Web Hits نصائح للزوجين
    

نصائح للزوجين

نصائح للزوجين          

الخطبة الأولى

الحمد لله، الحمد لله الذي لم يَزَل في قدره عليّا، ولم يك قطّ له سمِيّا، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن نبينا وسيدنا محمدًا عبده ورسوله صلَّى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلّم تسليمًا كثيرًا.

أما بعد، فيا أيها المسلمون:

اتقوا الله وأطِيعوه؛ فإن تقواه أفضل مُكتَسب، وطاعته أعلى نسب.

{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ اتَّقُواْ اللهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلاَ تَمُوتُنَّ إِلاَّ وَأَنتُم مُّسْلِمُونَ} [آل عمران: 102 ].

أيها المسلمون:

إن الله - تعالى - بلطيف حكمته وما أودعه في إبداع العالم من عجائب قدرته خلق الإنسان مجبولًا إلى السكن والاستقرار، وطبعه في أصل خلقته على الحاجة لذلك والاضطرار، ويسَّر له - برحمته وفضله - زوجًا من نفسه ليسكن إليها ويرتبط بها: {وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُم مِّنْ أَنفُسِكُمْ أَزْوَاجًا لِّتَسْكُنُوا إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُم مَّوَدَّةً وَرَحْمَةً إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِّقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ} [الروم: 21 ].

أيها المسلمون:

الرابطة الزوجية رابطةٌ عُظمى صدَرَت عن رغبةٍ واختيار، وانعقَدَت عن خبرةٍ وسؤالٍ وإيثار، عقدها مأمورٌ به شرعًا، مُستحسَنٌ وضعًا وطبعا، والأسرة هي اللَّبِنَة الأولى لبناء المجتمعات، وبصلاحها تصلح الأوضاع، وبفسادها تفسد الأخلاق والطِّبَاع، رُكناها وقائداها زوجٌ وزوجةٌ يجمع بينهما ولاءٌ ووفاء، ومودةٌ وصفاء، وتعاطفٌ وتلاطف، ووفاقٌ واتفاق، وآدابٌ وحسن أخلاق، تحت سقف واحد في عيشةٍ هنية، ومُعاشرة مرضية.

وفي كتاب الله وسنة رسوله محمدٍ - صلى الله عليه وسلم - من الإصلاح التام، والعدل العام ما يؤيِّد قواعد هذه الرابطة فلا تنفلِم، ويؤكِّد عقائدها فلا تنخرِم.

أيها المسلمون:

إن سبب كثرة المشكلات، وتفاقُم الخلافات، وظهور المنازعات، وشُيوع الطلاق والفراق لأسبابٍ تافهة إنما هو التقصير في معرفة الأحكام الشرعية، وآدابِ الحياة الزوجية، وما تقتضيه المسئولية الأُسَرية؛ إذ كيف تكون الأسرةُ في هَنَاءٍ وصفاء، والزوج ذو بذاء وجفاء، إذا غضب نفَطَ ونفَث واكفهرَّ وازمجر، فيه حبُّ الأنا والذات، خيرُه مقفل، وشرُّه مُرسَل، كفٌّ يابس، ووجهٌ عابِس، ومعاملةٌ فاسدة، وأقوالٌ سافلة تورِث كَلْمًا لا يندمِل، وصدعًا لا ينشعِب، وتُتْرك المرأةُ حسيرةً كسيرة حائرة بين مُرَّيْن: طلب تطليقها، أو الصبر على تعليقها.

وإن من الأزواج من إذا أبغَضَ المرأة كدَّها وهدَّها، وكهَرَها وظلمها، وأكَلَ مالَها، ومَنَعَها حقَّها، وقَطَع نَفَقَتَها، وربما أَخَذَ وَلَدَها - وهو تحت حضانتها ورعايتها -، وتَركَها أسيرةَ الأحزان، تُعاني كَرْب الأشجان.

فأين الإحسان؟! أين الإحسان يا أهل القرآن؟!

