Web Hits صلاه التراويح
    

صلاه التراويح

صلاه التراويح 

التراويحُ سنةٌ، وفعلها جماعةٌ أفضلُ. وفعلُ الصحابة لها مشهورٌ. وتلقته الأمةُ عنهم خلفًا بعد سلفٍ. روى أبو بكر عبدالعزيز عن ابن عباس رضي الله عنهما: «أنه كان يصلي في شهر رمضان عشرين ركعةً». قال الشيخ تقي الدين رحمه الله له أن يُصلِّي عشرين، كما هو المشهورُ في مذهب أحمد، والشافعي؛ وله أن يصلي ستًا وثلاثين، كما هو مذهب مالك؛ وله أن يصلي إحدى عشرة، وثلاث عشرة وكلٌّ حسنٌ، فيكون تكثيرُ الركعات، أو تقليلُها، بحسب طول القيام وقصره.

وعمرُ رضي الله عنه لما جمع الناس على أُبيٍّ: صلى بهم عشرين ركعة؛ والصحابةُ رضى الله عنهم: منه من يُقلُّ، ومنهم من يكثرُ، والحدُّ المحدود: لا نصَّ عليه من الشارع صحيحٌ. وكثير من الأئمة في الترايوح: يصلُّون صلاةً لا يعقلونها، ولا يطمئون في الركوع ولا في السجود، والطمأنينة ركن؛ والمطلوب في الصلاة: حضور القلب بين يدي الله تعالى، واتعاظه بكلام الله إذا يتلى عليه، وهذا لا يحصل في العجلة، فتقصير القراءة مع الخشوع في الركوع والسجود، أولى من طول القراءة مع العجلة المكروهة.

وصلاة عشر ركعات مع طول القراءة والطمأنينة، أولى من عشرين ركعة مع العجلة المكروهة، لأن لُبَّ الصلاة وروحها: هو إقبالُ القلب على الله عز وجل، ورب قليل خير من كثير، وكذلك ترتيل القراءة أفضل من السرعة والسرعة المباحة، هي: التي لا يحصل معها إسقاط شيء من الحروف فإن أسقط بعض الحروف،لأجل السرعة لم يجز ذلك له، وينهى عنه. وأما إذا قرأ قراءة بيِّنة، ينتفع بها المصلون خلفه فحسنٌ. وقد ذم الله الذين يقرؤون القرآن بلا فهم معناه؛ فقال تعالى: {وَمِنْهُمْ أُمِّيُّونَ لَا يَعْلَمُونَ الْكِتَابَ إِلَّا أَمَانِيَّ} أي تلاوة بلا فهم، والمراد من إنزال القرآن: فَهْمُ معانيه، والعمل به، لا مجردُ التلاوة.

ويستحب تحسينُ صوته بالقراءة، لما روى أبو داود وغيرهُ: «ليس منا من لم يتغنَّ بالقرآن». كان الزهري رحمه الله يقول إذا دخل رمضان: إنما هو تلاوة القرآن وإطعام الطعام. قال ابن عبدالحكم: كان مالكٌ إذا دخل رمضانُ، يفرُّ من قراءة الحديث ومجالسة أهل العلم، ويقبل على تلاوة القرآن، من المصحف. وقال عبدالرزاق: كان الثوريُّ إذا دخل رمضان ترك جميع العبادات وأقبل على تلاوة القرآن. وقال سفيانُ: كان زيد الياميُّ إذا حضر رمضان، أحضر المصاحف، وجمع إليه أصحابه.كان السلف: يقبول على تلاوة القرآن في رمضان، فمنهم من يختم في كل سبع، ومنهم في ثلاثٍ، ومنهم في ليلتين، ومنهم في العشر الأواخر من كلِّ ليلة، وما ورد من النهي في أقل من ثلاثٍ فهو محمول على المداومة على ذلك، فأما في الأوقات الفاضلة، كشهر رمضان خصوصًا الليالي التي تطلب فيها ليلةُ القدر، وفي الأماكن الفاضلة: فيستحب الإكثار فيها من تلاوة القرآن اغتنامًا للزمان والمكان. وهو قول أحمد وغيره. وعليه يدل عمل غيرهم.

