Web Hits مقالات مركز الإسلام | موقع مختص بالتعرف بالإسلام وتعليم مبادئ الدين الحنيف ( عقيدة - صلاة - زكاة - صوم - حج - عمرة - السيرة النبوية ) على ما جاء في القرآن والسنه http://islam-centers.net/ar/islamic-definition/article-islamic-definition/41.html Mon, 28 Dec 2020 14:05:36 +0000 Joomla! 1.5 - Open Source Content Management ar-dz فضائل الصدقة http://islam-centers.net/ar/islamic-definition/article-islamic-definition/41-2010-04-08-14-46-18/303-2012-12-22-04-39-48.html http://islam-centers.net/ar/islamic-definition/article-islamic-definition/41-2010-04-08-14-46-18/303-2012-12-22-04-39-48.html Normal 0 false false false EN-US X-NONE AR-SA MicrosoftInternetExplorer4

فضائل الصدقة

كان يحب الخير ، ويرجوه لغيره ، ويتصدق على الفقراء والمساكين ليدخل في زمرة الشاكرين ... وعلم أن صدقة السر تطفئ غضب الرب ، وأنها تدفع الأذي وتشفي – بإذن الله –

فقال: لأتصدّقنّ سراً .

وفي الليل خرج بصدقته ، يجتهد أن يضعها في يد من يستحقها ، ورأى من بعيد شخصاً يقترب منه ، لم يتبيّنه ، فقال: هذه بغيتي ، فلما التزمه – التصق به – أعطاه صدقته ، وانطلق إلى بيته يسأل الله تعالى الثواب وحسن الجزاء .

كانت الملائكة تكتب على أبواب الناس في ذلك الزمن ما يفعلون .. وفي الصباح تحدث الناس عن صدقة وقعتْ في يد لص سارق .

قال الرجل : يا رب؛ ما أردتُ السارق ، ولكن أردت من يستحق هذه الصدقة ... لك الحمد أولاً وآخراً فأنت عليم خبير أردتَ بإيصال هذه الصدقة للسارق حكمة لا أدريها . لأتصدّقنّ ثانية ، فلعل الصدقة تقع في يد من يحتاجها ..

وانطلق حين أظلم الليل يجتهد أن يضع صدقته هذه في يد من يستحقها ، فرأى شبحاً يدنو منه ، فقال : لعله هو الذي أبحث عنه ، فدفع إليه صدقته وأسرع إلى بيته لا يراه أحد .

وفي الصباح تحدث الناس عن صدقة وقعت في يد زانية .

قال الرجل : يا رب؛ ما أردت الزانية ، ولكن أردْت من تستره هذه الصدقةُ . لك الحمد أولاً وآخراً أنت الحكيم تفعل ما تشاء. لأتصدّقنّ ثالثة ، فعسى أن تقع في يد ذي حاجة ، فتسعفه ....

وحين أسدل الليل ثوبه الأسود على المدينة انطلق صاحبنا يحمل صدقته ، فرأى ظلاً قابعاً في زاوية ، فقال : لعله فقير . فدفع إليه صدقته ، وتوارى سريعاً إلى داره .وفي الصباح تحدّث الناس عن صدقة وقعت في يد غني ...

فقال : اللهم لك الحمد على سارق وعلى زانية وعلى غني ! .

فأرسل الله إليه من يقول له :

-        أما صدقتك على سارق فلعله أن يستعفّ عن سرقته .

-        وأما صدقتك على زانية فلعلها تستعفّ عن زناها .

-        وأما صدقتك على غني فلعله يعتبر ، فينفق مما آتاه الله

 

تأليف: دكتور عثمان قدري مكانسي

]]>
es.islamcenter@gmail.com (mona) مبادئ الاسلام Sat, 22 Dec 2012 04:39:48 +0000
الاعتصام بالكتاب والسنة (2) http://islam-centers.net/ar/islamic-definition/article-islamic-definition/41-2010-04-08-14-46-18/368--2.html http://islam-centers.net/ar/islamic-definition/article-islamic-definition/41-2010-04-08-14-46-18/368--2.html الاعتصام بالكتاب والسنة (2)

الاعتصام  أصل السعادة فى الدنيا والآخرة ونجاة من مضلات الفتن

خامساً: الهداية والصلاح والفلاح لمن اتبع القرآن والسنة وتمسك بذلك

قال الله تعالى: [قَدْ جَاءَكُم مِّنَ الله نُورٌ وَكِتَابٌ مُّبِينٌ * يَهْدِي بِهِ الله مَنِ اتَّبَعَ رِضْوَانَهُ سُبُلَ السَّلاَمِ وَيُخْرِجُهُم مِّنِ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ بِإِذْنِهِ وَيَهْدِيهِمْ إِلَى صِرَاطٍ مُّسْتَقِيمٍ]  ([41]).

وقال الله تعالى: [فَإِمَّا يَأتِيَنَّكُم مِنِّي هُدًى فَمَنِ اتَّبَعَ هُدَايَ فَلاَ يَضِلُّ وَلاَ يَشْقَى]  ([42]).

قال ابن عباس رضي الله عنهما: ((تكفّل الله لمن قرأ القرآن وعمل بما فيه: أن لا يضل في الدنيا، ولا يشقى في الآخرة، ثم قرأ هذه الآية ))([43]).

وقال تعالى: [وَهَـذَا كِتَابٌ أَنزَلْنَاهُ مُبَارَكٌ فَاتَّبِعُوهُ وَاتَّقُواْ لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ] ([44]).

وقال عز وجل: [الَر كِتَابٌ أَنزَلْنَاهُ إِلَيْكَ لِتُخْرِجَ النَّاسَ مِنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ بِإِذْنِ رَبِّهِمْ إِلَى صِرَاطِ الْعَزِيزِ الْـحَمِيدِ] ([45]).

وقال تعالى: [هَـذَا بَيَانٌ لِّلنَّاسِ وَهُدًى وَمَوْعِظَةٌ لِّلْمُتَّقِينَ] ([46]).

وقال تعالى: [وَنُنَزِّلُ مِنَ الْقُرْآنِ مَا هُوَ شِفَاءٌ وَرَحْمَةٌ لِّلْمُؤْمِنِينَ وَلاَ يَزِيدُ الظَّالِمِينَ إَلاَّ خَسَارًا ] ([47]).

وقال سبحانه وتعالى: [وَكَذَلِكَ أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ رُوحًا مِّنْ أَمْرِنَا مَا كُنتَ تَدْرِي مَا الْكِتَابُ وَلا الإِيمَانُ وَلَكِن جَعَلْنَاهُ نُورًا نَّهْدِي بِهِ مَنْ نَّشَاءُ مِنْ عِبَادِنَا وَإِنَّكَ لَتَهْدِي إِلَى صِرَاطٍ مُّسْتَقِيمٍ] ([48] وقال تعالى: [وَالَّذِينَ يُمَسِّكُونَ بِالْكِتَابِ وَأَقَامُواْ الصَّلاَةَ إِنَّا لاَ نُضِيعُ أَجْرَ الْـمُصْلِحِينَ] ([49]).

وأما الأمر بطاعة الرسول صلى الله عليه وسلم فقد أمر الله بطاعته في أربعين موضعاً([50])، كقوله تعالى: [قُلْ أَطِيعُوا الله وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ فَإِن تَوَلَّوا فَإِنَّمَا عَلَيْهِ مَا حُمِّلَ وَعَلَيْكُم مَّا حُمِّلْتُمْ وَإِن تُطِيعُوهُ تَهْتَدُوا وَمَا عَلَى الرَّسُولِ إِلاّ الْبَلاغُ الْـمُبِينُ] ([51]).

وقال: [قُلْ إِن كُنتُمْ تُحِبُّونَ الله فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ الله وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَالله غَفُورٌ رَّحِيمٌ] ([52]).

وقال سبحانه: [وَمَن يُطِعِ الله وَرَسُولَهُ يُدْخِلْهُ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا وَذَلِكَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ] ([53]).

وقال النبي صلى الله عليه وسلم في حجة الوداع: ((تركت فيكم ما لن تضلوا بعده إن اعتصمتم به، كتاب الله [وسنة نبيه] ))([54]).

سادساً: القرآن والسنة أعظم وصايا النبي –صلى الله عليه وسلم- لأمته:

ففي حديث عبد الله بن أبي أوفى رضي الله عنهما حينما سُئل: هل أوصى النبي صلى الله عليه وسلم ؟ فقال بعد ذلك: ((أوصى بكتاب الله ))([55]).

وعندما كان في طريقه صلى الله عليه وسلم إلى المدينة أوصى بكتاب الله تعالى فقال: ((وأنا تارك فيكم ثقلين: أولهما كتاب الله فيه الهدى والنور، [هو حبل الله من اتبعه كان على الهدى، ومن تركه كان على الضلالة]، فخذوا بكتاب الله وتمسّكوا به))، فحث عليه ورغب فيه، ثم قال: ((وأهل بيتي أذكركم الله في أهل بيتي)) ثلاث مرات، رواه مسلم([56]).

سابعاً: القرآن الكريم يأمر بالاجتماع على الحق وينهى عن الاختلاف:

قال الله تعالى: [وَاعْتَصِمُواْ بِحَبْلِ الله جَمِيعًا وَلاَ تَفَرَّقُواْ وَاذْكُرُواْ نِعْمَتَ الله عَلَيْكُمْ إِذْ كُنتُمْ أَعْدَاءً فَأَلَّفَ بَيْنَ قُلُوبِكُمْ فَأَصْبَحْتُم بِنِعْمَتِهِ إِخْوَانًا وَكُنتُمْ عَلَىَ شَفَا حُفْرَةٍ مِّنَ النَّارِ فَأَنقَذَكُم مِّنْهَا كَذَلِكَ يُبَيِّنُ الله لَكُمْ آيَاتِهِ لَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ] ([57])، فأمر بعد الاعتصام بالكتاب بعدم التفرق.

قال الإمام ابن كثير رحمه الله: ((أمرهم بالجماعة ونهاهم عن التفرقة، وقد وردت الأحاديث المتعددة بالنهي عن التفرّق والأمر بالاجتماع والائتلاف))([58]).

كما في صحيح مسلم عن أبي هريرة رضى الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((إن الله يرضى لكم ثلاثاً ويكره لكم ثلاثاً، فيرضى لكم أن تعبدوه ولا تشركوا به شيئاً، وأن تعتصموا بحبل الله جميعاً، ولا تفرقوا، ويكره لكم: قيل وقال، وكثرة السؤال، وإضاعة المال))([59]).

وقال الله عز وجل: [وَمَن يُشَاقِقِ الرَّسُولَ مِن بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُ الْـهُدَى وَيَتَّبِعْ غَيْرَ سَبِيلِ الْـمُؤْمِنِينَ نُوَلِّهِ مَا تَوَلَّى وَنُصْلِهِ جَهَنَّمَ وَسَاءَتْ مَصِيرًا] ([60]). والمعنى من سلك غير طريق الشريعة التي جاء بها محمد صلى الله عليه وسلم فصار في شق والشرع في شق عن عَمْدٍ منه بعدما ظهر له الحق، واتّبع غير سبيل المؤمنين فيما أجمعوا عليه، فإنا نجازيه على ذلك([61]).

ثامناً: الاعتصام بالقرآن والسنة نجاة من مضلات الفتن:

ومما يوضح ذلك، وصية النبي صلى الله عليه وسلم بكتاب الله تعالى في عرفات، وفي غدير خم، وعند موته عليه الصلاة والسلام، وتقدمت الإشارة إلى ذلك.

وجاءت الأحاديث الصحيحة الكثيرة التي تدل على أن من استمسك بما كان عليه النبي صلى الله عليه وسلم كان من الناجين، ومن ذلك حديث العرباض بن سارية رضى الله عنه قال: ((صلى بنا رسول الله صلى الله عليه وسلم ذات يوم، ثم أقبل علينا فوعظنا موعظة بليغة، ذرفت منها العيون، ووجلت منها القلوب، فقال قائل: يا رسول الله كأن هذه موعظة مودع، فماذا تعهد إلينا؟ فقال: ((أوصيكم بتقوى الله، والسمع والطاعة، وإن عبداً حبشيّاً، فإنه من يعشْ منكم بعدي فسيرى اختلافاً كثيراً، فعليكم بسنتي وسنة الخلفاء الراشدين المهديين، تمسّكوا بها، وعضّوا عليها بالنواجذ، وإياكم ومحدثات الأمور؛ فإن كل مُحدثةٍ بدعة، وكل بدعة ضلالة))([62]).

