Web Hits السواك
    

السواك

السواك

وسنن الفطرة. السواك يذكر ويؤنث وجمعه سوك ويهمز من التساوك وهو التمايل أو التسوك وهو التردد. لأن السواك يتردد في الفم أو من ساك الشيء إذا دلكه. وفي الاصطلاح استعمال عود أو نحوه في الأسنان ليذهب نحو صفرة ورائحة. وأول من استاك الخليل عليه الصلاة والسلام.

(عن عائشة) –رضي الله عنها- (أن النبي –صلى الله عليه وسلم- قال السواك مطهرة) بفتح الميم وكسرها أي منظف (للفم) والمطهرة كل آلة يتطهر بها شبه السواك بها لأنه ينظف الأسنان وسائر الفم والطهارة النظافة (مرضاة للرب) أي يرضي الرب تبارك وتعالى وفي فضله أكثر من مائة حديث واتفقوا على أنه سنة مؤكدة لحث الشارع عليه وترغيبه فيه. وقال داود بوجوبه. وقال النووي سنة وليس بواجب في حال من الأحوال بإجماع من يعتد به في الإجماع.

(وعن أبي هريرة) –رضي الله عنه- (قال قال رسول الله –صلى الله عليه وسلم-  لولا أن أشق على أمتي لأمرتهم بالسواك عند كل وضوء) أي لولا خشيته –صلى الله عليه وسلم-  المشقة أي الثقل على أمته لأمرهم باستعمال السواك عند كل وضوء أمر إيجاب فإنه –صلى الله عليه وسلم-  ترك الأمر به لأجل المشقة لا أمر الندب فإنه قد ثبت بلا مرية وأجمع عليه (رواهما أحمد) وغيره بأسانيد صحيحة (والبخاري تعليقًا) والمعلق هو ما يسقط من أول إسناده راو فأكثر.

والحديث دليل على تعيين وقته عند كل وضوء وهو حال المضمضة فهو من المطهرات. وعند عدم السواك يجزئ بأي شيء يزيل التغير حكاه الموفق والنووي وغيرهما. وروى البيهقي، والحافظ في المختارة "يجزئ من السواك الأصابع" ولأحمد عن علي في صفة الوضوء "فادخل بعض أصابعه في فيه" فيصيب من السنة بقدر ما يحصل من الإنقاء.

(وفي الصحيحين) عن أبي هريرة –رضي الله عنه- بلفظ (عند كل صلاة) وفي معناه عدة أحاديث عن جماعة من أصحاب النبي –صلى الله عليه وسلم- ولأبي نعيم بسند جيد (لأن أصلي ركعتين بسواك أحب إلي من أن أصلي سبعين ركعة بلا سواك) ولأنا مأمورون في كل حالة من أحوال التقرب إلى الله أن نكون في حال كمال ونظافة إظهارًا لشرف العبادة.

(وفيهما) أي وفي الصحيحين أيضًا (عن حذيفة "كان –صلى الله عليه وسلم-  إذا قام من الليل يشوص فاه بالسواك) والشوص الدلك من شاصه يشوصه وماصه يموصه إذا دلكه. وفي حديث أبي موسى الأشعري "وطرف السواك على لسانه وهو يقول أع أع والسواك في فيه كأنه يتهوع" أي من أجل المبالغة. ولأحمد عن عائشة كان لا يرقد ليلاً ولا نهارًا فيستيقظ إلا تسوك. ولمسلم وغيره نحوه من وجوه تدل على تأكد استحبابه عند القيام من النوم لأنه مقتض لتغير الفم لما يتصاعد إليه من أبخرة المعدة والسواك ينظفه.

(ولمسلم عن عائشة كان إذا دخل بيته يبدأ بالسواك) فيه بيان فضيلة السواك في جميع الأوقات وشدة الاهتمام به وتكراره ويتأكد عند قراءة القرآن لحديث علي "أفواهكم طرق القرآن فطيبوها بالسواك" رواه ابن ماجه. ويتأكد عند تغير رائحة الفم مطلقًا فإنه مشروع لتطييب الفم وإزالة رائحته. حكاه الوزير وغيره اتفاقًا وله فوائد جمة.

(وعن عامر بن ربيعة) بن كعب بن مالك أحد السابقين مات سنة سبع وثلاثين (قال رأيت رسول الله –صلى الله عليه وسلم-  ما لا أحصي يتسوك وهو صائم رواه الخمسة) وحسنه الترمذي والحافظ وعلقه البخاري وله شواهد. وعن عائشة، قالت قال رسول الله –صلى الله عليه وسلم-  (من خير خصال الصائم السواك) رواه ابن ماجه وفيه ضعف.

