Web Hits مقالات مركز الإسلام | موقع مختص بالتعرف بالإسلام وتعليم مبادئ الدين الحنيف ( عقيدة - صلاة - زكاة - صوم - حج - عمرة - السيرة النبوية ) على ما جاء في القرآن والسنه http://islam-centers.net/ar/islamic-definition/article-islamic-definition/57.html Mon, 28 Dec 2020 14:05:39 +0000 Joomla! 1.5 - Open Source Content Management ar-dz فضل الصلاة وأهميتها http://islam-centers.net/ar/islamic-definition/article-islamic-definition/57-2010-06-15-13-18-23/473-2013-01-13-07-07-49.html http://islam-centers.net/ar/islamic-definition/article-islamic-definition/57-2010-06-15-13-18-23/473-2013-01-13-07-07-49.html 1024x768

فضل الصلاة وأهميتها

الخطبة الأولى:

إن الحمد لله، نحمده ونستعينه ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله، صلى الله عليه وعلى آله وأصحابه وسلَّم تسليمًا كثيرًا.

أما بعد:

فاتقوا الله - عباد الله - حقَّ التقوى، وراقِبُوه في السِّرِّ والنجوى.

أيها المسلمون:

أمر الله - عز وجل - خلقه بإفراده بالعبادة فلا يُقبَل عملٌ بلا توحيد، وثنَّى بعبادة بعد توحيده - سبحانه - وأكثر من ذكرها، وأمر الرسل بها؛ فقال لموسى: {وَأَقِمِ الصَّلَاةَ لِذِكْرِي} [طه: 14 ]، وقال عيسى - عليه السلام -: {وَأَوْصَانِي بِالصَّلَاةِ وَالزَّكَاةِ مَا دُمْتُ حَيًّا} [مريم: 31 ]، ودعا إبراهيمُ ربَّه أن يكون هو وذريته من المؤدِّين لها: {رَبِّ اجْعَلْنِي مُقِيمَ الصَّلاَةِ وَمِن ذُرِّيَّتِي رَبَّنَا} [إبراهيم: 40 ]، وأثنى على إسماعيل لأمره أهله بها: {وَكَانَ يَأْمُرُ أَهْلَهُ بِالصَّلَاةِ وَالزَّكَاةِ} [مريم: 55 ].

وهي من الميثاق الذي أُخِذَ على الأمم السابقة: {وَإِذْ أَخَذْنَا مِيثَاقَ بَنِي إِسْرَائِيلَ لاَ تَعْبُدُونَ إِلاَّ اللهَ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا وَذِي الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينِ وَقُولُواْ لِلنَّاسِ حُسْنًا وَأَقِيمُواْ الصَّلاَةَ} [البقرة: 83 ].

وهي من وصايا لقمان: {يَا بُنَيَّ أَقِمِ الصَّلَاةَ} [لقمان: 17 ].

وأُمِرَت هذه الأمة بالمحافظة عليها: {حَافِظُواْ عَلَى الصَّلَوَاتِ والصَّلاَةِ الْوُسْطَى وَقُومُواْ للهِ قَانِتِينَ} [البقرة: 238 ].

وأُمِر بها النساء: {وَأَقِمْنَ الصَّلَاةَ وَآتِينَ الزَّكَاةَ} [الأحزاب: 33 ].

وهي من أُسُس الإيمان، قال النبي - صلى الله عليه وسلم - لوفد عبد القيس: «هل تدرون ما الإيمان بالله؟ شهادة أن لا إله إلا الله، وإقام الصلاة، وإيتاء الزكاة»؛ متفق عليه.

منزلتها في الدين بعد الشهادتين، وكان النبي - صلى الله عليه وسلم - يأمر بها في أوائل دعوته، قال هرقلُ لأبي سفيانَ: (بِمَ يأمركم به؟ يعني: النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: بالصلاة والزكاة، والعفاف والصلة)؛ متفق عليه.

وهي أحبُّ الأعمال إلى الله؛ سُئِلَ النبي - صلى الله عليه وسلم -: «أيُّ العمل أحبُّ إلى الله؟ قال: «الصلاةُ على وقتها، ثم بر الوالدين»؛ متفق عليه.

وخُصَّت من بين سائر العبادات بفرضيَّتها في السماء فلم ينزل بها مَلَكٌ إلى الأرض؛ بل كلَّم الله نبينا محمدًا - صلى الله عليه وسلم- بفرضيتها من غير واسطة، قال - عليه الصلاة والسلام -: «ثم ذُهِب بي إلى سدرة المنتهى فأوحى الله إليَّ ما أوحى، ففرض عليَّ خمسين صلاةً في كل يوم وليلة»؛ متفق عليه.

عظُمَت منزلتها ففُرِضَت خمسين صلاة، ثم خُفِّفت إلى خمس في العدد وبقيت خمسين في الثواب.

أحبَّها الصحابة - رضي الله عنهم - فكانوا يؤدُّونها في أشد المواطن، قال جابر - رضي الله عنه -: «غَزَونا مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قومًا فقاتلونا قتالًا شديدًا، فقال المشركون: إنه ستأتيهم صلاةٌ هي أحبُّ إليهم من أولادهم»؛ رواه مسلم.

وبايَعوا النبي - صلى الله عليه وسلم – عليها، قال جرير - رضي الله عنه -: «بايَعنا النبي - صلى الله عليه وسلم - على إقام الصلاة، وإيتاء الزكاة، والنُّصح لكل مسلم»؛ متفق عليه.

خيرُ عونٍ على أمور الدنيا والدين؛ تُجمِّل المرءَ بمكارم الأخلاق، وتنهاه عن الفحشاء والمنكرات، ماحيةٌ للخطايا مُكفِّرةٌ للسيئات، شبَّهَها النبيُّ - صلى الله عليه وسلم - بالنهر الجاري المُزِيل للأدران، تحفظُ العبدَ من الشرور ومهالك الرَّدَى، قال - صلى الله عليه وسلم -: «من صلَّى الصبح فهو في ذِمَّة الله حتى يُمسِي»؛ رواه مسلم.

ترفعُ عن العبد المصائب والفتن، والآفات والمعايب، قال - سبحانه -: {وَاسْتَعِينُواْ بِالصَّبْرِ وَالصَّلاَةِ} [البقرة: 45 ]، قال ابن كثير - رحمه الله -: «الصلاةُ من أكبر العَوْن على الثبات في الأمر؛ تفتح أبواب الرزق وتُيسِّره».

قال - سبحانه - عن زكريا: {فَنَادَتْهُ الْمَلآئِكَةُ وَهُوَ قَائِمٌ يُصَلِّي فِي الْمِحْرَابِ أَنَّ اللهَ يُبَشِّرُكَ بِيَحْيَى} [آل عمران: 39 ]، وقال عن مريم: {كُلَّمَا دَخَلَ عَلَيْهَا زَكَرِيَّا الْمِحْرَابَ وَجَدَ عِندَهَا رِزْقًا} [آل عمران: 37 ].

تُقوِّي البدن، وتشرح الصدر، «إذا استيقَظَ العبدُ فذكر الله، ثم توضأ وصلَّى ركعتين أصبح يومه نشيطًا طيب النفس»؛ رواه البخاري.

وصَفَها النبي - صلى الله عليه وسلم - بأنها نور، فقال: «والصلاةُ نورٌ»؛ رواه مسلم.

وهي من مُوجِبات دخول الجنة والرفعة فيها، سأل ثوبانُ - رضي الله عنه - النبي - صلى الله عليه وسلم - فقال: أخبرني بعملٍ أعمَلُه يُدخِلُني الله به الجنة، أو قال: بأحب الأعمال إلى الله، قال: «عليك بكثرة السجود لله؛ فإنك لا تسجد لله سجدةً إلا رفعك الله بها درجة، وحطَّ عنك بها خطيئة»؛ رواه مسلم.

والصلاةُ من أسباب مرافقة النبي - صلى الله عليه وسلم - في الجنة، قال ربيعةُ بن كعب - رضي الله عنه -: «قال لي رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «سَلْ»، فقلت: أسألك مرافقتك في الجنة، قال: «أوَ غير ذلك؟»، قلت: هو ذاك، قال: «فأعِنِّي على نفسك بكثرة السجود»؛ رواه مسلم.

كانت قُرَّة عين النبي - صلى الله عليه وسلم - وجعلها آخر وصيته في حياته لأمته، قال أنس - رضي الله عنه -: «كان عامة وصية النبي - صلى الله عليه وسلم - حين حَضَرَه الموت: «الصلاةَ وما ملكت أيمانكم».

فضائلُها جمَّة، ومنافعها متعدية، قال عنها - عليه الصلاة والسلام -: «لو يعلمون ما فيهما لأتوهما ولو حَبْوًا»؛ أي: زحفًا على الأيدي والركب؛ متفق عليه.

فرضٌ على كل مسلم أداؤها في كل مكان وعلى أي حال، قال - عليه الصلاة والسلام -: «وجُعِلَت لي الأرضُ مسجدًا وطهورًا، فأيما رجلٍ أدركته الصلاة صلَّى حيث كان»؛ متفق عليه.

جعلها الإسلام ميزانًا بين الإسلام والكفر، قال النبي - صلى الله عليه وسلم -: «بين الرجل وبين الشرك أو الكفر تركُ الصلاة»؛ رواه مسلم، قال عمر - رضي الله عنه -: «لا إسلام لمن لم يُصلِّ»، وقال ابن مسعود - رضي الله عنه -: «من تَرَكَ الصلاةَ فلا دين له».

وواجبٌ فعلُها في وقتها، قال - جلَّ شأنه -: {فَخَلَفَ مِن بَعْدِهِمْ خَلْفٌ أَضَاعُوا الصَّلَاةَ وَاتَّبَعُوا الشَّهَوَاتِ فَسَوْفَ يَلْقَوْنَ غَيًّا} [مريم: 59 ]، قال عمر بن عبد العزيز - رحمه الله -: «لم تكن إضاعتهم تركها، ولكن أضاعوا وقتها».

قال إسحاق بن راهويه - رحمه الله -: «رأي أهل العلم من لدن النبي - صلى الله عليه وسلم - إلى يومنا هذا أن ترك الصلاة عمدًا من غير عذر حتى يذهب وقتها أنه كافر».

والله أوجَبَ أداءها جماعةً في بيوت الله، قال النبي - صلى الله عليه وسلم -: «من سمع النداء فلم يُجِب فلا صلاةَ له إلا من عُذر»؛ رواه مسلم.

بل لم يعذر النبي - صلى الله عليه وسلم - فاقدَ البصر من الإتيان إليها؛ جاء رجلٌ أعمى إلى النبي - صلى الله عليه وسلم – فقال: يا رسول الله! إني رجل أعمى، وليس لي قائدٌ يقودني إلى المسجد، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «هل تسمع النداء للصلاة؟»، قال: نعم، قال: «فأَجِب»؛ رواه مسلم.

«وقد همَّ النبي - صلى الله عليه وسلم - بتحريق بيوت أُناس لا يشهدون الصلاةَ في المساجد لولا ما فيها من النساء والذرية»؛ متفق عليه.

قال ابن حجر - رحمه الله -: «هذا الحديث ظاهرٌ في كون صلاة الجماعة فرضَ عينٍ؛ لأنها لو كانت سنة لم يُهدِّد تاركها بالتحريق، ولو كانت فرض كفاية لكانت قائمةً بالرسول - صلى الله عليه وسلم - ومن معه».

والتفريط في صلاة الجماعة من أسباب استحواذ الشيطان على العبد، قال - عليه الصلاة والسلام -: «ما من ثلاثةٍ في قريةٍ ولا بدوٍ لا تُقام فيهم الصلاة إلا استحوَذَ عليهم الشيطان»؛ رواه أبو داود.

قال ابن مسعود - رضي الله عنه -: «لقد رأيتُنا وما يتخلَّف عنها إلا منافقٌ معلوم النفاق».

وشهودها أمارةٌ على الإيمان، قال - جل شأنه -: {إِنَّمَا يَعْمُرُ مَسَاجِدَ اللهِ مَنْ آمَنَ بِاللهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ وَأَقَامَ الصَّلاَةَ} [التوبة: 18].

وكان الصحابة يؤدُّونها جماعة - ولو مع المشقة -، قال ابن مسعود - رضي الله عنه-: «لقد رأيتُ الرجل يُؤتَى به يُهادَى بين الرجلين حتى يُقامَ في الصف»، قال الربيع بن خيثمة - رحمه الله -: «إن استطعتم أن تأتوها فأْتوها - ولو حَبْوًا -».

وآخر ما رآه النبي - صلى الله عليه وسلم - من صحابته قبل وفاته رآهم وهم يصلون جماعة، قال أنس - رضي الله عنه -: «كشف النبي - صلى الله عليه وسلم - ستر حجرته في مرضه الذي مات فيه، فنظر إلى الناس صفوفًا يصلون فتبسم ضاحكًا، قال أنس: فكانت آخر نظرة نظرها إلى صحابته»؛ متفق عليه.

والله قِبَلَ وجه المصلي، والخشوع هو روح الصلاة، وكان النبي - صلى الله عليه وسلم - يُصلِّي ولصدره أزيزٌ كأزيز المِرْجَل من البكاء، قال ابن عباس - رضي الله عنهما -: «ليس لك من صلاتك إلا ما عَقَلتَ منها».

قال الكرمي - رحمه الله -: «كان شيخ الإسلام - رحمه الله - إذا دخل في الصلاة ترتعِد أعضاؤه».

فأقبِلوا عليها بخشوعٍ وسرورٍ بأدائها جماعةً تطهُر أرواحكم، وتُمحَ زلاتُ ألسنتكم وما اقترفته جوارحكم، وتُرفعْ درجاتكم.

أعوذ بالله من الشيطان الرجيم: {وَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ وَآتُوا الزَّكَاةَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ} [النور: 56 ].

بارك الله لي ولكم في القرآن العظيم، ونفعني الله وإياكم بما فيه من الآيات والذكر الحكيم، أقول ما تسمعون، وأستغفر الله لي ولكم ولجميع المسلمين من كل ذنبٍ، فاستغفروه إنه هو الغفور الرحيم.

الخطبة الثانية:

الحمد لله على إحسانه، والشكر له على توفيقه وامتنانه، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له تعظيمًا لشأنه، وأشهد أن نبينا محمدًا عبده ورسوله، صلى الله عليه وعلى آله وأصحابه وسلَّم تسليمًا مزيدًا.

أيها المسلمون:

الصلاةُ سببُ الفوز والفلاح؛ من مَشَى إليها لم يخطُ خطوةً إلا رَفَعَه الله بها درجةً، وحطَّ عنه خطيئةً، وتُصلِّي عليه الملائكة ما دام في مجلسه الذي يُصلِّي فيه، تقول: اللهُم اغفر له، اللهُم ارحمه، ومن صلَّى العشاء في جماعة فكأنما قام نصف الليل، ومن صلَّى الصبح في جماعة فكأنما قام الليل كله، ومن تعلق قلبُه بالصلاة يتحيَّن النداء للصلاة التي تليها أظلَّه الله تحت ظلِّ عرشه؛ فأدُّوا الصلوات جماعةً في بيوت الله طيبةً بها نفوسُكم، مُنشرحةً بها صدوركم تنالوا ثواب ربكم.

ثم اعلموا أن الله أمركم بالصلاة والسلام على نبيِّه، فقال في محكم التنزيل: {إِنَّ اللهَ وَمَلَائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا} [الأحزاب: 56 ].

اللهُم صلِّ وسلم وبارِك على نبينا محمد، وارضَ اللهُم عن خلفائه الراشدين الذين قضَوا بالحق وبه كانوا يعدلون: أبي بكر، وعمرَ، وعثمانَ، وعليٍّ، وعن سائر الصحابة أجمعين، وعنَّا معهم بجودك وكرمك يا أكرم الأكرمين.

اللهُم أعِزَّ الإسلام والمسلمين، وأذِلَّ الشرك والمشركين، ودمِّرْ أعداء الدين، واجعلِ اللهُم هذا البلد آمنًا مطمئنًا، وسائرَ بلاد المسلمين.

اللهُم وفِّق إمامنا لهُداك، واجعل عَمَله في رضاك، ووفِّق جميع ولاة أمور المسلمين للعمل بكتابك، وتحكيم شرعك يا ذا الجلال والإكرام.

{رَبَّنَا آتِنَا فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً وَفِي الآخِرَةِ حَسَنَةً وَقِنَا عَذَابَ النَّارِ} [البقرة: 201 ]، {رَبَّنَا ظَلَمْنَا أَنفُسَنَا وَإِن لَّمْ تَغْفِرْ لَنَا وَتَرْحَمْنَا لَنَكُونَنَّ مِنَ الْخَاسِرِينَ} [الأعراف: 23].

اللهُم جنِّبنا وذريَّاتنا عبادةَ الأصنام، واجعلنا وإياهم من مُقيمي الصلاة يا ذا الجلال والإكرام، اللهُم ألهِمْنا الصواب، ووفِّقنا للحق وجنِّبنا الفتن.

عباد الله:

{إِنَّ اللهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالإِحْسَانِ وَإِيتَاء ذِي الْقُرْبَى وَيَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاء وَالْمُنكَرِ وَالْبَغْيِ يَعِظُكُمْ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ} [النحل: 90 ].

فاذكروا الله العظيم الجليل يذكرْكم، واشكروه على آلائه ونعمه يزِدكم، ولذكر الله أكبر، والله يعلم ما تصنعون.