ومما يؤكد أهمية السمع والطاعة ما حصل للصحابة مع رسول الله عليه صلى الله عليه وسلم في صلح الحديبية حينما اشتدَّ عليهم الكرب بمنعهم من العمرة، وما رأوا من غضاضةٍ على المسلمين في الظاهر، ولكنهم امتثلوا أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم فكان ذلك فتحاً قريباً، وخلاصة ذلك أن سُهَيل بن عمرو قال للنبي صلى الله عليه وسلم حينما كتب: بسم الله الرحمن الرحيم: اكتب باسمك اللهم، فوافق معه النبي صلى الله عليه وسلم على ذلك، ولم يوافق سهيل على كَتْبِ محمد رسول الله، فتنازل النبي صلى الله عليه وسلم وأمر أن يكتب محمد بن عبد الله، ومنع سهيل في الصلح أن تكون العمرة في هذا العام، وإنما في العام المقبل، وفي الصلح أن من أسلم من المشركين يردّه المسلمون، ومن جاء من المسلمين إلى المشركين لا يُردُّ، وأوّل من نُفّذ عليه الشرط أبو جندل بن سهيل بن عمرو، فردّه النبي صلى الله عليه وسلم بعد محاورة عظيمة، وحينئذٍ غضب الصحابة لذلك حتى قال عمر رضى الله عنه للنبي صلى الله عليه وسلم: ألستَ نبيَّ الله حقّاً؟ قال: ((بلى ))، قال: ألسنا على الحق وعدوّنا على الباطل؟ قال: ((بلى ))، قال: فلمَ نُعطي الدَّنِيَّةَ في ديننا إذاً؟ قال: ((إني رسول الله، ولست أعصيه، وهو ناصري))، قال عمر: فعملت لذلك أعمالاً، فلما فرغ الكتاب أمر النبي صلى الله عليه وسلم الناس أن ينحروا ويحلقوا فلم يفعلوا، فدخل على أم سلمة رضي الله عنها، فشكا ذلك، فقالت: انحر واحلق، فخرج فنحر، وحلق، فنحر الناس وحلقوا حتى كاد يقتل بعضهم بعضاً([63]).

فحصل بهذا الصلح من المصالح ما الله به عليم، ونزلت سورة الفتح، ودخل في السَّنة السادسة والسابعة في الإسلام مثل ما كان في الإسلام قبل ذلك أو أكثر، ثم دخل الناس في دين الله أفواجاً بعد الفتح في السنة الثامنة.

وهذا ببركة طاعة الله ورسوله؛ ولهذا قال سهل بن حنيف: ((اتهموا رأيكم، رأيتني يوم أبي جندل لو أستطيع أن أردّ أمر النبي صلى الله عليه وسلم لرددته))([64]). وهذا يدلّ على مكانة الصحابة رضى الله عنه وتحكيمهم رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فحصل لهم من الفتح والنصر ما حصل، ولله الحمد والمنة.

والمسلم عليه أن يعتصم بالكتاب والسنة، وخاصة في أيام الفتن؛ ولهذا حذّر النبي صلى الله عليه وسلم من الفتن، واستعاذ منها، وأمر بلزوم جماعة المسلمين، فقال صلى الله عليه وسلم: ((تعوذوا بالله من الفتن ما ظهر منها وما بطن))([65])، وعن أبي هريرة رضى الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((يتقارب الزمان، وينقص العمل، ويُلقى الشحّ، وتظهر الفتن، ويكثر الهرج))، قالوا: يا رسول الله، أيما هو؟ قال: ((القتل، القتل)). وفي لفظ: ((يتقارب الزمان، وينقص العلم...))([66]).

وقد بيّن النبي صلى الله عليه وسلم أنه لا يأتي زمان إلا والذي بعده أشرّ منه، فعن الزبير بن عدي قال: أتينا أنس بن مالك رضى الله عنه فشكونا إليه ما يلقون من الحجاج فقال: ((اصبروا فإنه لا يأتي عليكم زمان إلا والذي بعد أشر منه حتى تلقوا ربكم ))، سمعته من نبيكم صلى الله عليه وسلم ([67]).

وحث صلى الله عليه وسلم على العمل الصالح قبل الانشغال عنها بما يحدث من الفتن الشاغلة المتكاثرة، فقال: ((بادروا بالأعمال فتناً كقطع الليل المظلم، يصبح الرجل مؤمناً ويمسي كافراً، أو يمسي مؤمناً ويصبح كافراً، يبيع دينه بعرض من الدنيا))([68]).

وعن أبي هريرة رضى الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((ستكون فتنٌ القاعد فيها خير من القائم، والقائم فيها خير من الماشي، والماشي فيها خير من الساعي،ومن تشرَّف لها تستشرفه،ومن وجد ملجأ أو معاذاً فليعذ به))([69]).

والمخرج من جميع الفتن المضلّة التمسّك بالكتاب والسنة، ولزوم جماعة المسلمين وإمامهم.

تاسعاً: مخالفة الكتاب والسنة أصل الخذلان وفساد الدنيا والآخرة والذلّ والهوان:

قال الله عز وجل: [وَمَا كَانَ لِـمُؤْمِنٍ وَلا مُؤْمِنَةٍ إِذَا قَضَى الله وَرَسُولُهُ أَمْرًا أَن يَكُونَ لَـهُمُ الْـخِيَرَةُ مِنْ أَمْرِهِمْ وَمَن يَعْصِ الله وَرَسُولَهُ فَقَدْ ضَلَّ ضَلالاً مُّبِينًا]  ([70]).

وقال سبحانه وتعالى: [فَلاَ وَرَبِّكَ لاَ يُؤْمِنُونَ حَتَّىَ يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ لاَ يَجِدُواْ فِي أَنفُسِهِمْ حَرَجًا مِّمَّا قَضَيْتَ وَيُسَلِّمُواْ تَسْلِيمًا] ([71]).

وقال تعالى: [وَمَنْ أَعْرَضَ عَن ذِكْرِي فَإِنَّ لَهُ مَعِيشَةً ضَنكًا وَنَحْشُرُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَعْمَى * قَالَ رَبِّ لِمَ حَشَرْتَنِي أَعْمَى وَقَدْ كُنْتُ بَصِيرًا * قَالَ كَذَلِكَ أَتَتْكَ آَيَاتُنَا فَنَسِيتَهَا وَكَذَلِكَ الْيَوْمَ تُنْسَى] ([72]).

وقال تعالى فيمن خالف أمر النبي صلى الله عليه وسلم: [فَلْيَحْذَرِ الَّذِينَ يُخَالِفُونَ عَنْ أَمْرِهِ أَن تُصِيبَهُمْ فِتْنَةٌ أَوْ يُصِيبَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ] ([73]).

وثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: ((... وَجُعِلَ الذلّ والصغار على من خالف أمري، ومن تشبّه بقوم فهو منهم ))([74]).

 وجاء في السنن والمسانيد ما أُثر عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: ((لا ألفينّ أحدكم متكئاً على أريكة([75]) يأتيه الأمر من أمري مما أمرت به أو نهيت عنه فيقول: بيننا وبينكم هذا القرآن، فما وجدنا فيه من حلال حللناه، وما وجدنا فيه من حرام حرَّمناه، ألا وإني أُتِيتُ الكتاب ومثله معه، ألا وإنه مثل القرآن أو أعظم ))([76]).

وعن أبي هريرة رضى الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ((كلّ أمتي يدخلون الجنة إلا من أبى )) قالوا: يا رسول الله، ومن يأبى؟ قال: ((من أطاعني دخل الجنة، ومن عصاني فقد أبى ))([77]).

قال شيخ الإسلام ابن تيمية – رحمه الله -: ((فعلى كل مؤمن أن لا يتكلَّم في شيء من الدين إلا تبعاً لما جاء به الرسول صلى الله عليه وسلم، ولا يتقدَّم بين يديه، بل ينظر ما قال فيكون قوله تبعاً لقوله، وعمله تبعاً لأمره، فهكذا كان الصحابة رضى الله عنه، ومن سلك سبيلهم من التابعين لهم بإحسان، وأئمة المسلمين؛ فلهذا لم يكن أحد منهم يعارض النصوص بمعقوله، ولا يؤسِّس ديناً غير ما جاء به الرسول صلى الله عليه وسلم ، وإذا أراد معرفة شيء من الدين نظر فيما قاله الله والرسول رضى الله عنه فمنه يتعلم، وبه يتكلم، وفيه ينظر، وبه يستدلّ، فهذا أصل أهل السنة ))([78]).

عاشراً: الاختلاف سبب الشرور والفرقة:

قال الله تعالى: [وَلاَ تَكُونُواْ كَالَّذِينَ تَفَرَّقُواْ وَاخْتَلَفُواْ مِن بَعْدِ مَا جَاءَهُمُ الْبَيِّنَاتُ وَأُوْلَـئِكَ لَـهُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ]  ([79]).

وقد بيّن النبي صلى الله عليه وسلم بقوله: ((افترقت اليهود على إحدى وسبعين فرقة، وافترقت النصارى على ثنتين وسبعين فرقة، وستفترق هذه الأمة على ثلاث وسبعين فرقة، كلها في النار إلا واحدة ))، قيل: من هم يا رسول الله، قال: ((ما أنا عليه وأصحابي ))، وفي لفظ: ((الجماعة ))([80]) أي: هم من كان على مثل ما أنا عليه وأصحابي.

وعن حذيفة رضى الله عنه قال: ((كان الناس يسألون رسول الله صلى الله عليه وسلم عن الخير وكنت أسأله عن الشر مخافة أن يدركني، فقلت: يا رسول الله، إنا كُنِّا في جاهِلِيَّةٍ وشر، فجاءنا الله بهذا الخير، فهل بعد هذا الخير من شرّ؟ قال: ((نعم )) .

قلت: هل بعد ذلك الشرّ من خير؟ قال: ((نعم وفيه دخن))، قلت: وما دخنه؟

قال: ((قوم يستنّون بغير سنتي، ويهدون بغير هديي، تعرف منهم وتنكر )).

فقلت: هل بعد ذلك الخير من شرّ؟ قال: ((نعم دعاة على أبواب جهنم، من أجابهم إليها قذفوه فيها )).

فقلت: يا رسول الله صفهم لنا، قال: ((نعم، قوم من جلدتنا ويتكلمون بألسنتنا)).

قلت: يا رسول الله، فما ترى إن أدركني ذلك؟ قال: ((تلزم جماعة المسلمين وإمامهم )).

فقلت:فإن لم تكن لهم جماعة ولا إمام؟قال:((فاعتزل تلك الفرق كلها، ولو أن تعضّ على أصل شجرة حتى يدركك الموت وأنت على ذلك ))([81]).

قال الإمام النووي – رحمه الله -: ((وفي حديث حذيفة هذا: لزوم جماعة المسلمين، وإمامهم، ووجوب طاعته، وإن فسق، وعمل المعاصي: من أخذ الأموال، وغير ذلك فتجب طاعته في غير معصية، وفيه معجزات لرسول الله صلى الله عليه وسلم ، وهي هذه الأمور التي أخبر بها، وقد وقعت كلها ))([82]).

وعن عبد الرحمن بن يزيدَ، قال: صلّى عُثمان بمنىً أربعاً، فقال عبدالله [ابن مسعود]: صليت مع النبي صلى الله عليه وسلم ركعتين، ومع أبي بكر ركعتين، ومع عمر ركعتين، ومع عثمان صداً من إمارته ثم أتمَّها، ثم تفرَّقت بكم الطرق، فلوددت أن لي من أربع ركعات ركعتين متقبلتين )).

وفي رواية أن عبد الله صلَّى أربعاً! فقيل له : عِبْتَ على عثمان ثم صليت أربعاً ؟ ! قال : ((الخلاف شرٌ ))([83]).

