Web Hits منـزلة الصلاة في الإسلام وعظم شأنها
    

منـزلة الصلاة في الإسلام وعظم شأنها

منـزلة الصلاة في الإسلام وعظم شأنها

الخطبة الأولى

إن الحمد لله، نحمده، ونستعينه، ونستغفره، ونعوذ بالله، من شرور أنفسنا، وسيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مصل له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله، صلى الله عليه، وعلى آله، وأصحابه ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين، أما بعد:

فيا أيها المسلمون اتقوا الله تعالى حق التقوى واستمسكوا بالعروة الوثقى، واعلموا رحمكم الله أن الله تعالى افترض عليكم خمس صلوات في اليوم والليلة، فمن حافظ عليها ولم يضيع منها شيئاً استخفافاً بحقهن كان له عند الله عهداً أن يدخله الجنة، والصلوات الخمس: هي أعظم أركان الإسلام بعد الشهادتين، وهي عماد الدين الذي لا يقوم الدين إلا به، فإذا سقط العمود سقط ما بني عليه، وأول ما يحاسب عليه العبد يوم القيامة الصلاة فإن صلحت صلح سائرُ عمله، وأفلح وأنجح، وإن فسدت فسد سائرُ عمله وخاب وخسر، والصلاة آخر ما يفقد من دين العبد فإذا ذهب آخر الدين لم يبق منه شيء، وهي آخر وصية أوصى بها النبي –صلى الله عليه وسلم-  أمته، فعن أم سلمة رضي الله عنها أنها قالت: كان من آخر وصية رسول –صلى الله عليه وسلم-:الصلاةَ الصلاةَ وما ملكت أيمانكم“ حتى جعل نبي الله –صلى الله عليه وسلم-  يجلجلها في صدره وما يفيض بها لسانه، ومدح الله تعالى القائمين بها ومن أمر بها أهله، فقال تعالى: {وَاذْكُرْ فِي الْكِتَابِ إِسْمَاعِيلَ إِنَّهُ كَانَ صَادِقَ الْوَعْدِ وَكَانَ رَسُولاً نَّبِيًّا، وَكَانَ يَأْمُرُ أَهْلَهُ بِالصَّلاةِ وَالزَّكَاةِ وَكَانَ عِندَ رَبِّهِ مَرْضِيًّا} وذم الله تعالى المضيعين لها والمتكاسلين عنها فقال بعد أن ذكر جملة من الأنبياء {فَخَلَفَ مِن بَعْدِهِمْ خَلْفٌ أَضَاعُوا الصَّلاةَ وَاتَّبَعُوا الشَّهَوَاتِ فَسَوْفَ يَلْقَوْنَ غَيًّا} وقال تعالى: {إِنَّ الْمُنَافِقِينَ يُخَادِعُونَ اللَّهَ وَهُوَ خَادِعُهُمْ وَإِذَا قَامُواْ إِلَى الصَّلاَةِ قَامُواْ كُسَالَى يُرَآؤُونَ النَّاسَ وَلاَ يَذْكُرُونَ اللَّهَ إِلاَّ قَلِيلاً} وعظَّم الله تعالى شأنها ففرضها بدون واسطة ليلة الإسراء فوق سبع سماوات، فرضها خمسين صلاة في اليوم والليلة، وهذا يدل على محبة الله تعالى لها، ثم خفف عزَّ وجلَّ عن عباده ففرضها خمس صلوات في اليوم والليلة، فهي خمسون في الميزان وخمس في العمل لمن قام بها ابتغاء مرضات الله تعالى. وافتتح الله أعمال المفلحين بالصلاة واختتمها بها وهذا يؤكد أهميتها قال تعالى: {قَدْ أَفْلَحَ الْمُؤْمِنُونَ، الَّذِينَ هُمْ فِي صَلاتِهِمْ خَاشِعُونَ، وَالَّذِينَ هُمْ عَنِ اللَّغْوِ مُعْرِضُونَ، وَالَّذِينَ هُمْ لِلزَّكَاةِ فَاعِلُونَ، وَالَّذِينَ هُمْ لِفُرُوجِهِمْ حَافِظُونَ، إِلاّ عَلَى أَزْوَاجِهِمْ أوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُمْ فَإِنَّهُمْ غَيْرُ مَلُومِينَ، فَمَنِ ابْتَغَى وَرَاء ذَلِكَ فَأُوْلَئِكَ هُمُ الْعَادُونَ، وَالَّذِينَ هُمْ لأَمَانَاتِهِمْ وَعَهْدِهِمْ رَاعُونَ، وَالَّذِينَ هُمْ عَلَى صَلَوَاتِهِمْ يُحَافِظُونَ}؛ ولعظم منـزلتها أمر الله النبي –صلى الله عليه وسلم-  وأتباعه أن يأمروا بها أهليهم {وَأْمُرْ أَهْلَكَ بِالصَّلاَةِ وَاصْطَبِرْ عَلَيْهَا لاَ نَسْأَلُكَ رِزْقًا نَّحْنُ نَرْزُقُكَ وَالعَاقِبَةُ لِلتَّقْوَى} وقال النبي –صلى الله عليه وسلم-:  مروا أولادكم بالصلاة وهم أبناء سبع سنين، واضربوهم عليها وهم أبناء عشر سنين وفرِّقوا بينهم في المضاجع.
وأمر النبي –صلى الله عليه وسلم-  النائم والناسي بقضاء الصلاة، وهذا يؤكد أهميتها وأنها لا تسقط على أي حال من الأحوال فقال: ”من نسي صلاة أو نام عنها فكفارتها أن يصلها إذا ذكرها [لا كفارة لها إلا ذلك]“ [متفق عليه] ، ولعظم شأنها وعلوِّ مكانتها عند الله تعالى لم يعذر المريض بتركها وأمر بأن يصلي على حسب حاله، فيصلي قائماً، فإن لم يستطع صلى قاعداً، فإن لم يستطع صلى على جنبه، فإن لم يستطع صلى مستلقياً على ظهره، فإن لم يستطع صلى على حسب حاله على أي حال لا يكلف الله نفساً إلا وسعها { فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ } فإن عجز المريض عن جميع الأحوال السابقة صلى بقلبه، فيكبر، ويقرأ، وينوي الركوع، والسجود والقيام والقعود بقلبه؛ لأن الصلاة لا تسقط عنه مادام عقله ثابتاً بأي حال من الأحوال، سواء استطاع استقبال القبلة أو لم يستطع، استطاع الطهارة أم لم يستطع، لا يكلف الله نفساً إلا وسعها.