وقال صلى الله عليه وسلم: «اقرءوا القرآن، فإنه يأتي شفيعًا لأصحابه يوم القيامة»، وروى الترمذي عن أبي مسعود مرفوعًا: «من قرأ حرفًا من كتاب الله فله حسنةٌ، والحسنة بعشر أمثالها لا أقول آلم حرف ولكن ألفٌ حرف ولامٌ حرفٌ، وميمٌ حرف» فكيف هذا مع المضاعفة في شهر رمضان؟

وعن ابن عمر مرفوعًا: «يُقال لصاحب القرآن: اقرأ وارق، ورتل كما كنت ترتل في الدنيا، فإن منزلتك عند آخر آية» رواه الترمذيُّ. ولأحمد نحوه عن أبي سعيد: «ويصعد بكل آية درجة، حتى يقرأ آخر آية منه».

واعلم أن المؤمن، يجتمعُ له في شهر رمضان جهادان: جهادٌ لنفسه بالنهار على الصيام، وجهادٌ بالليل على القيام، فمن جمع بين هذين الجهادين ووفَّى بحقوقهما، وصبر عليهما وفِّي أجرُه بغير حساب.

قال كعبٌ: ينادي يوم القيامة منادٍ: إن كلَّ حارث يُعطى بحرثه ويزادُ، غير أهل القرآن والصيام، فيعطون أجورهم
بغير حساب. ويشفعان له عند الله عز وجل، كما في المسند عن عبدالله بن عمر رضي الله عنهما، عن النبي صلى الله عليه وسلم:
«الصيام والقيام: يشفعان للعبد يوم القيامة، يقول الصيام: أي رب منعته الطعام والشراب، والشهوات المحرمات بالنهار، ويقول القرآن: منعته النوم بالليل، فشفعني فيه فيشفعان».

فالصيام يشفع لمن منعه المحرمات كلَّها، فإنه يشفع له عند الله يوم القيامة، يقول يا رب منعتُه شهواته فشفعني فيه، وأما من ضيَّع صيامهُ، ولم يمنعه مما حرمه الله عليه، فإنه جدير أن يُضرب به وجهُ صاحبه، ويقولُ له: ضيعك الله كما ضيعتني.

قال بعض السلف: إذا احتضر المؤمن، يقال للملك: شُمَّ رأسه. قال: أجد في رأسه القرآن.

فيقال شم قلبه. فيقول: أجد في قلبه الصيام. فيقال: شُم قدميه. فيقول: أجد في قدميه القيام. فيقال: حفظ نفسه حفظه الله.

وكذلك القرآن: إنما يشفع لمن منعه النوم بالليل، فإن من قرأ القرآن، وقام به، فقد قام بحقّه، فيشفع له. وقد ذكر النبي صلى الله عليه وسلم رجلاً فقال: «ذلك لا يتوسَّدُ القرآن» أي لا ينامُ عليه، فيصير له كالوسادة.

وروى أحمد من حديث بُريدة مرفوعًا: «إن القرآن يلقى صاحبه يوم القيامة، حين ينشقُّ عنه قبرهُ، كالرجل الشاحب- يعني المتغير اللون فيقول: هل تعرفُني؟ فيقول: أنا صاحبك الذي أظمأتك في الهواجر، وأسهرت ليلك، وكلُّ تاجر من وراء تجارته فيعطى المُلْكَ بيمينه، والخلد بشماله، ويوضعُ على رأسه تاجُ الوقار، ثم يقال له: اقرأ واصعد في درجة الجنة وغرفها، فهو في صعود ما دام يقرأ، هذًَّا كان أو ترتيلاً».