]]>
es.islamcenter@gmail.com (mona) الصلاة Sun, 13 Jan 2013 07:07:18 +0000
حكم تارك الصلاة في الإسلام http://islam-centers.net/ar/islamic-definition/article-islamic-definition/57-2010-06-15-13-18-23/472-2013-01-13-06-51-05.html http://islam-centers.net/ar/islamic-definition/article-islamic-definition/57-2010-06-15-13-18-23/472-2013-01-13-06-51-05.html 1024x768

حكم تارك الصلاة في الإسلام

الحمد للَّه وحده، والصلاة والسلام على من لا نبي بعده، أما بعد:

فترك الصلاة المفروضة كفر، فمن تركها جاحدًا لوجوبها كفر كفرًا أكبر بإجماع أهل العلم، ولو صلَّى([1])،أما من ترك الصلاة بالكلّيّة، وهو يعتقد وجوبها ولا يجحدها، فإنه يكفر، والصحيح من أقوال أهل العلم أن كفره أكبر يخرج من الإسلام؛لأدلة كثيرة منها على سبيل الاختصار ما يأتي:

1- قال اللَّه تعالى: {يَوْمَ يُكْشَفُ عَن سَاقٍ وَيُدْعَوْنَ إِلَى السُّجُودِ فَلا يَسْتَطِيعُونَ*خَاشِعَةً أَبْصَارُهُمْ تَرْهَقُهُمْ ذِلَّةٌ وَقَدْ كَانُوا يُدْعَوْنَ إِلَى السُّجُودِ وَهُمْ سَالِمُون}([2]). وهذا يدل على أن تارك الصلاة مع الكفار والمنافقين الذين تبقى ظهورهم إذا سجد المسلمون قائمة، ولو كانوا من المسلمين لأُذِنَ لهم بالسجود كما أُذِنَ للمسلمين.

  وقال –سبحانه وتعالى-: {كُلُّ نَفْسٍ بِمَا كَسَبَتْ رَهِينَةٌ*إِلا أَصْحَابَ الْيَمِينِ*فِي جَنَّاتٍ يَتَسَاءَلُونَ*عَنِ الْـمُجْرِمِينَ*مَا سَلَكَكُمْ فِي سَقَرَ*قَالُوا لَمْ نَكُ مِنَ الْـمُصَلّينَ*وَلَمْ نَكُ نُطْعِمُ الْمِسْكِينَ*وَكُنَّا نَخُوضُ مَعَ الْـخَائِضِينَ*وَكُنَّا نُكَذّبُ بِيَوْمِ الدّينِ}([3]). فتارك الصلاة من المجرمين السالكين في سقر، وقد قال اللَّه تعالى: {إِنَّ الْـمُجْرِمِينَ فِي ضَلالٍ وَسُعُرٍ * يَوْمَ يُسْحَبُونَ فِي النَّارِ عَلَى وُجُوهِهِمْ ذُوقُوا مَسَّ سَقَرَ} ([4]).

3- وقال اللَّه –عز وجل-:{فَإِن تَابُواْ وَأَقَامُواْ الصَّلاَةَ وَآتَوُاْ الزَّكَاةَ فَإِخْوَانُكُمْ فِي الدّينِ وَنُفَصّلُ الآيَاتِ لِقَوْمٍ يَعْلَمُونَ}([5]).فعلق أخوَّتهم للمؤمنين بفعل الصلاة.

4- عن جابر –رضى الله عنه- قال: سمعت رسول اللَّه –صلى الله عليه وسلم- يقول: «بين الرجل وبين الشرك والكفر ترك الصلاة»([6]).

5-وعن عبد اللَّه بن بريدة عن أبيه، قال: قال رسول اللَّه  –صلى الله عليه وسلم-: «العهد الذي بيننا وبينهم الصلاة، فمن تركها فقد كفر»([7]).

6- وعن عبد اللَّه بن شقيق –رضى الله عنه- قال: «كان أصحاب محمد –صلى الله عليه وسلم- لا يرون شيئًا من الأعمال تركه كفر غير الصلاة»([8]) .

7- وقد حكى إجماع الصحابة على كفر تارك الصلاة غير واحد من أهل العلم([9]).

8-وذكر الإمام ابن تيمية أن تارك الصلاة يكفر الكفر الأكبر لعشرة وجوه([10]).

9- وأورد الإمام ابن القيم : أكثر من اثنين وعشرين دليلاً على كفر تارك الصلاة الكفر الأكبر([11]).

والصواب الذي لا شك فيه، أن تارك الصلاة مطلقًا كافر لهذه الأدلة الصريحة([12]).

10- قال الإمام ابن القيم :: «وقد دلّ على كفر تارك الصلاة: الكتاب والسنة، وإجماع الصحابة»([13]).

واللَّه أسأل أن يوفق جميع المسلمين للمحافظة على هذه الصلاة العظيمة التي هي أعظم شعائر الإسلام بعد الشهادتين، وأن يوفق جميع ولاة أمر المسلمين لإلزام من ولاّهم اللَّه أمرهم بإقامة الصلاة، وتيسير الأسباب للمحافظة عليها، وإقامة الأمر بالمعروف، والنهي عن المنكر.

وصلى اللَّه وسلم على نبينا محمد، وعلى آله وأصحابه أجمعين.

د. سعيد بن علي بن وهف القحطاني

 



([1]) انظر: تحفة الإخوان بأجوبة مهمة تتعلق بأركان الإسلام،لسماحة العلامة عبدالعزيز بن عبد اللَّه ابن باز ص73.

([2]) سورة القلم، الآيتان: 42- 43.

([3]) سورة المدثر، الآيات: 38- 46.

([4]) سورة القمر، الآيتان: 47- 48.

([5]) سورة التوبة، الآية: 11.

([6]) مسلم، برقم 76.

([7]) أخرجه الترمذي، برقم 2621، والنسائي، برقم 465، وابن ماجه، برقم 1079،والحاكم وصححه ووافقه الذهبي، 1/6، 7.

([8]) الترمذي، برقم 2622.

([9]) انظر: المحلى لابن حزم، 2/242، 243، وكتاب الصلاة لابن القيم، ص26، والشرح الممتع على زاد المستقنع، لابن عثيمين، 2/28.

([10]) انظر: شرح العمدة، لابن تيمية 2/81-94.

([11]) انظر: كتاب الصلاة لابن القيم ص17-26. فقد ذكر عشرة أدلة من القرآن واثني عشر دليلاً من السنة وإجماع الصحابة.

([12]) سمعت شيخنا الإمام عبد العزيز بن عبد اللَّه ابن باز قدس اللَّه روحه وغفر له يُكفّر تارك الصلاة ولو تركها في بعض الأوقات، ولو لم يجحد وجوبها. وانظر: تحفة الإخوان بأجوبة مهمة تتعلق بأركان الإسلام، له : ص72.

([13]) كتاب الصلاة، ص 17.

]]>
es.islamcenter@gmail.com (mona) الصلاة Sun, 13 Jan 2013 06:47:42 +0000
وجوب صلاة الجماعة http://islam-centers.net/ar/islamic-definition/article-islamic-definition/57-2010-06-15-13-18-23/471-2013-01-12-16-43-07.html http://islam-centers.net/ar/islamic-definition/article-islamic-definition/57-2010-06-15-13-18-23/471-2013-01-12-16-43-07.html Normal 0 false false false EN-US X-NONE AR-SA MicrosoftInternetExplorer4

وجوب صلاة الجماعة

إنَّ الصلاة مع الجماعة شعيرةٌ عظيمةٌ من شعائر هذا الدِّين، وميزةٌ جليلةٌ لدين الإسلام؛ حيث شرع الله - تبارك وتعالى - لعباده هذه الصلاة، {فِي بُيُوتٍ أَذِنَ اللَّهُ أَن تُرْفَعَ وَيُذْكَرَ فِيهَا اسْمُهُ يُسَبِّحُ لَهُ فِيهَا بِالْغُدُوِّ وَالْآصَالِ * رِجَالٌ لَّا تُلْهِيهِمْ تِجَارَةٌ وَلَا بَيْعٌ عَن ذِكْرِ اللَّهِ وَإِقَامِ الصَّلَاةِ} [النور: 36، 37].

وبكلِّ خُطوةٍ يَخطُوها المسلمُ إلى المساجد يرفع بها درجة، وتكتب بها حسنة، وتُحطُّ بها عنه خطيئة، ولقد اتفق العلماء على آكدية صلاة الجماعة في المساجد؛ بل لقد تنوَّعَت الدلائل وتكاثَرَت النصوص في كتاب الله تعالى وسنة نبيه محمد - صلى الله عليه وسلم - في وجوب الصلاة جماعة على الرجال، فهي واجبٌ عينيٌّ على الرّجال في السفر والحضر والأمن والخوف, والدّلائلُ على ذلك في كتاب الله تعالى وسنة نبيه عليه الصّلاة والسلام كثيرةٌ عديدةٌ.

يقول الله تعالى: {وَإِذَا كُنتَ فِيهِمْ فَأَقَمْتَ لَهُمُ الصَّلاَةَ فَلْتَقُمْ طَآئِفَةٌ مِّنْهُم مَّعَكَ وَلْيَأْخُذُواْ أَسْلِحَتَهُمْ فَإِذَا سَجَدُواْ فَلْيَكُونُواْ مِن وَرَآئِكُمْ وَلْتَأْتِ طَآئِفَةٌ أُخْرَى لَمْ يُصَلُّواْ فَلْيُصَلُّواْ مَعَكَ وَلْيَأْخُذُواْ حِذْرَهُمْ وَأَسْلِحَتَهُمْ} [النساء: 102]، فهذه الآية صريحةٌ في وجوب الصلاة مع الجماعة؛ حيث إن الله - جلّ وعلا - لم يُرخِّص لعباده في تركها في هذه الحال, حال الخوف وملاقاة الأعداء، فكيف بحال المطمئن الآمن.

ويقول الله جلّ وعلا: {وَأَقِيمُواْ الصَّلاَةَ وَآتُواْ الزَّكَاةَ وَارْكَعُواْ مَعَ الرَّاكِعِينَ} [البقرة: 43]، فبعد أن أمر - جل وعلا - بإقامتها أَمَرَ بأن تُؤدَّى مع الراكعين؛ أي: في بيوت الله.

وثبت في "الصحيحين" من حديث أبي هريرة - رضي الله عنه - أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «إِنَّ أَثْقَلَ صَلاَةٍ عَلَى الْمُنَافِقِينَ صَلاَةُ الْعِشَاءِ وَصَلاَةُ الْفَجْرِ وَلَوْ يَعْلَمُونَ مَا فِيهِمَا لأَتَوْهُمَا وَلَوْ حَبْوًا، وَلَقَدْ هَمَمْتُ أَنْ آمُرَ بِالصَّلاَةِ فَتُقَامَ ثُمَّ آمُرَ رَجُلاً فَيُصَلِّىَ بِالنَّاسِ، ثُمَّ أَنْطَلِقَ مَعِى بِرِجَالٍ مَعَهُمْ حُزَمٌ مِنْ حَطَبٍ إِلَى قَوْمٍ لاَ يَشْهَدُونَ الصَّلاَةَ فَأُحَرِّقَ عَلَيْهِمْ بُيُوتَهُمْ بِالنَّارِ».

فهذا الحديثُ واضحُ الدلالة على وجوب الصلاة في الجماعة، وأن نبيِّنا - عليه الصلاة والسلام - أخبر عن ثِقَلِ صلاة الجماعة على المنافقين، وأنّ الصلوات كلها ثقيلةٌ عليهم وبخاصَّة صلاتَيْ العشاء والفجر, ثم هدَّد - صلى الله عليه وسلم - المُتخلِّفين عن صلاة الجماعة بأن يُحرِّق عليهم بيوتهم بالنار، وهذه عقوبةٌ شنيعةٌ، فوَصَفَهم بالنفاق أولاً، وهدَّدهم بالتحريق بالنار ثانيًا، مما يدل دلالةً صريحةً على عِظَم جريمة المُتخلِّف عن صلاة الجماعة، وأنه مُستحقٌّ لأعظم العقوبات في الدنيا والآخرة.

وجاء في "صحيح مسلم" من حديث أَبِي هريرة - رضي الله  عنه - قَال: أَتَى النَّبِيَّ - صلى الله عليه وسلم - رَجُلٌ أَعْمَى فَقَال: يَا رَسُولَ اللَّهِ! إِنَّهُ لَيْسَ لِي قَائِدٌ يَقُودُنِي إِلَى الْمَسْجِدِ. فَسَأَلَ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - أَنْ يُرَخِّصَ لَهُ فَيُصَلِّىَ فِى بَيْتِهِ فَرَخَّصَ لَهُ، فَلَمَّا وَلَّى دَعَاهُ فَقَال: «هَلْ تَسْمَعُ النِّدَاءَ بِالصَّلاَةِ؟». فَقَال: نَعَمْ. قَال: «فَأَجِبْ».

وجاء في رواية في "سنن أبي داود" بإسنادٍ ثابتٍ أن الرجل قال: «إنّي رجلٌ ضريرُ البصرِ، شاسِعُ الدار». فذكر بُعدَ داره وفقدَه للبصر, وأنه ليس له قائدٌ, فقال له النبي - عليه الصلاة والسلام -: «لا أجِدُ لَكَ رُخْصَةً»، قال - عليه الصلاة والسلام - هذه الكلمة لرجلٍ ضريرٍ، ودارُهُ بعيدةٌ عن المسجد وليس له قائدٌ، فكيف بمَن كان في صحة وعافية وإبصار وهو مجاورٌ للمسجد، وأصواتُ المُؤذِّنين تخترِقُ بيته من كل جانب، يُدعَى فلا يُجِيب، ويُؤمَر فلا يمتَثِل؟!

وقد جاء في "سنن ابن ماجه" عن النبي - صلى الله عليه وسلم - من حديث ابن عباس - رضي الله عنهما - أن النبي - عليه الصلاة والسلام - قال: «من سمع النِّداءَ فلم يأتِهِ فلا صلاةَ له إلا من عُذْرٍ»؛ حديثٌ صحيحٌ.

وهو واضحٌ في وجوب صلاة الجماعة؛ بل إن بعض العلماء ومنهم شيخ الإسلام ابن تيمية - رحمه الله - ذهب أخذًا من هذا الحديث إلى أنّ الصلاة في غير الجماعة من غير عُذْرٍ باطلة، لقوله - عليه الصلاة والسلام -: «فلا صلاةَ له إلا من عُذْرٍ».

والتحقيقُ الذي عليه أهل العلم: أن الصلاةَ لا تبطُل، لكن صاحبها يأثَم ويبوء بإثمٍ وسَخَطٍ من الله - جل وعلا - لتركه الصلاة مع الجماعة مع عدم العذر.

وقد جاء في "المسند" للإمام أحمد و"سنن أبي داود" من حديث أُبَيّ بن كعبٍ - رضي الله عنه - قال: صلّى رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم - صلاةَ الصبح فقال: «شاهد فلان؟» - أي: هل حضر فلانٌ الصلاة -, قالوا: لا, قال: «شاهد فلان؟»، قالوا: لا، قال: «شاهد فلان؟»، قالوا: لا.

يتفقَّد الناس - عليه الصلاة والسلام - فقال: «إنّ هاتَيْن الصلاتين - يعني: صلاة الفجر والعشاء - من أثقَل الصلوات على المنافقين، ولو يعلمون ما فيهما لأتوهما ولو حَبْوًا».

ومن عناية صحابة النبي - عليه الصلاة والسلام - بالصلاة جماعة عملاً بكتاب الله، وتأسِّيًا برسول الله - صلى الله عليه وسلم -: أنّ الرجل منهم يُؤتَى به يُهادَى بين الرجلين لعدم استطاعته من مرضٍ ونحوه حتى يُقامَ في الصف؛ روى مسلم في "صحيحه" عن عبد الله بن مسعود - رضي الله عنه - أنه قال: "مَنْ سَرَّهُ أَنْ يَلْقَى اللَّهَ غَدًا مُسْلِمًا فَلْيُحَافِظْ عَلَى هَؤُلاَءِ الصَّلَوَاتِ حَيْثُ يُنَادَى بِهِنَّ، فَإِنَّ اللَّهَ شَرَعَ لِنَبِيِّكُمْ - صلى الله عليه وسلم - سُنَنَ الْهُدَى، وَإِنَّهُنَّ مِنْ سُنَنِ الْهُدَى، وَلَوْ أَنَّكُمْ صَلَّيْتُمْ فِى بُيُوتِكُمْ كَمَا يُصَلِّي هَذَا الْمُتَخَلِّفُ فِى بَيْتِهِ لَتَرَكْتُمْ سُنَّةَ نَبِيِّكُمْ، وَلَوْ تَرَكْتُمْ سُنَّةَ نَبِيِّكُمْ لَضَلَلْتُمْ، وَمَا مِنْ رَجُلٍ يَتَطَهَّرُ فَيُحْسِنُ الطُّهُورَ ثُمَّ يَعْمِدُ إِلَى مَسْجِدٍ مِنْ هَذِهِ الْمَسَاجِدِ إِلاَّ كَتَبَ اللَّهُ لَهُ بِكُلِّ خَطْوَةٍ يَخْطُوهَا حَسَنَةً، وَيَرْفَعُهُ بِهَا دَرَجَةً، وَيَحُطُّ عَنْهُ بِهَا سَيِّئَةً، وَلَقَدْ رَأَيْتُنَا وَمَا يَتَخَلَّفُ عَنْهَا إِلاَّ مُنَافِقٌ مَعْلُومُ النِّفَاقِ، وَلَقَدْ كَانَ الرَّجُلُ يُؤْتَى بِهِ يُهَادَى بَيْنَ الرَّجُلَيْنِ حَتَّى يُقَامَ فِى الصَّفِّ".