ولا شكّ أن أمة محمد صلى الله عليه وسلم لا تزال فيهم طائفة على الحق منصورة، لا يضرّهم من خذلهم أو من خالفهم حتى تقوم الساعة؛لحديث معاوية رضى الله عنه، قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: ((لا تزال طائفةٌ من أمتي قائمةً بأمر الله، لا يضرّهم من خذلهم، أو خالفهم حتى يأتي أمر الله، وهم ظاهرون على الناس ))([84]).

والله تعالى أعلم، وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد بن عبد الله، وعلى آله وأصحابه، ومن اتبعهم بإحسان إلى يوم الدين([85]).


من كتاب: الإعتصام بالكتاب والسنة، أصل السعادة فى الدنيا والآخرة

تأليف: د. سعيد بن على بن وهف القحطانى

 

([41])  سورة المائدة، الآيتان: 15- 16 .

([42])  سورة طه، الآية: 123 .

([43])  مجموع فتاوى شيخ الإسلام ابن تيمية، 19/77 .

([44])  سورة الأنعام، الآية: 155 .

([45])  سورة إبراهيم، الآية: 1 .

([46])  سورة آل عمران، الآية: 138 .

([47])  سورة الإسراء، الآية: 82 .

([48])  سورة الشورى، الآية: 52 .

([49])  سورة الأعراف، الآية: 170 .

([50])  فتاوى شيخ الإسلام ابن تيمية، 19/83 .

([51])  سورة النور، الآية: 54 .

([52])  سورة آل عمران، الآية: 31 .

([53])  سورة النساء، الآية: 13 .

([54])  مسلم، كتاب الحج، باب حجة النبي صلى الله عليه وسلم، برقم 1218، وما بين المعقوفين للحاكم في المستدرك، 1/93، وحسنه الألباني في صحيح الترغيب والترهيب، 1/21 .

([55])  متفق عليه: البخاري، كتاب الوصايا، باب الوصايا، برقم 2740، ومسلم، كتاب الوصية، باب ترك الوصية لمن ليس له شيء يوصي فيه، برقم 1634 .

([56])  مسلم، كتاب فضائل الصحابة، باب فضائل علي بن أبي طالب t، برقم 2408 .

([57])  سورة آل عمران، الآية: 103 .

([58])  تفسير ابن كثير، ص255 .

([59])  مسلم، كتاب الأقضية، باب النهي عن كثرة السؤال من غير حاجة، والنهي عن منع وهات، برقم 1715 .

([60])  سورة النساء، الآية: 115 .

([61])  تفسير ابن كثير، ص361 .

([62])  أبو داود، كتاب السنة، باب في لزوم السنة، برقم 4607، والترمذي، كتاب العلم، باب ما جاء في الأخذ بالسنة واجتناب البدعة، برقم 2676، وغيرهما، قوله: ((ذرفت)) أي: دمعت، وقوله: ((وجلت)) أي خافت وفزعت، وقوله: ((تعهد )) يقال: عهد إليه بكذا: إذا أوصى إليه، وقوله: ((وإن عبداً حبشياً)) أي: أطع صاحب الأمر، واسمع له وإن كان عبداً حبشياً، فحذف كان وهي مزادة. قوله: ((عضوا عليها بالنواجذ)) النواجذ: الأضراس التي بعد الناب، وهذا مثل في شدة الاستمساك بالأمر. قوله: ((محدثات الأمور)) أي: ما لم يكن معروفاً في كتاب ولا سنة، ولا إجماع. انظر: جامع الأصول لابن الأثير، 1/280 .

([63])  متفق عليه: البخاري،كتاب الشروط،باب الشروط في الجهاد،والمصالحة مع أهل الحرب وكتابة الشروط، برقم 2731، 2732، ومسلم، كتاب الجهاد، باب صلح الحديبية، برقم 1783.

([64])  متفق عليه: البخاري، كتاب الجزية والموادعة، باب: حدثنا عبدان، برقم 3181، ومسلم، كتاب الجهاد، باب صلح الحديبية، برقم 1785 .

([65])  مسلم، كتاب الجنة وصفة نعيمها وأهلها، باب عرض مقعد الميت من الجنة ومن النار عليه وإثبات عذاب القبر والتعوذ منه، برقم 2867 .

([66])  متفق عليه: البخاري، كتاب الفتن، باب ظهور الفتن، برقم 7061، ومسلم، كتاب العلم، باب رفع العلم وقبضه وظهور الجهل والفتن في آخر الزمان، برقم 157 .

([67])  البخاري، كتاب الفتن، باب لا يأتي زمان إلا والذي بعده شرٌّ منه، برقم 7068 .

([68])  مسلم، كتاب الإيمان، باب الحث على المبادرة بالأعمال قبل تظاهر الفتن، برقم 313 .

([69])  متفق عليه: البخاري، كتاب المناقب، باب علامات النبوة في الإسلام، برقم 3601، ومسلم، كتاب الفتن، باب نزول الفتن كموقع القطر، برقم 2886 .

([70])  سورة الأحزاب، الآية: 36 .

([71])  سورة النساء، الآية: 65 .

([72])  سورة طه، الآيات: 124-126 .

([73])  سورة النور، الآية: 63 .

([74])  مسند الإمام أحمد، 2/50، 92، وصحح إسناده العلامة أحمد بن محمد شاكر في شرحه وترتيبه للمسند، برقم 5114، 5115، 5667 من حديث ابن عمر رضي الله عنهما.

([75])  الأريكة: السرير في الحجلة، ولا يسمى منفرداً أريكة، وقيل: هو كل ما اتكئ عليه، وقوله: ((لا ألفين )) يقال: ألفيت الشيء إذا وجدته، وصادفته. جامع الأصول، لابن الأثير، 1/282 .

([76])  سنن أبي داود، كتاب السنة، باب لزوم السنة، برقم 4604، 4605، وابن ماجه، في المقدمة، باب تعظيم حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم، والتغليظ على من عارضه، برقم 12، وصححه الألباني من حديث أبي رافع، وأبي ثعلبة، وأبي هريرة رضى الله عنه في صحيح أبي داود، 3/318، وانظر: مجموع فتاوى ابن تيمية، 19/85 .

([77])  البخاري، كتاب الاعتصام بالكتاب والسنة، باب الاقتداء بسنن رسول الله صلى الله عليه وسلم، برقم 7280 .

([78])  مجموع فتاوى شيخ الإسلام ابن تيمية، 13/63 .

([79])  سورة آل عمران، الآية: 105 .

([80])  الترمذي، كتاب الإيمان، باب ما جاء في افتراق هذه الأمة، برقم 2641، وأبو داود، كتاب السنة، باب شرح السنة، برقم 4596، وابن ماجه، كتاب الفتن، باب افتراق الأمم، برقم 3992، وصححه الألباني في صحيح ابن ماجه، 2/364 .

([81])  متفق عليه: البخاري، كتاب الفتن، باب كيف الأمر إذا لم تكن جماعة، برقم 7084، ومسلم، كتاب الإمارة، باب وجوب ملازمة جماعة المسلمين عند ظهور الفتن، برقم 1847 .

([82])  شرح النووي على صحيح مسلم، 12/479، وانظر: فتح الباري، لابن حجر، 13/37 .

([83]) أخرجه أبو داود في كتاب الحج، باب الصلاة بمنى، برقم 1960، والبيهقي في السنن الكبرى،
3/ 143. وقال الألباني في صحيح سنن أبي داود، 1/ 550: ((صحيح ))، وقال في السلسلة الصحيحة، 1/ 223: ((وسنده صحيح ))، وأصل الحديث في صحيح البخاري، برقم 1084، ومسلم، برقم 695، وأما رواية: ((الخلاف شرّ )) فعند أبي داود كما تقدم.

([84])  متفق عليه: البخاري، كتاب المناقب، باب: حدثنا محمد بن المثنى، برقم 3641، ومسلم بلفظه، في كتاب الإمارة، باب قوله صلى الله عليه وسلم: ((لا تزال طائفة من أمتي ظاهرين على الحق، لا يضرهم من خالفهم ))، برقم 1037 .

([85])  انظر: جامع الأصول لابن الأثير، 1/277-293، ومجموع فتاوى شيخ الإسلام ابن تيمية،
91/5-8، و19/76-83، و36/60، وصحيح الترغيب والترهيب للألباني، 1/123-136، وفقه الدعوة في صحيح الإمام البخاري، للمؤلف، 1/369، و2/1059-1062 .

 

]]>
es.islamcenter@gmail.com (mona) مبادئ الاسلام Mon, 03 Dec 2012 09:40:29 +0000
الاعتصام بالكتاب والسنة (1) http://islam-centers.net/ar/islamic-definition/article-islamic-definition/41-2010-04-08-14-46-18/192--1.html http://islam-centers.net/ar/islamic-definition/article-islamic-definition/41-2010-04-08-14-46-18/192--1.html Normal 0 false false false EN-US X-NONE AR-SA MicrosoftInternetExplorer4

الاعتصام بالكتاب والسنة (1)

الاعتصام  أصل السعادة فى الدنيا والآخرة ونجاة من مضلات الفتن([1])

أولاً: مفهوم الاعتصام بالكتاب والسنة:

لا شك أن الاعتصام بالكتاب والسنة هو أساس وأصل النجاة في الدنيا والآخرة. والاعتصام: هو الاستمساك([2])، قال ابن منظور رحمه الله: ((الاعتصام: الاستمساك بالشيء))([3]).

فالاعتصام: التمسك بالشيء، ويقال: استعصم: استمسك([4]). قال الله  عز وجل: [وَاعْتَصِمُواْ بِحَبْلِ اللَّهِ جَمِيعًا]  ([5])، والاعتصام بحبل الله، قيل: الاعتصام بعهد الله، وقيل: يعني القرآن؛ لحديث أبي شريح الخزاعي رضى الله عليه قال: خرج علينا رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: ((أبشروا، أبشروا، أليس تشهدون أن لا إله إلا الله، وأني رسول الله؟ )) قالوا: بلى، قال: ((إن هذا القرآن سبب طرفه بيد الله، وطرفه بأيديكم، فتمسكوا به فإنكم لن تضلوا، ولن تهلكوا بعده أبداً ))([6]).

وروي عن جبير بن مطعم رضى الله عنه قال: ((كنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم بالجحفة، فخرج علينا فقال: ((أليس تشهدون أن لا إله إلا الله، وأني رسول الله، وأن القرآن من عند الله؟ )) قلنا: نعم، قال: ((فأبشروا، فإن هذا القرآن طرفه بيد الله، وطرفه بأيديكم فتمسكوا به، ولن تهلكوا بعده أبداً ))([7]).

ومن اعتصم بالقرآن الكريم فقد اعتصم بالله، قال الله –جل وعلا-: [وَمَن يَعْتَصِم بِالله فَقَدْ هُدِيَ إِلَى صِرَاطٍ مُّسْتَقِيمٍ] ([8])، أي يتوكل عليه ويحتمي بحماه([9])، والله تعالى أمر بالاعتصام بحبل الله وهو كتابه عز وجل في آيات كثيرة([10]).

ثانياً: وجوب الأخذ بالكتاب والسنة:

أمر الله عز وجل بالأخذ بالكتاب العزيز، وردّ كل ما يحتاجه الناس وكل ما تنازعوا فيه إليه، فقال تعالى: [فَإِن تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى الله وَالرَّسُولِ إِن كُنتُمْ تُؤْمِنُونَ بِالله وَالْيَوْمِ الآخِرِ ذَلِكَ خَيْرٌ وَأَحْسَنُ تَأْوِيلاً]  ([11]). قال الإمام ابن كثير – رحمه الله -: ((قال مجاهد وغير واحد من السلف: أي إلى كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم ، وهذا أمر من الله عز وجل بأن كل شيء تنازع الناس فيه من أصول الدين وفروعه أن يرد التنازع في ذلك إلى الكتاب والسنة، كما قال تعالى([12]): [وَمَا اخْتَلَفْتُمْ فِيهِ مِن شَيْءٍ فَحُكْمُهُ إِلَى الله]  ([13]).