فدل هذان الحديثان وغيرهما على استحباب السواك للصائم من غير تقييد بوقت وأنه من خير خصال الصائم مـن غير فرق بين ما قبل الزوال وما بعده. وما روي عن علي استاكوا بالغداة ولا تستاكوا بالعشي ضعيف. ولا يعارض به ما تواتر من الأحاديث المطلقة. قال الشيخ والزركشي وغيرهما.

وهو قول أكثر العلماء. وأكثر الأحاديث الواردة فيه تدل على استحبابه للصائم بعد الزوال كما يستحب قبله والإطلاق في سائرها يدل عليه. ولم يثبت في كراهته شيء قال شيخنا وعدم كراهته أصح القولين. وخلوف فم الصائم ليس في محل السواك إنما هو من المعدة ومرضاة الرب أطيب من ريح المسك. قال الشيخ والقياس يقول بموجبه.

والسواك نوع من التطهير المشروع لأجل الرب سبحانه لأن مخاطبة العظماء مع طهارة الأفواه تعظيم لا شك فيه ولأجله شرع السواك. قال الحافظ والحق أنه يستحب السواك للصائم أول النهار وآخره وهو مذهب جمهور الأئمة.

(وعن أبي هريرة) –رضي الله عنه- (قال قال رسول الله –صلى الله عليه وسلم-  خمس من الفطرة) أي هذه الخمس إذا فعلت اتصف فاعلها بالفطرة التي فطر الله العباد عليها وحثهم عليها واستحبها لهم ليكونوا على أكمل الصفات واشرفها صورة وقال البيضاوي هي السنة القديمة التي اختارها الأنبياء واتفقت عليها الشرائع (الاستحداد)، وفي رواية لمسلم "حلق العانة" سمي استحدادًا لاستعمال الحديدة فيه وهي الموسى. والعانة الشعر فوق ذكر الرجل وحول فرج المرأة وهو سنة بالاتفاق ويكون بالحلق والقص والنتف والنورة. (والختان) وهو قطع جميع الجلدة التي تغطي الحشفة حتى ينكشف جميع الحشفة. والجمهور أنه زمن صغر أفضل لأنه أسرع برءًا ولينشأ على أكمل الأحوال.والختان في المرأة قطع أدنى جزء من الجلدة التي في أعلى الفرج. ولقوله "اخفضي ولا تنهكي فإنه أبهى للوجه وأحضى عند الزوج". والمقصود من ختان الرجل تطهيره من النجاسة المحتقنة في القلفة. ومن المرأة تعديل شهوتها وهو مكرمة لها.

وأما وجوبه فقال شيخ الإسلام عليه أن يختتن إذا لم يخف ضرر الختان فإن ذلك مشروع مؤكد للمسلمين باتفاق الأئمة وهو واجب عند الشافعي وأحمد في المشهور عنه وقال ابن المنذر ليس في وجوب الختان خبر يرجع إليه والمتيقن السنة (وقص الشارب) وهو ما سال على الفم من الشعر جمعه شوارب.

وللترمذي وصححه من لم يأخذ شاربه فليس منا. وقصه سنة بالإجماع (ونتف الإبط) بكسر الهمزة وسكون الباء باطن المنكب جمعه آباط. ونتف الشعر ينتفه نتفًا نزعه أي فيسن نتف شعر إبطه إجماعًا ويحصل أيضًا بالحلق والنورة (وتقليم الأظفار متفق عليه) تقليم تفعيل من القلم وهو القطع والأظفار جمع ظفر وتقليمها سنة مجمع عليه.

ولمسلم عشر من الفطرة. وذكر إعفاء اللحية. والسواك واستنشاق الماء. وغسل البراجم. وهي عقد الأصابع وانتقاص الماء يعني الاستنجاء. قال شيخنا فيه مشروعية هذه المذكورات إلا الختان ففيه قول أنه للوجوب وذكرت مع السواك بجامع أن كلاً منها فيه نقاء ونظافة وتحسين كالسواك وبعضها فيه كمال للطهارة.

(ولهما عن ابن عمر مرفوعًا: «احفوا الشوارب») أي بالغوا في قصها واستقصوا في أخذها؛ وحفها أولى من قصها عند الجمهور وما ورد بلفظ القص لا ينافي الإحفاء ؛ لأن الإحفاء معين للمراد (وأعفوا اللحى) بكسر اللام وضمها واحدتها لحية بكسر اللام اسم للشعر النابت على الخدين والذقن، وفي الصحيحين أيضًا : «خالفوا المشركين وفروا اللحى وأحفوا الشوارب»، وفي رواية: «أوفوا اللحى» أي اتركوها وافية. قال شيخ الإسلام وغيره يحرم حلقها للأحاديث الصحيحة ولم يبحه أحد. وحكى ابن حزم الإجماع على أن قص الشارب وإعفاء اللحية فرض.