وجاء في "سير أعلام النبلاء" عن سعيد بن المسيب قال: "ما فاتَتْني الصلاةُ في جماعة منذ أربعين سنة".

وفيه أيضًا أنّ الربيع بن خُثيم كان يُقاد إلى الصلاة وبه الفَالج، فقيل له: قد رُخِّص لك. قال: "إني أسمع: حيّ على الصلاة، فإن استطعتم أن تأتوها ولو حَبْوًا".

وقال عبدالرحمن رُسْتَه: سألتُ ابنَ مهدي عن الرّجل يَبني بأهله، أيترُكُ الجماعةَ أيامًا؟ قال: "لا، ولا صلاةً واحدةً".

"وحضرتُه صبيحةَ بُنِي على ابنته، فخرج، فأذَّن، ثم مشى إلى بابهما، فقال للجارية: قولي لهما: يخرجان إلى الصّلاة، فخرج النساء والجواري، فقلن: سبحان الله! أيُّ شيءٍ هذا؟! فقال: لا أبرَحُ حتى يخرُجا إلى الصّلاة، فخرجا بعدما صلَّى، فبَعَثَ بهما إلى مسجد خارج من الدَّرْب".

قال الذهبي - رحمه الله -: "هكذا كان السَّلفُ في الحرص على الخير".

وهكذا نجِد الدلائل الكثيرة في كتاب الله وسنة نبيه - عليه الصلاة والسلام - وعمل الصحابة والمسلمين قرنًا بعد قرن في التأكيد على أداء الصلاة جماعة في بيوت الله - عزّ وجلّ -.

قال ابن القيم - رحمه الله - في كتابه "الصلاة": "ومن تأمَّل السنة حقَّ التأمُّل تبيَّن له أن فعلها في المساجد فرضٌ على الأعيان إلا لعارضٍ يجوز معه ترك الجمعة والجماعة, فترك حضور المسجد لغير عُذْرٍ؛ كترك أصل الجماعة لغير عُذْرٍ, وبهذا تتَّفِقُ جميعُ الأحاديث والآثار".

وجاء في فتوى اللجنة الدائمة للإفتاء بالمملكة العربية السعودية - حرسها الله - قولهم: "وأما فعلها جماعة فواجبٌ وجوبًا عينيًّا، والأصل في ذلك الكتاب والسنة", ثم ذكروا جملةً من الأدلة من الكتاب والسنة على ذلك.

ومع ذلك خفَّ ميزانُ الصلاة عند بعض الناس في المساجد، وتهاوَنُوا بها تهاونًا عظيمًا، والواجبُ على كلّ مسلم أن يتَّقِي اللهَ في هذه الصلاة، وأن يُحافِظَ عليها في بيوت الله، كما أمر الله - جلّ وعلا – بذلك، وكما أمر بذلك رسوله - عليه الصلاة والسلام -، وأن يتعاهَد أبناءَه بالمحافظة عليها، تحقيقًا لتقوى الله، وطلبًا لرضاه - سبحانه -.

ونسأل الله - جلَّ وعلا - بمنِّه وكرمه ونتوسَّل إليه بأسمائه الحسنى وصفاته العُلْيا أن يجعلنا جميعًا من المُقِيمين الصّلاة في المساجد ومن ذريّاتنا، كما أمرنا بذلك ربُّنا، وأن يُعينَنَا على ذلك، وأن لا يكِلَنا إلى أنفسنا طرفة عين، إنّه - جلّ وعلا - سميعُ الدّعاء، وهو أهل الرّجاء، وهو حسبُنا ونعم الوكيل.

]]>
es.islamcenter@gmail.com (mona) الصلاة Sat, 12 Jan 2013 16:42:24 +0000
كلماتٌ في الصلاة http://islam-centers.net/ar/islamic-definition/article-islamic-definition/57-2010-06-15-13-18-23/470-2013-01-12-16-34-47.html http://islam-centers.net/ar/islamic-definition/article-islamic-definition/57-2010-06-15-13-18-23/470-2013-01-12-16-34-47.html Normal 0 false false false EN-US X-NONE AR-SA MicrosoftInternetExplorer4

كلماتٌ في الصلاة

الحمد الله، نحمده ونستعينه ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا وسيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله، وأشهد أن محمدًا رسول الله.

وبعد:

فهذه كلماتٌ موجزة في الصلاة تبين أهميتها، والأسباب التي تعين على تأديتها مع المسلين، وثمرات المحافظة عليها مع الجماعة.

أهمية الصلاة:

للصلاة في دين الإسلام أهمية عظيمة، ومما يدل على ذلك ما يلي:

1- أنها الركن الثاني من أركان الإسلام.

2- أنها أول ما يحاسب عنه العبد يوم القيامة؛ فإن قُبلت قُبل سائر العمل، وإن رُدَّت رُدَّ.

3- أنها علامة مميزة للمؤمنين المتقين، كما قال تعالى: {وَيُقِيمُونَ الصّلاةَ} [البقرة: 3].

4- أن من حفظها حفظ دينه، ومن ضيّعها فهولما سواها أضيع.

5- أن قدر الإسلام في قلب الإنسان كقدر الصلاة في قلبه، وحظه في الإسلام على قدر حظه من الصلاة.

6- وهي علامة محبة العبد لربه وتقديره لنعمه.

7- أن الله عز وجل أمر بالمحافظة عليها في السفر، والحضر، والسلم، والحرب، وفي حال الصحة، والمرض.

أن النصوص صرّحت بكفر تاركها. قال: «إن بين الرجل والكفر والشرك ترك الصلاة»؛ رواه مسلم.

وقال: «العهد الذي بيننا وبينهم الصلاة؛ فمن تركها فقد كفر»؛ رواه أحمد وأهل السنن بإسناد صحيح.

فتارك الصلاة إذا مات على ذلك فهوكافر لا يُغَسّل، ولا يُكَفّن، ولا يُصلى عليه، ولا يُدفَن في مقابر المسلمين، ولا يرثه أقاربه، بل يذهب ماله لبيت مال المسلمين، إلى غير ذلك من الأحكام المترتبة على ترك الصلاة.

أسباب تعين على أداء الصلاة مع المسلمين:

1- الاستعانة بالله عز وجل.

2- العزيمة الصادقة الجازمة.

3- استحضار ثمرات الصلاة الدينية والدنيوية.

4- استحضار عقوبة ترك الصلاة.

5- الأخذ بالأسباب، كاستعمال المنبه أوأن يوصي الإنسان أهله بأن يحرصوا على إيقاظه وحثه، أوأن يوصي زملائه بأن يتعاهدوه.

6- ترك الانهماك في فضول الدنيا.

7- ألا يتعب الإنسان نفسه أكثر من اللازم.

8- أن يتجنب الذنوب، فإنها تثقل عليه الطاعات.

9- أن يصاحب الأخيار ويتجنب الأشرار.

10- ترك الإكثار من الأكل والشرب؛ فهما مما يثقل عن الطاعة.

11- أن يدرك الآثار المتربة على ترك الصلاة من تكدر النفس وانقباضاها، وضيق الصدر وتعسر الأمور.

وبعد هذا كله.. هل يليق أيها العاقل أن تتهاون بالصلاة مع جماعة المسلمين؟! أوأن تؤثر الكسل والنوم على طاعة رب العالمين؟! أوتزهد فيما أعدَّه اللّه للمحافظين عليها من أنواع الكرامات؟! أم تأمن على نفسك مما أعده الله لمن يتهاونون بها من أليم العقوبات؟

ثمرات الصلاة والمحافظة عليها مع جماعة المسلمين:

للصلاة مع جماعة المسلمين والمحافظة عليها ثمرات عظيمة، وفوائد جليلة، وعوائد جمّة، في الدين والدنيا، والآخرة والأولى، فمن ذلك ما يلي:

1- أن المحافظة عليها سبب لقبول سائر الأعمال.

2- المحافظة عليها سلامة من الاتصاف بصفات المنافقين.

3- المحافظة عليها سلامة من الحشر مع فرعون وقارون وهامان وأُبي بن خلف.

4- الصلاة قُرَّةٌ للعين.

5- ومن ثمراتها: تفريح القلب، مبيضة للوجه.

6- الانزجار عن الفحشاء والمنكر.

7- وهي منورة للقلب، مبيّضة للوجه.

8- منشطة للجوارح.

9- جالبة للرزق.

10- داحضة للظلم.

قامعة للشهوات.

11- حافظة للنعم، دافعة للنقم.

12- منزلة للرحمة، كاشفة للغمة.

13- وهي دافعة لأدواء القلوب من الشهوات والشبهات.

14- التعاون على البر والتقوى، والتواصي بالحق والتواصي بالصبر.

15- التعارف بين المسلمين.

16- تشجيع المتخلف.

17- تعليم الجاهل.

18- إغاظة أهل النفاق.

19- حصول المودة بين المسلمين؛ فالقرب في الأبدان مدعاة للقرب في القلوب.

20- إظهار شعائر الإسلام والدعوة إليه القول والعمل.

21- وللصلاة تأثير عجيب في دفع شرور الدنيا والآخرة، لا سيما إذا أُعطيت حقها من التكميل ظاهرًا وباطنًا، فما استُدفعت شرور الدنيا والآخرة بمثل الصلاة، ولا استُجلبت مصالح الدنيا والآخرة بمثل الصلاة؛ لأنها صلة بين العبد وربه، وعلى قدر صلة العبد بربه تنفتح له الخيرات، وتنقطع - أوتقل - عنه الشرور والآفات، وما ابتلي رجلان بعاهة أومصيبة أومرض واحد إلا كان حظ المصلي منها أقل وعاقبته أسلم.

23- الصلاة سبب لاستسهال الصعاب، وتحمل المشاق؛ فحينما تتأزم الأمور وتضيق؛ وتبلغ القلوب الحناجر - يجد الصادقون قيمة الصلاة الخاشعة؛ وحسن تأثيرها وبركة نتائجها.

24- وهي سبب لتكفير السيئات، ورفع الدرجات، وزيادة الحسنات، والقرب من رب الأرض والسماوات.

25- وهي سبب لحسن الخلق، وطلاقة الوجه، وطيب النفس.

26- وهي سبب لعلوالهمة، وسموالنفس وترفعها عن الدنايا.

27- وهي المدد الروحي الذي لا ينقطع، والزاد المعنوي الذي لا ينضب.

28- الصلاة أعظم غذاء وسقي لشجرة الإيمان، فالصلاة تثبت الإيمان وتنميه.

29- المحافظة عليها تقوي رغبة الإنسان في فعل الخيرات، وتُسهّل عليه فعل الطاعات، وتذهب - أوتضعف - دواعي الشر والمعاصي في نفسه، وهذا أمر مشاهد محسوس؛ فإنك لا تجد محافظًا على الصلاة - فروضها ونوافلها - إلا وجدت تأثير ذلك في بقية أعماله.

30- ومن فوائدها: الثبات على الفتن؛ فالمحافظون عليها أثبت الناس عند الفتن.

31- ومن فوائدها: أنها تُوقد نار الغيرة في قلب المؤمن على حُرمات الله.

32- والصلاة علاج لأدواء النفس الكثيرة، كالبخل، والشح، والحسد، والهلع، والجزع، وغيرها.

33- ومن فوائدها الطبية: ما فيها من الرياضة المتنوعة، المقوية للأعضاء، النافعة للبدن.

34- ومن ذلك، أنها نافعة في كثير من أوجاع البطن؛ لأنها رياضة للنفس والبدن معًا، فهي تشمل على حركات وأوضاع مختلفة تتحرك معها أغلب المفاصل، وينغمز معها أكثر الأعضاء الباطنة، كالمعدة، وسائر آلات النفس والغذاء، أضف إلى ذلك الطهارة المتكررة وما فيها من نفع، كل ذلك نفعه محسوس مشاهد لا يماري فيه إلا جاهل.

35- ومن فوائدها الصحية: أنها - كما مرّ - تنير القلب وتشرح الصدر، وتفرح النفس والروح، ومعلوم عند جميع الأطباء أن السعي في راحة القلب وسكونة وفرحه وزوال همّه وغمه، من أكبر الأسباب الجالبة للصحة، الدافعة للأمراض، المخففة للآلام، وذلك مجرب مشاهد محسوس في الصلاة خصوصًا صلاة الليل أوقات الأسحار.

36- ومن ذلك: ما أظهره الطب الحديث من فوائد عظيمة للصلاة، وهي أن الدماغ ينتفع انتفاعًا كبيرًا بالصلاة ذات الخشوع، كما قرر ذلك كبار الأطباء في هذا العصر، وهذا دليل من الأدلة التي يتبين لنا بها سبب قوة تفكير الصحابة الكرام، وسلامة عقولهم، ونفاذ بصيرتهم، وقوة جنانهم، وصلابة عودهم.

هذا غيضٌ من فيض من ثمرات الصلاة الدينية والدنيوية، وإلا فثمراتها لا تعد ولا تحصى، فكلما ازداد اهتمام المسلم بها ازدادت فائدته منها، والعكس بالعكس.

وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.

]]>
es.islamcenter@gmail.com (mona) الصلاة Sat, 12 Jan 2013 16:34:11 +0000
حكم الصلاة وعظم شأنها في دين الإسلام (2) http://islam-centers.net/ar/islamic-definition/article-islamic-definition/57-2010-06-15-13-18-23/469--2.html http://islam-centers.net/ar/islamic-definition/article-islamic-definition/57-2010-06-15-13-18-23/469--2.html                         حكم الصلاة وعظم شأنها في دين الإسلام (2)

13- أُمِرَ النائم والناسي بقضاء الصلاة، وهذا يؤكد أهميتها، فعن أنس بن مالك –رضى الله عنه- عن النبي –صلى الله عليه وسلم- أنه قال: «من نسي صلاةً فليصلّها إذا ذكرها، لا كفارة لها إلا ذلك». وفي رواية لمسلم: «من نسي صلاةً أو نام عنها، فكفارتها أن يصليها إذا ذكرها»([21]). وأُلحق بالنائم الـمُغمى عليه ثلاثة أيام فأقل، وقد رُوي ذلك عن عمار، وعمران بن حصين، وسمرة بن جندب –رضى الله عنهم- ([22]). أما إن كانت المدة أكثر من ذلك فلا قضاء؛ لأن الـمُغمى عليه مدة طويلة أكثر من ثلاثة أيام يشبه المجنون بجامع زوال العقل،واللَّه أعلم([23]).

14- سمى اللَّه الصلاة إيمانًا([24]) بقوله تعالى: {وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيُضِيعَ إِيمَانَكُمْ إِنَّ اللَّهَ بِالنَّاسِ لَرَؤُوفٌ رَّحِيمٌ}([25]).يعني صلاتكم إلى بيت المقدس؛لأن الصلاة تصدّقُ عَمَلهُ وقَوْلَهُ.

15- خصها بالذكر تمييزًا لها من بين شرائع الإسلام، قال اللَّه تعالى:{اتْلُ مَا أُوحِيَ إِلَيْكَ مِنَ الْكِتَابِ}([26])، وتلاوته اتباعه والعمل بما فيه من جميع شرائع الدين، ثم قال: {وَأَقِمِ الصَّلاةَ}، فخصها بالذكر تمييزًا لها، وقوله تعالى: {وَأَوْحَيْنَا إِلَيْهِمْ فِعْلَ الْـخَيْرَاتِ وَإِقَامَ الصَّلاةِ}([27]). خصها بالذكر مع دخولها في جميع الخيرات،وغير ذلك كثير.

16- قُرِنَت في القرآن الكريم بكثير من العبادات، ومن ذلك قوله تعالى: {وَأَقِيمُواْ الصَّلاَةَ وَآتُواْ الزَّكَاةَ وَارْكَعُواْ مَعَ الرَّاكِعِينَ} ([28]). وقال: {فَصَلّ لِرَبّكَ وَانْحَرْ}([29]). وقال: {قُلْ إِنَّ صَلاَتِي وَنُسُكِي وَمَحْيَايَ وَمَمَاتِي للَّه رَبّ الْعَالَمِينَ}([30])، وغير ذلك كثير.

17- أمر اللَّه نبيه –صلى الله عليه وسلم- أن يصطبر عليها، فقال: {وَأْمُرْ أَهْلَكَ بِالصَّلاَةِ وَاصْطَبِرْ عَلَيْهَا لاَ نَسْأَلُكَ رِزْقًا نَّحْنُ نَرْزُقُكَ}([31]) مع أنه –صلى الله عليه وسلم- مأمور بالاصطبار على جميع العبادات؛ لقوله تعالى: {وَاصْطَبِرْ لِعِبَادَتِهِ} ([32]).

18- أوجبها اللَّه على كل حال، ولم يعذر بها مريضًا، ولا خائفًا، ولا مسافرًا، ولا غير ذلك؛ بل وقع التخفيف تارة في شروطها، وتارة في عددها، وتارة في أفعالها، ولم تسقط مع ثبات العقل.

19-  اشترط اللَّه لها أكمل الأحوال: من الطهارة، والزينة باللباس، واستقبال القبلة مما لم يشترط في غيرها.

20- استعمل فيها جميع أعضاء الإنسان: من القلب، واللسان، والجوارح، وليس ذلك لغيرها.

