّعْلُومَاتٌ فَمَن فَرَضَ فِيهِنَّ الـْحَجَّ فَلاَ رَفَثَ وَلاَ فُسُوقَ وَلاَ جِدَالَ فِي الـْحَجِّ } ([47])، وقال تعالى: {وَالَّذِينَ يُؤْذُونَ الـْمُؤْمِنِينَ وَالـْمُؤْمِنَاتِ بِغَيْرِ مَا اكْتَسَبُوا فَقَدِ احْتَمَلُوا بُهْتَانًا وَإِثْمًا مُّبِينًا } ([48])، والمعاصي في الحرم ليست كالمعاصي في غيره، قال سبحانه:{ إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا وَيَصُدُّونَ عَن سَبِيلِ الله وَالـْمَسْجِدِ الـْحَرَامِ الَّذِي جَعَلْنَاهُ لِلنَّاسِ سَوَاءً الْعَاكِفُ فِيهِ وَالْبَادِ وَمَن يُرِدْ فِيهِ بِإِلـْحَادٍ بِظُلْمٍ نُذِقْهُ مِنْ عَذَابٍ أَلِيمٍ } ([49]).

26. يحافظ على جميع الواجبات، ومن أعظمها الصلاة في أوقاتها مع الجماعة، ويكثر من الطاعات: كقراءة القرآن، والذكر، والدعاء، والإحسان إلى الناس بالقول والفعل، والرفق بهم، وإعانتهم عند الحاجة. قال – صلى الله عليه وسلم- : ((مثل المؤمنين في توادهم، وتراحمهم، وتعاطفهم مثل الجسد إذا اشتكى منه عضو تداعى له سائر الجسد بالسهر والحمى))([50]).

27. يتخلق بالخلق الحسن، ويخالق به الناس، والخلق الحسن يشمل: الصبر، والعفو، والرفق، واللين، والحلم، والأناة وعدم العجلة في الأمور، والتواضع، والكرم والجود، والعدل، والثبات، والرحمة، والأمانة، والزهد والورع، والسماحة، والوفاء، والحياء، والصدق، والبر والإحسان، والعفة، والنشاط، والمروءة؛ ولعظم فضل حسن الخلق قال – صلى الله عليه وسلم- : ((أكمل المؤمنين إيمانًا أحسنهم خلقًا..))([51])، ((إن المؤمن ليدرك بحسن خلقه درجة الصائم القائم))([52]).

28. يعين الضعيف، والرفيق في السفر: بالنفس، والمال، والجاه، ويواسيهم بفضول المال وغيره مما يحتاجون إليه، فعن أبي سعيد –رضى الله عنه- ((أنهم كانوا مع رسول الله – صلى الله عليه وسلم-  في سفر فقال: ((من كان معه فضل ظهر فليعُدْ به على من لا ظهر له، ومن كان معه فضل زاد فليعُدْ به على من لا زاد له))، فذكر من أصناف المال حتى رأينا أنه لا حق لأحد منا في فضل))([53]). وعن جابر –رضى الله عنه-  قال: ((كان رسول الله – صلى الله عليه وسلم-  يتخلف في المسير فيزجي الضعيف([54])، ويردف، ويدعو لهم))([55]). وهذا يدل على رأفته – صلى الله عليه وسلم-  وحرصه على مصالحهم؛ ليقتدي به المسلمون عامة، والمسؤولون خاصة.

29. يتعجّل في العودة ولا يطيل المكث في السفر لغير حاجة؛ لقوله – صلى الله عليه وسلم- : ((السفر قطعة من العذاب، يمنع أحدكم طعامه وشرابه، ونومه، فإذا قضى أحدكم نهمته فليعجل إلى أهله))([56]).

30.  يستحبّ له أن يقول أثناء رجوعه من سفره ما ثبت عن النبي – صلى الله عليه وسلم-  أنه كان إذا قفل من غزو، أو حج، أو عمرة، يكبِّر على كل شرف من الأرض ثلاث تكبيرات ثم يقول: ((لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد وهو على كل شيء قدير، آيبون، تائبون، عابدون، ساجدون، لربنا حامدون، صدق الله وعده، ونصر عبده، وهزم الأحزاب وحده))([57]).

31. يستحبّ له إذا رأى بلدته أن يقول: ((آيبون، تائبون، عابدون، لربنا حامدون)). ويردِّد ذلك حتى يدخل بلدته؛ لفعله – صلى الله عليه وسلم-  ([58]).

32. لا يقدم على أهله ليلاً إذا أطال الغَيْبة لغير حاجة إلا إذا بلَّغهم بذلك،وأخبرهم بوقت قدومه ليلاً؛لنهيه – صلى الله عليه وسلم-  عن ذلك، قال جابر بن عبد الله رضي الله عنهما: ((نهى النبي – صلى الله عليه وسلم-  أن يطرق([59]) الرجل أهله ليلاً))([60]). ومن الحكمة في ذلك ما فسرته الرواية الأخرى: ((حتى تمتشط الشعثة، وتستحدَّ المغيَّبة))، وفي أخرى: ((نهى رسول الله – صلى الله عليه وسلم-  أن يطرق الرجل أهله ليلاً يتخوّنهم، أو يلتمس عثراتهم))([61]).