ولعظم منـزلتها، فإن من تركها عمداً بدون عذر جاحداً لوجوبها يكون كافراً مرتداً بإجماع العلماء يقتله ولي أمر المسلمين بعد الاستتابة فإن لم يتب يقتل حدّاً، ومن تركها عمداً بدون عذر مع الإقرار بوجوبها فإنه يكون كافراً أيضاً عند المحققين من أهل العلم؛ لقول النبى –صلى الله عليه وسلم-:  بين الرجل وبين الشرك والكفر ترك الصلاة“ [رواه مسلم] وقال: ”العهد الذي بيننا وبينهم الصلاة فمن تركها فقد كفر“ [رواه الترمذي والنسائي]، وعن عبد الله بن شقيق –رضى الله عنه- قال: ”كان أصحاب محمد –صلى الله عليه وسلم-  لا يرون شيئاً من الأعمال تركه كفر غير الصلاة“ [رواه الترمذي]

قال الإمام ابن القيم رحمه الله: "وقد حكى إجماع الصحابة على كفر تارك الصلاة غير واحد من أهل العلم"، وذكر شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله أن تارك الصلاة يكفرُ الكفرَ الأكبر لعشرة وجوه ذكرها. وذكر تلميذه ابن القيم رحمه الله اثنين وعشرين دليلاً على كفر تارك الصلاة الكفر الأكبر، وقال: "وقد دلّ الكتاب والسنة وإجماع الصحابة على كفر تارك الصلاة".

ولعظم شأنها سماها الله تعالى إيماناً، وخصها بالذكر تمييزاً لها من بين شرائع الإسلام فقال تعالى: {اتْلُ مَا أُوحِيَ إِلَيْكَ مِنَ الْكِتَابِ وَأَقِمِ الصَّلاةَ}، {وَأَوْحَيْنَا إِلَيْهِمْ فِعْلَ الْخَيْرَاتِ وَإِقَامَ الصَّلاةِ} وقرنت في القرآن الكريم بكثير من العبادات، وأوجبها الله على كل حال ولم يعذر بها: مريضاً، ولا خائفاً، ولا مسافراً، ولا غير ذلك مادام العقل ثابتاً. واشترط لها أكمل الأحوال: من الطهارة، والزينة، واللباس، واستقبال القبلة، مما لم يشترط في غيرها، واستعمل فيها جميع الأعضاء: من القلب واللسان، والجوارح، والصلاة: تنهى عن الفحشاء والمنكر، وأفضل الأعمال بعد الشهادتين، وتغسل الخطايا غسلاً، وتكفر السيئات، وهي نور لصاحبها في الدنيا والآخرة، وترفع بها الدرجات، وتحط بها الخطايا، وهي من أعظم أسباب دخول الجنة برفقة النبي –صلى الله عليه وسلم- ، وتعد الضيافة في الجنة لكل من غدا إليها أو راح، وتكفر ما قبلها من الذنوب، وتصلي الملائكة على صاحبها مادام في مصلاه أو ينتظر الصلاة، وانتظارها رباط في سبيل الله، وغير ذلك من الفضائل التي لا تحصر.