أيها المسلمون:

وكيف يكون للأسرة هناء وصفاء والزوجة ولَّاجة خرَّاجة، ثَرثارة مِهْزارة، طعَّانة لعَّانة، لا تُجيبُ إلى إنصاف، ولا ترضى بعيشٍ كَفَاف، تئِنُّ عند طلبها كسلًا وتبارضا، ولا ترضى لأمرها مُعارِضا، مُقصِّرةً مُفرِّطة، ومُسرِفة مُفرِطة، كثيرة النوم واللَّوْم، مرهاء ملداء، لا كحل ولا حنَّاء، شَوْهاء فَوْهاء، تُبطِلُ الحق بالبكاء، تنسى الفضل وتنكر الجميل، وتكثر على ذلك التعليل والتدليل.

فعن ابن عباس - رضي الله عنهما - قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «رأيتُ النار؛ فإذا أكثرُ أهلهِا النساء، يكفُرن»، قيل: أيكفُرْنَ بالله؟ قال: «يَكفُرْنَ العَشِير، ويكْفُرْن الإحسان، لو أحسنتَ إلى إحداهنَّ الدَّهرَ ثمَّ رأتْ منكَ شيئًا قالت: ما رأيتُ منكَ خيرًا قطُّ»؛ متفق عليه.

أيها الزوجان الكريمان:

اتقِيَا الله في حياتكما الزوجية، بُلَّاها بالحقوق، ولا تُدمِّراها بالعقوق، وليَقُم كلُّ واحدٍ منكما بما أوجَبَ الله عليه تجاه رفيق عمره وشريك حياته، واخضَعَا لنصوص النقل ومنطق العقل قبل أن يستبِدَّ بكما الشقاق، ويحصل الطلاق والفراق، ويأكُل أحدُكما من الندم كفَّيْه، ويعُضّ على يديه، ويقدّ شعره، ويمضغُ شفَتَيْه، واحتَكِمَا لقول المولى - جل وعلا -: {وَلَهُنَّ مِثْلُ الَّذِي عَلَيْهِنَّ بِالْمَعْرُوفِ وَلِلرِّجَالِ عَلَيْهِنَّ دَرَجَةٌ} [البقرة: 228 ]، وقول النبي - صلى الله عليه وسلم -: «ألا إنَّ لكُمْ مِنْ نسائكُمْ حقًّا، ولِنسائِكُمْ عليكم حقًّا»؛ أخرجه الترمذي.

أيها المسلمون:

إن من رَامَ شريكًا للحياة بريئًا من الهَفَوَات، سليمًا من الزلَّات فقد رَامَ أمرًا مُعوِزًا، وطلبَ وصفًا مُعجزًا، يقول النبي - صلى الله عليه وسلم -: «لا يَفْرَكُ مؤمنٌ مؤمِنةً، إنْ كرِهَ منها خُلُقًا رَضِي منها آخر»؛ أخرجه مسلم.

ويقول - بأبي هو وأمي صلوات الله وسلامه عليه -: «أيمُّا امرأةٍ سألتْ زوجَهَا الطلاقَ منْ غيرِ بأسٍ فَحرَامٌ عليها رائحةُ الجنة»؛ أخرجه أحمد.

أقول ما تسمَعُون، وأستغفِرُ الله لي ولكم ولسائر المسلمين من كل ذنبٍ وخطيئةٍ؛ فاستغفِروه إنه هو الغفور الرحيم.

الخطبة الثانية

الحمد لله على إحسانه، والشكر له على توفيقه وامتنانه، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له تعظيمًا لشأنه، وأشهد أن نبينا وسيدنا محمدًا عبده ورسوله الداعي إلى رضوانه، صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وإخوانه، وسلَّم تسليمًا كثيرًا.

أيتها المرأة المسلمة، والزوجة المؤمنة:

كوني لبَعلِك أرضًا يكُنْ لكِ سماءً، وكوني له مِهادًا يكن لكِ عمادًا، وكوني له أَمَةً يكن لكِ عبدًا، تعهَّدي وقتَ طعامه، والزَمي الهدوءَ عند منامه؛ فإن مرارَة الجوع مَلْهبة، وتنغيصَ النومِ مغضبةٌ، اسحبيه بالقناعة، وعاشِريه بحسن السمع والطاعة، ولا تُفشِي له سرّا، ولا تعصي له أمرَا، واحذَري أنواع التقصير، واجتنبي أسباب التكدير.

ولا تصومي صيامَ تطوُّعٍ وزوجُكِ شاهدٌ إلا بإذنه، ولا تأذَني في بيته لمن يكره إلا بإذنه، واعلَمي أنكِ أشدُّ ما تكونين له إعظامًا أشد ما يكون لكِ إكرامًا، ولا تلحفي به فيقلَاكِ، ولا تتباعَدي عنه فينساكِ، واجتهدي على نفسكِ بما هو أدعَى لرغبته وأملَأَ لعينه، وليكن ذلك وَفقَ القيود الشرعية، والآداب المرعية.