33. يستحبّ للقادم من السفر أن يبتدئ بالمسجد الذي بجواره ويصلي فيه ركعتين؛ لفعله – صلى الله عليه وسلم- ؛ فإنه ((كان إذا قدم من سفر بدأ بالمسجد فركع فيه ركعتين))([62]).

34. يستحب للمسافر إذا قدم من سفر أن يتلطف بالوِلْدَان من أهل بيته وجيرانه ويحسن إليهم إذا استقبلوه، فعن ابن عباس رضي الله عنهما قال: لما قدم النبي – صلى الله عليه وسلم-  مكة استقبله أُغيلمة بني عبد المطلب فحمل واحدًا بين يديه والآخر خلفه([63]). وقال عبد الله بن جعفر –رضى الله عنه-: ((كان – صلى الله عليه وسلم-  إذا قدم من سفر تُلُقِّي بنا، فَتُلُقِّيَ بي وبالحسن أو بالحسين فحمل أحدنا بين يديه والآخر خلفه حتى دخلنا المدينة))([64]).

35. تستحبّ الهدية، لما فيها من تطييب القلوب وإزالة الشحناء، ويستحب قبولها، والإثابة عليها، ويكره ردّها لغير مانع شرعي؛ ولهذا قال – صلى الله عليه وسلم- : ((تهادوا تحابّوا))([65])، والهدية سبب من أسباب المودة بين المسلمين؛ ولهذا قال بعضهم:

هدايا الناس بعضهم لبعض

 

تولد في قلوبهم الوصالا

وقد ذُكِرَ أن أحد الحجاج عاد إلى أهله فلم يقدِّم لهم شيئًا فغضب واحد منهم وأنشد شعرًا فقال:

كأن الحجيج الآن لم يقربوا منى

 

ولم يحملوا منها سواكًا ولا نعلاً

أتونا فما جادوا بعود أراكة

 

ولا وضعوا في كف طفل لنا نقلا([66])

ومن أجمل الهدايا ماء زمزم؛ لأنها مباركة، قال – صلى الله عليه وسلم-  في ماء زمزم: ((إنها مباركة، إنها طعام طعم [وشفاء سقم]))([67]).

وعن جابر –رضى الله عنه- يرفعه: ((ماء زمزم لما شُرِبَ له))([68]). ويُذكر أن النبي – صلى الله عليه وسلم-  ((كان يحمل ماء زمزم في الأداوي والقرب، فكان يصب على المرضى ويسقيهم))([69]).

36. إذا قدم المسافر إلى بلده استحبت المعانقة؛ لما ثبت عن أصحاب النبي – صلى الله عليه وسلم-  كما قال أنس –رضى الله عنه-: ((كانوا إذا تلاقوا تصافحوا، وإذا قدموا من سفر تعانقوا)) ([70]).

37- يستحب جمع الأصحاب وإطعامهم عند القدوم من السفر؛ لفعل النبي – صلى الله عليه وسلم- ، فعن جابر بن عبد الله رضي الله عنهما: ((أن رسول الله – صلى الله عليه وسلم- لما قدم المدينة نحر جزورًا أو بقرة)). زاد معاذ عن شعبة عن محارب سمع جابر بن عبد الله سيقول: ((اشترى مني النبي – صلى الله عليه وسلم-  بعيرًا بأوقيتين ودرهم أو درهمين، فلما قدم صرارًا([71]) أمر ببقرة فذبحت فأكلوا منها...)) الحديث([72]). وهذا الطعام يقال له: (النقيعة)، وهي طعام يتخذه القادم من السفر([73])، وهذا الحديث وما جاء في معناه يدل على إطعام الإمام والرئيس أصحابه عند القدوم من السفر، وهو مستحب عند السلف([74]).

هذا ما تيسر إعداده من آداب الحج والعمرة، والله أسأل أن يوفق جميع الحجاج والمعتمرين إلى كل ما يحبه ويرضاه، وصلى الله وسلم على نبينا محمد، وعلى آله وأصحابه أجمعين.

سعيد بن علي بن وهف القحطاني

 

 


([40]) أخرجه البخاري في كتاب الجهاد والسير، باب ما يكره من رفع الصوت في التكبير، (رقم 2992)، ومسلم في كتاب الذكر والدعاء والتوبة والاستغفار، باب استحباب خفض الصوت بالذكر، (رقم 2704).

([41]) أخرجه النسائي في عمل اليوم والليلة، (رقم 544)، وابن السني في عمل اليوم والليلة، (رقم 524)، وابن حبان كما في موارد الظمآن، (رقم 2377)، وابن خزيمة في صحيحه، (رقم 2565)، والحاكم في المستدرك، (1/446، 2/100)، وصححه ووافقه الذهبي، وحسّنه الحافظ ابن حجر. وقال الهيثمي في مجمع الزوائد، (10/137): رواه الطبراني في الأوسط وإسناده حسن. وقال ابن باز رحمه الله في تحفة الأخيار، ص37: (( رواه النسائي بإسناد حسن )).