21- نهى أن يشتغل فيها بغيرها، حتى بالخطرة، واللفظة، والفكرة.

22- هي دين اللَّه الذي يدين به أهل السموات والأرض، وهي مفتاح شرائع الأنبياء، ولم يُبْعَث نبيٌّ إلا بالصلاة.

23- قُرنت بالتصديق بقوله: {فَلا صَدَّقَ وَلا صَلَّى*وَلَكِن كَذَّبَ وَتَوَلَّى}([33])،([34]).

واللَّه أسأل التوفيق لنا ولجميع المسلمين للقيام بهذه الشعيرة العظيمة على الوجه الذي يرضيه، وصلى اللَّه وسلم وبارك على عبده ورسوله، وخيرته من خلقه؛ نبينا محمد، وعلى آله وأصحابه، ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين.

د. سعيد بن علي بن وهف القحطاني

 

 

([21])متفق عليه: البخاري، برقم 597، ومسلم، برقم 684.

([22]) انظر: الشرح الكبير لابن قدامة، 3/8، والمغني، 2/50-52.

([23]) انظر: مجموع فتاوى سماحة الشيخ عبد العزيز بن عبد الله ابن باز، جمع الدكتور عبد الله الطيار، والشيخ أحمد بن عبد العزيز ابن باز، 2/457.

([24]) انظر: شرح العمدة لابن تيمية، 2/87-91.

([25]) سورة البقرة، الآية: 143.

([26]) سورة العنكبوت، الآية: 45.

([27]) سورة الأنبياء، الآية: 73.

([28]) سورة البقرة، الآية: 43.

([29]) سورة الكوثر، الآية: 2.

([30]) سورة الأنعام، الآية: 162.

([31]) سورة طه، الآية: 132.

([32]) سورة مريم، الآية: 65.

([33]) سورة القيامة، الآيتان: 31-32.

([34]) انظر: شرح العمدة لشيخ الإسلام ابن تيمية، 2/87-91، والشرح الممتع لابن عثيمين،2/87.

 

]]>
es.islamcenter@gmail.com (mona) الصلاة Sat, 12 Jan 2013 16:25:37 +0000
حكم الصلاة وعظم شأنها في دين الإسلام (1) http://islam-centers.net/ar/islamic-definition/article-islamic-definition/57-2010-06-15-13-18-23/468-2013-01-12-16-02-12.html http://islam-centers.net/ar/islamic-definition/article-islamic-definition/57-2010-06-15-13-18-23/468-2013-01-12-16-02-12.html 1024x768

حكم الصلاة وعظم شأنها في دين الإسلام (1)

الحمد للَّه وحده، والصلاة والسلام على من لا نبي بعده، أما بعد:

فلا شك أن الصلاة أعظم ما أمر اللَّه به ورسوله محمدٍ –صلى الله عليه وسلم- بعد الشهادتين، ولها مكانة عظيمة، ومنزلة رفيعة، وأهمية بالغة مؤكد، ولها خصائص عظيمة انفردت بها على سائر الأعمال الصالحة للأمور الآتية:

1- الصلاة فريضة على كل مسلم بالغ عاقل، إلا الحائض والنفساء، لقول اللَّه تعالى: {وَمَا أُمِرُوا إِلا لِيَعْبُدُوا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدّينَ حُنَفَاءَ وَيُقِيمُوا الصَّلاةَ وَيُؤْتُوا الزَّكَاةَ وَذَلِكَ دِينُ الْقَيّمَةِ}([1]). وقوله –عز وجل-: {إِنَّ الصَّلاَةَ كَانَتْ عَلَى الْـمُؤْمِنِينَ كِتَابًا مَّوْقُوتًا}([2]).

ولحديث معاذ –رضى الله عنه- حينما بعثه النبي –صلى الله عليه وسلم- إلى اليمن وقال له: «وأعلمهم أن اللَّه افترض عليهم خمس صلوات في كل يوم وليلة»([3]).

وعن عبادة بن الصامت –رضى الله عنه- قال: سمعت رسول اللَّه –صلى الله عليه وسلم- يقول: «خمس صلوات كتبهن اللَّه على العباد، فمن جاء بهن لم يضيّع منهن شيئًا استخفافًا بحقّهنّ، كان له عند اللَّه عهدًا أن يدخله الجنة... » الحديث([4]).

وقد أجمعت الأمة على وجوب خمس صلوات في اليوم والليلة([5]).

2-  الصلاة عماد الدين الذي لا يقوم إلا به، ففي حديث معاذ –رضى الله عنه- أن النبي –صلى الله عليه وسلم- قال: «رأس الأمر الإسلام، وعمودُه الصلاةُ، وذروةُ سنامِه الجهادُ»([6]). وإذا سقط العمود سقط ما بني عليه.

3-  أول ما يحاسب عليه العبد من عمله، فصلاح عمله وفساده بصلاح صلاته وفسادها، فعن أنس بن مالك –رضى الله عنه- عن النبي –صلى الله عليه وسلم- قال: «أول ما يحاسب به العبد يوم القيامة: الصلاة، فإن صلحت صلح سائرُ عمله، وإن فسدت فسد سائرُ عمله». وفي رواية: «أول ما يسأل عنه العبد يوم القيامة ينظر في صلاته، فإن صلحت فقد أفلح، [وفي رواية: وأنجح]، وإن فسدت فقد خاب وخسر»([7]).

وعن تميم الداري –رضى الله عنه- مرفوعًا: «أول ما يحاسب به العبد يوم القيامة صلاته، فإن كان أتمها كتبت له تامة، وإن لم يكن أتمها قال الله –عز وجل- لملائكته: انظروا هل تجدون لعبدي من تطوع فتكملون بها فريضته، ثم الزكاة كذلك، ثم تُؤخذ الأعمال على حسب ذلك»([8]).

4- آخر ما يُفقد من الدين، فإذا ذهب آخر الدين لم يبق شيء منه، فعن أبي أمامة مرفوعًا: «لتُنقضن عُرَى الإسلام عُروة عُروة، فكلما انتقضت عروة تشبث الناس بالتي تليها، فأولهن نقضًا الحكم، وآخرهن الصلاة»([9]). وفي رواية من طريق آخر: «أول ما يُرفع من الناس الأمانة، وآخر ما يبقى الصلاة، وربّ مصلٍّ لا خير فيه»([10]).

وعن أنس –رضى الله عنه- مرفوعاً:«أول ما تفقدون من دينكم الأمانة، وآخره الصلاة»([11]).

5- آخر وصية أوصى بها النبي –صلى الله عليه وسلم- أمته، فعن أم سلمة رضي الله عنها أنها قالت:كان من آخر وصية رسول الله –صلى الله عليه وسلم-: «الصلاة الصلاة وما ملكت أيمانكم»،حتى جعل نبي اللَّه –صلى الله عليه وسلم- يلجلجها في صدره وما يفيض بها لسانه»([12]).

6- مدح اللَّه القائمين بها ومن أمر بها أهله، فقال تعالى: {وَاذْكُرْ فِي الْكِتَابِ إِسْمَاعِيلَ إِنَّهُ كَانَ صَادِقَ الْوَعْدِ وَكَانَ رَسُولاً نَّبِيًّا* وَكَانَ يَأْمُرُ أَهْلَهُ بِالصَّلاةِ وَالزَّكَاةِ وَكَانَ عِندَ رَبّهِ مَرْضِيًّا}([13]).

7- ذم اللَّه المضيعين لها والمتكاسلين عنها، قال اللَّه تعالى: {فَخَلَفَ مِن بَعْدِهِمْ خَلْفٌ أَضَاعُوا الصَّلاةَ وَاتَّبَعُوا الشَّهَوَاتِ فَسَوْفَ يَلْقَوْنَ غَيًّا}([14]). وقال –عز وجل-: ]إِنَّ الْـمُنَافِقِينَ يُخَادِعُونَ اللَّهَ وَهُوَ خَادِعُهُمْ وَإِذَا قَامُواْ إِلَى الصَّلاَةِ قَامُواْ كُسَالَى يُرَآؤُونَ النَّاسَ وَلاَ يَذْكُرُونَ اللَّهَ إِلاَّ قَلِيلاً[([15]).

8- أعظم أركان الإسلام ودعائمه العظام بعد الشهادتين، فعن عبد اللَّه بن عمر رضي الله عنهما، عن النبي –صلى الله عليه وسلم- قال: «بُني الإسلام على خمس: شهادة أن لا إله إلا اللَّه، وأن محمدًا رسول اللَّه، وإقام الصَّلاة، وإيتاء الزكاة، وصوم رمضان، وحج البيت»([16]).

9- مما يدل على عظم شأنها أن اللَّه لم يفرضها في الأرض بواسطة جبريل، وإنما فرضها بدون واسطة ليلة الإسراء فوق سبع سموات.

10- فُرضت خمسين صلاة، وهذا يدل على محبة اللَّه لها، ثم خفف اللَّه –عز وجل- عن عباده، ففرضها خمس صلوات في اليوم والليلة، فهي خمسون في الميزان، وخمس في العمل، وهذا يدل على عظم مكانتها([17]).

11- افتتح اللَّه أعمال المفلحين بالصلاة، واختتمها بها، وهذا يؤكد أهميتها، قال اللَّه تعالى: {قَدْ أَفْلَحَ الْمُؤْمِنُونَ*الَّذِينَ هُمْ فِي صَلاتِهِمْ خَاشِعُونَ*وَالَّذِينَ هُمْ عَنِ اللَّغْوِ مُعْرِضُونَ*وَالَّذِينَ هُمْ لِلزَّكَاةِ فَاعِلُونَ* وَالَّذِينَ هُمْ لِفُرُوجِهِمْ حَافِظُونَ*إِلا عَلَى أَزْوَاجِهِمْ أوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُمْ فَإِنَّهُمْ غَيْرُ مَلُومِينَ*فَمَنِ ابْتَغَى وَرَاء ذَلِكَ فَأُوْلَئِكَ هُمُ الْعَادُونَ*وَالَّذِينَ هُمْ لأَمَانَاتِـهِمْ وَعَهْدِهِمْ رَاعُونَ*وَالَّذِينَ هُمْ عَلَى صَلَوَاتِـهِمْ يُحَافِظُونَ}([18]).

12- أمر اللَّه النبي محمدًا –صلى الله عليه وسلم- وأتباعه أن يأمروا بها أهليهم، فقال اللَّه –عز وجل-: {وَأْمُرْ أَهْلَكَ بِالصَّلاَةِ وَاصْطَبِرْ عَلَيْهَا لاَ نَسْأَلُكَ رِزْقًا نَّحْنُ نَرْزُقُكَ وَالعَاقِبَةُ لِلتَّقْوَى} ([19]).

وعن عبد اللَّه بن عمر رضي الله عنهما عن النبي –صلى الله عليه وسلم- أنه قال: ((مروا أولادكم بالصلاة وهم أبناء سبع سنين، واضربوهم عليها وهم أبناء عشر، وفرّقوا بينهم في المضاجع))([20]).



([1]) سورة البينة، الآية: 5.

([2]) سورة النساء، الآية: 103.

([3]) أخرجه البخاري، برقم 1395، ومسلم، برقم 19.

([4]) أخرجه أبو داود، برقم 1420، وصححه الألباني : في صحيح سنن أبي داود 1/266، 1/86.

([5])المغني لابن قدامة 3/6.

([6]) الترمذي، برقم 2616، وقال: ((حديث حسن صحيح ))،وأخرجه ابن ماجه، برقم 3973، وأحمد، 36/344، برقم 22016، وحسنه الألباني في إرواء الغليل، 2/138.

([7]) أخرجه الطبراني في الأوسط، 1/409 [مجمع البحرين] برقم 532، ورقم 533، وقال العلامة الألباني في سلسلة الأحاديث الصحيحة: ((وبالجملة فالحديث صحيح بمجموع طرقه واللَّه أعلم)) 3/346.

([8]) أبو داود، برقم 864، ومن حديث أبي هريرة برقم 866، وابن ماجه، من حديث أبي هريرة، برقم 1425، وأحمد، 15/ 298، برقم 9494، و28/ 253، برقم 1946، وصححه الألباني في صحيح الجامع ،2/353.

([9]) أحمد، 5/251، وصححه الألباني في صحيح الترغيب والترهيب 1/229.

([10]) أخرجه الطبراني في الصغير [مجمع البحرين]، 7/263، برقم 4425، وذكره الألباني في صحيح الجامع وحسنه، 2/353.

([11]) أخرجه الخرائطي في مكارم الأخلاق، ص 28، وتمام الرازي في الفوائد (ق 31/ 2)، والضياء في المختارة، 1/ 495، وأخرجه الطبراني في الكبير، برقم 7182 من حديث شداد بن أوس t بدون ذكر الصلاة، وذكره الألباني في سلسلة الأحاديث الصحيحة، 4/ 319، برقم 1739، وقال بعد أن ذكر شواهده وطرقه: «والحديث صحيح على كل حال، فإن له شواهد كثيرة ذكرت بعضها في الروض النضير، تحت الحديث رقم 726».

([12]) أحمد، 6/290، 311، 321، وصححه الألباني في إرواء الغليل، 7/238.

([13]) سورة مريم، الآيتان: 54-55.

([14]) سورة مريم، الآية: 59.

([15]) سورة النساء، الآية: 142.

([16])متفق عليه: البخاري، برقم 8، ومسلم، برقم 16.

([17]) متفق عليه من حديث أنس –رضى الله عنه-: البخاري، برقم 7517، ومسلم، برقم 162.

([18]) سورة المؤمنون، الآيات: 1-9.

([19]) سورة طه، الآية: 132.

([20]) أبو داود، برقم 495، وأحمد، 11/ 369، برقم 6756، وصححه الألباني في إرواء الغليل، 2/7، 1/266.


]]>
es.islamcenter@gmail.com (mona) الصلاة Sat, 12 Jan 2013 16:01:41 +0000
فضل الصلاة في الإسلام http://islam-centers.net/ar/islamic-definition/article-islamic-definition/57-2010-06-15-13-18-23/467-2013-01-12-15-13-00.html http://islam-centers.net/ar/islamic-definition/article-islamic-definition/57-2010-06-15-13-18-23/467-2013-01-12-15-13-00.html 1024x768

فضل الصلاة في الإسلام

الحمد للَّه، والصلاة والسلام على رسول اللَّه، وعلى آله وأصحابه ومن والاه، أما بعد:

فالصلاة لها فضائل عظيمة وكثيرة، منها الفضائل الآتية:

  تنهى عن الفحشاء والمنكر؛ قال اللَّه تعالى: {اتْلُ مَا أُوحِيَ إِلَيْكَ مِنَ الْكِتَابِ وَأَقِمِ الصَّلاةَ إِنَّ الصَّلاةَ تَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاء وَالْـمُنكَرِ وَلَذِكْرُ اللَّهِ أَكْبَرُ وَاللَّهُ يَعْلَمُ مَا تَصْنَعُونَ}([1]).

2- أفضل الأعمال بعد الشهادتين؛لحديث عبد اللَّه بن مسعود –رضى الله عنه- قال: سألت رسول اللَّه –صلى الله عليه وسلم-: أي العمل أفضل؟ قال: «الصلاة لوقتها» قال:قلت: ثم أيّ؟ قال:«برّ الوالدين» قال:قلت:ثم أيّ؟ قال:«الجهاد في سبيل اللَّه»([2]).

3- تغسل الخطايا؛ لحديث جابر  –رضى الله عنه- قال: قال رسول اللَّه –صلى الله عليه وسلم-: «مثل الصلوات الخمس كمثل نهرٍ غمرٍ على باب أحدكم يغتسل منه كل يوم خمس مرات»([3]).

4- تكفّر السيئات؛لحديث أبي هريرة  –رضى الله عنه- أن رسول اللَّه –صلى الله عليه وسلم- قال: «الصلوات الخمس، والجمعة إلى الجمعة، ورمضان إلى رمضان مكفرات ما بينهن، إذا اجتنبت الكبائر»([4]).

5- نور لصاحبها في الدنيا والآخرة؛ لحديث عبداللَّه ابن عمر رضي الله عنهما عن النبي –صلى الله عليه وسلم أنه ذكر الصلاة يومًا فقال: «من حافظ عليها كانت له نورًا وبرهانًا ونجاة يوم القيامة، ومن لم يحافظ عليها لم يكن له نور، ولا برهان ولا نجاة، وكان يوم القيامة مع قارون، وفرعون، وهامان، وأبيّ بن خلف»([5]).

وفي حديث أبي مالك الأشعري  –رضى الله عنه-: «الصلاة نور»([6])؛ ولحديث بريدة  –رضى الله عنه- عن النبي –صلى الله عليه وسلم- أنه قال: «بشر المشَّائين في الظلم إلى المساجد بالنور التام يوم القيامة»([7]).

6- يرفع اللَّه بها الدرجات، ويحط الخطايا؛ لحديث ثوبان مولى رسول اللَّه –صلى الله عليه وسلم- عن النبي –صلى الله عليه وسلم- أنه قال له: «عليك بكثرة السجود، فإنك لا تسجد للَّه سجدةً إلا رفعك اللَّه بها درجة، وحطَّ عنك بها خطيئة»([8]).

7- من أعظم أسباب دخول الجنة برفقة النبي –صلى الله عليه وسلم-؛ لحديث ربيعة بن كعب الأسلمي  –رضى الله عنه- قال: كنت أبيت مع رسول اللَّه –صلى الله عليه وسلم-، فأتيته بوضوئه وحاجته، فقال لي: «سَلْ» فقلت: أسألك مرافقتك في الجنة، قال: «أو غير ذلك؟» قلت: هو ذاك، قال: «فأعني على نفسك بكثرة السجود»([9]).