والقرآن الكريم أَمَرَ بالأخذ بكل ما جاء به الرسول صلى الله عليه وسلم، والانتهاء عن كل ما نهى عنه، قال الله عز وجل: [وَمَا آتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانتَهُوا وَاتَّقُوا الله إِنَّ الله شَدِيدُ الْعِقَابِ] ([14]).

ولا شكّ أنّ الأخذ بالكتاب والسنة من أهم الواجبات وأعظم القربات؛ لأن الأخذ بالرأي المجرّد عن الدليل الشرعي يُوصل إلى المهالك؛ ولهذا قال سهل بن حنيف رضى الله عنه: ((اتهموا رأيكم، فلقد رأيتني يوم أبي جندل لو أستطيع أن أردّ على رسول الله أمره لرددته، والله ورسوله أعلم ))([15]).

وهذا يؤكّد أن الرأي لا يعتمد عليه، وإنما المعتمد على الكتاب والسنة؛ قال الله تعالى: [فَإِن تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى الله وَالرَّسُولِ إِن كُنتُمْ تُؤْمِنُونَ بِالله وَالْيَوْمِ الآخِرِ ذَلِكَ خَيْرٌ وَأَحْسَنُ تَأْوِيلاً] ([16]).

وقال عز وجل: [فَلاَ وَرَبِّكَ لاَ يُؤْمِنُونَ حَتَّىَ يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ لاَ يَجِدُواْ فِي أَنفُسِهِمْ حَرَجًا مِّمَّا قَضَيْتَ وَيُسَلِّمُواْ تَسْلِيمًا]  ([17]).

وقال تعالى: [وَمَا اخْتَلَفْتُمْ فِيهِ مِن شَيْءٍ فَحُكْمُهُ إِلَى الله ذَلِكُمُ الله رَبِّي عَلَيْهِ تَوَكَّلْتُ وَإِلَيْهِ أُنِيبُ] ([18]).

فالأصل في الحكم بين الناس يردّ حكمه إلى كتاب الله عز وجل ، وإلى سنة رسوله صلى الله عليه وسلم ([19]).

وقد ذمّ الله القول عليه بغير علم، فقال تعالى: [قُلْ إِنَّمَا حَرَّمَ رَبِّيَ الْفَوَاحِشَ مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَمَا بَطَنَ وَالإِثْمَ وَالْبَغْيَ بِغَيْرِ الْـحَقِّ وَأَن تُشْرِكُواْ بِالله مَا لَمْ يُنَزِّلْ بِهِ سُلْطَانًا وَأَن تَقُولُواْ عَلَى الله مَا لاَ تَعْلَمُونَ] ([20])، فقرن سبحانه القول عليه بغير علم بالشرك بالله عز وجل.

وقال تعالى: [يَا أَيُّهَا النَّاسُ كُلُواْ مِمَّا فِي الأَرْضِ حَلاَلاً طَيِّبًا وَلاَ تَتَّبِعُواْ خُطُوَاتِ الشَّيْطَانِ إِنَّهُ لَكُمْ عَدُوٌّ مُّبِينٌ * إِنَّمَا يَأْمُرُكُمْ بِالسُّوءِ وَالْفَحْشَاءِ وَأَن تَقُولُواْ عَلَى الله مَا لاَ تَعْلَمُونَ] ([21]).

وهذا يؤكد أن القول على الله بغير علم من أمر الشيطان.

وقال تعالى: [وَلاَ تَقْفُ مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ إِنَّ السَّمْعَ وَالْبَصَرَ وَالْفُؤَادَ كُلُّ أُولـئِكَ كَانَ عَنْهُ مَسْؤُولاً]  ([22]).

وقد بيّن النبي صلى الله عليه وسلم أن القائل على الله بغير علم من الجاهلين الضالين المضلين، فعن عبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله عنهما قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: ((إن الله لا ينزع العلم من الناس انتزاعاً، ولكن يقبض العلماء فيرفع العلم معهم، ويُبقي في الناس رؤوساً([23]) جُهَّالاً يفتون بغير علم فيَضِلُّون ويُضِلُّون ))([24]).

والحاصل أنه لا يجوز الاعتماد على الرأي، بل يُرجع إلى الكتاب والسنة، أو إلى أحدهما، فإن لم يجد فيرجع إلى الإجماع، فإذا لم يجد الأمور الثلاثة رجع إلى أقوال الصحابة رضى الله عنه ، فإن وجد قولاً لأحدهم ولم يخالفه أحد من الصحابة، ولا عُرِفَ نص يخالفه، واشتهر هذا القول في زمانهم أخذ به؛ لأنه حجة عند جماهير العلماء، فإذا لم يجد قولاً يحتجّ به من أقوال الصحابة، واحتاج إلى القياس رجع إليه بدون تكلّف، بل يستعمله على أوضاعه، ولا يتعسّف في إثبات العلة الجامعة التي هي من أركان القياس، بل إذا لم تكن العلّة الجامعة واضحة، فليتمسّك بالبراءة الأصلية([25]).

وكما دل الحديث على التمسك بالكتاب والسنة دلّ على التحذير من الرأي؛ لقول سهل رضى الله عنه: ((اتّهموا رأيكم على دينكم))، قال الحافظ ابن حجر – رحمه الله -: ((أي لا تعملوا في أمر الدين بالرأي المجرد الذي لا يستند إلى أصل من الدين))([26])، وما أحسن ما قاله الشافعي – رحمه الله -:

كلُّ العلوم سوى القرآن مشغلةٌ

 

إلا الحديث وعِلمَ الفقهِ في الدين

العلمُ ما كان فيه حدَّثنا

 

وما سوى ذاك وسواسُ الشياطين([27])

وقد ذمّ السلف رحمهم الله الرأي المجرد عن الدليل، فعن ابن الأشجِّ عن عمر بن الخطاب رضى الله عنه أنه قال: ((إياكم وأصحاب الرأي؛ فإنهم أعداء السنن، أعيتهم الأحاديث أن يحفظوها فقالوا بالرأي فضَلُّوا وأَضَلُّوا))([28]).

وعن عروة بن الزبير أنه كان يقول: ((السنن السنن؛ فإن السنن قوام الدين [أزهد الناس في العَالِم أهلُهُ] ))([29]).

وقال الإمام أحمد – رحمه الله -: ((لا تكاد ترى أحداً نظر في هذا الرأي إلا وفي قلبه دغل))([30]).

وقال الأوزاعي – رحمه الله -: ((إذا أراد الله عز وجل أن يحرم عبده بركة العلم ألقى على لسانه الأغاليط))([31]).

وقال الحافظ ابن عبد البر – رحمه الله – بعد أن ساق آثاراً كثيرة في ذم الرأي ما ملخصه: قال أكثر أهل العلم: إن الرأي المذموم المعيب المهجور الذي لا يحل النظر فيه، والاشتغال به: هو الرأي المبتدع، وشبهه من أنواع البدع([32]).

وقال جمهور أهل العلم: الرأي المذموم في الآثار المذكورة هو القول في أحكام شرائع الدين بالاستحسان والظنون، والاشتغال بحفظ المعضلات والأغلوطات، ورد الفروع والنوازل بعضها على بعض قياساً دون ردّها على أصولها من الكتاب أو من السنة([33])، ثم قال: ((ومن تدبّر الآثار المرويّة في ذمّ الرأي المرفوعة وآثار الصحابة والتابعين في ذلك علم أنه ما ذكرنا ))([34])، فرجَّح – رحمه الله – هذا القول ثم قال: و((ليس أحد من علماء الأمة يثبت حديثاً عن رسول الله صلى الله عليه وسلم ثم يردّه، دون ادّعاء نسخ ذلك بأثر أو بإجماع، أو بعمل يجب على أصله الانقياد، إليه أو طعن في سنده، ولو فعل ذلك أحد سقطت عدالته، فضلاً عن أن يتخذ إماماً ولزمه اسم الفسق، ولقد عافاهم الله عز وجل من ذلك ))([35])، فينبغي للعبد أن يعتصم بالكتاب والسنة ثم بالإجماع، ثم بأقوال الصحابة رضى الله عنه. والله الموفق والهادي إلى سواء السبيل([36]).

ثالثاً: القرآن الكريم بيَّن الله للناس فيه كل شيء:

فهو المرجع في كل زمان وكل مكان، وفي كل ما يحتاجه الناس في دنياهم وأخراهم، قال الله تعالى: [وَنَزَّلْنَا عَلَيْكَ الْكِتَابَ تِبْيَانًا لِّكُلِّ شَيْءٍ وَهُدًى وَرَحْمَةً وَبُشْرَى لِلْمُسْلِمِينَ]  ([37]).

قال الإمام ابن كثير – رحمه الله – قال ابن مسعود رضى الله عنه: ((قد بيَّن لنا في هذا القرآن كل علم، وكل شيء))([38]).

رابعاً: القرآن العزيز أُنزل للعمل:

فمن عمل به في جميع أحواله كان من السعداء العقلاء الفائزين في الدنيا والآخرة، قال الله تعالى: [كِتَابٌ أَنزَلْنَاهُ إِلَيْكَ مُبَارَكٌ لِّيَدَّبَّرُوا آيَاتِهِ وَلِيَتَذَكَّرَ أُوْلُوا الأَلْبَابِ]  ([39])، وقد كتب الله السعادة لمن عمل بالقرآن، ومما يدل على ذلك أن نافع بن عبد الحارث لَقِيَ عمر بن الخطاب رضى الله عنه بعُسفان، وكان عمر يستعمله على مكة، فقال: من استعملت على أهل الوادي؟ فقال ابن أبزى، قال: ومن ابن أبزى؟ قال: مولىً من موالينا، قال: فتستخلف عليهم مولى؟ قال: إنه قارئ لكتاب الله عز وجل ، وإنه عالم بالفرائض، قال عمر: أما إن نبيكم صلى الله عليه وسلم قد قال: ((إن الله يرفع بهذا الكتاب أقواماً، ويضع به آخرين ))([40]).



([1])  أصل هذا الكتاب مقال طلبته مني وكالة الدعوة بوزارة الشؤون الإسلامية والأوقاف والدعوة والإرشاد، ونشرته الوكالة في جريدة الجزيرة، العدد رقم 10627، الصفحة 27، في يوم الجمعة بتاريخ 17/8/1422هـ.

([2])  مفردات ألفاظ القرآن للأصفهاني، ص569 .

([3])  لسان العرب، 12/404 .

([4])  مفردات ألفاظ القرآن للأصفهاني، ص570 .

([5])  سورة آل عمران، الآية: 103 .

([6])  أخرجه ابن حبان في صحيحه، 1/329، برقم 122، وقال الإمام المنذري في الترغيب والترهيب، 1/95، برقم 59: ((رواه الطبراني في الكبير بإسناد جيد))، وقال العلامة الألباني في صحيح الترغيب والترهيب، 1/124: ((صحيح، وأخرجه ابن حبان في صحيحه، وابن نصر في قيام الليل ص74 بسند صحيح)).

([7])  أخرجه الطبراني في الكبير، 2/126، برقم 1539، وفي الصغير [مجمع البحرين، برقم 252]، وقال الهيثمي في مجمع الزوائد، 1/169: ((وفيه أبو عابدة الزرقي وهو متروك الحديث ))، وقال العلامة الألباني في صحيح الترغيب والترهيب، 1/124، برقم 39: ((صحيح لغيره)).

([8])  سورة آل عمران، الآية: 101 .

([9])  تفسير السعدي، ص159 .

([10])  فتاوى شيخ الإسلام ابن تيمية، 19/76-83، و 9/5/8، و 36/60 .

([11])  سورة النساء، الآية: 59 .

([12])  تفسير ابن كثير، ص338 .

([13])  سورة الشورى، الآية: 10 .

([14])  سورة الحشر، الآية: 7 .

([15])  متفق عليه، البخاري، كتاب الجزية والموادعة، باب: حدثنا عبدان، برقم 3181، ومسلم، كتاب الجهاد والسير، باب صلح الحديبية في الحديبية، برقم 1785 .

([16])  سورة النساء، الآية: 59 .

([17])  سورة النساء، الآية: 65 .

([18])  سورة الشورى، الآية: 10 .