([42]) أخرجه أبو داود في كتاب الجهاد، باب في الدلجة، (رقم 2571)، والحاكم في مستدركه، (1/445)، وقال: صحيح على شرط الشيخين ولم يخرجاه، ووافقه الذهبي، والبيهقي في سننه الكبرى، (5/256)، وصححه الألباني في الصحيحة، (رقم 681)، وفي صحيح سنن أبي داود، 2/469.

([43]) أخرجه مسلم في كتاب الذكر والدعاء والتوبة والاستغفار، باب التعوذ من شر ما عمل ومن شر ما لم يعمل، (رقم 2718).

([44]) أخرجه أبو داود في كتاب الوتر، باب الدعاء بظهر الغيب، (رقم 1536)، والترمذي في كتاب البر والصلة، باب ما جاء في دعوة الوالدين، (رقم 1905)، وابن ماجه في كتاب الدعاء، باب دعوة الوالد ودعوة المظلوم، (رقم 3862)، وأحمد، 3/258، وحسنه الألباني في صحيح الترمذي، 4/344، وغيره.

([45]) انظر: زاد المعاد لابن القيم، 2/227 و286.

([46]) أخرجه الترمذي، كتاب الفتن، باب ما جاء في الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، برقم 2169، وابن ماجه، وأحمد، 5/388، وحسنه الترمذي، وصححه الألباني في صحيح الترمذي، 2/460.

([47]) سورة البقرة، الآية: 198.

([48]) سورة الأحزاب، الآية: 58.

([49]) سورة الحج، الآية: 25.

([50]) متفق عليه: البخاري، كتاب الأدب، باب رحمة الناس والبهائم، برقم 6011، ومسلم في كتاب البر والصلة والآداب، باب تراحم المؤمنين وتعاطفهم وتعاضدهم، (رقم 2586).

([51]) أخرجه أبو داود في كتاب السنة، باب الدليل على زيادة الإيمان ونقصانه، (رقم 4682)، والترمذي في كتاب الرضاع، باب ما جاء في حق المرأة على زوجها، (رقم1162)، وقال: حديث حسن صحيح. وأحمد في مسنده، (2/250، 472)، والحاكم في مستدركه، (1/3)، وقال: صحيح على شرط مسلم. ووافقه الذهبي. وصححه الألباني في الصحيحة، (رقم 284)، وصحيح الترمذي، 1/594.

([52]) أخرجه أبو داود في كتاب الأدب، باب في حسن الخلق، (رقم 4798)، وصححه الألباني في صحيح أبي داود، (3/911)، وفي صحيح الجامع، (رقم 1932).

([53]) أخرجه مسلم في كتاب اللقطة، باب استحباب المؤاساة بفضول المال، (رقم 1728).

([54]) ومعنى يزجي الضعيف: أي يسوقه ويدفعه حتى يلحق بالرفاق. انظر: النهاية في غريب الحديث لابن الأثير، 2/297.

([55]) أخرجه أبو داود في كتاب الجهاد، باب في لزوم الساقة، (رقم 2639)، والحاكم في المستدرك، (2/115)،وقال:صحيح على شرط مسلم ولم يخرجاه. ووافقه الذهبي. وصححه الألباني في صحيح أبي داود، (2/500)، وفي الصحيحة، (رقم 2120).

([56]) أخرجه البخاري في كتاب العمرة، باب السفر قطعة من العذاب، (رقم 1804)، ومسلم في كتاب الإمارة، باب السفر قطعة من العذاب واستحباب تعجيل المسافر إلى أهله بعد قضاء شغله، (رقم 1927)، والنهمة: هي الحاجة.

([57]) أخرجه البخاري في كتاب العمرة، باب ما يقول إذا رجع من الحج، (رقم 1797)، ومسلم في كتاب الحج، باب ما يقول إذا قفل من سفر الحج وغيره، (رقم 1344).

([58]) أخرجه مسلم في كتاب الحج، باب ما يقول إذا ركب إلى سفر الحج وغيره، (رقم 1342).

([59]) لا يطرق أهله: أي لا يدخل عليهم ليلاً إذا قدم من سفر.

([60]) أخرجه البخاري في كتاب العمرة،باب لا يطرق أهله إذا بلغ المدينة،(رقم 1801)، ومسلم في كتاب الإمارة، باب كراهة الطروق وهو الدخول ليلاً لمن ورد من سفر، (رقم 1928/184).

([61]) أخرجه مسلم في كتاب الإمارة، باب كراهة الطروق وهو الدخول ليلاً لمن ورد من سفر، (رقم 1928/184).