أعوذ بالله من الشيطان الرجيم {حَافِظُواْ عَلَى الصَّلَوَاتِ والصَّلاَةِ الْوُسْطَى وَقُومُواْ لِلَّهِ قَانِتِينَ} بارك الله لي ولكم في القرآن العظيم ونفعني وإياكم بما فيه من الآيات والذكر الحكيم، أقول قولي هذا وأستغفر الله لي ولكم ولسائر المسلمين. فاستغفروه من كل ذنب إنه هو الغفور الرحيم.

الخطبـة الثانيـة

الحمد لله رب العالمين، والعاقبة للمتقين، ولا عدوان إلا على الظالمين، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله، صلى الله عليه وعلى آله وأصحابه أجمعين، أما بعد: فإن أحسن الحديث كلام الله، وخير الهدي هدي رسول الله –صلى الله عليه وسلم-  ، وشر الأمور محدثاتها وكل محدثة بدعة وكل بدعة ضلالة وكل ضلالة في النار.

عباد الله إن من الواجبات العظيمة على جميع المسلمين أن يحافظوا على الصلوات الخمس، ويأمروا بها أولادهم، وذويهم، ويلزموهم بذلك، وأن يحافظوا على هذه الصلوات مع جماعة المسلمين، فقد أوجبها الله تعالى على الرجال جماعة ويركعوا مع الراكعين، ولم يعذر المجاهدين في سبيل الله تعالى بترك الصلاة جماعة، وقد هَمَّ النبي –صلى الله عليه وسلم-  بإحراق المتخلفين عن الصلاة جماعة بالنار، ولم يرخص للأعمى الذي يسمع النداء بالصلاة بل أمره بالإجابة، وبيّن أن ترك صلاة الجماعة من علامات المنافقين، وأن من سمع النداء ثم لم يجب فلا صلاة له إلا من عذر، فاتقوا الله عباد الله وأطيعوه بالمحافظة على هذا الركن العظيم والأصل الأصيل من أركان الإسلام.

واللهَ أسألُ أن يجعلني وإياكم ممن يستمعون القول فيتبعون أحسنه، اللهم صلّ وسلم وبارك على نبينا محمد بن عبد الله عليه الصلاة والسلام، وارضَ اللهم عن أصحابه أبي بكر وعمر وعثمان وعلي وعن سائر أصحاب نبيك أجمعين، اللهم أعز الإسلام والمسلمين، وأذل الشرك والمشركين، وانصر عبادك المؤمنين، اللهم آمنا في أوطاننا وأصلح أئمتنا وولاة أمورنا، واغفر للمسلمين والمسلمات والمؤمنين والمؤمنات الأحياء منهم والأموات واغفر لأمواتنا وأموات المسلمين برحمتك يا أرحم الراحمين. {رَبَّنَا آتِنَا فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً وَفِي الآخِرَةِ حَسَنَةً وَقِنَا عَذَابَ النَّارِ}، عباد الله {إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالإِحْسَانِ وَإِيتَاءِ ذِي الْقُرْبَى وَيَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنكَرِ وَالْبَغْيِ يَعِظُكُمْ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ}، فاذكروا الله يذكركم واشكروه على نعمه يزدكم ولذكر الله أكبر والله يعلم ما تصنعون.

عزيزي الزائر .. للإستفادة من جميع موارد الموقع يجب توفر لديك البرامج التالية :

        

المتواجدون حالياً

حاليا يتواجد 13 زوار  على الموقع

إحصائيات الموقع

يحتوي الموقع على

أكثر من
800
مقال
 أكثر من1800
كتاب
 أكثر من3800
صوت
 أكثر من600
فديو

 

تسجيل الدخول