8- المشي إليها تكتب به الحسنات وترفع الدرجات وتحط الخطايا؛ لحديث أبي هريرة  –رضى الله عنه- قال: قال رسول اللَّه –صلى الله عليه وسلم-: «من تطهَّر في بيته، ثم مشى إلى بيت من بيوت اللَّه؛ ليقضي فريضة من فرائض اللَّه، كانت خَطْوَتاه إحداهما تحطُّ خطيئة، والأخرى ترفع درجة»([10]).

وفي الحديث الآخر: «إذا توضأ أحدكم فأحسن الوضوء، ثم خرج إلى المسجد، لم يرفع قدمه اليمنى إلا كتب اللَّه –عز وجل- له حسنة، ولم يضع قدمه اليسرى إلا حط اللَّه –عز وجل- عنه سيئة.. »([11]).

9- تُعدُّ الضيافة في الجنة بها كلما غدا إليها المسلم أو راح؛لحديث أبي هريرة  –رضى الله عنه- عن النبي –صلى الله عليه وسلم-: («من غدا إلى المسجد أو راح،أعد اللَّه له في الجنة نُزُلاً كُلَّما غدا أو راح»([12]). والنزل ما يهيأ للضيف عند قدومه.

10- يغفر اللَّه بها الذنوب فيما بينها وبين الصلاة التي تليها؛لحديث عثمان  –رضى الله عنه- قال:سمعت رسول اللَّه –صلى الله عليه وسلم- يقول:«لا يتوضأ رجل مسلم فيحسن الوضوء، فيصلي صلاة إلا غفر اللَّه له ما بينه وبين الصلاة التي تليها»([13]).

11-  تكفر ما قبلها من الذنوب؛ لحديث عثمان  –رضى الله عنه- قال: سمعت رسول اللَّه –صلى الله عليه وسلم- يقول: «ما من امرئ مسلم تحضره صلاة مكتوبة، فيحسن وضوءها، وخشوعها، وركوعها إلا كانت كفارة لما قبلها من الذنوب، ما لم يأتِ كبيرة، وذلك الدهر كلّه»([14]).

12- تُصلّي الملائكة على صاحبها ما دام في مُصلاّه، وهو في صلاة ما دامت الصلاة تحبسه؛ لحديث أبي هريرة  –رضى الله عنه-قال: قال رسول اللَّه –صلى الله عليه وسلم-: «صلاة الرجل في جماعة تزيد على صلاته في بيته وصلاته في سوقه بضعًا وعشرين درجةً. وذلك أن أحدهم إذا توضأ فأحسن الوضوء ثم أتى المسجد، لا ينهزه إلا الصلاة، لا يريد إلا الصلاة، فلم يخطُ خطْوَة إلا رُفِعَ له بها درجةً، وحُطَّ عنه بها خطيئة حتى يدخل المسجد، فإذا دخل المسجد كان في الصلاة ما كانت الصلاة تحبسه، والملائكة يُصلُّون على أحدكم مادام في مجلسه الذي صلى فيه، يقولون: اللَّهم ارحمه، اللَّهم اغفر له، اللَّهم تب عليه، ما لم يؤذِ فيه، ما لم يحدث فيه»([15]).

13-  انتظارها رباط في سبيل اللَّه؛ لحديث أبي هريرة  –رضى الله عنه- أن رسول اللَّه –صلى الله عليه وسلم- قال: «ألا أدلكم على ما يمحو اللَّه به الخطايا ويرفع به الدرجات))؟ قالوا: بلى يا رسول اللَّه، قال: ((إسباغ الوضوء على المكاره، وكثرة الخُطا إلى المساجد، وانتظار الصلاة بعد الصلاة، فذلكم الرباط، فذلكم الرباط»([16]).

14-  أجر من خرج إليها كأجر الحاج المحرم؛ لحديث أبي أمامة  –رضى الله عنه- أن رسول اللَّه –صلى الله عليه وسلم- قال:«من خرج من بيته متطهرًا إلى صلاة مكتوبة، فأجره كأجر الحاج المحرم، ومن خرج إلى تسبيح الضحى([17]) لا ينصبه([18]) إلا إياه، فأجره كأجر المعتمر، وصلاة على إثر صلاة لا لغو بينهما كتابٌ في عليين»([19]).

15- من سُبِق بها وهو من أهلها فله مثل أجر من حضرها؛ لحديث أبي هريرة  –رضى الله عنه- قال: قال النبي –صلى الله عليه وسلم-: «من توضأ فأحسن الوضوء، ثم راح فوجد الناس قد صلوا أعطاه اللَّه –عز وجل- مثل أجر من صلاها وحضرها، لا ينقص ذلك من أجرهم شيئًا»([20]).

16-  إذا تطهر وخرج إليها فهو في صلاة حتى يرجع، ويكتب له ذهابه ورجوعه؛ لحديث أبي هريرة  –رضى الله عنه- قال: قال رسول اللَّه –صلى الله عليه وسلم-: «إذا توضأ أحدكم في بيته، ثم أتى المسجد، كان في صلاة حتى يرجع، فلا يقل: هكذا» وشبك بين أصابعه([21])، وعنه  –رضى الله عنه- يرفعه: «من حين يخرج أحدكم من منزله إلى مسجدي، فرِجْلٌ تكتُبُ حسنة ورِجلٌ تحطُّ سيئة حتى يرجع»[22]).

وصلى اللَّه وسلم على نبينا محمد، وعلى آله وأصحابه ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين.

د. سعيد بن علي بن وهف القحطاني

 



([1]) سورة العنكبوت، الآية: 45.

([2]) متفق عليه: البخاري، برقم 7534، ومسلم، برقم 85.

([3]) مسلم، برقم 668.

([4]) مسلم، برقم 233.

([5]) أخرجه الإمام أحمد في المسند، 11/141، والدارمي ،2/301، وقال الإمام المنذري في الترغيب والترهيب، 1/440: ((رواه أحمد بإسناد جيد)).

([6]) مسلم، برقم 223.

([7]) أبو داود، برقم 561، والترمذي، برقم 223، وصححه الألباني في مشكاة المصابيح لشواهده الكثيرة، 1/224.

([8]) أخرجه مسلم، برقم 488.

([9]) مسلم، برقم 489.

([10])مسلم، برقم 666.

([11]) أبو داود، برقم 563.

([12]) متفق عليه: البخاري، برقم 662. ومسلم، برقم 669.

([13]) مسلم، برقم 227.

([14]) مسلم، برقم 228.

([15]) متفق عليه: البخاري، برقم 2119، ومسلم، برقم 649.

([16]) مسلم، برقم 251.

([17]) تسبيح الضحى: صلاة الضحى، وكل صلاة يتطوع بها فهي تسبيحٌ وسُبْحة. الترغيب والترهيب للمنذري، 1/292.

([18]) لا ينصبه:لا يتعبه إلا ذلك،والنَّصبُ:التعب،الترغيب والترهيب للمنذري،2/292.

([19]) أبو داود، برقم 558، وحسنه الألباني في صحيح سنن أبي داود،1/111،وفي صحيح الترغيب، 1/127.

([20]) أبو داود، برقم 564، وصححه الألباني في صحيح سنن أبي داود، 1/113.

([21]) ابن خزيمة في صحيحه، 1/229، والحاكم وصححه ووافقه الذهبي، 1/206، وصححه الألباني في صحيح الترغيب والترهيب، 1/118.

([22]) ابن حبان في صحيحه، برقم 1620، والنسائي 2/42، والحاكم وصححه ووافقه الذهبي ،
1/217، وصححه الألباني في صحيح الترغيب، 1/121، وقال: ((وهو كما قالا)) يعني الحاكم والذهبي. وانظر: أحاديث أخرى صحيحة تدل على أن من تطهر في بيته ثم ذهب إلى المسجد فهو في صلاة حتى يرجع إلى منزله. صحيح الترغيب والترهيب للألباني، 1/121.

]]>
es.islamcenter@gmail.com (mona) الصلاة Sat, 12 Jan 2013 15:12:32 +0000
فضل الأذان والإمامة وثواب الأئمة والمؤذنين http://islam-centers.net/ar/islamic-definition/article-islamic-definition/57-2010-06-15-13-18-23/466-2013-01-12-08-05-25.html http://islam-centers.net/ar/islamic-definition/article-islamic-definition/57-2010-06-15-13-18-23/466-2013-01-12-08-05-25.html Normal 0 false false false EN-US X-NONE AR-SA MicrosoftInternetExplorer4

فضل الأذان والإمامة وثواب الأئمة والمؤذنين

إن الحمد لله، نحمده، ونستعينه، ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا، ومن سيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله، صلى الله عليه وعلى آله وأصحابه ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين، وسلم تسليمًا كثيرًا، أما بعد.

فإن من فضل الله تعالى على الأئمة والمؤذنين أن جعل لهم الأجر العظيم،والثواب الكبير على النحو الآتي:

أولاً: مفهوم الأذان والإقامة:

1ـ الأذان في اللغة: الإعلام بالشيء، قال الله تعالى: {وَأَذَانٌ مِّنَ اللَّهِ وَرَسُولِهِ} [التوبة: 3] أي إعلام. وقوله: {آذَنتُكُمْ عَلَى سَوَاءٍ} [الأنبياء: 109] أي أعلمتكم فاستوينا في العلم([1]).

والأذان في الشرع: الإعلام بوقت الصلاة بألفاظ معلومة مخصوصة مشروعة([2])، وسُمِّي بذلك؛ لأن المؤذن يعلم الناس بمواقيت الصلاة، ويُسمى النداء؛ لأن المؤذن ينادي الناس ويدعوهم إلى الصلاة([3])، قال الله تعالى: {وَإِذَا نَادَيْتُمْ إِلَى الصَّلاَةِ اتَّخَذُوهَا هُزُوًا وَلَعِبًا ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ قَوْمٌ لاَّ يَعْقِلُونَ} [المائدة: 58]. وقال: {إِذَا نُودِي لِلصَّلاةِ مِن يَوْمِ الْجُمُعَةِ فَاسْعَوْا إِلَى ذِكْرِ اللَّهِ} [الجمعة: 9].

2ـ الإقامة في اللغة: مصدر أقام، من إقامة الشيء إذا جعله مستقيمًا.

والإقامة في الشرع: الإعلام بالقيام إلى الصلاة المفروضة بذكر مخصوص مشروع([4]) فالأذان إعلام بالوقت والإقامة إعلام بالفعل، وهي تسمى الأذان الثاني والنداء الثاني([5]).

3ـ الأذان والإقامة فرضا كفاية على الرجال دون النساء للصلوات الخمس المكتوبة، وصلاة الجمعة خامسة يومها، فهما مشروعان بالكتاب، لقول الله تعالى: { وَإِذَا نَادَيْتُمْ إِلَى الصَّلاَةِ اتَّخَذُوهَا هُزُوًا وَلَعِبًا ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ قَوْمٌ لاَّ يَعْقِلُونَ} [المائدة: 58]، وقوله – سبحانه وتعالى -: { يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا نُودِي لِلصَّلاةِ مِن يَوْمِ الْجُمُعَةِ فَاسْعَوْا إِلَى ذِكْرِ اللَّهِ} [الجمعة: 9]. وبالسنة لقوله صلى الله عليه وسلم في حديث مالك بن الحويرث: ((فإذا حضرت الصلاة فليؤذن لكم أحدكم وليؤمكم أكبركم)) ([6]). فقوله صلى الله عليه وسلم: "أحدكم" يدل على أن الأذان فرض كفاية([7]).

قال ابن تيمية – رحمه الله -: ((وفي السنة المتواترة أنه كان يُنادى للصلوات الخمس على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم، وبإجماع الأمة وعملها المتواتر خلفًا عن سلف)) ([8]).

والصواب أن الأذان يجب على الرجال: في الحضر، والسفر، وعلى المنفرد، وللصلوات المؤداة والمقضية، وعلى الأحرار والعبيد([9]).

ثانيًا: فضل الأذان:

قال الله تعالى: ] وَمَنْ أَحْسَنُ قَوْلاً مِّمَّن دَعَا إِلَى اللَّهِ وَعَمِلَ صَالِحًا وَقَالَ إِنَّنِي مِنَ الْمُسْلِمِينَ} [فصلت: 33].

وثبت في فضل الأذان والمؤذنين أحاديث منها:

1ـ المؤذنون أطول أعناقًا يوم القيامة؛ لحديث معاوية بن أبي سفيان – رضي الله عنه – قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: ((المؤذنون أطول الناس أعناقًا يوم القيامة ))([10]).

2ـ يطرد الشيطان؛ لحديث أبي هريرة – رضي الله عنه – أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ((إذا نُودي للصلاة أدبر الشيطان له ضُراط حتى لا يسمع التأذينَ، فإذا قُضِيَ النداءُ أقبل حتى إذا ثُوِّب للصلاة أدبَرَ، حتى إذا قُضِيَ التَّثْويبَ([11]) أقبلَ حتى يَخطُرُ بين المرء ونفسه، يقول له: اذكر كذا واذكر كذا لما لم يكن يذكر من قبل، حتى يظلَّ الرجلُ لا يدري كم صلى))([12]).

3ـ لو يعلم الناس ما في النداء لاستهموا عليه؛ لحديث أبي هريرة – رضي الله عنه – أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ((لو يعلمُ الناسُ ما في النداء والصف الأول ثم لم يجدوا إلا أن يستهموا عليه لاستهموا، ولو يعلمون ما في التهجير([13]) لاستبقوا إليه، ولو يعلمون ما في العتمة([14]) والصبح لأتوهما ولو حبوًا))([15]).

4ـ لا يسمع صوت المؤذن شيء إلا شهد له، قال أبو سعيد الخدري – رضي الله عنه – لعبد الله بن عبد الرحمن بن أبي صعصعة الأنصاري: ((إني أراك تحب الغنم والبادية، فإذا كنت في غنمك أو باديتك فأذنت بالصلاة فارفع صوتك بالنداء؛ فإنه لا يسمعُ مدى صوت المؤذن جنٌّ ولا إنسٌ، ولا شيء إلا شهد له يوم القيامة، قال أبو سعيد: سمعته من رسول الله صلى الله عليه وسلم))([16]).

5 ـ  يغفر للمؤذن مدى صوته وله مثل أجر من صلى معه؛ لحديث البراء بن عازب – رضي الله عنه – أن نبي الله صلى الله عليه وسلم قال: ((إن الله وملائكته يصلون على الصف المقدَّم، والمؤذنُ يغفرُ له مدَّ صوته، ويصدقه من سمعه من رطبٍ ويابسٍ وله مثلُ أجر من صلى معه))([17]).

6ـ دعاء النبي صلى الله عليه وسلم له بالمغفرة؛ لحديث أبي هريرة – رضي الله عنه – قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((الإمام ضامنٌ([18]) والمؤذن مؤتمن([19])، اللهم أرشد الأئمة واغفر للمؤذنين))([20]).

7ـ الأذان تُغفر به الذنوب ويُدخِل الجنة؛ لحديث عقبة بن عامر – رضي الله عنه – قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: ((يعجب ربكم من راعي غنمٍ في رأس شظيَّة(21) بجبل يؤذن بالصلاة ويصلي، فيقول الله –عز وجل-: انظروا إلى عبدي هذا يؤذنُ ويقيمُ يخاف مني، فقد غفرتُ لعبدي وأدخلته الجنة))([21]).

8- عن ابن عمر أن رسول الله –صلى الله عليه وسلم- قال: ((من أذَّن ثنتَي عشرةَ سنةً وجبتْ له الجنة، وكتب له بتأذينه في كلِّ يومٍ ستونَ حسنةً، ولكلِّ إقامةٍ ثلاثونَ حسنةً))([22]).

ثالثاً: مفهوم الإمامة والإمام:

الإمامة: مصدر أمَّ الناس: صار لهم إماماً يتبعونه في صلاته([23]). أي: تقدّم رجل المصلين ليقتدوا به في صلاتهم، والإمامة: رياسة المسلمين، والإمامة الكبرى: رياسة عامة في الدين والدنيا، خلافة عن النبي صلّى الله عليه وسلّم، والخلافة هي الإمام الكبرى، وإمام المسلمين: الخليفة ومن جرى مجراه([24]). والإمامة الصغرى: ربط صلاة المؤتم بالإمام بشروط([25]).

الإمام: كل من اقتُدِي به، وقُدِّم في الأمور، والنبي صلّى الله عليه وسلّم إمام الأئمة، والخليفة: إمام الرعية، والقرآن إمام المسلمين، وإمام الجند: قائدهم.

والإمام جَمْعُهُ: أئمة، والإمام في الصلاة: من يتقدم المصلين ويتابعونه في حركات الصلاة. والإمام: من يأتم به الناس من رئيس وغيره، محقّاً كان أو مبطلاً، ومنه: إمام الصلاة، والإمام: العالم المقتدى به، وإمام كل شيء: قيمه والمصلح له([26]).

رابعاً: فضل الإمامة في الصلاة:

1_ الإمامة في الصلاة ولاية شرعية ذات فضل، لقول النبي صلّى الله عليه وسلّم: ((يؤم القوم أقرأهم لكتاب الله))([27]). ومعلوم أن الأقرأ أفضل، فقرنا بأقرأ يدل على أفضليتها([28]).