([62]) أخرجه البخاري في كتاب الصلاة، باب الصلاة إذا قدم من سفر بعد الحديث رقم 443، ومسلم في كتاب صلاة المسافرين وقصرها، باب استحباب الركعتين في المسجد لمن قدم من سفر أول قدومه، (رقم 716).

([63]) أخرجه البخاري في كتاب العمرة، باب استقبال الحاج القادمين والثلاثة على الدابة، (رقم 1798)، وفي كتاب اللباس، باب الثلاثة على الدابة، (رقم 5965).

([64]) أخرجه مسلم في كتاب فضائل الصحابة، باب فضائل عبد الله بن جعفر رضي الله عنهما، (رقم 2428/67)، وأبو داود في كتاب الجهاد، باب في ركوب ثلاثة على دابة، (رقم 2566)،وابن ماجه في كتاب الأدب،باب ركوب ثلاثة على دابة،(رقم 3773)، وانظر فتح الباري، (10/396).

([65]) أخرجه أبو يعلى في مسنده، (رقم 6148)، والبيهقي في سننه الكبرى، (6/169)، وفي شعب الإيمان، (رقم 8976)، والبخاري في الأدب المفرد، (رقم 594)، وقال الحافظ ابن حجر في التلخيص الحبير، (3/70): إسناده حسن. وكذا حسّنه الألباني في إرواء الغليل، (رقم 1601).

([66]) انظر: المنهاج للمعتمر والحاج لسعود بن إبراهيم الشريم، ص124.

([67]) أخرجه مسلم في كتاب فضائل الصحابة، باب من فضائل أبي ذر t، (رقم 2473)، وما بين المعقوفين عند البزار، والبيهقي والطبراني، وإسناده صحيح، انظر: مجمع الزوائد، 3/286.

([68]) أخرجه ابن ماجه في كتاب المناسك، باب الشرب من زمزم، (رقم 3062)، والبيهقي في السنن الكبرى، (5/202)، وأحمد في المسند، (3/372)، وصححه الألباني في صحيح ابن ماجه، 3/59، وإرواء الغليل، (رقم 1123)، والصحيحة، (رقم 883).

([69]) أخرجه الترمذي في كتاب الحج، باب رقم 115، (رقم 963) مختصرًا، والحاكم في المستدرك، (1/485)، وصححه الألباني في الصحيحة، (رقم 883)، وصحيح الجامع، (رقم 4931).

([70]) الطبراني في الأوسط (مجمع البحرين في زوائد المعجمين)، 5/262، وذكره الهيثمي في مجمع الزوائد، 8/36، وقال: رجاله رجاله الصحيح.

([71]) صرار: موضع بظاهر المدينة على ثلاثة أميال منها من جهة المشرق. فتح الباري، 6/194.

([72]) أخرجه البخاري في كتاب الجهاد والسير، باب الطعام عند القدوم، (رقم 3089)، واللفظ له، ومسلم مختصرًا في كتاب صلاة المسافرين وقصرها، باب استحباب الركعتين في المسجد لمن قدم من سفر أول قدومه، (رقم 715/72).

([73]) النهاية في غريب الحديث والأثر لابن الأثير، 5/109 والقاموس المحيط، ص992، وانظر: المغني لابن قدامة، 1/191.

([74]) قاله ابن بطال كما في فتح الباري، 6/194.

]]>
es.islamcenter@gmail.com (mona) الحج والعمرة Wed, 12 Dec 2012 08:12:01 +0000
من آداب الحج (1) http://islam-centers.net/ar/islamic-definition/article-islamic-definition/58-2010-06-15-13-50-55/166-2012-12-12-08-09-09.html http://islam-centers.net/ar/islamic-definition/article-islamic-definition/58-2010-06-15-13-50-55/166-2012-12-12-08-09-09.html

من آداب الحج (1)

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله؛ نبينا محمد بن عبد الله، وعلى آله وأصحابه، ومن والاه، أما بعد.

فالآداب التي ينبغي للحاج والمعتمر معرفتها والعمل بها؛ ليحصل على عمرة مقبولة، ويُوفَّق لحج مبرور، مبارك آداب كثيرة منها: آداب واجبة وآداب مستحبة،وأذكر منها على سبيل المثال لا الحصر الآداب الآتية:

1.     يستخير الله سبحانه في الوقت،والراحلة، والرفيق، وجهة الطريق إن كثرت الطرق، ويستشير في ذلك أهل الخبرة والصلاح. أما الحج؛ فإنه خير لا شك فيه. وصفة الاستخارة أن يصلي ركعتين ثم يدعو بالوارد([1]).