([19])  انظر: تفسير الطبري ((جامع البيان عن تأويل آي القرآن))، 8/504، وتفسير ابن كثير،
1/519
.

([20])  سورة الأعراف، الآية: 33 .

([21])  سورة البقرة، الآيتان: 168- 169 .

([22])  سورة الإسراء، الآية: 36 .

([23])  رؤوس: جمع رأس، وفيه التحذير من اتخاذ الجهال رؤساء. شرح النووي على صحيح مسلم، 16/465 .

([24])  متفق عليه: البخاري، كتاب الاعتصام بالكتاب والسنة، باب ما يذكر من ذم الرأي وتكلف القياس، برقم 7307، ومسلم، كتاب العلم، باب رفع العلم وقبضه وظهور الجهل والفتن في آخر الزمان، 4/ 2058، برقم 2673 .

([25])  انظر: مجموع فتاوى ابن تيمية، 20/14، و19/176، وإعلام الموقعين لابن القيم، 1/30، وفتح الباري بشرح صحيح البخاري لابن حجر، 13/282 .

([26])  فتح الباري بشرح صحيح البخاري لابن حجر، 13/288 .

([27])  ديوان الشافعي، جمع محمد عفيف، ص88، وانظر: البداية والنهاية لابن كثير، 10/254 .

([28])  أخرجه اللالكائي في شرح أصول اعتقاد أهل السنة والجماعة، 1/139، برقم 201، والدارمي في سننه، 1/47، برقم 121، وابن عبد البر في جامع بيان العلم وفضله، 2/1041، برقم 2001، ورقم 2003، 2005 .

([29])  أخرجه ابن عبد البر في جامع بيان العلم وفضله، 2/1051، برقم 2029، 2030 .

([30])  أخرجه ابن عبد البر في المرجع السابق، 3/1054، برقم 2035 .

([31])  أخرجه ابن عبد البر في جامع بيان العلم وفضله، 2/1073، برقم 2083 .

([32])  جامع بيان العلم وفضله، 2/1053 .

([33])  انظر: المرجع السابق، 2/1054 .

([34])  جامع بيان العلم وفضله، لابن عبد البر، 2/1062 .

([35])  انظر: المرجع السابق، 2/1080 .

([36])  انظر: فقه الدعوة في صحيح الإمام البخاري، للمؤلف، 1/369، و2/1059-1062 .

([37])  سورة النحل، الآية: 89 .

([38])  تفسير ابن كثير، ص751 .

([39])  سورة ص، الآية: 29 .

([40])  أخرجه مسلم في كتاب صلاة المسافرين، باب فضل من يقوم بالقرآن، ويعلمه، وفضل من تعلم حكمة من فقهٍ أو غيره فعمل بها وعلَّمها، برقم 817 .

]]>
es.islamcenter@gmail.com (mona) مبادئ الاسلام Mon, 03 Dec 2012 00:00:00 +0000
هل نُقبِّل يد السارق؟!!! http://islam-centers.net/ar/islamic-definition/article-islamic-definition/41-2010-04-08-14-46-18/294-2012-12-03-09-14-01.html http://islam-centers.net/ar/islamic-definition/article-islamic-definition/41-2010-04-08-14-46-18/294-2012-12-03-09-14-01.html Normal 0 false false false EN-US X-NONE AR-SA MicrosoftInternetExplorer4

هل نُقبِّل يد السارق؟!!!

(هل نعيش اليوم الذي تقطع فيه يد السارق في مصر,وترجم الزانية بالحجارة حتى الموت وتجلد المرأة بالسياط لأنها ارتدت بنطلوناً وتشبهت الرجال) يمضي فيقول (أعتقد أن غالبية الشعب المصري لا تريد أن تعيش هذا اليوم...)

وفي الحقيقة لا أدري ما الذي يهدف له الكاتب الموقر من هذا الكلام للشعب المصري ,وما هي الرسالة التي يحملها على عاتقه لتبليغها لكل مواطن يعيش على أرض الكنانة ؟

إن الكاتب يحمل قلباً رحيماً –وهذا شيء يحسد عليه-على المجرمين واللصوص وناهبي ثروات البلاد ,فالرجل يشعر بهذه الفئة الضعيفة والمسكينة والتي تحس بظلم المجتمع لها وأنه يقف لها بالمرصاد ويودعها السجون والمعتقلات إذا ارتكبت أفعالاً يعاقب عليها القانون كالسرقة والاختلاس أو الاستيلاء على المال العام بغير حق ,فهؤلاء لو أخطأوا فلماذا لا نسامحهم ونعفو عنهم ونقول :عفا الله عما سلف؟

وأسأ حضرة الكاتب الموقر:إذا كانت هذه الرحمة للمجرمين فلمن يكون العقاب؟ مَن الذي يودع السجون ,الشرفاء والأطهار ؟ هل لو قام أحد اللصوص بسرقة بيته ماذا سيفعل؟ لماذا لا يعلن عن بيته وعنوانه للمفسدين ليأخذوا ما فيه؟

وهذا الكلام الخطير يحمل في طياته العديد من التساؤلات وعلامات الاستفهام حول مغزى تصريحاته:

أولاً: نحن لم نعين الكاتب الموقر وصيا علينا فقد ولى زمن الوصاية ,ومن الذي وكله للحديث باسم الشعب المصري الذي يعشق الإسلام بكل شرائحه؟

فإذا أراد الكاتب أن يتكلم فليتكلم عن نفسه فقط، أما الغالبية الساحقة من أبناء مصرنا الغالية فتستطيع التعبير عن مرادها وأحلامها ولم تعط توكيلاً لأحد المحامين بالدفاع عنها وعن قضاياها,وتلك مسألة محسومة على الكاتب وأمثاله أن يكون على علم بها.

ثانياً: مصر بلد الإسلام وهذه شهادة لا تحتاج إلى توثيق أو برهان، لأته لو دخل الكاتب الموقر المساجد في رمضان وقام بجولة على العديد منها وفي أماكن مختلفة لرأى حب الشعب للإسلام وتغلغل العقيدة في ضميره وجدانه ,وكذلك الحال في صلاة الجمعة وشاهد هذه الجموع التي تصلي الجمعة في كل أسبوع وهي تسعى بالملاين في منظر رائع يعلن أن الشعب قد اختار الهوية الإسلامية ولا يرضى عنها بديلاً.

ثالثاً: من أين جاء بهذه النتيجة أن غالبية الشعب المصري لا تريد قطع يد السارق؟هل استطلع الكاتب آراء الناس والتقى بهم وعرف ذلك منهم؟أي مركز بحثي أعد دراسة أو تقريراً يبين أن المجتمع لا يرغب في تطبيق الإسلام في مصر؟إن أي متابع للشأن المصري يدرك أن المصريين ربطوا مصيرهم بالإسلام فقط وليس بأي مذهب آخر.

رابعاً: ما هي صورة مصر التي يحلم بها؟ لقد تركنا الكاتب نضرب أخماساً في أسداس عن الشكل الذي نود أن تكون عليه بلادنا في المستقبل القريب ,ولكنه أراد التخفيف عنا وحتى لا نختلف ويريحنا من همِّ البحث عن الإجابة وتكرم مشكوراً بالإجابة عن جموع الشعب المصري وذكر:أن غالبية الشعب لا تريد قطع يد السارق إلى آخر ما قال كما هو مذكور في صدر المقال,ماهي مواصفات الدولة العصرية في نظر الكاتب المبجل؟!!   هل هي دولة تعادي شرع الله تعالى وتعطيه ظهرها؟ أيحب أن يرى في البلاد النساء الكاسيات العاريات بحجة تنشيط السياحة؟

هل يتمنى أن تزدحم مصر بالمحلات التي تبيع الخمور في كل شوارع مصر وبترخيص من الدولة؟

هل يسمح برعاية الشاذين جنسياً و العيش على أرض الكنانة؟

هل يؤمن بحرية الكلمة حتى ولو كان فيها التجرؤ على الذات الإلهية؟

بيَّن لنا الدولة التي تطمح إليها أنت ومَن على شاكلتك؟

خامساً: قطع يد السارق هو حكم الله ألا ترضى بحكمه؟!!

إنني أذكِّر الكاتب المحترم بأن يفتح كتاب الله تعالى ويقرأ فيه لعله يجد الإجابة أمامه صريحة ,فالله تعالى يقول (وَالسَّارِقُ وَالسَّارِقَةُ فَاقْطَعُوا أَيْدِيَهُمَا جَزَاءً بِمَا كَسَبَا نَكَالًا مِنَ اللَّهِ وَاللَّهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ) سورة المائدة:الآية38  

وهذه المرأة المخزومية التي سرقت ماذا فعل النبي معها :هل سامحها وعفا عنها؟ عَنْ عَائِشَةَ - رضي الله عنها أَنَّ قُرَيْشًا أَهَمَّهُمْ شَأْنُ الْمَرْأَةِ الْمَخْزُومِيَّةِ الَّتِى سَرَقَتْ ، فَقَالَ وَمَنْ يُكَلِّمُ فِيهَا رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - فَقَالُوا وَمَنْ يَجْتَرِئُ عَلَيْهِ إِلاَّ أُسَامَةُ بْنُ زَيْدٍ ، حِبُّ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - ، فَكَلَّمَهُ أُسَامَةُ ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - « أَتَشْفَعُ فِي حَدٍّ مِنْ حُدُودِ اللَّهِ » . ثُمَّ قَامَ فَاخْتَطَبَ ، ثُمَّ قَالَ « إِنَّمَا أَهْلَكَ الَّذِينَ قَبْلَكُمْ أَنَّهُمْ كَانُوا إِذَا سَرَقَ فِيهِمُ الشَّرِيفُ تَرَكُوهُ ، وَإِذَا سَرَقَ فِيهِمُ الضَّعِيفُ أَقَامُوا عَلَيْهِ الْحَدَّ ، وَايْمُ اللَّهِ ، لَوْ أَنَّ فَاطِمَةَ ابْنَةَ مُحَمَّدٍ سَرَقَتْ لَقَطَعْتُ يَدَهَا » رواه البخاري. أليس الرسول صلى الله عليه وسلم قدوة لنا؟

يقول تعالى: (لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ...) فنحن عندما نقطع يد السارق نلتزم بالشرع الإسلامي وننفذ قانون صاحب الأرض والسماء :ألا له الخلق والأمر. ثم إنني أسالك :بربك أخبرني عن دولة في العالم تتسامح مع اللصوص؟ هلا أخبرتنا باسم دولة لا تعاقب السارق بل تعطيه الحماية وتمنع التعرض له بالسجن أو المحاسبة؟

يا أخي لا يوجد نظام في الدنيا كلها يترك لسارق يفعل ما بدا له وإلا كانت الطامة وانهار عقد المجتمع وتحولت الحياة إلى غابة البقاء فيها للأقوى وهذا لا يقوله عاقل في دنيا البشر.

في قوانين البلاد المختلفة نص على إنزال العقاب بالمخالفين لأحكام القانون ولكنها تختلف في نوعية العقوبة ووقتها ولكنها مُجمِعة على ردع المجرمين في كل الجرائم ومنها جريمة السرقة والفرق بين الإسلام والقوانين الأخرى أن الإسلام يقطع يد السارق في حين النظم الأخرى قد تودعه السجن أو تصادر المبلغ المسروق أو تودعه مصحة للعلاج. ولكن الحل الإسلامي فيه الخير لأنه تنزيل من حكيم خبير.فالسارق قد يودع السجن وهو لا علم له بالانحراف ولكن الظروف ساقته إلى هذا المصير المجهول فيدخل السجن ويحتك بعتاة الإجرام ويتلقى عنهم فنون الجريمة ويتعرف على أساليبهم الوحشية وبعد أن كان مجرما صغيراً يتحول إلى مجرم لديه عِلم بالعديد من الطرق لإفساد الحياة لأنه خالط المجرمين ولو أنه قطعت يده لوفر على الدولة ملايين الجنيهات التي تنفقها في بناء العديد من السجون والتي يقوم بحراستها الكثير من رجال الشرطة وهذا نوع من تحميل ميزانية الدولة عبئاً كبيراً كان الأولى توجيهه لتوفير الحياة الكريمة للشعب المصري.