2_ الإمام في الصلاة يُقتدى به في الخير، ويدلّ على ذلك عموم قول الله عز وجل في وصفه لعباد الرحمن، وأنهم يقولون في دعائهم لربهم: {وَالَّذِينَ يَقُولُونَ رَبَّنَا هَبْ لَنَا مِنْ أَزْوَاجِنَا وَذُرِّيَّاتِنَا قُرَّةَ أَعْيُنٍ وَاجْعَلْنَا لِلْمُتَّقِينَ إِمَاماً}([29]). المعنى: اجعلنا أئمة يقتدى بنا في الخير، وقيل: المعنى: اجعلنا هداة مهتدين دعاة إلى الخير([30]). فسألوا الله أن يجعلهم أئمة التقوى يقتدي بهم أهل التقوى، قال ابن زيد كما قال لإبراهيم: {إِنِّي جَاعِلُكَ لِلنَّاسِ إِمَاما}([31])، وامتنّ الله – عز وجل – على من وفقه للإمامة في الدين فقال: {وَجَعَلْنَا مِنْهُمْ أَئِمَّةً يَهْدُونَ بِأَمْرِنَا لَمَّا صَبَرُوا وَكَانُوا بِآياتِنَا يُوقِنُونَ}([32]) أي لَمّا كانوا صابرين على أوامر الله – عز وجل – وترك نواهيه، والصبر على التعلم والتعليم والدعوة إلى الله، ووصلوا في إيمانهم إلى درجة اليقين – وهو العلم التام الموجب للعمل – كان منهم أئمة يهدون إلى الحق بأمر الله، ويدعون إلى الخير، ويأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر([33]).

3_ دعاء النبي صلّى الله عليه وسلّم للأئمة بالإرشاد وللمؤذنين بالمغفرة، كما سيأتي في الحديث.

4_ الإمامة فضلها مشهور، تولاها النبي صلّى الله عليه وسلّم بنفسه، وكذلك خلفاؤه الراشدون، وما زال يتولاها أفضل المسلمين علماً وعملاً، ولا يمنع هذا الفضل العظيم أن يكون الأذان له ثواب أكثر، لِمَا فيه من إعلان ذكر الله تعالى، ولِمَا فيه من المشقّة، ولهذا اختلف العلماء في أيهما أفضل: الأذان أم الإمامة؟ فمنهم من قال: الإمامة أفضل، لِمَا سبق من الأدلة، ومنهم من قال: الأذان أفضل، لقوله صلّى الله عليه وسلّم: ((الإمام ضامن والمؤذن مؤتمن، اللهم أرشد الأئمة واغفر للمؤذنين )) ([34]). ومنزلة الأمانة فوق منزلة الضمان وأعلى منه، والمدعو له بالمغفرة أفضل من المدعو له بالرشد، فالمغفرة أعلى من الإرشاد، لأن المغفرة نهاية الخير([35]).

واختار شيخ الإسلام – رحمه الله – أن الأذان أفضل من الإمامة([36]). وأما إمامة النبي صلّى الله عليه وسلّم وإمامة الخلفاء الراشدين – رضي الله عنهم – فكانت متعينة عليهم، فإنها وظيفة الإمام الأعظم ولم يمكن الجمع بينها وبين الأذان فصارت الإمامة في حقهم أفضل من الأذان لخصوص أحوالهم، وإن كان لأكثر الناس الأذان أفضل([37]).

5_ عظم شأن الإمامة وخطره على من استهان بأمرها ظاهر في حديث أبي هريرة – رضي الله عنه – عن النبي صلّى الله عليه وسلّم أنه قال: ((يصلون لكم فإن أصابوا فلكم [ولهم] وإن أخطأوا فلكم وعليهم))([38]). والمعنى: ”يصلون“ أي الأئمة ”لكم“ أي لأجلكم، ”فإن أصابوا“ في الأركان والشروط، والواجبات، والسنن ”فلكم“ ثواب صلاتكم، ”ولهم“ ثواب صلاتهم، ”وإن أخطأوا“ أي ارتكبوا الخطيئة في صلاتهم، ككونهم محدثين ”فلكم“، ثوابها، ”وعليهم“ عقابها([39]). وعن عقبة بن عامر – رضي الله عنه – قال: سمعت رسول الله صلّى الله عليه وسلّم يقول: (( مَن أمّ الناس فأصاب الوقت فله ولهم، ومن انتقص من ذلك شيئاً فعليه ولا عليهم ))([40]).

وعن سهل بن سعد – رضي الله عنه – قال: سمعت رسول الله صلّى الله عليه وسلّم يقول: ((الإمام ضامن فإن أحسن فله ولهم، وإن أساء – يعني – فعليه ولا عليهم))([41]).

وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.

سعيد بن علي بن وهف القحطاني

 



([1]) انظر: النهاية في غريب الحديث لابن الأثير، باب الهمزة مع الذال، 1/ 34، والمغني لابن قدامة، 2/53.

([2]) انظر: المغني لابن قدامة، 2/ 53، والتعريفات للجرجاني، ص 37، وسبل السلام للصنعاني 2/ 55.

([3]) شرح العمدة لابن تيمية، 2/ 95.

([4]) انظر: الروض المربع، مع حاشية ابن القاسم، 1/ 428، والشرح الممتع لابن عثيمين، 2/ 36.

([5]) انظر: شرح العمدة لابن تيمية، 2/ 95.

([6]) متفق عليه: البخاري، كتاب الأذان، باب من قال: ليؤذن في السفر مؤذن واحد، برقم 628،ومسلم،كتاب المساجد، باب من أحق بالإمامة، برقم 674.

([7]) قال الحافظ ابن حجر: ((واختلف في السنة التي فرض فيها، فالراجح أن ذلك كان في السنة الأولى [أي من الهجرة]، وقيل: بل كان في السنة الثانية. [فتح الباري، 2/ 78 ].

([8]) شرح العمدة لابن تيمية، 2/ 96، وانظر: فتاوى ابن تيمية، 22/ 64.

([9]) ورجح سماحة العلامة عبد العزيز بن عبد الله ابن باز – رحمه الله -: أن الأذان فرض على الرجال، سواء كانوا أحراراً أو عبيداً، أو واحداً، أو مسافرين. سمعته منه أثناء تعليقه على شرح الروض المربع، 1/ 430، بتاريخ 30/ 11/ 1418هـ، وانظر: المختارات الجلية للسعدي، ص 37، وفتاوى الشيخ محمد بن إبراهيم، 2/ 224، والشرح الممتع للشيخ محمد بن صالح العثيمين، 2/ 41.

([10]) أخرجه مسلم، في كتاب الصلاة، باب فضل الأذان وهروب الشيطان عند سماعه، برقم 387.

([11]) التثويب: الإقامة.

([12]) متفق عليه:البخاري،كتاب الأذان، باب فضل التأذين، برقم 608، ومسلم كتاب الصلاة، باب فضل الأذان وهروب الشيطان عند سماعه، برقم 389.

([13]) التهجير: التبكير إلى الصلاة.

([14]) العتمة: صلاة العشاء.

([15]) متفق عليه: البخاري، كتاب الأذان، باب الاستهام في الأذان، برقم 615، ومسلم، كتاب الصلاة، باب تسوية الصفوف وإقامتها، برقم 437.

([16]) البخاري، كتاب الأذان، باب رفع الصوت بالنداء، برقم 609.

([17]) النسائي، كتاب الأذان، باب رفع الصوت بالأذان 2/ 13، برقم 646، وأحمد، 4/ 284، وقال المنذري في الترغيب والترهيب 1/ 243: ((رواه أحمد والنسائي بإسناد حسن جيد ))، وصححه الألباني في صحيح الترغيب والترهيب، 1/ 99.

([18]) ضامن: الضمان هنا: الحفظ والرعاية، لأنه يحفظ على القوم صلاتهم، وصلاتهم في عهده.

([19]) مؤتمن: أمين الناس على صلاتهم وصيامهم.

([20]) أبو داود، كتاب الصلاة، باب ما يجب على المؤذن من تعاهد الوقت، 1/ 143، برقم 517، والترمذي، كتاب الصلاة، باب ما جاء أن الإمام ضامن والمؤذن مؤتمن، 1/ 402، وابن خزيمة برقم 528، وصححه الألباني في صحيح الترغيب والترهيب، 1/ 100، وله شاهد من حديث عائشة رضي الله عنها عند ابن حبان بسند صحيح، برقم 1669.

([21]) الشظية: القطعة تنقطع من الجبل، ولم تنفصل عنه.

([22]) ابن ماجه، كتاب الأذان والسنة فيها، باب فضل الأذان وثواب المؤذنين، برقم 723، والحاكم في المستدرك، 1/ 205، وقال: صحيح على شرط البخاري، ووافقه الذهبي، وقال المنذري في الترغيب والترهيب 1/ 111: ((وهو كما قال )). وصححه الألباني في سلسلة الأحاديث الصحيحة، برقم 42، وفي صحيح ابن ماجه، 1/ 226.

([23])  حاشية الروض المربع، للعلامة عبد الرحمن بن محمد بن قاسم 2/296.

([24])  انظر: القاموس الفقهي لغة واصطلاحاً، لسعدي أبو حبيب ص24.

([25])  انظر: المصدر السابق ص24.

([26])  انظر: معجم مقاييس اللغة، لابن فارس، كتاب الهمزة، باب الهمزة في الذي يقاله مضاعف، ص48، ولسان العرب، لابن منظور، باب الميم، فصل الهمزة 12/25، ومفردات ألفاظ القرآن، للراغب الأصفهاني، مادة: ”أمَّ“، ص87، ومعجم لغة الفقهاء، للأستاذ الدكتور محمد رواس ص68-69.

([27])  مسلم، كتاب المساجد ومواضع الصلاة، باب من أحق بالإمامة، برقم 673، من حديث أبي مسعود رضي الله عنه.

([28])  انظر: الشرح الممتع، للعلامة محمد بن صالح العثيمين 2/36.

([29])  سورة الفرقان، الآية: 74.

([30])  انظر: جامع البيان عن تأويل آي القرآن، للإمام الطبري 19/319، وتفسير القرآن العظيم لابن كثير ص966.

([31])  انظر: جامع البيان عن تأويل آي القرآن 19/319.

([32])  سورة السجدة، الآية: 24.

([33])  انظر: جامع البيان عن تأويل آي القرآن، للطبري 20/194، وتفسير القرآن العظيم لابن كثير ص1019، وتيسير الكريم الرحمن في تفسير كلام المنان، للسعدي ص604، وفتاوى شيخ الإسلام ابن تيمية 23/340.

([34])  تقدم تخريجه في فضل الأذان.

([35])  انظر: المغني لابن قدامة 2/55، وشرح العمدة لشيخ الإسلام ابن تيمية، 2/136-140، وحاشية عبد الرحمن القاسم على الروض المربع 2/296، والشرح الممتع لابن عثيمين 2/36.

([36])  انظر: شرح العمدة 2137، والاختيارات الفقهية لشيخ الإسلام ابن تيمية ص56، ورجح قول شيخ الإسلام العلامة ابن عثيمين في الشرح الممتع 2/36.

([37])  الاختيارات الفقهية لشيخ الإسلام ابن تيمية ص56، وشرح العمدة له 2/139.

([38])  البخاري، كتاب الأذان، باب إذا لم يتم الإمام وأتم من خلفه، برقم 694 وما بين المعكوفين في نسخة دار السلام، وعند أحمد 2/355.

([39])  انظر: فتح الباري لابن حجر 2/187، وإرشاد الساري للقسطلاني 2/341.

([40])  أحمد 4/154، وابن ماجه، كتاب الصلاة، باب ما يجب على الإمام، برقم 983، أبو داود، كتاب الصلاة، باب جماع الإمامة وفضلها،برقم 580،وقال الألباني في صحيح سنن أبي داود 1/115: ”حسن صحيح“ وصححه في صحيح سنن ابن ماجه 1/293.

([41])  ابن ماجه، كتاب الصلاة، باب ما يجب على الإمام، برقم 981، وصححه الألباني في صحيح سنن ابن ماجه 1/292.

]]>
es.islamcenter@gmail.com (mona) الصلاة Sat, 12 Jan 2013 08:04:55 +0000
الصلاة http://islam-centers.net/ar/islamic-definition/article-islamic-definition/57-2010-06-15-13-18-23/465-2013-01-12-07-45-31.html http://islam-centers.net/ar/islamic-definition/article-islamic-definition/57-2010-06-15-13-18-23/465-2013-01-12-07-45-31.html 1024x768

الصلاة 

الخطبة الأولى:

الحمد لله الذي أعان الطائعين على العبادات، وكرَّه إليهم المحرمات فضلًا ورحمة منه - سبحانه - وإحسانا؛ فهو المحسن بالخيرات، وخذل المنافقين فهم يتردَّدون في الضلالات، يُعطِي ويمنع ولا يظلم الرب أحدًا من المخلوقات، أحمد ربي وأشكره وأتوب إليه وأستغفره، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن نبينا وسيدنا محمدًا عبده ورسوله، أرسله الله بالبينات وأيَّده بالمعجزات، اللهُم صلِّ وسلم وبارك على عبدك ورسولك محمدٍ، وعلى آله وأصحابه الفائزين بالجنات.

أما بعد:

فاتقوا الله كما أمركم، وابتعدوا عما عنه نهاكم يُدخلْكُم في رحمته، ويحفظْكم من عقوبته.

عباد الله:

لو دام المسلم على التفكُّر في عظيم نعمة الله عليه لازداد من الفرائض والمستحبات، وأبغض المحرمات وحفظ نفسه من الموبقات.

مَنَّ الله علينا فعلَّمَنا ما يسعدنا وينفعنا، وحذَّرنا مما يضرنا، علَّمَنا ديننا الذي هو عصمة أمرنا، وتصلح به دنيانا التي فيها معاشُنا، وتصلح به آخرتنا التي إليها معادُنا، ومَنَّ الله علينا أن جعل أركانَ ديننا ظاهرةً، وتعاليمه علانيةً لا تلتبس على الناس، ولا يقدر أن يغيرها أحد، وظهورها واستعلانها هو قوتها الذاتية وضمان بقائها ودوامها إلى آخر الدنيا، ومن تلك الأركان: الصلاة المباركة؛ فهي عمود الإسلام، وناهيةٌ عن الفحشاء والآثام، من حفظها حفظ دينه، واستقامت أموره، وصلحت أحواله، وتيسَّرت أسباب كل خير له وحسُنت عاقبته في الأمور كلها، وكانت منزلته في الآخرة بأفضل المنازل، قال الله تعالى: {وَالَّذِينَ هُمْ عَلَى صَلَوَاتِهِمْ يُحَافِظُونَ * أُوْلَئِكَ هُمُ الْوَارِثُونَ * الَّذِينَ يَرِثُونَ الْفِرْدَوْسَ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ} [المؤمنون: 9- 11 ].

والفردوس أعلى الجنة، كما قال النبي - صلى الله عليه وسلم -: «إذا سألتم الله الجنة فاسألوه الفردوس؛ فإنه أعلى الجنة ووسط الجنة، ومنه تفجر أنهار الجنة، وفوقه عرشُ الرحمن»؛ رواه البخاري ومسلم.

وعن أبي هريرةَ - رضي الله عنه - قال: سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول: «إن أول ما يُحاسَب به العبد يوم القيامة من عَمَلِه: صلاته، فإن صلحت فقد أفلح وأنجَح، وإن فَسَدَت فقد خابَ وخَسِرَ، وإن انتقَصَ من فريضته، قال الله تعالى: «انظروا هل لعبدي من تطوُّع يكمل به ما انتقص من الفريضة؟ ثم يكون سائر عمله على ذلك»؛ رواه الترمذي وهو صحيح لغيره.

وعن أبي هريرة - رضي الله عنه - أيضًا قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «الصلاةُ ثلاثةُ أثلاثٍ: الطهور ثلث، والركوع ثلث، والسجود ثلث، فمن أدَّاها بحقِّها قُبِلتْ منه وقُبِلَ منه سائر عمله، ومن رُدَّت عليه صلاته رُدَّ عليه سائر عمله»؛ رواه البزار وهو حسن صحيح.

والصلاة هي زكاة البدن وطهارته؛ عن أبي ذر - رضي الله عنه - قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «يُصبِحُ على سُلامَى من أحدكم صدقة، فكل تسبيحةٍ صدقة، وكل تحميدةٍ صدقة، وكل تهليلةٍ صدقة، وكل تكبيرةٍ صدقة، وأمرٌ بالمعروف صدقة، ونهيٌ عن منكر صدقة، ويُجزِئُ من ذلك: ركعتان يركعهما من الضحى»؛ رواه مسلم.

ومعنى الحديث: كل مِفْصَل من مفاصل البدن عليه صدقةٌ كل يوم؛ شكرًا لله على نعمة المفاصل التي في البدن وعافيتها، وركعتان من الضحى تكون مقام الصدقات عن المفاصل؛ لأن البدن كله يتحرَّك ويأخذ كل عضوٍ منه نصيبه من العبادة، والصلاة تتضمَّن الثناء على الله بجميع المحامد وصفات الجلال والعظمة والكمال، وتتضمَّن تنزيهه وتقديسه - عز وجل - عن كل نقص.

والله يحب أن يُثنِي عليه عبده بأنواع المحامد، ويُنزِّهُه عما لا يليق به ويرضى عنه بذلك، وتتضمَّن الصلاة: التوحيد الخالص لرب العالمين، وتُخصِّص الرب - تبارك وتعالى - بجميع أنواع العبادة لا شريك له في ذلك، والاستعانة به على أداء العبادات، وهذا ما دلَّ عليه قوله تعالى: {إِيَّاكَ نَعْبُدُ وإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ} [الفاتحة: 5 ].