2.     يجب على الحاج والمعتمر أن يقصد بحجه وعمرته وجه الله تعالى، والتقرب إليه، وأن يحذر أن يقصد حطام الدنيا أو المفاخرة،أو حيازة الألقاب، أو الرياء والسمعة؛ فإن ذلك سبب في بطلان العمل وعدم قبوله. قال سبحانه: { قُلْ إِنَّ صَلاَتِي وَنُسُكِي وَمَحْيَايَ وَمَمَاتِي لله رَبِّ الْعَالَمِينَ * لاَ شَرِيكَ لَهُ وَبِذَلِكَ أُمِرْتُ وَأَنَاْ أَوَّلُ الْـمُسْلِمِينَ   [([2]). ] قُلْ إِنَّمَا أَنَا بَشَرٌ مِّثْلُكُمْ يُوحَى إِلَيَّ أَنَّمَا إِلَهُكُمْ إِلَهٌ وَاحِدٌ فَمَن كَانَ يَرْجُو لِقَاءَ رَبِّهِ فَلْيَعْمَلْ عَمَلاً صَالِحًا وَلا يُشْرِكْ بِعِبَادَةِ رَبِّهِ أَحَدًا} ([3]). والمسلم هكذا لا يريد إلا وجه الله والدار الآخرة؛ ولهذا قال الله – عز وجل-: {مَّن كَانَ يُرِيدُ الْعَاجِلَةَ عَجَّلْنَا لَهُ فِيهَا مَا نَشَاءُ لِمَن نُّرِيدُ ثُمَّ جَعَلْنَا لَهُ جَهَنَّمَ يَصْلاهَا مَذْمُومًا مَّدْحُورًا} ([4])، وفي الحديث القدسي: ((أنا أغنى الشركاء عن الشرك، من عمل عملاً أشرك فيه معي غيري تركته وشركه))([5]).

وقد خاف النبي – صلى الله عليه وسلم-  على أمته من الشرك الأصغر وقال: ((إن أخوف ما أخاف عليكم الشرك الأصغر)) فسُئل عنه فقال: ((الرياء))([6]). وقال – صلى الله عليه وسلم- : ((من سمَّع سمَّع الله به، ومن يُرائي يُرائي الله به))([7]). قال الله تعالى: {وَمَا أُمِرُوا إِلا لِيَعْبُدُوا الله مُخْلِصِـينَ لَهُ الدِّينَ حُنَفَاءَ وَيُقِيمُوا الصَّلاةَ وَيُؤْتُوا الزَّكَاةَ وَذَلِكَ دِينُ الْقَيِّمَة } ([8]).

3.     على الحاج والمعتمر التفقه في أحكام العمرة والحج، وأحكام السفر قبل أن يسافر: من القصر، والجمع، وأحكام التيمم، والمسح على الخفين، وغير ذلك مما يحتاجه في طريقه إلى أداء المناسك قال– صلى الله عليه وسلم- : ((من يرد الله به خيرًا [9]يفقهه في الدين))([10]).

4.     التوبة من جميع الذنوب والمعاصي، سواء كان حاجًّا أو معتمرًا، أو غير ذلك فتجب التوبة من جميع الذنوب والمعاصي، وحقيقة التوبة: الإقلاع عن جميع الذنوب وتركها، والندم على فعل ما مضى منها، والعزيمة على عدم العودة إليها، وإن كان عنده للناس مظالم ردّها وتحللهم منها، سواء كانت: عرضًا أو مالاً، أو غير ذلك من قبل أن يُؤخذ لأخيه من حسناته، فإن لم يكن له حسنات أُخِذَ من سيئات أخيه فطرحت عليه([11]).

5.     على الحاج أو المعتمر أن ينتخب المال الحلال لحجه وعمرته؛ لأن الله طيب لا يقبل إلا طيّبًا؛ ولأن المال الحرام يسبب عدم إجابة الدعاء([12])، وأيما لحم نبت من سحت فالنار أولى به([13]).

6.     يستحب له أن يكتب وصيته، وما له وما عليه فالآجال بيد الله تعالى: {إِنَّ الله عِندَهُ عِلْمُ السَّاعَةِ وَيُنَزِّلُ الْغَيْثَ وَيَعْلَمُ مَا فِي الأَرْحَامِ وَمَا تَدْرِي نَفْسٌ مَّاذَا تَكْسِبُ غَدًا وَمَا تَدْرِي نَفْسٌ بِأَيِّ أَرْضٍ تَمُوتُ إِنَّ الله عَلِيمٌ خَبِيرٌ} [([14])، وقال – صلى الله عليه وسلم-  : ((ما حق امرئ مسلم له شيء يريد أن يوصي فيه يبيت ليلتين إلا ووصيته مكتوبة عنده))([15]). ويشهد عليها، ويقضي ما عليه من الديون، ويرد الودائع إلى أهلها أو يستأذنهم في بقائها.

7.     يستحب له أن يوصي أهله بتقوى الله تعالى، وهي وصية الله تعالى للأولين والآخرين: {وَلَقَدْ وَصَّيْنَا الَّذِينَ أُوتُواْ الْكِتَابَ مِن قَبْلِكُمْ وَإِيَّاكُمْ أَنِ اتَّقُواْ الله وَإِن تَكْفُرُواْ فَإِنَّ لله مَا فِي السَّمَوَاتِ وَمَا فِي الأَرْضِ وَكَانَ الله غَنِيًّا حَمِيدًا} ([16]).