وفي حديث عبادة الطويل: «إن القرآن يأتي صاحبه في القبر فيقول له: أنا الذي كنت أسهرُ ليلك، وأظميءُ نهارك، وأمنعُك شهواتك، وسمعك وبصرك، فستجدني من الأخلاء خليل صدقٍ، ثم يصعد، فيسأل له فراشًا ودثارًا، فيؤمر له بفراشٍ من الجنة وياسمين من الجنة، ثم يدفع القرآن في قبلة اللَّحد فيوسع عليه ما شاء الله من ذلك».

قال ابن مسعود: ينبغي لقارئ القرآن: أن يُعرف بليله إذا الناس ينامون، وبنهاره إذا الناسُ يخلطون، وبصمته إذا الناس يخوضون، وبحزنه إذا الناس يفرحون؛ وقال وُهيبٌ: قيل لرجل: ألا تنام فقال: إن عجائب القرآن أطرن نومي؛ وصحب رجلٌ رجلاً شهرين فلم يره نائمًا. فقال: ما لي لا أراك نائمًا؟ قال: إن عجائب القرآن أطرْن نومي، ما أخرج من أعجوبةٍ إلا وقعتُ في أخرى.

قال أحمد بن أبي الحواري: إني لأقرأ القرآن وأنظرُ فيه آيةً آيةً، فيتحيرُ عقلي وأعجبُ من حفاظ القرآن، كيف يهنيهم النوم، أو يسعهم أن يشتغلوا بشيء من الدنيا، وهم يتلون كتاب الله؟ أما إنهم لو فهموا ما يتلون وعرفوا حقه، وتلذذوا به، واسْتَحْلُّوا المناجاة به، لذهب عنهم النوم، فرحًا بما
رزقوا.

فأما من كان معه القرآنُ، فنام عنه بالليل، ولم يعمل به بالنهار، فإنه ينتصب له خصمًا يوم القيامة، يطالبه بحقوقه التي ضيعها. روى أحمد من حديث سمرة: أن النبي r: «رأى في منامه رجلاً مستلقيًا على قفاه، ورجلٌ قائم بيده فهرٌ، أو صخرةٌ، فيشدخ بها رأسه، فيتدهده، فإذا ذهب ليأخذه عاد رأسه كما كان، فيصنع به مثل ذلك. فسأل عنه فقيل له: هذا رجلٌ آتاه الله القرآن، فنام عنه بالليل، ولم يعمل به بالنهار، فهو يفعل به ذلك إلى يوم القيامة».

وفي حديث عمرو بن شعيب مرفوعًا: «يمثل القرآن يوم القيامة رجلاً، فيؤتى بالرجل قد حمله فخالف أمره، فيتمثل له خصمًا، فيقول: يا رب حمَّلتَهُ إياي، فبئس حامل، تعدَّى حدودي وضيع فرائضي، وركب معصيتي، وترك طاعتي فما يزالُ يقذفُ عليه بالحجج حتى يقال: شأنك به. فيأخذه بيده، فما يرسله حتى يكبَّه على منخره في النار.

ويؤتى بالرجل الصالح: كان قد حمله، وحفظ أمره، فيتمثل له خصمًا دونه، فيقول: يا رب: حمَّلته إياي فخير حاملٍ، حفظ حدودي، وعمل بفرائضي، واجتنب معصيتي، واتَّبع طاعتي، فما يزال يقذف له بالحجج، حتى يقال له: شأنك به، فيأخذه بيده، فما يرسله حتى يلبسه حلَّة الإستبرق، ويعقد عليه تاج الملك، ويسقيه كأس الخمر».

عزيزي الزائر .. للإستفادة من جميع موارد الموقع يجب توفر لديك البرامج التالية :

        

المتواجدون حالياً

حاليا يتواجد 13 زوار  على الموقع

إحصائيات الموقع

يحتوي الموقع على

أكثر من
800
مقال
 أكثر من1800
كتاب
 أكثر من3800
صوت
 أكثر من600
فديو

 

تسجيل الدخول