والبدن الذي يُقيمُ الصلاة له الحياة الطيبة في الدنيا والجنة في الآخرة، قال تعالى: {وَالَّذِينَ هُمْ عَلَى صَلَاتِهِمْ يُحَافِظُونَ * أُوْلَئِكَ فِي جَنَّاتٍ مُّكْرَمُونَ} [المعارج: 34، 35 ].

وأما مَنْ ترك الصلاة أو ثقُلَت عليه وضيَّعها فالنارُ أولَى به، قال الله تعالى: {مَا سَلَكَكُمْ فِي سَقَرَ * قَالُوا لَمْ نَكُ مِنَ الْمُصَلِّينَ * وَلَمْ نَكُ نُطْعِمُ الْمِسْكِينَ * وَكُنَّا نَخُوضُ مَعَ الْخَائِضِينَ * وَكُنَّا نُكَذِّبُ بِيَوْمِ الدِّينِ * حَتَّى أَتَانَا الْيَقِينُ} [المدثر: 42- 47 ]، وعن ابن عمر - رضي الله عنهما - أن النبي - صلى الله عليه وسلم - ذكر الصلاة فقال: مَنْ حافظ عليها كانت له نورًا وبرهانًا ونجاةً يوم القيامة، ومن لم يُحافظ عليها لم يكن له نورٌ ولا برهانٌ ولا نجاةٌ، وكان يوم القيامة مع فرعونَ وهامانَ وقارونَ وأبيِّ بن خلف»؛ رواه أحمد والطبراني.

قال أهل العلم: «الحكمةُ في تعذيبه مع هؤلاء: أن من ترك الصلاة إما أن تشغله رئاستُه فهو مع فرعون، أو تشغلُه وَزَارته فهو مع هامان، أو يشغلُه ماله عن الصلاة فهو مع قارون، أو تشغلُه تجارته فهو مع أُبَيّ بن خلف».

ورُوي عن أنس - رضي الله عنه - أنه قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «مَن صَلَّى الصلوات لوقتها وأسبَغَ لها وضوءها وأتمَّ لها قيامها وخشوعها، وركوعها وسجودها، خرَجَت وهي بيضاءُ مُسفِرةٌ تقول: حَفِظَك الله كما حفظتني، ومن صلَّاها لغير وقتها ولم يُسبِغ لها وضوءها، ولم يُتمّ لها خشوعها ولا ركوعها ولا سجودها، خرَجَت وهي سوداءُ مظلمة تقول: ضيَّعك الله كما ضيَّعتَني، حتى إذا كانت حيث شاء الله لُفَّت كما يُلفُّ الثوب الخَلِق - أي: البالي - ثم ضُرِبَ بها وجهه»؛ رواه الطبراني.

فتارِكُ الصلاة في شقاءٍ دائم وحياة تعيسةٍ نكِدَة، وضيق صدرٍ وسُوء خُلُق، وعُسْر في أموره، وتقلُّب في أحواله، وخسران في مآله - وإن أُعطِيَ من الدنيا - ولا خير فيما أُعطِي له من الدنيا وهو تاركٌ للصلاة.

ومما يجبُ العملُ به: قوله - صلى الله عليه وسلم -: «مُرُوا أولادكم بالصلاة وهم أبناء سبع، واضربوهم عليها وهم أبناءُ عشر، وفرِّقُوا بينهم في المضاجع»؛ رواه أبو داود من حديث عبد الله بن عمرو - رضي الله عنهما -؛ لتسهُل العبادة عليهم في الكبر، وليُحفظوا بالصلاة من الشرور، ولما لهذه الصلاة من منزلةٍ عظيمةٍ أوجَبَ القرآن والسنة صلاتها جماعة.

ومما يدلُّ على وجوب صلاة الجماعة: قوله تعالى: {وَأَقِيمُواْ الصَّلاَةَ وَآتُواْ الزَّكَاةَ وَارْكَعُواْ مَعَ الرَّاكِعِينَ} [البقرة: 43 ]، كما استدلَّ بها أهل العلم، وصلاةُ الخوف دلَّت على ذلك، فإذا وَجَبَت صلاة الجماعة في الخوف وَجَبَت الجماعة في حالة غير الخوف - من باب أولى -.

ومما يدلُّ على وجوب صلاة الجماعة: قوله - صلى الله عليه وسلم -: «مُرُوا أبا بكر فلْيُصلِّ بالناس» فأمر - صلى الله عليه وسلم - أبا بكرٍ أن يُقيم للناس الصلاةَ جماعةً، ولو كان جائزًا أن يُصلِّي كلٌّ وحده في حال مرضه - صلى الله عليه وسلم - أو بعد موته لبيَّن ذلك كما بيَّنَه في حال المطر، فأقام أبو بكر - رضي الله عنه - الصلاة للمسلمين جماعةً بالأمر النبوي، ورآهم صفوفًا خلف أبي بكر - رضي الله عنه - فتبسَّم سرورًا وابتهاجًا وفرِحًا باستقامة أمته على الدين، وحفظهم لما علمهم وبإقامة هذا الدين.

وهذا دليلٌ عمليٌّ قام به عمر وعثمانُ وعليٌّ - رضي الله تعالى عنهم أجمعين -؛ حيث ألزَمُوا الناس بصلاة الجماعة، وملوك الإسلام ألزَمُوا الناس بصلاة الجماعة، ولم يُرخِّص النبي - صلى الله عليه وسلم - لعبد الله بن أم مكتوم الأعمى في ترك الجماعة، فغيرُه من باب أولى، وعند الاختلاف يجب الرجوع إلى الأدلة من كتاب الله وسنة رسوله، قال - تبارك وتعالى -: {فَإِن تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللهِ وَالرَّسُولِ} [النساء: 59 ]، والردُّ إلى كتاب الله وإلى سنة رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، ولا يجوز تتبُّع الرُّخَص التي لا دليل عليها.

ومن أسقَطَ صلاة الجماعة فقد صَدَّ عن ذكر الله وعن الصلاة، وقد قال عبد الله بن مسعود - رضي الله عنه -: «كان الرجل يُؤتَى به يُهادَى بين الرجلين حتى يُقامَ في الصف»، وكان الصحابةُ - رضي الله عنهم - يتَّهِمُون المُتخلِّف بالنفاق، قال الله تعالى: {وَاعْتَصِمُواْ بِحَبْلِ اللهِ جَمِيعًا وَلاَ تَفَرَّقُواْ وَاذْكُرُواْ نِعْمَتَ اللهِ عَلَيْكُمْ إِذْ كُنتُمْ أَعْدَاء فَأَلَّفَ بَيْنَ قُلُوبِكُمْ فَأَصْبَحْتُم بِنِعْمَتِهِ إِخْوَانًا} [آل عمران: 103 ].

بارك الله لي ولكم في القرآن العظيم، ونفعني وإياكم بما فيه من الآيات والذكر الحكيم، ونفعنا بهدي سيد المرسلين وقوله القويم، أقول قولي هذا، وأستغفر الله لي ولكم ولسائر المسلمين من كل ذنبٍ، فاستغفروه.

الخطبة الثانية:

الحمد لله رب العالمين، الرحمن الرحيم، مالك يوم الدين، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له القوي المتين، وأشهد أن نبينا وسيدنا محمدًا عبده ورسوله الصادق الوعدِ الأمين، اللهُم صل وسلم وبارك على عبدك ورسولك محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين.

أما بعد:

فاتقوا الله - أيها المسلمون - حقَّ التقوى، وتزوَّدُوا من الإسلام بالعروة الوثقى، قال الله تعالى: {وَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ وَآتُوا الزَّكَاةَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ} [النور: 56 ].

وإقامة الصلاة: توفيتها حقَّها من شروط وأركان وواجبات، ولم يقل الله تعالى: افعلوا الصلاة أو صلُّوا، ولكنه أمَرَ بإقامتها، وإقامة الشيء: هو توفيته حقَّه، قال - عز وجل -: {وَأَقِيمُوا الْوَزْنَ بِالْقِسْطِ وَلَا تُخْسِرُوا الْمِيزَانَ} [الرحمن:9 ]، وقال النبي - صلى الله عليه وسلم -: «صلُّوا كما رأيتموني أصلي»، وصلاة النبي - عليه الصلاة والسلام - محفوظةٌ في السنة، محفوظةٌ بفعل المسلمين وأئمة الإسلام، يأخذها الآخر عن الأول.

وقال - صلى الله عليه وسلم -: «أرأيتم لو أن نهرًا بباب أحدكم يغتَسِلُ منه كل يوم خمسَ مراتٍ أيبقَى من دَرَنه شيء؟» قالوا: لا يا رسول الله، قال: «فذلك مَثَلُ الصلواتِ الخمس، يُكفِّر الله بها الخطايا».

فداوِمُوا - عباد الله - على التفقُّه في أمور الصلاة لعِظَمِ شأنها لتكونوا من المُقتَدِين بسيد المرسلين - عليه الصلاة والسلام -.

عباد الله:

إن الله أمركم بأمرٍ بدأ فيه بنفسه؛ فقال - تبارك وتعالى -: {إِنَّ اللهَ وَمَلَائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا} [الأحزاب: 56 ]، فصلُّوا وسلِّمُوا على سيد الأولين والآخرين وإمام المرسلين.

اللهُم صلِّ على محمدٍ وعلى آل محمد كما صلَّيتَ على إبراهيم وعلى آل إبراهيم، إنك حميدٌ مجيد، اللهُم بارِك على محمدٍ وعلى آل محمد كما باركت على إبراهيم وعلى آل إبراهيم، إنك حميدٌ مجيد.

اللهُم وارضَ عن الصحابة أجمعين، اللهُم وارض عن الخلفاء الراشدين الأئمة المهديين: أبي بكر، وعمر، وعثمان، وعليٍّ، وعن سائر الصحابة أجمعين، اللهُم وارضَ عنَّا معهم بمنِّك وكرمك ورحمتك يا أرحم الراحمين.

اللهُم أعِزَّ الإسلام والمسلمين، اللهُم أعِزَّ الإسلام والمسلمين، وأذِلَّ الكفر والكافرين، اللهُم انصر دينك وكتابك وسنة نبيك يا رب العالمين يا قوي يا متين.

اللهُم يا رب العالمين أطفِئ البدع، اللهُم أطفِئ البدع، وأذِلَّ البدع يا رب العالمين التي تكون بين المسلمين، اللهُم وفقِّهنا والمسلمين في الدين، إنك على كل شيء قدير.

اللهُم أعِذْنا وأعِذْ ذرياتنا من إبليس وجنوده وشياطينه وذريته يا رب العالمين، ومن مُضِلَّات الفتن، إنك على كل شيء قدير، اللهُم أعِذِ المسلمين وذرياتهم من إبليس وذريته يا رب العالمين، إنك على كل شيء قدير.

اللهُم آمِنَّا في أوطاننا، وأصلِح اللهُم ولاة أمورنا، اللهُم وفِّق خادِمَ الحرَمَيْن الشريفين لما تحبُّ وترضى، اللهُم وفِّقه لهداك، واجعل عَمَلَه في رضاك، اللهُم وأعِنْه على ما فيه الخيرُ والصلاحُ للبلاد والعباد، إنك على كل شيء قدير، اللهُم وفِّق وليَّ عهده لما تحبُّ وترضى، ولما فيه الخيرُ وعِزُّ الإسلام يا رب العالمين، اللهُم وفِّق النائب الثاني لما تحب وترضى، ولما فيه الخير وعِزُّ الإسلام، إنك على كل شيء قدير.

اللهُم اجعل ولاةَ أمور المسلمين عَمَلَهم خيرًا لشعوبهم وأوطانهم، اللهُم ألِّف بين قلوب المسلمين، وأصلِح ذات بينهم.

اللهُم أبطِل مُخطَّطات أعداء الإسلام التي يُخطِّطُون بها لكيد الإسلام يا رب العالمين، اللهُم أبطِل مكرهم الذي يمكرون به لضرر الإسلام يا رب العالمين، إنك على كل شيء قدير.

اللهُم أعِذْنا من شرور أنفسنا، وسيئات أعمالنا، اللهُم وأعِذْنا من شرِّ كل ذي شَرِّ، إنك على كل شيء قدير.

{رَبَّنَا آتِنَا فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً وَفِي الآخِرَةِ حَسَنَةً وَقِنَا عَذَابَ النَّارِ} [البقرة: 201 ].

اللهُم اغفر لموتانا وموتى المسلمين يا رب العالمين، اغفر لنا ما قدَّمنا وما أخَّرنا، وما أسرَرْنا وما أعلَنَّا.

عباد الله:

{إِنَّ اللهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالإِحْسَانِ وَإِيتَاء ذِي الْقُرْبَى وَيَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاء وَالْمُنكَرِ وَالْبَغْيِ يَعِظُكُمْ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ * وَأَوْفُواْ بِعَهْدِ اللهِ إِذَا عَاهَدتُّمْ وَلاَ تَنقُضُواْ الأَيْمَانَ بَعْدَ تَوْكِيدِهَا وَقَدْ جَعَلْتُمُ اللهَ عَلَيْكُمْ كَفِيلًا إِنَّ اللهَ يَعْلَمُ مَا تَفْعَلُونَ} [النحل: 90، 91].

اذكروا الله يذكركم، واشكروه على نعمه يزِدْكم، ولذكر الله أكبر، والله يعلم ما تصنعون.

]]>
es.islamcenter@gmail.com (mona) الصلاة Sat, 12 Jan 2013 07:44:31 +0000
فضل الأذان والإمامة وثواب الأئمة المؤذنين http://islam-centers.net/ar/islamic-definition/article-islamic-definition/57-2010-06-15-13-18-23/167-2012-12-12-07-09-37.html http://islam-centers.net/ar/islamic-definition/article-islamic-definition/57-2010-06-15-13-18-23/167-2012-12-12-07-09-37.html

فضل الأذان والإمامة وثواب الأئمة المؤذنين

إن الحمد لله، نحمده، ونستعينه، ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا، ومن سيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله، صلى الله عليه وعلى آله وأصحابه ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين، وسلم تسليمًا كثيرًا، أما بعد.

فإن من فضل الله تعالى على الأئمة والمؤذنين أن جعل لهم الأجر العظيم،والثواب الكبير على النحو الآتي:

أولاً: مفهوم الأذان والإقامة:

1.     الأذان في اللغة: الإعلام بالشيء، قال الله تعالى: { وَأَذَانٌ مِّنَ اللَّهِ وَرَسُولِهِ } [التوبة: 3] أي إعلام. وقوله: {آذَنتُكُمْ عَلَى سَوَاءٍ } [الأنبياء: 109] أي أعلمتكم فاستوينا في العلم([1]). والأذان في الشرع: الإعلام بوقت الصلاة بألفاظ معلومة مخصوصة مشروعة([2])، وسُمِّي بذلك؛ لأن المؤذن يعلم الناس بمواقيت الصلاة، ويُسمى النداء؛ لأن المؤذن ينادي الناس ويدعوهم إلى الصلاة([3])، قال الله تعالى: {وَإِذَا نَادَيْتُمْ إِلَى الصَّلاَةِ اتَّخَذُوهَا هُزُوًا وَلَعِبًا ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ قَوْمٌ لاَّ يَعْقِلُونَ} [المائدة: 58]. وقال: {إِذَا نُودِي لِلصَّلاةِ مِن يَوْمِ الْجُمُعَةِ فَاسْعَوْا إِلَى ذِكْرِ اللَّهِ } [الجمعة: 9].

2.     الإقامة في اللغة: مصدر أقام، من إقامة الشيء إذا جعله مستقيمًا.

والإقامة في الشرع: الإعلام بالقيام إلى الصلاة المفروضة بذكر مخصوص مشروع([4]) فالأذان إعلام بالوقت والإقامة إعلام بالفعل، وهي تسمى الأذان الثاني والنداء الثاني([5]).

3ـ الأذان والإقامة فرضا كفاية على الرجال دون النساء للصلوات الخمس المكتوبة، وصلاة الجمعة خامسة يومها، فهما مشروعان بالكتاب، لقول الله تعالى: { وَإِذَا نَادَيْتُمْ إِلَى الصَّلاَةِ اتَّخَذُوهَا هُزُوًا وَلَعِبًا ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ قَوْمٌ لاَّ يَعْقِلُونَ } [المائدة: 58]، وقوله – سبحانه وتعالى -: { يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا نُودِي لِلصَّلاةِ مِن يَوْمِ الْجُمُعَةِ فَاسْعَوْا إِلَى ذِكْرِ اللَّهِ} [الجمعة: 9]. وبالسنة لقوله صلى الله عليه وسلم في حديث مالك بن الحويرث: ((فإذا حضرت الصلاة فليؤذن لكم أحدكم وليؤمكم أكبركم)) ([6]). فقوله صلى الله عليه وسلم: "أحدكم يدل على أن الأذان فرض كفاية" ([7]).

قال ابن تيمية – رحمه الله -: ((وفي السنة المتواترة أنه كان يُنادى للصلوات الخمس على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم، وبإجماع الأمة وعملها المتواتر خلفًا عن سلف)) ([8]).

والصواب أن الأذان يجب على الرجال: في الحضر، والسفر، وعلى المنفرد، وللصلوات المؤداة والمقضية، وعلى الأحرار والعبيد([9]).