ساساً: تعظيم سلام للسارق: وهذه نصيحتي لكم جميعاً:لا تعكروا على السارق وقت السرقة؟ قل للسارق أتريد كوباً من الشاي أو القهوة؟أتحب أن تراني في البيت أم أنصرف وأعود لك بعد ساعة؟ دعوه يسرق بمزاج؟اتركوه يتفنن في السرقة ويبتكر لنا وسائل جديدة لنسبق العالم في هذا المضمار ونحرز سبقاً غير مسبوق في تاريخ الإنسانية!!! إذا دخلتَ بيتك ووجدتَ سارقاً فاضرب له تعظيم سلام ثم للخلف در وقل له:قواك الله يا أخي في مهمتك,ألا تريد مساعدة مني ,هل تبغي مفتاح السيارة والمصنع, وقدم له العون والمساعدة!!! رسالة لكل الشعب استسلموا لإخوانكم اللصوص ولا تضايقوهم وهم يمارسون عملهم!!!

لقد نسي الكاتب هذا الحوار الذي تمَّ بين الرسول الكريم وبين أحد أصحابه, عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ قَالَ جَاءَ رَجُلٌ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- فَقَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ أَرَأَيْتَ إِنْ جَاءَ رَجُلٌ يُرِيدُ أَخْذَ مَالِى قَالَ « فَلاَ تُعْطِهِ مَالَكَ ». قَالَ أَرَأَيْتَ إِنْ قَاتَلَنِى قَالَ «قَاتِلْهُ ». قَالَ أَرَأَيْتَ إِنْ قَتَلَنِى قَالَ « فَأَنْتَ شَهِيدٌ ». قَالَ أَرَأَيْتَ إِنْ قَتَلْتُهُ قَالَ « هُوَ فِى النَّارِ ».رواه مسلم.

الرسول لم يدعو الرجل للاستلام وترك المجرم يعبث في المجتمع دون مقاومة من الناس لان السلبية تعرِّض حياة البشر للخطر والفناء.ووضَّح له أنه لو قتل السارق فجزاؤه النار-أي السارق- أما لو قتل السارق صاحب الحق فإن جزاء المقتول وهو يدافع عن ماله الجنة .

سابعاً: لماذا لم تتحدث عن أسباب المشكلة؟

كنا نتمنى من الكاتب البحث في مشكلة السرقة من حيث أسبابها والدوافع التي تدفع الشخص نحو ولوج طريق الجريمة والاستهانة بحياة الناس وأموالهم,كذلك الحديث عن علاج هذه الظاهرة ولفت أنظار المثقفين إلى ضرورة مواجهة المجرمين حتى لا يعكروا صفو المجتمع وأمنه.

كان من المنتظر أن يذكر من بين أسباب انتشار السرقة في الحقبة الماضية هو النظام السابق المستبد والذي ترك البلاد خاوية على عروشها من الثروات والخيرات,كل هذا صب في إفلاس المجتمع ولذا وجد البعض الفرصة في الجريمة ليعيش هو ومَن يعولهم ,معنى ذلك لو الظروف طيبة لسلك سبيل الطهارة والعفاف بدلاً من العيش على أشلاء الفقراء والمساكين. لو أن الكاتب شغل نفسه بهذا لكان فيه مصلحة مصر وهو من باب تركيز الجهود نحو بناء الدولة المصرية من جديد على أسس سليمة وقوية.

 ثامناً: الوقيعة بين أبناء البلد الواحد: وبعد ذلك يقول الكاتب في مقاله: (... ومع ذلك فمعركة الديمقراطية لا ينتصر فيها طرف من الأطراف مسبقاً,وعلى القوى الليبرالية والواعية والمحبة للحرية أن تقطع الطريق أمام قوى التطرف والغلو التي ترتفع أصواتها بقوة هذه الأيام ,وأصبحت تتغلغل بن الناس كما لم يحدث من قبل في تاريخ مصر الحديث).

زمن الفزاعة من الإسلام والإسلاميين لم ينته بعد ولكن حدث تغير في القائمين بهذا الدور ففي الماضي قاد العملية النظام السابق,وبعد نجاح الثورة تبنى هذا النهج بعض المثقفين والذين لم يتعلموا من دروس الواقع شيئاً يدل على وعيهم للساحة الجديدة التي تشكلت داخل المجتمع المصري.

أخيراً: نتمنى من كتابنا المصريين: الكف عن وصف العاملين للإسلام بالتطرف والإرهاب وتخويف المجتمع منهم ,وأدعو إلى فتح صفحة بين أبناء شعبنا الطيب العريق فنجعل خلق التسامح والتعاون ونبذ الخلافات وإيثار مصلحة الأمة العربية والإسلامية على المطامع الشخصية هو شعارنا في هذه المرحلة التي تحياها المنطقة العربية في الوقت الراهن.

هيا نرفع هذا الشعار الجميل:نتعاون فيما اتفقنا عليه ويعذر بعضنا بعضاً فيما اختلفنا فيه.

وفقنا الله تعالى لما يحبه ويرضاه وجعل أعمالنا خالصة لوجهه الكريم وأصلح أحوالنا وحفظ بلادنا وبلاد المسلمين جميعاً من كل مكروه وسوء. وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين.

تأليف:  محمود شمردن

]]>
es.islamcenter@gmail.com (mona) مبادئ الاسلام Mon, 03 Dec 2012 00:00:00 +0000
طواحين الهواء...تجدد طاقة الإسلاميين http://islam-centers.net/ar/islamic-definition/article-islamic-definition/41-2010-04-08-14-46-18/297-2012-12-03-09-01-39.html http://islam-centers.net/ar/islamic-definition/article-islamic-definition/41-2010-04-08-14-46-18/297-2012-12-03-09-01-39.html Normal 0 false false false EN-US X-NONE AR-SA MicrosoftInternetExplorer4

طواحين الهواء...تجدد طاقة الإسلاميين

 "الطريق الوحيد للنهضة هو تطبيق مبادئ الإسلام الحقيقية: الحرية والعدل والمساواة.. وهذه لن تتحقق إلا بإقامة الدولة المدنية التى يتساوى فيها المواطنون جميعا أمام القانون، بغض النظر عن الدين والجنس واللون. .. الديمقراطية هى الحل ".

وسأبدأ من حيث انتهى كاتب المقال متفقاً معه أن الطريق الوحيد للنهضة هو تطبيق مبادئ الإسلام الحقيقية: الحرية والعدل والمساواة، ولكن هل يريد التطبيق من خلال الشريعة الإسلامية التي أفرزت تلك المبادئ؟

كلا.... فقد أحدث فصلاً بين الشريعة ومبادئها مكتفياً بالمبادئ دون الشرع، ليفصح عن السبيل إلى ذلك وهو إقامة الدولة المدنية التي لا تحملُ صبغةً دينية أو مرجعيةً إسلامية، بدليل أنه استنتج في نهاية تحليله لتاريخ الخلافة الإسلامية وفق ما أراد أن يصوِّره أن تاريخ الحكم الإسلامى لا وجود فيه لمبادئ أو مُثُل نبيلة وهو اتهامٌ ظالمٌ لايصح.

واستعراضاً لذلك المقال نجد أن الكاتب قد وقع كذلك في تناقضٍ واضح بين استنكاره للدعوة إلى استعادة نظام الخلافة الإسلامية، وبين الإشادة بخطاب أمير المؤمنين أبي بكرٍ الصديق أبوبكر رضي الله عنه والذي قال فيه: " أيها الناس لقد وُلّيت عليكم ولست بخيركم.. أطيعونى ما أطعت الله ورسوله فإن عصيتهما فلا طاعة لى عليكم" ، إذ اعتبره بمثابة دستور حقيقى يحدد العلاقة بين الحاكم والمواطنين، بل ووصفه بأنه أفضل دستور ديمقراطي، وهذا لا يعدو كونه مدخلاً تسللياً لدسّ السُّمّ في العسل، وإلاّ فإني أدعوه أن لا يتراجع عن هذا الاعتراف وأن يعلن على الملأ في وسائل الإعلام قبوله لهذا الدستور الديموقراطي المنضبط بضوابط طاعة الله ورسوله.

وإنّه لخطاٌ فادح من الكاتب وخروجٌ عن منهجية البحث العلمي أن يحاول تقييم نظام الحكم الإسلامي بالرجوع إلى التاريخ، فتقييم نظام الحكم يكون من خلال دراسة انتقادية لأصوله ومقوماته وطبيعته وغايته وخصائصه وتفاصيله وما يكفله من حقوقٍ وحرياتٍ عامة، أما الرجوع إلى التاريخ فلا يكون إلا لاستعراض كيفية التطبيق وقياس أثره، فإذا توصَّل –فرضاً- لوجود أخطاء في التطبيق فهذا يعني الحاجة إلى إصلاح الخلل في التطبيق وليس عدم صلاحية ذات النظام واقتراح نظام بديل.

واستقراءً للتاريخ نجد أن المهاجمين لتطبيق الشريعة قد سلكوا في معرض الرد على تجربة الخلافة مسلكين مختلفين، فأقرّ الأول بتطبيق الشريعة خلال عصور الخلافة المتتابعة، ولكنه عمد إلى مهاجمة فكرة الخلافة زاعماً أنها مثلت نظاما قمعيا استبداديا مارس جرائم ضد حقوق الانسان، وبالتالي فهي تجربة غير صالحة للتكرار، فرفض الخلافة الإسلامية التي هي جمعٌ لشمل الأمّة، ثم رفض تطبيق الشريعة على اعتبار أنه من توابعها. وأما الثاني فكان أكثر إمعاناً في الغيّ فلجأ إلى مغالطةٍ تاريخية منكِراً تطبيق الشريعة في عصور الخلافة التالية للخلفاء الراشدين، وموجّهاً النقد اللاذع لذات الحكام واصفاً إياهم بالمجون والفساد اعتماداً على بعض الكتابات التاريخية المشوَّهة، وبالتالي فهي أنموذجٌ يفتقد إلى القدوة ويستند الحكم فيه إلى الأهواء منتهياً إلى أنه لا يُحتذى به.

وإنك إن سلكت أغوار هذا المقال وجدت كاتبه معبِّراً عن الاتجاه الثاني، فهو يركز على حصر زمن الحكم الإسلامي الحقيقي في فترة الخلافة الراشدة ليقلل من شأن تطبيق الشرع كحلٍّ لم يصمد لأكثر من واحدٍ وثلاثين عاماً ، ثم هو يَحيدُ عن القراءة المنصفة للتاريخ بحثاً عن الشعرة السوداء في وجه الفرس الأغرّ، ليؤسِّس لاستنتاجٍ باطل لا سند له مفاده أن التاريخ الطويل للدولة الإسلامية لم يعدو كونه استبداداً من الخلفاء باسم الإسلام لا يتفق مع مبادئه ، وتلك سلسلةٌ من المغالطات في استقراء التاريخ وفي الاستنتاج، فالشريعة الاسلامية كانت هي المطبقة النافذة في سائر العصور التي تلت عصر الخلافة الراشدة ، فبقيت هي النافذة في عصر الخلافة الأموية ثم العباسية، ثم في عصور الدول المتتابعة ، وظلت هي النافذة حتى الدولة العثمانية، فكان قانون دولة الإسلام هو الشريعة الاسلامية ، وحَكم قُضاتُها من أهل العلم بين الناس على أساس الشرع، وأسهب في ذكر أدق تفاصيل ذلك الحُكم الإسلامي كثيرٌ من المؤرِّخين، فادّعاءُ الكاتب باطلٌ لا أصل له، وما ليس له أصلٌ فمهدوم، وما ترتَّب عليه من استنتاجٍ فمعدوم.