8.      يجتهد في اختيار الرفيق الصالح،ويحرص أن يكون من طلبة العلم الشرعي؛فإن هذا من أسباب توفيقه وعدم وقوعه في الأخطاء في سفره وفي حجه وعمرته؛لقول النبي – صلى الله عليه وسلم- ((الرجل على دين خليله فلينظر أحدكم من يخالل))([17])؛ولقوله – صلى الله عليه وسلم-  ((لا تصاحب إلا مؤمنًا ولا يأكل طعامك إلا تقي))([18])، وقد مثل النبي – صلى الله عليه وسلم-  الجليس الصالح بحامل المسك، والجليس السوء بنافخ الكير([19]).

9.     يودع أهله، وأقاربه، وأهل العلم: من جيرانه، وأصحابه، قال – صلى الله عليه وسلم- : ((من أراد سفرًا فليقل لمن يخلِّف: أستودعكم الله الذي لا تضيع ودائعه))([20])، وكان النبي – صلى الله عليه وسلم-  يودع أصحابه إذا أراد أحدهم سفرًا فيقول:((أستودع الله دينك وأمانتك وخواتيم عملك))([21])، وكان – صلى الله عليه وسلم-  يقول لمن طلب منه أن يوصيه من المسافرين: ((زوَّدك الله التقوى، وغفر ذنبك، ويسَّر لك الخير حيثُ ما كنتَ))([22]). وجاء رجل إلى النبي – صلى الله عليه وسلم-  يريد سفرًا فقال: يا رسول الله أوصني، فقال: ((أوصيك بتقوى الله والتكبير على كل شرف))، فلما مضى قال: ((اللهم ازوِ له الأرض، وهوِّن عليه السفر))([23]).

10. لا يصطحب معه الجرس والمزامير والكلب؛ لحديث أبي هريرة –رضى الله عنه- أن رسول الله – صلى الله عليه وسلم-  قال: ((لا تصحب الملائكة رفقة فيها كلب ولا جرس))([24]). وعنه –رضى الله عنه-  أن رسول الله – صلى الله عليه وسلم-  قال: ((الجرس مزامير الشيطان))([25]).

11.  إذا أراد السفر إلى الحج بإحدى زوجاته إن كان له أكثر من واحدة أقرع بينهن فأي زوجة وقعت عليها القرعة خرجت معه؛ لحديث عائشة رضي الله عنها قالت: ((كان رسول الله – صلى الله عليه وسلم-  إذا أراد سفرًا أقرع بين نسائه فأيتهن خرج سهمها خرج بها معه))([26]). وهذا هو السنة، إذا أراد أن يسافر ببعض نسائه، فالقرعة فيها راحة عظيمة([27]).

12. يستحب له أن يخرج للسفر يوم الخميس من أول النهار؛ لفعله – صلى الله عليه وسلم-  . قال كعب بن مالك –رضى الله عنه-: ((لقلَّما كان رسول الله – صلى الله عليه وسلم-  يخرج إذا خرج في سفر إلا يوم الخميس))([28]). ودعا لأمته r بالبركة في أول النهار فقال: ((اللهم بارك لأمتي في بكورها))([29]).

13. يستحبُّ له أن يدعو بدعاء الخروج من المنزل فيقول عند خروجه: ((بسم الله، توكلت على الله، ولا حول ولا قوة إلا بالله([30])، اللهم إني أعوذ بك أن أضِلَّ أو أُضَلَّ، أو أزلَّ أو أُزَلَّ، أو أظلِمَ أو أُظلَمَ، أو أجهلَ أو يُجهلَ عليَّ))([31]).

14. يستحبّ له أن يدعو بدعاء السفر، إذا ركب دابته، أو سيارته، أو الطائرة، أو غيرها من المركوبات فيقول: ((الله أكبر، الله أكبر، الله أكبر)) {سُبْحانَ الَّذِي سَخَّرَ لَنَا هَذَا وَمَا كُنَّا لَهُ مُقْرِنِينَ * وَإِنَّا إِلَى رَبِّنَا لَمُنقَلِبُونَ } ([32])، ((اللهمّ إنا نسألك في سفرنا هذا البر والتقوى، ومن العمل ما ترضى، اللهمّ هوِّن علينا سفرنا هذا واطو عنا بعده، اللهمّ أنت الصاحب في السفر، والخليفة في الأهل، اللهمّ إني أعوذ بك من وعثاء السفر، وكآبة المنظر، وسوء المنقلب: في المال، والأهل..)) وإذا رجع من سفره قالهن وزاد فيهن: ((آيبون، تائبون، عابدون، لربنا حامدون))([33]).

15. يستحبّ له أن لا يسافر وحده بلا رفقة؛ لقوله – صلى الله عليه وسلم- : ((لو يعلم الناس ما في الوحدة ما أعلم ما سار راكب بليل وحده))([34]).وقال – صلى الله عليه وسلم-  :((الراكب شيطان، والراكبان شيطانان، والثلاثة ركب))([35]).