ثانيًا: فضل الأذان:

قال الله تعالى: { وَمَنْ أَحْسَنُ قَوْلاً مِّمَّن دَعَا إِلَى اللَّهِ وَعَمِلَ صَالِحًا وَقَالَ إِنَّنِي مِنَ الْمُسْلِمِينَ } [فصلت: 33].

وثبت في فضل الأذان والمؤذنين أحاديث منها:

1.      المؤذنون أطول أعناقًا يوم القيامة؛ لحديث معاوية بن أبي سفيان – رضي الله عنه – قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: (( المؤذنون أطول الناس أعناقًا يوم القيامة ))([10]).

2.      يطرد الشيطان؛ لحديث أبي هريرة – رضي الله عنه – أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ((إذا نُودي للصلاة أدبر الشيطان له ضُراط حتى لا يسمع التأذينَ، فإذا قُضِيَ النداءُ أقبل حتى إذا ثُوِّب للصلاة أدبَرَ، حتى إذا قُضِيَ التَّثْويبَ([11]) أقبلَ حتى يَخطُرُ بين المرء ونفسه، يقول له: اذكر كذا واذكر كذا لما لم يكن يذكر من قبل، حتى يظلَّ الرجلُ لا يدري كم صلى))([12]).

3.      لو يعلم الناس ما في النداء لاستهموا عليه؛ لحديث أبي هريرة – رضي الله عنه – أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ((لو يعلمُ الناسُ ما في النداء والصف الأول ثم لم يجدوا إلا أن يستهموا عليه لاستهموا، ولو يعلمون ما في التهجير([13]) لاستبقوا إليه، ولو يعلمون ما في العتمة([14]) والصبح لأتوهما ولو حبوًا))([15]).

4.      لا يسمع صوت المؤذن شيء إلا شهد له، قال أبو سعيد الخدري – رضي الله عنه – لعبد الله بن عبد الرحمن بن أبي صعصعة الأنصاري: ((إني أراك تحب الغنم والبادية، فإذا كنت في غنمك أو باديتك فأذنت بالصلاة فارفع صوتك بالنداء؛ فإنه لا يسمعُ مدى صوت المؤذن جنٌّ ولا إنسٌ، ولا شيء إلا شهد له يوم القيامة، قال أبو سعيد: سمعته من رسول الله صلى الله عليه وسلم))([16]).

5.      يغفر للمؤذن مدى صوته وله مثل أجر من صلى معه؛ لحديث البراء بن عازب – رضي الله عنه – أن نبي الله صلى الله عليه وسلم قال: ((إن الله وملائكته يصلون على الصف المقدَّم، والمؤذنُ يغفرُ له مدَّ صوته، ويصدقه من سمعه من رطبٍ ويابسٍ وله مثلُ أجر من صلى معه)) ([17]).

6.      دعاء النبي صلى الله عليه وسلم له بالمغفرة؛ لحديث أبي هريرة – رضي الله عنه – قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((الإمام ضامنٌ([18]) والمؤذن مؤتمن([19]) ، اللهم أرشد الأئمة واغفر للمؤذنين))([20]).

7.      الأذان تُغفر به الذنوب ويُدخِل الجنة؛ لحديث عقبة بن عامر – رضي الله عنه – قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: ((يعجب ربكم من راعي غنمٍ في رأس شظيَّة(21) بجبل يؤذن بالصلاة ويصلي، فيقول الله –عز وجل-: انظروا إلى عبدي هذا يؤذنُ ويقيمُ يخاف مني، فقد غفرتُ لعبدي وأدخلته الجنة))([21]).

8.      عن ابن عمر أن رسول الله – صلى الله عليه وسلم-  قال: ((من أذَّن ثنتَي عشرةَ سنةً وجبتْ له الجنة، وكتب له بتأذينه في كلِّ يومٍ ستونَ حسنةً، ولكلِّ إقامةٍ ثلاثونَ حسنةً))([22]).

ثالثاً: مفهوم الإمامة والإمام:

الإمامة: مصدر أمَّ الناس: صار لهم إماماً يتبعونه في صلاته([23]). أي: تقدّم رجل المصلين ليقتدوا به في صلاتهم، والإمامة: رياسة المسلمين، والإمامة الكبرى: رياسة عامة في الدين والدنيا، خلافة عن النبي صلّى الله عليه وسلّم، والخلافة هي الإمام الكبرى، وإمام المسلمين: الخليفة ومن جرى مجراه([24]). والإمامة الصغرى: ربط صلاة المؤتم بالإمام بشروط([25]).

الإمام: كل من اقتُدِي به، وقُدِّم في الأمور، والنبي صلّى الله عليه وسلّم إمام الأئمة، والخليفة: إمام الرعية، والقرآن إمام المسلمين، وإمام الجند: قائدهم.

والإمام جَمْعُهُ: أئمة، والإمام في الصلاة: من يتقدم المصلين ويتابعونه في حركات الصلاة. والإمام: من يأتم به الناس من رئيس وغيره، محقّاً كان أو مبطلاً، ومنه: إمام الصلاة، والإمام: العالم المقتدى به، وإمام كل شيء: قيمه والمصلح له([26]).

رابعاً: فضل الإمامة في الصلاة:

1.       الإمامة في الصلاة ولاية شرعية ذات فضل، لقول النبي صلّى الله عليه وسلّم: ((يؤم القوم أقرأهم لكتاب الله))([27]). ومعلوم أن الأقرأ أفضل، فقرنا بأقرأ يدل على أفضليتها([28]).

2.       الإمام في الصلاة يُقتدى به في الخير، ويدلّ على ذلك عموم قول الله عز وجل في وصفه لعباد الرحمن، وأنهم يقولون في دعائهم لربهم: {وَالَّذِينَ يَقُولُونَ رَبَّنَا هَبْ لَنَا مِنْ أَزْوَاجِنَا وَذُرِّيَّاتِنَا قُرَّةَ أَعْيُنٍ وَاجْعَلْنَا لِلْمُتَّقِينَ إِمَاماً}([29]). المعنى: اجعلنا أئمة يقتدى بنا في الخير، وقيل: المعنى: اجعلنا هداة مهتدين دعاة إلى الخير([30]). فسألوا الله أن يجعلهم أئمة التقوى يقتدي بهم أهل التقوى، قال ابن زيد كما قال لإبراهيم: {إِنِّي جَاعِلُكَ لِلنَّاسِ إِمَاما}([31])، وامتنّ الله – عز وجل – على من وفقه للإمامة في الدين فقال: {وَجَعَلْنَا مِنْهُمْ أَئِمَّةً يَهْدُونَ بِأَمْرِنَا لَمَّا صَبَرُوا وَكَانُوا بِآياتِنَا يُوقِنُونَ}([32]) أي لَمّا كانوا صابرين على أوامر الله – عز وجل – وترك نواهيه، والصبر على التعلم والتعليم والدعوة إلى الله، ووصلوا في إيمانهم إلى درجة اليقين – وهو العلم التام الموجب للعمل – كان منهم أئمة يهدون إلى الحق بأمر الله، ويدعون إلى الخير، ويأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر([33]).

3.      دعاء النبي صلّى الله عليه وسلّم للأئمة بالإرشاد وللمؤذنين بالمغفرة، كما سيأتي في الحديث.

4.      الإمامة فضلها مشهور، تولاها النبي صلّى الله عليه وسلّم بنفسه، وكذلك خلفاؤه الراشدون، وما زال يتولاها أفضل المسلمين علماً وعملاً، ولا يمنع هذا الفضل العظيم أن يكون الأذان له ثواب أكثر، لِمَا فيه من إعلان ذكر الله تعالى، ولِمَا فيه من المشقّة، ولهذا اختلف العلماء في أيهما أفضل: الأذان أم الإمامة؟ فمنهم من قال: الإمامة أفضل، لِمَا سبق من الأدلة، ومنهم من قال: الأذان أفضل، لقوله صلّى الله عليه وسلّم: ((الإمام ضامن والمؤذن مؤتمن، اللهم أرشد الأئمة واغفر للمؤذنين )) ([34]). ومنزلة الأمانة فوق منزلة الضمان وأعلى منه، والمدعو له بالمغفرة أفضل من المدعو له بالرشد، فالمغفرة أعلى من الإرشاد، لأن المغفرة نهاية الخير([35]).

واختار شيخ الإسلام – رحمه الله – أن الأذان أفضل من الإمامة([36]). وأما إمامة النبي صلّى الله عليه وسلّم وإمامة الخلفاء الراشدين – رضي الله عنهم – فكانت متعينة عليهم، فإنها وظيفة الإمام الأعظم ولم يمكن الجمع بينها وبين الأذان فصارت الإمامة في حقهم أفضل من الأذان لخصوص أحوالهم، وإن كان لأكثر الناس الأذان أفضل([37]).

5.      عظم شأن الإمامة وخطره على من استهان بأمرها ظاهر في حديث أبي هريرة – رضي الله عنه – عن النبي صلّى الله عليه وسلّم أنه قال: ((يصلون لكم فإن أصابوا فلكم [ولهم] وإن أخطأوا فلكم وعليهم))([38]). والمعنى: ”يصلون“ أي الأئمة ”لكم“ أي لأجلكم، ”فإن أصابوا“ في الأركان والشروط، والواجبات، والسنن ”فلكم“ ثواب صلاتكم، ”ولهم“ ثواب صلاتهم، ”وإن أخطأوا“ أي ارتكبوا الخطيئة في صلاتهم، ككونهم محدثين ”فلكم“، ثوابها، ”وعليهم“ عقابها([39]). وعن عقبة بن عامر – رضي الله عنه – قال: سمعت رسول الله صلّى الله عليه وسلّم يقول: (( مَن أمّ الناس فأصاب الوقت فله ولهم، ومن انتقص من ذلك شيئاً فعليه ولا عليهم ))([40]).

وعن سهل بن سعد – رضي الله عنه – قال: سمعت رسول الله صلّى الله عليه وسلّم يقول: ((الإمام ضامن فإن أحسن فله ولهم، وإن أساء – يعني – فعليه ولا عليهم))([41]).

وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.

 سعيد بن علي بن وهف القحطاني


([1]) انظر: النهاية في غريب الحديث لابن الأثير، باب الهمزة مع الذال، 1/ 34، والمغني لابن قدامة، 2/53.

([2]) انظر: المغني لابن قدامة، 2/ 53، والتعريفات للجرجاني، ص 37، وسبل السلام للصنعاني 2/ 55.

([3]) شرح العمدة لابن تيمية، 2/ 95.

([4]) انظر: الروض المربع، مع حاشية ابن القاسم، 1/ 428، والشرح الممتع لابن عثيمين، 2/ 36.

([5]) انظر: شرح العمدة لابن تيمية، 2/ 95.

([6]) متفق عليه: البخاري، كتاب الأذان، باب من قال: ليؤذن في السفر مؤذن واحد، برقم 628،ومسلم،كتاب المساجد، باب من أحق بالإمامة، برقم 674.

([7]) قال الحافظ ابن حجر: ((واختلف في السنة التي فرض فيها، فالراجح أن ذلك كان في السنة الأولى [أي من الهجرة]، وقيل: بل كان في السنة الثانية. [فتح الباري، 2/ 78 ].

([8]) شرح العمدة لابن تيمية، 2/ 96، وانظر: فتاوى ابن تيمية، 22/ 64.

([9]) ورجح سماحة العلامة عبد العزيز بن عبد الله ابن باز – رحمه الله -: أن الأذان فرض على الرجال، سواء كانوا أحراراً أو عبيداً، أو واحداً، أو مسافرين. سمعته منه أثناء تعليقه على شرح الروض المربع، 1/ 430، بتاريخ 30/ 11/ 1418هـ، وانظر: المختارات الجلية للسعدي، ص 37، وفتاوى الشيخ محمد بن إبراهيم، 2/ 224، والشرح الممتع للشيخ محمد بن صالح العثيمين، 2/ 41.

([10]) أخرجه مسلم، في كتاب الصلاة، باب فضل الأذان وهروب الشيطان عند سماعه، برقم 387.

([11]) التثويب: الإقامة.

([12]) متفق عليه:البخاري،كتاب الأذان، باب فضل التأذين، برقم 608، ومسلم كتاب الصلاة، باب فضل الأذان وهروب الشيطان عند سماعه، برقم 389.

([13]) التهجير: التبكير إلى الصلاة.

([14]) العتمة: صلاة العشاء.

([15]) متفق عليه: البخاري، كتاب الأذان، باب الاستهام في الأذان، برقم 615، ومسلم، كتاب الصلاة، باب تسوية الصفوف وإقامتها، برقم 437.

([16]) البخاري، كتاب الأذان، باب رفع الصوت بالنداء، برقم 609.

([17]) النسائي، كتاب الأذان، باب رفع الصوت بالأذان 2/ 13، برقم 646، وأحمد، 4/ 284، وقال المنذري في الترغيب والترهيب 1/ 243: ((رواه أحمد والنسائي بإسناد حسن جيد ))، وصححه الألباني في صحيح الترغيب والترهيب، 1/ 99.

([18]) ضامن: الضمان هنا: الحفظ والرعاية، لأنه يحفظ على القوم صلاتهم، وصلاتهم في عهده.

([19]) مؤتمن: أمين الناس على صلاتهم وصيامهم.

([20]) أبو داود، كتاب الصلاة، باب ما يجب على المؤذن من تعاهد الوقت، 1/ 143، برقم 517، والترمذي، كتاب الصلاة، باب ما جاء أن الإمام ضامن والمؤذن مؤتمن، 1/ 402، وابن خزيمة برقم 528، وصححه الألباني في صحيح الترغيب والترهيب، 1/ 100، وله شاهد من حديث عائشة رضي الله عنها عند ابن حبان بسند صحيح، برقم 1669.

([21]) الشظية: القطعة تنقطع من الجبل، ولم تنفصل عنه.

([22]) ابن ماجه، كتاب الأذان والسنة فيها، باب فضل الأذان وثواب المؤذنين، برقم 723، والحاكم في المستدرك، 1/ 205، وقال: صحيح على شرط البخاري، ووافقه الذهبي، وقال المنذري في الترغيب والترهيب 1/ 111: ((وهو كما قال )). وصححه الألباني في سلسلة الأحاديث الصحيحة، برقم 42، وفي صحيح ابن ماجه، 1/ 226.

([23])  حاشية الروض المربع، للعلامة عبد الرحمن بن محمد بن قاسم 2/296.

([24])  انظر: القاموس الفقهي لغة واصطلاحاً، لسعدي أبو حبيب ص24.

([25])  انظر: المصدر السابق ص24.

([26])  انظر: معجم مقاييس اللغة، لابن فارس، كتاب الهمزة، باب الهمزة في الذي يقاله مضاعف، ص48، ولسان العرب، لابن منظور، باب الميم، فصل الهمزة 12/25، ومفردات ألفاظ القرآن، للراغب الأصفهاني، مادة: ”أمَّ“، ص87، ومعجم لغة الفقهاء، للأستاذ الدكتور محمد رواس ص68-69.

([27])  مسلم، كتاب المساجد ومواضع الصلاة، باب من أحق بالإمامة، برقم 673، من حديث أبي مسعود رضي الله عنه.

([28])  انظر: الشرح الممتع، للعلامة محمد بن صالح العثيمين 2/36.

([29])  سورة الفرقان، الآية: 74.

([30])  انظر: جامع البيان عن تأويل آي القرآن، للإمام الطبري 19/319، وتفسير القرآن العظيم لابن كثير ص966.

([31])  انظر: جامع البيان عن تأويل آي القرآن 19/319.

([32])  سورة السجدة، الآية: 24.

([33])  انظر: جامع البيان عن تأويل آي القرآن، للطبري 20/194، وتفسير القرآن العظيم لابن كثير ص1019، وتيسير الكريم الرحمن في تفسير كلام المنان، للسعدي ص604، وفتاوى شيخ الإسلام ابن تيمية 23/340.

([34])  تقدم تخريجه في فضل الأذان.

([35])  انظر: المغني لابن قدامة 2/55، وشرح العمدة لشيخ الإسلام ابن تيمية، 2/136-140، وحاشية عبد الرحمن القاسم على الروض المربع 2/296، والشرح الممتع لابن عثيمين 2/36.

([36])  انظر: شرح العمدة 2137، والاختيارات الفقهية لشيخ الإسلام ابن تيمية ص56، ورجح قول شيخ الإسلام العلامة ابن عثيمين في الشرح الممتع 2/36.

([37])  الاختيارات الفقهية لشيخ الإسلام ابن تيمية ص56، وشرح العمدة له 2/139.

([38])  البخاري، كتاب الأذان، باب إذا لم يتم الإمام وأتم من خلفه، برقم 694 وما بين المعكوفين في نسخة دار السلام، وعند أحمد 2/355.

([39])  انظر: فتح الباري لابن حجر 2/187، وإرشاد الساري للقسطلاني 2/341.

([40])  أحمد 4/154، وابن ماجه، كتاب الصلاة، باب ما يجب على الإمام، برقم 983، أبو داود، كتاب الصلاة، باب جماع الإمامة وفضلها،برقم 580،وقال الألباني في صحيح سنن أبي داود 1/115: ”حسن صحيح“ وصححه في صحيح سنن ابن ماجه 1/293.

([41])  ابن ماجه، كتاب الصلاة، باب ما يجب على الإمام، برقم 981، وصححه الألباني في صحيح سنن ابن ماجه 1/292.

]]>
es.islamcenter@gmail.com (mona) الصلاة Wed, 12 Dec 2012 07:09:37 +0000