وإذا دعاكِ لحاجته فحقِّقي رغبته، وأجِيبي دعوته، وقومي بخدمته بنفسٍ راضية؛ فإن في خدمته تقويةَ مودة، وإرساءَ محبة، وحسْب المرأة طوبى وبشرى قولُ النبي - صلى الله عليه وسلم -: «إذَا صَلَّتِ المرأةُ خمسَها، وصامتْ شهرَها، وحفظَتْ فرْجَها، وأطاعَتْ زوجَهَا، قِيلَ لها: ادْخُلي الجنةَ من أيِّ أبوابِ الجنَّةِ شئتِ»؛ أخرجه ابن حبان.

أيها الزوج الكريم:

اتق الله في زوجِك لا تُكلِّفها ما لا تُطِيق، وأعِنْها عند الضيق، وأشفِق عليها إذا تعِبَت، وداوِها إذا مرِضَت، وراعِها عند ظرف حملها ونِفَاسها ورِضَاعها، وأجزِل لها الشكر، وتلقَّاها ببرٍّ وبِشْر، واعلَم أن قوامتك لا تعني القهر والغلبة والاستبداد والاحتقار؛ بل هي قوامة تحفظ لها كرامتها، وتستوجِب تعليمها وتأديبها وإعفافَها، ولا يكن جُلُّ همك مراقبةَ أخطائها، وإحصاءَ زلاتها، ولا تُبالغْ في إساءة ظنٍّ بلا ريْبة، ولا تتغاضَى عما يُخلُّ بالدين والمروءة، واحذر شكًا قاتلًا، وظنًّا مُدمِّرًا، يقول نبينا محمد - صلى الله عليه وسلم -: «غَيْرَتان إحدَاهُما يحبُّها الله، والأخْرى يبغضُها الله: الغيرةُ في الريبةِ يحبُّها الله، والغيرةُ في غيرِه يبغضُها الله»؛ أخرجه أحمد.

وإياكَ والمعاتبةَ الكثيرة؛ فإنها تُورِث الضغِينة، ولا تمنَع أهلك رِفْدك فيملُّوا قُربك، ويكرهوا حياتك، ويستبطِئُوا وفاتك، كن جَوَادًا كريمًا؛ فمن جاد سادَ، ومن أضعف ازداد، ولا خير في السَّرف، ولا سَرَفَ في الخير.

يقول النبي - صلى الله عليه وسلم -: «إذا أنفقَ الرَّجلُ على أهلهِ نفقةً يحتسِبُها فهي لهُ صدقَة»؛ متفق عليه، ويقول النبي - صلى الله عليه وسلم -: «خيرُكمْ خيرُكمْ لأهلِهِ، وأنا خيرُكمْ لأهلِي»، ويقول - بأبي هو وأمي - صلوات الله وسلامه عليه -: «أكملُ المؤمنينَ إيمانًا أحسنُهمْ خُلقًا، وخيارُكمْ خياركم لنسائهِمْ خُلُقًا»؛ أخرجه أحمد، والترمذي.

أيها المسلمون:

ألا فلْتذهبِ المرأة مُربِّية أجيال برِقَّة طبعٍ، ولطافة حسٍّ، وذكاء عاطفةٍ، وليذهبِ الرجل قوَّامًا وقائدًا بقوة بأسٍ، وجزالة فكرٍ، وسلامة تقديرٍ وتدبيرٍ، وليذهبِ الاثنان إلى حياةٍ كريمةٍ في ظل تمسُّكٍ بالدين، وفعلٍ للواجبات، واجتنابٍ للمحرمات، وتعاونٍ على البر والتقوى، ورَحِمَ الله رجلًا قام من الليل فصلَّى ثم أيقَظَ امرأته فصلَّت، فإن أبَتْ نَضَحَ في وجهها الماء، ورَحِمَ الله امرأةً قامَت من الليل فصلَّت ثم أيقظَت زوجَها فصلَّى، فإن أبى نضَحَت في وجهه الماء، {وَالَّذِينَ آمَنُوا وَاتَّبَعَتْهُمْ ذُرِّيَّتُهُم بِإِيمَانٍ أَلْحَقْنَا بِهِمْ ذُرِّيَّتَهُمْ وَمَا أَلَتْنَاهُم مِّنْ عَمَلِهِم مِّن شَيْءٍ كُلُّ امْرِئٍ بِمَا كَسَبَ رَهِينٌ} [الطور: 21 ].