ثم ما لبث الكاتبُ أن وقع في تناقضٍ حاد وإشكاليةٍ أخرى، حين وصف معظم أولئك الخلفاء بالمجون والصراع الدموي على السلطة والنفوذ والمال في حين اعترف بقدرتهم على بسط نفوذ الدولة الإسلامية مترامية الأطراف وحسن إدارة الدولة الإسلامية، وعجز عن تقديم تفسير منطقي مقبول لذلك، فحاول الخروج من هذا المأزق مدّعياً أنه يذكر للإنصاف وإحقاقاً للحق أن أولئك الحكّام تميّزوا بالكفاءة الشخصية في إدارة شئون الحكم، فيا للإنصاف! وأنّى لذوي المجون والأهواء ومتتبعي الشهوات والغارقين في الملذات وأصحاب الخيانات والمتناحرين على الزعامات ان يكونوا ذوي كفاءة في إدارة شئون الحكم فيسودوا العالم ويقيموا الحضارة ويحسنوا إدارة شئون البلاد والعباد لقرونٍ عديدة ؟!!!

والكاتب ينتهي بك إلى معضلة حيث يجعلُ الدين نِدّاً مع الحكم، والبدائل إمّا الديمقراطيةُ وإمّا الاستبداد الدينيّ ليضعك بين اختيارين لا ثالث لهما.... ثم هو يشخِّص لك الدواء في أن الديموقراطية هي الحل من خلال الدولة المدنية كما يريد أن يتصورها، إنّه لطرحٌ منقوصٌ جائر، ويعلم الكاتب وهو طبيب أسنان أن ضرسه لو آلمه فإنه سيبحث عن موطن الداء فيه ليعالجه، لكنّه يُلخِّص لنا الحل في اقتلاع الضرس اقتلاعاً !

وسأوجز تعليقي على هذا المقال في ثلاث نقاط أساسية:

·         أولاً: السرد التاريخي للدولة الإسلامية منذ بدء الخلافة وإلى نهاية الدولة العبّاسية:

    تناول الكاتب الفترة التاريخية التي بدأت بالخلافة الراشدة وإلى نهاية الدولة العبّاسية، ولم يتطرق من قريبٍ أو بعيد إلى تاريخ الدولة العثمانية التي أقامت حكم الإسلام وأرعبت أوروبا ونشرت الإسلام في أقصى بقاع الأرض.

والمتتبع لهذا السرد التاريخي الذي طرحه كاتب المقال وفق تصوره يستطيع بسهولة أن يلمس تقسيمه إلى عصرين:

عصر الخلفاء الراشدين:

نجد أن الكاتب يحشد التاريخ بمقتضى الأهواء، فهو قد اختزل الحكم العادل للدولة الإسلامية في واحدٍ وثلاثين عاماً للخلفاء الراشدين، وحتى عصر الخلفاء الراشدين أبى ان يمر عليه دون إساءة، فتعرَّض باللمز القبيح لأمير المؤمنين عثمان بن عفان رضي الله عنه، وادعى أنه لم يعدل بين المسلمين وآثر أقاربه بالمناصب والعطايا، تلك فرية منقولةٌ عن مشوّهي التاريخ، فهذا الصحابي الجليل بشَّره رسول الله صلى الله عليه وسلم بالجنة، ووعده بالشهادة، وزوّجه ابنتيه، ومات وهو راض عنه، وجهز جيش العسرة، وكان ثالث الخلفاء الراشدين، وجمع الناس على مصحفٍ واحد، واستشهد وهو يقرأ القرآن الكريم، ولا صحة لجميع ما اورده الكاتب من أباطيل في هذا السياق، ومن شاء فليراجع كتابي العواصم من القواصم لابن العربي، والبداية والنهاية لابن كثير ففيهما ما يغني ويفيد.

عصر الدولة الأموية والدولة العباسية

إذا كانت الخلافة الراشدة قد قامت على أساس الشورى، فكذلك كانت نشأة الدولة الأموية من حيث الأساس بعد تنازل الحسن بن علي لمعاوية رضي الله عنهم جميعًا، والمستقرأ لتاريخ تلك الفترة عليه بالتدقيق والتمحيص، إذ معلومٌ أن الكتابات التاريخية التي تناولت تلك الحقبة قد دُوِّنت لاحقاً في أجواء معادية لبني أمية، بل لقد تعددت الأدلة على حدوث الكذب والتحريف في كتابة التاريخ الأموي؛ وأثبت بعض المؤرخين القدماء ذلك وحذَّروا منه.

ولقد تتبع الكاتب ما نُسِب لخلفاء الدولة الأموية والعبّاسية بهتاناً وزوراً من عثرات ، فأسهب في ذكر عيوب بعض خلفاء الدولة الأموية، وما أكثر ما نسبه لهم من أقاويل وأفعال لا تصح عنهم، منها نسبته إلى معاوية بن أبي سفيان رضي الله عنه مقولة: "الأرض لله وأنا خليفة الله فما أخذت فلى وما تركته للناس بفضل منى" وتلك من افتراءات الشيعة، فمعاوية من أكابر الصحابة -رضوان الله عليهم- وهو أحد كُتَّاب الوحي، العاملين بكتاب ربهم، المحافظين على سنة نبيهم، الذَّابِّين عن شريعته، القائمين بحدوده، المجاهدين في سبيله، نال شرف الصحبة، وشرف الجهاد تحت لواء الرسول، فهل يصدِّق تلك الإفتراءاتِ ذوو العقول؟

وأما عبد الملك بن مروان - والذي ناله من الكاتب ما ناله- فهو باني المسجد الأموي والمسجد الأقصى وقبة الصخرة، لم يبنِ بيت مغنى ولا ديوان شعر، وهو من أرسى دعائم الوحدة والاستقرار في الدولة الإسلامية، وأصدر عملة إسلامية لأول مرة ووحَّد أوزانها، ضمانًا للعدالة، قال عنه نافع : "لقد رأيت المدينة وما بها شاب أشد تشميراً ولا أفقه ولا أنسك ولا أقرأ لكتاب الله من عبد الملك ابن مروان" ، وكاتبنا يكيل له الاتهامات الباطلة، وقس على ذلك الافتراءات التي نسبها لغيره مما يطول المقام بسرده.

إنَّ المنصف ليرى بعين الإنصاف أن الدولة الأموية قد بذلت جهودًا كبيرة من أجل الحفاظ على نصاعة العقيدة الإسلامية وصحتها، كما حققت إنجازاتٍ كبرى في مجال الفتوح ونشر الإسلام، واستمرت لأكثر من تسعين عامًا تقود البشرعلى اختلاف أجناسهم وألوانهم وأديانهم في دولة واحدة امتدت من حدود الصين إلى جنوبي فرنسا.

أما الدولة العباسية التي شرع في ذمِّ بعض خلفائها فقد شهدت نهضة ثقافية وعلمية بالغة القوة والتنوع لم يشهدها الشرق من قبل، وكان الناس يجوبون العالم سعيًا إلى موارد العلم والعرفان ليعودوا إلى بلادهم فينشروا العلم ويصنِّفوا الكثير من المصنفات القيّمة.

وإن يزعم الكاتب أنّ تلك الأنظمة اعتبرت المعترضين عليها كفاراً مرتدين عن الدين يجب قتلهم، فأبلغُ ردٍّ عليه أنها لم تعامل أعداء الإسلام بتلك القسوة... فكيف تقابلُ بها أهلها؟ فالمجاهدون المسلمون وهم الفاتحون القادرون المنتصرون لم تعهد البشرية على أيديهم دماراً ولا تخريباً ولا قهراً، بل على النقيض كان القتل وسفك الدماء وجرائم الحرب ديدن غير المسلمين، تعرض له المسلون على يد التتار، كما أصاب مسلمي الأندلس بمحاكم التفتيش الإجرامية على يد الأسبان الذين تأثر كاتب المقال بدراسته لأدبهم، وأصابهم كذلك على أيدي الحملات الصليبية، ثم على يد الغرب، بل لم يعرف الحكم الإسلامي جرائم الدولة المدنية التي روَّج لها الكاتب ولكنّه تجنَّب المقارنة بها، كجرائم الثورة الفرنسية، والحضارة الأمريكية التي قامت على إبادة أهل البلاد واستعباد الأفارقة، والدمار الذي أحدثته الحروب العالمية والجرائم البشعة في هيروشيما ونجازاكي وتورا بورا والفالوجة وغيرها.

ولأن الإنصاف خُلَّةٌ تتحدى الهوى وترتفعُ عن الهَوية، فلقد كان مدرس الأدب الأسباني أكثر إنصافاً من تلميذه كاتب المقال إذ عبّر عن تقديره لحضارة الدولة الإسلامية بقوله " يجب أن تفخروا بما أنجزه أجدادكم من حضارة فى الأندلس"، وفي التاريخ شواهدٌ لبعض المؤرخين من غير المسلمين ممن أنصفوا التاريخ الإسلامي ولم يحشدوه وفق أهوائهم.

إننا في تتبع سِيَر أولئك الخلفاء على عظيم إنجازاتهم قد نلمس بعض ما يعرض للبشر من انحراف عن النهج الإسلامي القويم، لكن إن أخطأ بعضهم فمن التحامُل أن يُنسَب الخطأ إلى الكل، وإن طغى أحدُهُم فلا ينبغي أن يُعزى طغيانه إلى الفكر، فسوء التطبيق لا يهدم الأساس الفكري، ولو أننا حاسبنا الفكر على أخطاء منتسبيه ما وسعنا إلى أن نهدم كل فكر، فتلك مغالطة، كما انّنا لا يعنينا في هذا المقام ما هي الظروف التي تولى فيها بعض هؤلاء الخلفاء السلطة، بل يعنينا كيف مارسوا السلطة وكيف أقاموا شرع الله، أمّا أن يؤسِّس الكاتب نقداً لكيفية تداول السلطة ليستدل به على أنهم حكموا –باسم الحقّ الإلهي- وفق أهوائهم مخالفةً للشرع فهو من قبيل الاستدلال الفاسد.

إن الاستقراء المنصف لسِيَرِ أولئك الخلفاء يرينا كيف كانت القدوة، فمنهم من كان يحجُّ عاماً ويغزو عاماً، ومنهم من عني بنشر العِلم، ومنهم من بسط العدل على ربوع الأرض، وعلى أيديهم ألقت الحضارة الإسلامية ببذور عصر النهضة الأوروبي، وأسهمت في ظهور الكثير من جوانب الحضارة الغربية، وليكن معلوماً أن تلك الحضارة الإسلامية العظيمة كانت نتاجاً طبيعياً لحكم هؤلاء الخلفاء بشرع الله بين الناس وإقامة العدل واحترام الأديان وحقوق الأقليات. 

·         ثانياً: التمييز بين الدولة المدنية والدولة الدينية:

       يختلف مفهوم الدولة المدنية عن مفهوم الدولة الدينية كما تعارف عليه الغرب، ففي مقابلة ما يسمى بالدولة المدنية كان مفهوم الدولة الدينية الثيوقراطية، والتي يقوم نظام الحكم فيها على أن الله هو السلطة العليا، وأن القوانين الإلهية هي القوانين واجبة التطبيق، وأن رجال الدين (الكنيسة) باعتبارهم الخبراء بتلك القوانين تتمثل فيهم سلطة الله فيحكمون بتلك القوانين بمقتضى التفويض الإلهي – المزعوم- مما يضفي عليهم صفات القداسة والتنزيه والعصمة من الخطأ، ويجعل مسئوليتهم ومحاسبتهم أمام الله فقط وليس أمام الشعب، وقد كان الحكم بهذا المفهوم هو السائد في القرون الوسطى في أوروبا، حيث امتدت سيطرة الكنيسة ورجالها إلى كافة نواحي الحياة السياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية في المجتمعات الأوروبية، وحاربت العلم وصادرت الحريات، ممّا أدى إلى إحداث ردِّ فعل عنيف تجاه هذا الحكم الديني الاستبدادي، وترتب على ذلك بروز الحركات العلمانية التي قابلت التطرف بالتطرف فدعت إلى الفصل التام بين الدين والسياسة وحصر الدين في دور العبادة، ثم جاءت الثورة الفرنسية لتكتب نهاية الدولة الدينية الثيوقراطية.