(وعنه نهى) أي النبي -صلى الله عليه وسلم- (عن القزع) وهو حلق بعض الرأس وترك بعضه مأخوذ من قزع السحاب وهو تقطعه. والقزعة الخصلة من الشعر تترك على رأس الصبي. وهذا الحديث متفق عليه وزاد أحمد وأبو داود والنسائي بإسناد صحيح. قال: «احلقوه كله» أي كل رأس الصبي: «أو دعوه كله» قال ابن القيم. والزع أربعة أنواع أن يحلق من رأسه مواضع من ههنا ومن ههنا ، وأ، يحلق وسطه ويترك جوانبه. وأن يحلق جوانبه ويترك وسطه، وأن يحلق مقدمه ويترك مؤخره فهذا كله من القزع .

(وعن أبي هريرة مرفوعًا "أن اليهود والنصارى لا يصبغون) يعني الشيب (فخالفوهم) وهذا أيضًا متفق عليه والعلة في شرعية الصباغ وتغيير الشيب هي مخالفة أهل الكتاب فيتأكد استحبابه لذلك.

وقد كان –صلى الله عليه وسلم-  يبالغ في مخالفة أهل الكتاب ويأمر بها ومن فوائده تنظيف الشعر وهذه السنة قد اشتغل السلف بها وبه قال جماعة من العلماء وفي صحيح مسلم اختضب أبو بكر بالحناء والكتم([1])، واختضب عمر بالحناء بحتًا، ولهما عن أنس بالحناء والكتم. وعن ابن عمر وأبي رمثة أنه اختضب –صلى الله عليه وسلم-  وللترمذي وصححه عن أبي ذر أن أحسن ما غيرتم به هذا الشيب الحناء والكتم.

(ولمسلم عن جابر في شعر أبي قحافة) والد أبي بكر الصديق وكان جيء به إلى النبي –صلى الله عليه وسلم-  وكأن رأسه ثغامة (قال غيروه بشيء وجنبوه السواد) ولأحمد عن أنس لحيته ورأسه كالثغامة بياضًا، فقال رسول الله ––صلى الله عليه وسلم-  غيروهما وجنبوهما السواد. فدلت هذه الأحاديث على مشروعية تغيير الشيب وعلى تحريم الخضاب بالسواد. وعن ابن عباس قال قال رسول الله –صلى الله عليه وسلم-  يكون قوم في آخر الزمان يخضبون بالسواد كحواصل الحمام لا يرحون رائحة الجنة رواه أبو داود والنسائي وصححه ابن حبان والحاكم والحافظ.

وللطبراني عنه "من مثل بالشعر ليس له عند الله خلاق" قال الزمخشري صيره مثلة بأن نتفه أو حلقه من الخدود أو غيره بسواد قال النووي والصحيح بل الصواب أنه حرام وذكر ابن القيم أن الذي نهى عنه النبي –صلى الله عليه وسلم-  من تغيير بغير الشيب نتفه وتغييره بالسواد والذي أذن فيه هو صبغه وتغييره السواد كالحنا والصفرة وهو الذي عمله الصحابة ومن رخص فيه ففي ثبوته عنهم نظر. ولو ثبت فلا قول لأحد مع رسول الله –صلى الله عليه وسلم-  وسنته أحق بالاتباع. ولو خالفها من خالفها.

من كتاب: الإحكام، شرح أصول الإحكام

تأليف: عبد الرحمن بن محمد بن قاسم


([1]) قال ابن القيم الكتم نبت ينبت بالسهول ورقه قريب من ورق الزيتون يعلو فوق القامة وله ثمر قدر حب الفلفل داخله نوى إذا رضخ أسود وقد ظن بعض الناس أن الكتم الوسمة وهي ورق النيل وهذا وهم فإن الوسمة غير الكتم، والحناء والكتم يجعلان الشعر بين الأحمر والأسود بخلاف الوسمة.

عزيزي الزائر .. للإستفادة من جميع موارد الموقع يجب توفر لديك البرامج التالية :

        

المتواجدون حالياً

حاليا يتواجد 14 زوار  على الموقع

إحصائيات الموقع

يحتوي الموقع على

أكثر من
800
مقال
 أكثر من1800
كتاب
 أكثر من3800
صوت
 أكثر من600
فديو

 

تسجيل الدخول