ثم صلُّوا وسلِّمُوا على النبي المصطفى، والرسول المُجتبى، نبي الهدى: نبينا وسيدنا محمدٍ - صلى الله عليه وسلم -.

اللهم صلِّ وسلم على عبدك ورسولك محمدٍ، وارضَ اللهم عن خلفائه الأربعة، أصحاب السنة المُتَّبَعة: أبي بكرٍ، وعمر، وعثمان، وعلي، وعن سائر الصحابة أجمعين، وعنَّا معهم بمنِّك وكرمك وجُودِك وإحسانك يا أرحم الراحمين.

اللهم أعِزَّ الإسلام والمسلمين، اللهم أعِزَّ الإسلام والمسلمين, اللهم أعِزَّ الإسلام والمسلمين، وأذِلَّ الشرك والمشركين، ودمِّر أعداء الدين، واجعل هذا البلد آمنًا مُطمئنًّا سخاءً رخاءً وسائر بلاد المسلمين، اللهم طهِّر المسجد الأقصى من رِجْس يهود، اللهم طهِّر المسجد الأقصى من رِجْس يهود، اللهم طهِّر المسجد الأقصى من رِجْس يهود، اللهم إن اليهود قد طَغَوا وبَغَوا وأسرفوا وأفسدوا واعتدَوا، اللهم زلزلِ الأرض من تحت أقدامهم، وألقِ الرعبَ في قلوبهم، واجعلهم عبرةً للمُعتبرين يا رب العالمين، اللهم لا ترفع لهم راية، اللهم لا ترفع لهم راية، ولا تُحقِّق لهم غاية، واجعلهم لمن خلفهم عبرةً وآيةً يا رب العالمين.

اللهم وفِّق إمامنا لما تحب وترضى، وخذ بناصيته للبر والتقوى، ووفِّق جميع ولاة أمور المسلمين لتحكيم شرعك، واتباع سنة نبيك - صلى الله عليه وسلم -.

اللهم اشفِ مرضانا، اللهم اشفِ مرضانا، اللهم اشفِ مرضانا، وعافِ مُبتلانا، وعافِ مُبتلانا، وعافِ مُبتلانا، وفُكَّ أسرانا، وارحم موتانا، وانصرنا على من عادانا.

اللهم أنت الله لا إله إلا أنت، أنت الغني، اللهم أغِثنا، اللهم أغِثنا، اللهم أغِثنا، اللهم أنزِل علينا الغيث ولا تجعلنا من القانطين، اللهم إنا خلقٌ من خلقك، اللهم إنا خلقٌ من خلقك، اللهم إنا خلقٌ من خلقك فلا تمنع عنَّا بذنوبنا فضلك، يا فَالِقَ الحَبِّ والنَّوى، يا مُغيثَ العباد بعد اللهف والظما، يا فَالِقَ الحَبِّ والنَّوى، يا مُغيثَ العباد بعد اللهف والظما، اللهم سُقْيا رحمة، اللهم سُقْيا رحمة، اللهم سُقْيا رحمة لا سُقْيا بلاءٍ ولا غرق ولا هدم يا أرحم الراحمين.

عباد الله: {إِنَّ اللهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالإِحْسَانِ وَإِيتَاء ذِي الْقُرْبَى وَيَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاء وَالْمُنكَرِ وَالْبَغْيِ يَعِظُكُمْ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ} [النحل:  90 ].

فاذكروا الله العظيم الجليل يذكُركم، واشكروه على نِعَمِه يزِدْكم، ولذِكْر الله أكبر، والله يعلم ما تصنعون.

عزيزي الزائر .. للإستفادة من جميع موارد الموقع يجب توفر لديك البرامج التالية :

        

المتواجدون حالياً

حاليا يتواجد 14 زوار  على الموقع

إحصائيات الموقع

يحتوي الموقع على

أكثر من
800
مقال
 أكثر من1800
كتاب
 أكثر من3800
صوت
 أكثر من600
فديو

 

تسجيل الدخول