تلك الدول الدينيةُ المستبدة ‏لا مثيل لها في عالمنا الإسلامي الذي لم يعرف هذا النمط من الحكم، فنظام الحكم في الإسلام يختلف كليّاّ عن جميع أنظمة الحكم الأخرى، والحاكم في دولة الإسلام يستمد سلطته من الناس بموجب الرضا والقبول والبيعة، ويُحَاسَبُ أمام الناس، والأمة في الإسلام هي التي تختار حاكمها، وهي صاحبة المشورة، وهي التي تنصح له وتعينه، وتحاسبه وتعزله إذا انحرف أو جار، والحكم في الإسلام يكون بمقتضى شرع الله المستمدُّ من كتابه وسنة رسوله، ودولة الإسلام تحترم الأديان، وتكفل حقوق الإنسان، وتصون الحريّات في إطار ضوابط الشرع، وتشجّع العلم وتحفظ القيم والأخلاق.

وإن تعجب فعجبٌ أن يمارس كاتبُ المقالِ النقلَ والإسقاط، فيخرجُ من سردِه التاريخي إلى نتيجةٍ لا علاقة لها بما زعم من مساوئ الحكّام قائلاً " انقلب المفهوم الديمقراطى الذى يمثل جوهر الإسلام إلى حكم بالحق الإلهى يعتبر المعترضين عليه كفاراً مرتدين عن الدين يجب قتلهم "، وهذا النقل الحرفي لمساوئ وعيوب الدولة الدينية الغربية والإسقاطُ المتعمّد على الحكم الإسلامي ما هو إلا ترغيبٌ في العلمانية وترهيبٌ من الدولة الإسلامية.

امّا الدولة المدنية التي نادى إليها كاتب المقال فقد اختلفت وتعددت المفاهيم التي ارتبطت بها، حتى بلغت طرفي نقيض، فالبعض يعرّفُها من منظورٍ علمانيّ –وفق ما يريده الكاتب- بأنها "استقلال الإنسان بوضع التشريعات التي ‏تحكم أمور الحياة، وقصرالدين على الشعائر التعبدية بالمعنى الضيق المحدود"، بينما يُقرِّب آخرون بين المفهوم الغربي للدولة المدنية وبين الإسلام فيرون أن الدولة في الإسلام مدنية، وهي بهذا المفهوم دولة المؤسسات التي تحكم من خلالها، لا تسمح للحاكم بالاستبداد، وتتيح انتقال السلطة، دستورها من القرآن والسنة، وتقبل من النُّظُم البشرية كل ما لا يتعارض مع الإسلام، إذ ما يكون لنا أن نُشرِّع بمحض إرادتنا دون التفات إلى موافقة الشريعة أو مخالفتها، وهذا التناول الذي يوائم بين الأفكار المعاصرة وبين ما هو مستقر في الشريعة قد دعى بعض القوى الإسلامية لقبول التطبيق الحالي له في مجتمعنا.

·         ثالثاً: تطبيق الشرع..والتحديات المعاصرة:

      تلك المقولة التي كان يرددها البعض "لا دين في السياسة، ولا سياسة في الدين" أصبحت شيئاً من الماضي لا يُلتفتُ إليه، فالإسلام دينٌ ودولةٌ، والدين والدولة متلازمان لا ينفصلان، الدين هو منهاج الدولة الذي يصلح لكل زمان ومكان، والدولة تمثل هذا الدين، فإذا أقيم الدين استقامت الدولة، ولقد أثبتت التجارب التي عاصرناها فشل الفصل بين الدين والدولة ، أو بين الشرع والحُكم، فهذا الفصل في حقيقته ما هو إلا تضييعٌ للشرع وإضعافٌ للحُكم.

والمتابع للإعلام المصري في أعقاب الثورة لا يحتاجُ إلى فِطنةٍ ليلحظ تلك الحملة المنظَّمة التي تهدف إلى تشويهِ معنى تطبيق الشريعة، وإظهارها بمظهر مقزِّز مرعب ينحصر في تقطيع الأيدي والأرجل وتطبيق العقوبات، وانتقاص كرامة المرأة وهضم حقوق الأقليات، وما أكذب تلك الإدعاءات! ولنا أن نتساءل...ما يضيرُكم أن تُطبَّق الشريعة. 

إن ما شرعه الخالقُ لعباده هو الأصلح لإدارة حياتهم وشئون معيشتهم، لا يحقق مصالحَ فئةٍ دون الجميع، ولا تشوبه عيوبُ التشريع، ولا تقودُه الثغراتُ إلى الترقيع.

وتطبيقُ الشريعةِ من خلال دولة المؤسسات المنبثقة عن إرادة حرة تلتزم بالشورى وتكفل الحرية للجميع -على اختلاف انتماءاتهم الدينية والعِرْقية وتنوُّعِ طوائفهم ومللهم- هو السبيل للقضاء على الفساد الذي طالما عانينا تحت وطأته.

وإنَّ تطبيقَ الشريعةِ ليدفعُ أبناءَ المجتمعِ دفعاً إلى إحياء الحضارة الإسلامية، وإلى الاهتمام بالعلم ، وإلى العمل والإنتاج، بل وإلى تشجيع الإبداع في مجالات الأدب والفن على نحوٍ ينسجم مع تعاليم الدين وينضبط بضوابطه، وفي هذا الإطار تكون الأحكام الجنائية التي شرعها الإسلام لَبِنَةً في هذا البنيان، تحمي المجتمع من الجرائم والعدوان، وتكون إلى وقاية المجتمع أقرب منها إلى عقابِ الأبدان.

ورغم أن كاتب المقال ينتهي إلى أن الديموقراطية هي الحل، فإننا نجد من العلمانيين اليوم من يؤثر الديكتاتورية صراحةً على الديموقراطية إن هي أتت بقوى إسلامية، وذلك انحراف خطيرٌ عن قواعد اللعبة الديموقراطية، يدل على أن العداوة للاتجاهات الإسلامية مقدّمةٌ عندهم على تطبيق الديموقراطية، تلك التي يريدونها إذاً هي ديموقراطيةٌ تفصيل، لا وجود لمثلها في التاريخ ولا تأصيل!

إنّنا اليوم في ميدانٍ للتنافس، سمح بالتعددية واعتمد الديموقراطية، فلنقبل بالأحزاب السياسية على اختلاف تنوعاتها الفكرية، ولننبذ جانباً إدعاءات التلاعب بالعواطف الدينية وعبارات التخوين، فتلك حُجَّةُ الضعيف المسكين ، وليبادر كلُّ حزبٍ بإعداد برنامجه وطرحه للناخبين، فتلك سبيل الديموقراطية إن كنتم حقاً راغبين.

نستشعر اليوم أن حب الإسلام وقبوله كناظمٍ حاكمٍ للدين والدنيا يجري في عروق الأغلبية المسلمة من المصريين ويمتزج بدمائها، إنه طاعةٌ لرب العباد وانصياع، إنه حبٌ بالفطرة توشك أن تترجمه صناديق الاقتراع، يلقى عندهم القبول، مهما دق الإعلام في معاداته الطبول، وما نتائج الاستفتاء على التعديلات الدستورية منكم ببعيد، أليس من حينها ينافحُ أكثرُهم لتأجيل المواعيد؟ .... تلك هي المعطيات على أرض الواقع، والتي تهَبُ للأحزاب ذات المرجعية الاسلامية السند والدافع.

لقد تكشَّفت كثيرٌ من الحقائق مُؤَّخراً للعيان، لتثبت أن مجتمعنا لن يقطن في عمارة يعقوبيان! لا حرب اليوم مع طواحين الهواء! فتلك الطواحين قد تبسّمت للاسلاميين، وأصبحت مصدراً يمنحهم الطاقة المستمرة، لبناء مصر جديدة مستقرّة.

 

تأليف:  د.محمد المصري

]]>
es.islamcenter@gmail.com (mona) مبادئ الاسلام Mon, 03 Dec 2012 00:00:00 +0000
أهل الفردوس الأعلى http://islam-centers.net/ar/islamic-definition/article-islamic-definition/41-2010-04-08-14-46-18/308-2012-12-03-08-42-36.html http://islam-centers.net/ar/islamic-definition/article-islamic-definition/41-2010-04-08-14-46-18/308-2012-12-03-08-42-36.html Normal 0 false false false EN-US X-NONE AR-SA MicrosoftInternetExplorer4

أهل الفردوس الأعلى

      صلى رسول الله – صلى الله عليه وسلم – العصر بأصحابه ، ثم سبّحوا ، وحمدوا الله تعالى ، وكبّروا ، ثم سألوا الله تعالى العافية في الدنيا ، وسألوه الجنة في الآخرة ، ولم يقم أحد منهم ، فقد رأوا في وجه رسول الله صلى الله عليه وسلم ابتسامة تُشيع في نفوسهم الاطمئنان ، وكأنه سمع منهم دعاءً سره ، فأراد أن يحدثهم ليسرّهم كذلك ، فابتسموا له صلى الله عليه وسلم ، ورنت إليه عيونهم وقلوبهم ينتظرون ما يقول .

قال : أراكم تسألون الله تعالى الجنة ، أفتعلمون ما فيها ؟

قالوا : الله ورسوله أعلم .

قال : قال الله تعالى : أعددت لعبادي ما لا عين رأت ، ولا أذن سمعت ، ولا خطر على قلب بشر . اقرؤوا إن شئتم " فلا تعلم نفس ما أُخفيَ لهم من قرّة أعين جزاء بما كانوا يعملون " .

قالوا : فمن أول الداخلين إليها ؟.

قال : أول زمرة تلج الجنة صورتهم على صورة القمر ليلة البدر .

قالوا : ثمّ مَنْ ؛ يا رسول الله ؟ .

قال : والذين على إثرهم كأشد كوكبٍ إضاءةً .

قالوا : فما صفات هؤلاء وهؤلاء ؟.

قال : قلوبهم تملؤها المحبة ، وكأنهم على قلب رجل واحد ، لا اختلاف بينهم ولا تباغض ، لا يبصقون فيه ، ولا يتمخّطون ، ولا يتغوّطون ، آنيتُهم فيها الذهب ، أمشاطُهم من الذهب والفضّة ، يتبخرون بعود الصندل ، وعرَقـُهم المسك الزكيّ الرائحة ، ولكل منهم زوجتان يُرى مُخّ سوقهما من وراء اللحم من الحُسن ، يسبحون الله بُكرة وعشيّاً .

قالوا : أهم كـُثـُرٌ ؛ يا رسول الله ؟.

قال : سبع مئة ألف . لا يدخل أولهم حتى يدخل آخرهم. فأبواب الجنة عريضة تضمّهم جميعاً، يدخلون بغير حساب.

قال عُكّاشة بن مِحصن : ادع اللهَ ؛ يا رسول الله أن أكون منهم .

قال : أنت منهم . ... فانتعشت أوصال عُكّاشة ، وحمد الله وكبّر ، فليس من بشرى أفضل من هذه البشرى .

قالوا : فزدنا توضيحاً يا رسول الله .

قال : إن في الجنة لشجرة يسير الراكب في ظلالها مئة عام لا يقطعها ! ، واقرأوا إن شئتم " وظلٍّ ممدود " ولَقابُ قوسِ أحدكم في الجنة خير مما طلعت عليه الشمس أو غربتْ ، وإن موضع سوط أحدكم في الجنة خير من الدنيا وما فيها .

قالوا : أمنازل المؤمنين فيها متساوية ؟.

قال : لا ، إن أهل الجنة ينظرون إلى أهل الغرف من فوقهم كما ينظر أحدكم إلى الكوكب الدريّ العالي في كبد السماء شرقاً وغرباً ، إن مقام أهل الفردوس الأعلى عظيم عظيم .

قالوا : لعل تلك المنازل تخص الأنبياء فقط ؟.

قال : لا ، والذي نفسي بيده ! إنها منازل رجال آمنوا بالله ، وصدّقوا المرسلين .

رفع المسلمون أيديَهم إلى السماء ، وقالت قلوبهم قبل ألسنتهم :

اللهم ؛ يا ربنا : أمنا بك إيماناً يزداد بك يقيناً ، وصدّقنا رسولك الكريم ، فاكتبنا في أهل الفردوس الأعلى ، ارزقنا الغـُرف في علـّيـّيـن .آمين ، يا رب العالمين .

 

تأليف: دكتور عثمان قدري مكانسي

]]>
es.islamcenter@gmail.com (mona) مبادئ الاسلام Mon, 03 Dec 2012 00:00:00 +0000