16. يؤمِّر المسافرون أحدَهم؛ ليكون أجمعَ لشملهم، وأدعى لاتفاقهم، وأقوى لتحصيل غرضهم، قال – صلى الله عليه وسلم- : ((إذا خرج ثلاثة في سفر فليؤمِّروا أحدهم))([36]).

17. يستحب إذا نزل المسافرون منزلاً أن ينضمّ بعضهم إلى بعض، فقد كان بعض أصحاب النبي – صلى الله عليه وسلم-  إذا نزلوا منزلاً تفرقوا في الشعاب والأودية، فقال – صلى الله عليه وسلم-  : ((إنما تفرقكم في هذه الشعاب والأودية إنما ذلكم من الشيطان))([37]). فكانوا بعد ذلك ينضمُّ بعضُهم إلى بعض حتى لو بسط عليهم ثوب لوسعهم.

18. يستحبّ إذا نزل منزلاً في السفر أو غيره من المنازل أن يدعو بما ثبت عنه – صلى الله عليه وسلم- : ((أعوذ بكلمات الله التامات من شر ما خلق))؛ فإنه إذا قال ذلك لم يضرَّه شيء حتى يرتحل من منزله ذلك([38]).

19. يستحبّ له أن يكبّر على المرتفعات ويسبح إذا هبط المنخفضات والأودية، قال جابر-رضى الله عنه-: ((كنا إذا صعدنا كبرنا وإذا نزلنا سبحنا))([39])، ولا يرفعوا أصواتهم بالتكبير، قال – صلى الله عليه وسلم-  : ((يا أيها الناس اربعوا على أنفسكم؛ فإنكم لا تدعون أصم ولا غائبًا، إنه معكم، إنه سميع قريب))([40]).



([1]) انظر الاستخارة في البخاري، 7/162، وحصن المسلم، ص45، للمؤلف.

([2]) سورة الأنعام، الآيتان: 162، 163.

([3]) سورة الكهف، الآية: 110.

([4]) سورة الإسراء، الآية: 18.

([5]) مسلم، كتاب الزهد والرقائق، باب من أشرك في عمله غير الله، برقم 2985.

([6]) أحمد في المسند،5/428 وحسنه الألباني في صحيح الجامع،2/45.

([7]) متفق عليه من حديث جندب t: البخاري، كتاب الرقاق، باب الرياء والسمعة،برقم 6499، ومسلم، كتاب الزهد والرقائق، باب من أشرك في عمله غير الله،برقم 2987.

([8]) سورة البينة، الآية: 5.

[9]

([10]) البخاري، من حديث معاوية t، كتاب العلم، باب من يرد الله به خيرًا يفقهه في الدين، برقم 71.

([11]) انظر: سورة النور، الآية: 31، والبخاري، كتاب الرقاق، باب القصاص يوم القيامة، برقم 6534، 6535.

([12]) انظر: صحيح مسلم،كتاب الزكاة،باب قبول الصدقة من الكسب الطيب،برقم 1015.

([13]) أبو نعيم في الحلية بنحوه، 1/31، وأحمد في الزهد بمعناه، ص164 وفي المسند، 3/321، والدارمي، 2/229، وغيرهم، وصححه الألباني في صحيح الجامع، 4/172، وانظر: فتح الباري، 3/113.

([14]) سورة لقمان، الآية: 34.

([15]) متفق عليه من حديث ابن عمر رضي الله عنهما: البخاري، كتاب الوصايا، باب الوصايا، برقم 2738، ومسلم، كتاب الوصية، برقم 1627.

([16]) سورة النساء، الآية: 131.

([17]) أبو داود، كتاب الأدب، باب من يؤمر أن يجالس، برقم 4833، وحسنه الألباني في صحيح سنن أبي داود، 3/188.

([18]) أبو داود، كتاب الأدب، باب من يؤمر أن يجالس، برقم 4832، والترمذي، كتاب الزهد، باب ما جاء في صحبة المؤمن، برقم 2395، وحسنه الألباني في صحيح أبي داود، برقم 4832، وصحيح الترمذي، برقم 2519.

([19]) متفق عليه من حديث أبي موسى t: البخاري، كتاب الذبائح والصيد، باب المسك، برقم 5534، ومسلم، كتاب البر والصلة، باب استحباب مجالسة الصالحين، ومجانبة قرناء السوء، برقم 2628.

([20]) أحمد، 2/403، ابن ماجه، الجهاد، باب تشييع الغزاة ووداعهم، برقم 2825، وصححه الألباني في سلسلة الأحاديث الصحيحة، برقم 16، 2547، وصحيح سنن ابن ماجه، 2/133.

([21]) أبو داود، كتاب الجهاد، باب في الدعاء عند الوداع، برقم 2600، والترمذي، كتاب الدعوات، باب ما جاء فيما يقول إذا ودع إنسانًا، برقم 3442، وصححه الألباني في صحيح الترمذي، 3/155.

([22]) الترمذي، كتاب الدعوات، باب ما يقول إذا ودع إنسانًا، برقم 3444، وقال الألباني في صحيح سنن الترمذي، 3/419: ((حسن صحيح)).

([23]) الترمذي، كتاب الدعوات، باب منه وصيته r المسافر بتقوى الله والتكبير على كل شرف، برقم 3445 وابن ماجه، كتاب الجهاد، باب فضل الحرس والتكبير في سبيل الله، برقم 2771. وأحمد، والحاكم، وحسنه الألباني في صحيح الترمذي، 3/156، وصحيح ابن ماجه، 2/124، وصحيح ابن خزيمة، 4/149.

([24]) أخرجه مسلم، كتاب اللباس والزينة: باب كراهة الكلب والجرس في السفر، (برقم 2113).

([25]) أخرجه مسلم في كتاب اللباس والزينة، باب كراهة الكلب والجرس في السفر، (رقم 2114)، وأحمد في مسنده، (2/372)، وأبو داود في كتاب الجهاد، باب في تعليق الأجراس، (رقم 2556).

([26]) متفق عليه، البخاري، كتاب الهبة، باب هبة المرأة لغير زوجها، برقم 2593، ومسلم، كتاب فضائل الصحابة، باب فضائل عائشة رضي الله عنها، برقم 2445.

([27]) سمعته من شيخنا الإمام ابن باز أثناء تقريره على صحيح البخاري، الحديث رقم 2879.

([28]) البخاري، كتاب الجهاد، باب من أراد غزوة فورّى بغيرها ومن أحب الخروج يوم الخميس، برقم 2948.

([29]) أخرجه أبو داود في كتاب الجهاد، باب في الابتكار في السفر (رقم 2606) والترمذي في كتاب البيوع، باب ما جاء في التبكير بالتجارة، (رقم 1212)، وابن ماجه في كتاب التجارات، باب ما يرجى من البركة في البكور، (رقم 2236)، وأحمد في مسنده، (1/154، 3/416)، قال أبو عيسى: حديث حسن، وصححه الألباني في صحيح أبي داود، 2/494، وصحيح الترمذي، 2/7-8.

([30]) أخرجه أبو داود في كتاب الأدب، باب ما يقول إذا خرج من بيته، (رقم 5095)، والترمذي في كتاب الدعوات، باب ما يقول إذا خرج من بيته، (رقم 3426)، وقال: هذا حديث حسن صحيح غريب، وصححه الألباني في صحيح الترمذي، 3/410، وصحيح أبي داود، 3/959.

([31]) أخرجه أبو داود في كتاب الأدب، باب ما يقول إذا خرج من بيته، (رقم 5094)، والترمذي في كتاب الدعوات، باب منه، (رقم 3427)، والنسائي في كتاب الاستعاذة، باب الاستعاذة من دعاء لا يستجاب، (رقم 5536)، وابن ماجه في كتاب الدعوات، باب ما يدعو الرجل إذا خرج من بيته، (رقم 3884)، وقال الترمذي: هذا حديث حسن صحيح،وصححه الألباني في صحيح أبي داود، 3/959، وصحيح الترمذي، 3/410-411.

([32]) سورة الزخرف، الآيتان: 13-14.

([33]) أخرجه مسلم في كتاب الحج،باب ما يقول إذا ركب إلى سفر الحج وغيره، (رقم 1342).

([34]) أخرجه البخاري في كتاب الجهاد والسير، باب السير وحده، (رقم 2998).

([35]) أخرجه أبو داود في كتاب الجهاد، باب في الرجل يسافر وحده، (رقم 2607)، والترمذي في كتاب الجهاد، باب ما جاء في كراهية أن يسافر الرجل وحده، (رقم 1674)، وقال: حديث حسن صحيح. وأحمد في مسنده، (2/186، 214)، والحاكم في المستدرك، (2/102) وقال: صحيح الإسناد ولم يخرجاه، ووافقه الذهبي، وحسّنه الألباني في الصحيحة، (رقم 62)، وصحيح الترمذي، 2/245.

([36]) أخرجه أبو داود في كتاب الجهاد، باب في القوم يسافرون يؤمرون أحدهم، (رقم 2608، 2609)، وحسّنه الألباني في صحيح سنن أبي داود، 2/494، 495.

([37]) أبو داود، كتاب الجهاد، باب ما يؤمر من انضمام العسكر وسعته، برقم 2628، وصححه الألباني في صحيح سنن أبي داود، 2/130.

([38]) أخرجه مسلم في كتاب الذكر والدعاء والتوبة والاستغفار، باب في التعوذ من سوء القضاء ودرك الشقاء وغيره، (رقم 2709).

([39]) أخرجه البخاري في كتاب الجهاد والسير، باب التسبيح إذا هبط واديًا، (رقم 2993).

]]>
es.islamcenter@gmail.com (mona) الحج والعمرة Wed, 12 Dec 2012 08:09:09 +0000